د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5612
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عجبا لزمان كنا نحرص عليه فلما جاء تمنينا لو أنه تمهل قليلاً حتى نستطيع أن نحكم على الأمور بتعقل وروية أفضل،
فينا عجلة وفينا تسرع دائم وفينا عدم إستقرار على شيء، اليوم أدافع عنك بإستماته وغدا ربما أكون أول من يحاربك، بالأمس أدعو الله أن يطيل عمرك واليوم ربما طلبت في سجودي أن يريحنا الله منك،
لا ثوابت ولا إختيار على أسس وفكر ومنهج،
العواطف وفقط تحكم إختياراتنا وقرارتنا جميعها وليدة الساعة واللحظة، لاعيب أن أراجع نفسي ولاعيب أن أقيم خطواتي فربما خدعني البعض وربما إختلفت المعايير التي حكمتني في وقت ما ولكن العيب كل العيب أن لاتكون لدي القناعات الواضحة عند الإختيار اللهم إلا سرعة وعجلة أو مجاملة أو السير في ركب الآخرين وفقط، هذا عن أمانة الإختيار
و تلك هي الحقيقة المرة التي نمارسها دون خجل ودون لحظة إنتظار، إنظروا لحصاد إختياراتنا في إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة كم عدد الذين ندموا على إختياراتهم وماذا لو أقيمت الإنتخابات الآن، قد يعطي البعض منا لنفسه الحق أنه لم يكن يعلم الآخر ولم يطلع على كامل حقيقته وقتها، إذا العيب في آلية الحكم على الآخر وقواعد الإختيار، اليوم نمر بتجربة أخرى للإختيار على أهم منصب في رأس نظام الحكم مقعد الرئيس، نعيد نفس الأسلوب دون وضع المعايير الصحيحة ودون مجرد لحظة تفكير علمي مدروس أو قناعة عن حق ودراسة، لا يوجد لدينا من يناقش ويفكر ويحلل بهدوء تام ولا يأخذ قراره وفقا لإنتمائه الديني وللولاء قبل العقل فمن كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين فهو معهم أينما ذهبوا وأيا كان قرار القيادة فيها وتبعاته، ومن ينتمي للسلف يلهث خلف الإختيار بدعوى أن من تصدى له ملائكة لايخطئون على حق دائم ولايحتمل النقاش ولا التفكير، ومن ينتمي للفكر الليبيرالي يرى كل إنتماء عداه هو التخلف والرجعية وهو الدمار الذي سيحل على العقول المتفتحة وهو القيد الذي سيحرق الأخضر واليابس، هكذا لا إعمال لعقل ولا مراجعة ولا مناقشة ولا النظر لمصلحة أكبر وأهم وأبقى،
نسير كالقطيع لمن يحركنا ومن يخطط لذاته ومصالحه ونفسه قبل كل شيء، والعجب أن الوجوه تختلف لكن الدور و الفكر المستبد واحد، الحرص على المصلحة الخاصة واحد، أنا ومن بعدي الطوفان واحد،
قل لي بربك ماذا غيرت الثورة في سلوكياتنا في عاداتنا في تفكيرنا للمستقبل في الإستفادة من أخطاء الماضي في التحضر في تعاملاتنا،
إستبدلنا مجلس شعب فاسد كانت تصدر له الأوامر العليا بالقرارات وسن القوانين وفقا لما يحتاجه القائمون على مصالحهم، إستبدلناه بمجلس شعب آخر يجتمع اليوم ليبحث عن قانون جديد يمنع فيه من يرى فيهم خطرا وشياطين من حق الترشح ويمنع عنهم الإحتكام للصندوق،
النتيجة واحدة أمام عيني هي ترزية القوانين وتفصيلها وفقا للحاجة، لا وفقا لنظام يسري على الجميع يحترمه الكبير والصغير يضع البشر جميعا سواسية كما خلقهم الله ويجعلهم أمام العدل سواء، لا أن نعطي أنفسنا حق التشريع أن من حق هذا أن يتكلم وينطق ومن حق هذا أن يصمت ويموت ولا نسمع له صوتا، من قال أن من يشرع الآن هو الملاك الطاهر وبالأمس قلنا عن من كان يشرع أنه رأس الظلم والفساد وماذا سيقول عنا من يأتون بعدنا، وكيف سينظرون لنا ولقراراتنا،
أي غوغائية تلك وأي مهاترات أن نبدل الفكر السيء بالسيء، قيد بقيد وجهل بجهالة وخطأ بخطيئة لا فرق ولا ضير المهم أن يكون هناك أوصياء على الشعب وأوصياء على العرش، يجتمعون اليوم عن بكرة أبيهم رعبا وهلعاً وأقدامهم تتثاقل وتتخبط في بعضها البعض خوفا وقلقا أن يحتكموا لصاحب الحق الوحيد وهو الشارع والشعب والصندوق،
أي كبيرة تلك من قال أن من يشرع اليوم سيظل صاحب الرؤية والبعد والفكر والثقافة وهم أنفسهم ربما ألا يكون لهم موضع قدم غدا، عجبا لمن ينادون بقانون الغدر الذي وضع في الخمسينات ليتحكم في زمن تخطاه بستون عاما، يا الله لا نتعلم أبدا من دروس التاريخ ولا نفهم أن من يضع القيود على الآخرين هم قمة المستبدين ورؤوس الديكتاتورية العقيمة، وهم الإنتهازيين أصحاب المصالح فيمن يخططون ويشرعون لأنفسهم فإذا تبدل النظام بآخر داس على ما كان قبله وسحقه بحذائه،
العدل ياسادة أن نحتمي بالجماهير أن نخاطب عقولهم قبل مصالحنا وأن نحرص على مصالحهم قبل أفكارنا، العدل ألا نكون الخصم والحكم وأن ننهي كل الوصايات ونسقط كل القيود وأن نفهم كيف خلق الله الناس أحراراً جميعا ولو أراد لجعلهم على دين واحد وشكل واحد ولون واحد، إنزلوا للشارع من أبراجكم العالية ومخاوفكم وإلتصقوا بالفقراء والمساكين وإجعلوا منهم صوتا لكم فمن يحصل على أغلبية الأصوات اليوم قد يستمر طالما كان صادقا وأمينا ونزيهاً إن صدق معهم، وقد يتبدل إن ضعف ولم يحفظ الوعد والعهد، دعونا نختار بأنفسنا دون وصاية وعلى الجميع أن يعرض بضاعته كاملة ويقول لنا ماعنده ليكون كلامه دليلا دامغا له أو عليه فإن أحسن إستمر وإن أخطأ إستبدلناه،
أرجوكم كونوا على ثقة في أنفسكم وبرامجكم وصدقكم مع الله أولاً وثقوا أن الشعب لن يعشق جلاديه ولن ينسى من ظلمه وأهدر حقه،
أرجوكم كفانا أوصياء علينا وكفانا أوصياء على عرش مصر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: