يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5488
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
استغرق الأمر قرابة العامين حتى اكتشف كثير من المسلمين البريطانيين - الذين اختلفوا مع باقي مسلمي بريطانيا - إن قانون الكراهية الذي أقر في مارس 2010 لم يكن أبدا في صالحهم كما كانوا يتوهمون , بل أصبح سيفا مسلطا عليهم ولم ولن يكون يوما ما في صالحهم.
وكان القانون المشبوه الذي حاول الساسة البريطانيون تجميله وتسويقه وتقديمه كضامن للمسلمين ولبعض فئات النصارى الغير مشمولين بحماية القانون من العنف والكراهية; كان يخفي داخله أنه سيضع المسلمين تحت طائلة القانون إن تحدثوا عن شريعة دينهم وعن أحكامه , وهذا ما اكتشفه المسلمون بعد عامين من تطبيقه.
ففي أول تطبيق له وبعد أن تم القبض على ثلاثة من المسلمين البريطانيين من أصول آسيوية كانوا يوزعون منشورات تبين خطر وضرر المثلية الجنسية على المجتمعات وتبين حكم الإسلام في كل مرتكبيها - وهو القتل ( الإعدام ) – وتقترح أن يتبنى المشرع البريطاني لتلك العقوبة الإسلامية كحل ليخلص المجتمع من هذا البلاء المحدق به , ولم يكن في همهم سوى إنقاذ المجتمع الذي يعيشون فيه من أضرار تلك المشكلة الخلقية التي تؤثر عليه وتنذر بهلاكه إن استشرت فيه , ووزعوا منشوراتهم أثناء مرحلة التحضير لمهرجان خصص لهؤلاء الشواذ خلقا وسلوكا في شهر يوليو 2010.
فألقي القبض عليهم وتم تقديمهم للمحاكمة تحت طائلة ذلك القانون المشبوه , وهذا الأسبوع حكمت محكمة التاج بمدينة داربي حكماً بالسجن لمدة سنتين على " أحجاز علي (42 عاماً) " ، وحكماً بالسجن لمدة 15 شهراً على كل من وكبير أحمد (28 عاماً) وعمر جاويد (38 عاماً).
وعلى الرغم من صدور القانون المشبوه إلا أنه تصاعدت اللهجات العدائية للمسلمين للغاية وارتفعت لغة الاعتداءات ضدهم وراجت نزعة الاسلاموفوبيا في جميع أنحاء بريطانيا سواء في الإعلام أو المعاملات أو القوانين , فبحسب إحصاءات ذكرها رئيس مجلس مسلمي بريطانيا فاروق مراد ونقلتها صحيفة إندبندنت " أنه في الوقت الذي سجل فيه مركزا شرطة فقط 1200 جريمة ضد المسلمين في 2010 لم تسجل كل مراكز الشرطة في بريطانيا إلا 546 جريمة معادية للسامية ( لليهودية ) " , ورغم ذلك لم يتدخل هذا القانون المشبوه ولم يحصل به المسلمون على أي حق من حقوقهم ولم يدرأ عنهم أي مشكلة يعانون منها.
وهذا القانون الذي تم التصديق عليه والعمل به والذي يحظر العبارات والسلوكيات المهينة التي تحفز علي الكراهية الدينية ويتعرض كل شخص توجه إليه هذه التهمة لعقوبة السجن لمدة تصل إلي سبع سنوات, وعلى الرغم من تعهد المسئولين الحكوميين بألا يتعرض هذا القانون الجديد لحرية نقد العقائد والتعليق عليها , إلا أنه كان أول ضحاياه هم المسلمون الذين لم يتعرضوا إطلاقا لأي دين.
فلا توجد ديانة ولا حتى مذهب أرضي يأمر أتباعه بهذا الشذوذ والانحلال الذي اتفقت كل الشرائع على إنكاره , وبالتالي فهم لم يتعرضوا لأي دين ولم ينتقصوا منه لكي يقعوا تحت طائلة القانون , وهذا يؤكد أن القانون المشبوه وضع خصيصا لتحجيم المسلمين ومحاصرتهم فكريا وعقائديا ويكرس لظاهرة الإسلاموفوبيا التي تجتاح أوروبا عامة والمملكة المتحدة خاصة.
والغريب أن الدستور البريطاني يحمي اليهود والسيخ إذ يعتبرهم عرقا خاصا وليسوا تجمعا دينيا فحسب فيعتبرهم من المجموعات العرقية ويحميهم بقوانين خاصة تتعلق بالحماية من الجرائم العرقية , ذلك فيما يعتبر أيضا أن أتباع الكنيسة الانجليكانية الرسمية يتمتعون أيضا بحماية القانون ، فيما لا يُحرم كل من المسلمين والمسيحيين الكاثوليك من أي حماية قانونية.
فهل يصل المسلمون في بريطانيا إلى معشار ما يتمتع به نصارى مصر أو نصارى العالم العربي الذين يرفعون أصوات صراخهم الدائم في كل المحافل طلبا للعديد من المكاسب , في حين يطالب مسلمو بريطانيا كما يقول المسئول الإعلامي للمجلس الإسلامي البريطاني " نحن لا نريد كمسلمين معاملة خاصة بل جل ما نطلبه هو مساواتنا بالآخرين " !!!
المصدر : مركز التاصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: