25 يناير بين الإحتفال والإقتتال ومصر تنادي فمن يجيب ؟
د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5137
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد أيام قلائل تحل علينا ذكري ثورة 25 يناير المجيدة الطاهرة، الثورة التي أعادت لنا كرامتنا وحررتنا من الخوف والصمت الذي أطبق علينا وحررتنا من عبودية الرضا والقنوع بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان وأن أقصى أمانيننا فقط أن نعيش وأن يسمح لنا بالتنفس وأن نحصل على رغيف عيش أياً كان ثمنه خمسة قروش أو خمسة وعشرون قرشاً حسب ما توفر معنا وأن مشاهدة التليفزيون والتمتع بالقنوات الفضائية نعيم الدنيا والآخرة وأن تشجيع مباريات كرة القدم ترف نحمد الله عليه وأن الذهاب للإستاد حلم تحقق للبعض منا، وأننا متلقي فقط عليه أن يوافق وأن يقول نعم أو يصمت أبد الدهر وأن يرضى بالصمت، هكذا خططوا لنا وهكذا أرادونا فجاء 25 يناير 2011 ليسقط كل تلك الأصنام ويحيي الأمل في الصدور أننا قد بعثنا من قبور الصمت إلى حياة الكرامة والحرية والكلام والتعبير بل وحق الإختيار وعرفنا لأول مرة أننا كباقي البشر لنا صوت إنتخابي وأنه يوجد ما يسمى بإستفتاء حقيقي وإنتخاب حقيقي من الممكن أن نذهب إليه وأن صوتنا من الممكن أن يؤثر وأنه لن يزور ولن يسدد رغما عنا،
هذا البركان الذي انفجر بالخير يوم 25 يناير منذ عام مضى ليغير وجه التاريخ كيف نتعامل معه اليوم، هل يجب أن نحتفل بما تحقق فيه أم يجب أن نتقاتل لأننا لم نحصد كامل زرعه ؟، نحتاج فقط للحظة وعي ودقيقة صبر ونقطة نتوقف عندها لنتمعن جيدا هل لو شرعنا في بناء بيت هل نسكنه فور هدم البيت القديم المتهالك أم أن البناء يحتاج لبعض الوقت وبعض الصبر وبعض الحلم والروية، نعم الفترة الإنتقالية وصلت لعام كامل لم يكن حصاده على مستوى الرضا ومستوى التطلعات والآمال، فلننتظر موعد الحصاد وهو قريب إن صدقت النوايا وصلح العمل وإلتزمنا بما أعلن عنه وإلا فلنتوعد كل من أخلف وعدا بيوم أشد وساعة أعسر من 25 يناير 2011 فليستوعب الجميع الدرس جيدا ويتقوا غضبات الشعوب وأنات الصدور حين تحول بيننا وبين حصاد كان زرعه دماء شهداءٍ أطهار خضبوا أرض الوطن بأرواحهم الذكية،
فلنصبر إذا بعض الوقت ولاننسى أيضاً أن ما تحقق هو تغيير جذري لما كان قبل 25 يناير ومايحدث الآن أكبر دليل هو أننا نكتب ونتكلم ونقول رأينا ونعبر عنه ونخرج للشوارع ونحن على يقين أن اليوم غير الأمس وأن المستقبل أفضل من الحاضر وأن صوتنا لن يكمم مرة أخرى وأنه لن يستطيع كائن ماكان أن يعيد عجلة الزمن للوراء وأن الذكي من تعلم من أخطاء غيره ووعي لحكم التاريخ وتقلبات الأيام ،
ألا يستحق هذا منا الإحتفال بدلا من بث روح الرعب والخوف مما قد يحدث يوم 25 يناير الحالي خاصة وأن هناك أصواتا نشاز تدعو لذلك وتحض عليه وتغذي روح الفتنة والوقيعة بين أبناء الشعب الواحد ونسيجه فضلا عن تآمرات خارجية يعلمها الله لا تريد لنا التوحد ولا تريد لنا أن نعود أقوى مما كنا عليه وتلعب على كل أوتار الشقاق والخلاف وتغذيه وتدعمه ماديا وإعلاميا، ألا يجب علينا أن نتعامل مع الحدث بمنطق أكثر عدلا وشمولا وأننا لسنا جميعا متحدي الفكر والأيدولوجيات والمطالب والمذاهب فكل حسب ماخرج من عباءته الفكرية والثقافية ولكننا جميعا يجب أن نتفق في الهدف طالما أن فينا نبض ينبض بحب الوطن حقيقة لا رياء، وإيمانا صادقا لا زيفا وخيالاً ومجرد كلمات وشعارات،
إن الأمم الكبرى تبنى بعقول أبنائها الحقيقيين من يزرعون الأمل في النفوس ويعملون في النور لا خفافيش الظلام ومدعي الحب والوطنية، إن من يحاول أن يقسم الوطن في هذا اليوم سيقسمه الله ومن يحاول أن يغذي الفتنة ويشعلها قاتله الله فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وأشعلها إلى يوم الدين، إن كل من يدعو لإراقة دماء طاهرة من أبناء هذا الوطن يوم 25 يناير هو عدو للوطن لا خير فيه ولا أمل ولا سمع ولا طاعة وكل من يتحرك كالأعمى دون وعي أو تفكير إرتضى لنفسه أن يكون إمعة ولقد نهانا ديننا الحنيف عن ذلك فلا يكن أحدكم إمعة،
إن مصر الحرة الآن تنادي ضمير كل حر وطني شريف أن يتقي الله تعالى فيها وأن يزرع ليحصد فمن زرع خيرا وحبا وجد وحصد، ومن دعى لفتنة وسفك دماء قصمه الله تعالى ووالله الذي لإ إله غيره لن يخذل الله مصر مهما حاولوا ومهما خططوا ودبروا بليلٍ، فالفجر يمحى كل ظلام والنور لابد له من فجر يشرق على الدنيا وقد آن الآوان للفجر أن يلوح ولن يلوح إلا بقلوب طاهرة مؤمنة مخلصة تحب الوطن وتحب الخير وتدعو للخير لا للخراب والدمار،
ومن العار بعد مرور عام مضى أننا لازلنا نرى بأم أعيننا المتلونون والمتحولون وعاشقي الفتن وزارعي الأحقاد ولا نتطهر منهم ولا نتبرأ من أفعالهم وأقوالهم وأقل ما يجب أن نفضحهم للدنيا وتعريتهم وألا يروا لآثامهم وسواد قلوبهم أثراً فينا فيموتون كمداً وحسرة وغيظاً،
فهل فينا من عقول تعي وأذان تسمع وقلوب تبصر، فلنجعل هذا اليوم حقيقة يوم أمل بغد أفضل يتحقق فيه كل مانصبو إليه من مستقبل لوطننا ولنجعله يوم حمد لله تعالى أن وصلنا اليوم بسفينة البلاد إلى مفترق طرق ونقطة عبور ننتظر فيها إستقرارٍ كاملٍ بعد شهور لاتتعدى أصابع اليد الواحدة خير من أن نهدم المعبد على من فيه، فإلى كل ضمير حي داخل هذا الوطن في تلك الأيام إتقي الله في نفسك و إتقي الله في مصر، إتقي الله في مصر، إتقي الله في مصر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: