يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5114
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ليس بجديد أن يثبت في كل موقف أن الولايات المتحدة تتعامل مع المسلمين بنفس المنطق الذي تتهمهم – افتراء - به، ألا وهو عدم قبول الآخر، فدائما ما تُعامل كثير من الإدارات في الولايات المتحدة المسلمين بمنطق هجومي دائم على كل ثوابتهم وانتقاص مستمر لكل مبادئهم وأفكارهم .
فهل يتعامل المسلمون مع الأقليات الدينية في بلادهم بهذا المنهج الإقصائي المتعمد الذي تتعامل به الولايات المتحدة مع المسلمين فتزدري عقائدهم وتنتقص منها على الدوام ؟، ومنذ متى والمسلمون لا يحترمون عقيدة الآخر - حتى لو كانت مخالفة لعقيدتهم - مادام يتعبد بها أصحابها في معابدهم ؟ .
وسلاح الإعلام سلاح خطير وفعال ومؤثر، ويستخدمه الأمريكيون استخداما مدروسا وموجها وضاغطا ليغيروا به قناعات الجماهير، ويوجهوا الرأي العام في لذات الاتجاه الذي يبغونه إما مع أو ضد فكرة معينة، ويستخدمه كارهو الإسلام في أمريكا استخداما مفرطا يجاوز حد العدالة ويتهكمون به على ثوابت الإسلام وشرائعه .
ففي أحدث عمل إعلامي تم عرض فيلم يدل اسمه على توجه صانعيه ومروجيه وهو " الجهاد الثالث.. رؤية إسلامية متطرفة لأمريكا "، والذي تُعرض في ثناياه لقطات لهجمات قاتلة اتهم بتنفيذها أفراد مسلمون، ويعقب صانعو الفيلم بقولهم إن : " الأجندة الحقيقية لمعظم قيادات المسلمين في أمريكا هي اختراق أمريكا والسيطرة عليها ".
ولم يتوقف الأمر عند إنتاج وتوزيع هذا الفيلم الذي يصف الإسلام بصفات ليست فيه فحسب، بل تطور الهجوم إلى عرض هذا الفيلم عرضا رسميا على شاشة عرض كبيرة في مقر شرطة نيويورك مرات عديدة على صغار الضباط والخريجين الجدد من طلبة أكاديمية الشرطة "
وثار دعاة حقوقيون وناشطون بالدفاع عن حقوق المسلمين على هذا الهجوم الرسمي على دينهم عندما وصلتهم تلك الأنباء، وعقدوا مؤتمرا صحفيا في مبنى بلدية مدينة نيويورك طالبوا فيه بإقالة قائد الشرطة " راي كيلي " لتجاوزه حدود مهنته .
وعلى إثر هذا الكشف للحقيقة آثر " كيلي " الدفاع عن نفسه، فتحدث مخفيا بعض الحقائق، فقال أن : " الفيلم الذي أنتج قد قبل عام ولم يعرض سوى بضع مرات في مقر الشرطة "، بينما تضاربت أقوال بول براون وهو المتحدث باسم كيلي ونائبه فقال : " إن فيلم (الجهاد الثالث) كان يعرض بشكل مستمر على شاشة تلفزيونية في مقر للشرطة في بروكلين، لكنه أضاف أن الفيلم لم يستخدم في الدورات التدريبية ولم يعرض قط في أكاديمية الشرطة " !!! .
لكن صحيفة نيويورك تايمز أعلنت أن الفيلم عرض على 1400 ضابط على مدى عدة أشهر، واستشهدت بنشر وثائق تم الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات، مكذبة بذلك ما جاء في رواية " كيلي " .
وعقب نشر تلك الوثائق اعترف كيلي بصحة ما نسب إليه، بينما ظهرت حقيقة أخرى أن كيلي لم يكن له ضلع في نشره فقط بل تعاون فعليا مع منتجي الفيلم وشارك في إعداده .
وفي تعقيب على الحدث قال نهاد عوض المدير التنفيذي والمتحدث باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية : " إن كيلي لا يصلح ليرأس أكبر وأبرز قوة شرطة في البلاد " وأيضا " إن تصرفات المفتش كيلي ونائبه بول براون بوصفهما قياديين بأكبر قسم للشرطة في البلاد تحدد نبرة العلاقات مع أجهزة إنفاذ القانون التي تؤثر على المسلمين الأمريكيين على مستوى البلاد."
ولم يكن التصرف الأخير للمفتش ميلي ليعكس موقفا شخصيا ولا فكرة ذاتية فحسب، بل أظهر توجها يدرس لصغار الضباط الذي يبدئون حياتهم الوظيفية، لكي يحملوا الشك والكراهية لكل ما هو إسلامي وليستريبوا في كل ما يمت للإسلام بصلة، وليس من المتصور أن يكون هذا التصرف الاستراتيجي تصرفا شخصيا محضا في دولة مؤسسات كبرى مثل الولايات المتحدة .
المصدر مركز التأصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: