يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4994
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أسئلة كثيرة تتردد داخل كل متأمل في حال الليبراليين في العالمين العربي والإسلامي، من أين أتوا بهذه الأفكار التي ينادون بها، ومن أساتذتهم وأين تطبق مثلما يطالبون بتطبيقها عندنا نحن المسلمين ، اجتهدنا في البحث ونقبنا في كل أرجاء العالم لنبحث عن بلد تعزل الدين عن الحياة عزلا تاما كما يريدون وينظرون على صفحات الجرائد وعلى شاشات الفضائيات.
لم نجد لهم مثالا واحدا مطبقا في أية بلدة، فالولايات المتحدة تقدم الدين في حربها وسِلمها، حاربت باسم الدين في كل مكان حاربت فيه، وتسالم وتؤيد وتدعم بمعيار ثابت وهو الدين، وتدعم إسرائيل ذلك الدعم اللا محدود وفق عقيدة دينية محضة، وفي كل نزاع تقف دائما في صف بني ديانتهم حتى لو اختلفوا معهم في المذهب ويُكَفر كل منهم الآخر، يقض مضجعها حال نصارى نصر والشام، فإذا تعرض فرد لسوء تتحرك الخارجية الأمريكية فورا.
نصرت جورجيا على أذربيجان باسم الدين، ونصرت الصرب والكروات على أهل البوسنة، وتنصر جنوب السودان على شماله، ومسيحي نيجيريا على مسلميها، كل هذا وفق عقيدة ومنهج، فأي مثل يريدون ؟!!
وفرنسا رمز الحرية والليبرالية تتعسف مع المسلمين، ترفض بناءهم للمساجد وتحارب حجاب نسائهم وتفرض غرامة على من ترتدي منهن النقاب، وسويسرا تمنع الأذان ورفع المآذن، وهكذا باقي دول أوروبا مثل بريطانيا وهولندا والنرويج والدنمارك وغيرهم، لا يختلفون في تعاملهم مع المسلمين، ولا يوجد إطلاقا ما يدعيه الليبراليون من أن الدولة هناك منفصلة عن الدين، أما في دول آسيا غير الإسلامية كالصين والهند وغيرها يلقى المسلمون أسوأ معاملة وكأنهم ليسوا مواطنين، ويعيش المسلم فقيرا بين أغنياء وضعيفا بين أقوياء وجاهلا بين متعلمين وفق سياسة إفقار وإضعاف وتجهيل مستمرة .
وفي إسرائيل المثل الأكبر والأخير، إذ قامت الدولة بداية على اسم نبي، لا يعملون يوم السبت وهو التزام ديني يهودي، ينشئون أبناءهم تنشئة دينية ويربونهم على التعاليم والترانيم اليهودية، الحاخامات مسلحون ومدربون تدريبا عسكريا، عندهم أحزاب دينية قوية تتحكم غالبا في ترجيح القوى على غيرها وتساهم في تشكيل حكومات وإسقاط أخرى، فأين ما يطالبون به ؟!!
وفي هذا الأسبوع تنقل القناة العشرة الإسرائيلية تصريحات تمثل لطمة جديدة لكل الليبراليين في العالم العربي والإسلامي، ولم تصدر تلك التصريحات عن رجل دين ولا عن واعظ من الوعاظ من الكهنة والأحبار.
فالتصريحات صادرة عن رجل سياسة وهو وزير داخلية إسرائيل الأسبق إيلي يشاي الذي كان عضوا هاما وبارزا في المجلس الوزاري المصغر الذي يسمى بمجلس الحرب أثناء الحرب الأخيرة على لبنان.
ففي تحليله لأسباب الإخفاق والهزيمة اعتبر وزير الداخلية الصهيوني أن السبب الرئيسي لخسارة إسرائيل في تلك الحرب هو أن الجنود اليهود لم يكونوا من المصلين أو كانوا يتهاونون في أمر الصلاة، ثم عاد وأكد أن الكلمات السابقة لم تكن زلة لسان ولا خبط عشواء بل كرر معيار النصر والهزيمة في عقيدته ويقينه كرجل سياسة وحرب هو الدين، فقال " لقد انتصر الجيش في حرب الأيام الستة عام 1967 على الدول العربية بفضل توجه الجنود إلى الرب والتزامهم بتعاليم التوراة، وذلك خلافا لما حدث في حرب لبنان الثانية".
ثم أكمل الموعظة ( التصريحات ) ببعض الكذب والتهويل الإسرائيلي المعهود فقال يشاي " أنه في حرب الأيام الستة، كان كل جندي صهيوني يحاربه ما لا يقل عن مئات وإن لم يكن آلاف الجنود العرب، وأمام كل دبابة إسرايلية آلاف الدبابات، وأمام كل طائرة مئات الطائرات، فكنا وقتها الجيشَ الأضعف في الشرق الأوسط، وأمام كل هذا لم يكن هناك أي احتمال للانتصار، وفجأة الجميع يهربون وإسرائيل تنتصر، لكننا في عام 2008 كنا أقوى جيش ولم نواجه جيشا نظاميا بل كنا نحارب 2000 جندي ورغم ذلك هزمنا لأننا كنا بعيدين عن الرب ولم نلتزم بتعاليم التوراة "
فهل بعد كل هذه المواقف والتصريحات التي لا تسمح إطلاقا لأي شعب وأي دولة واي نظام بالخروج عن الدين، فكل الدساتير تعترف وتقر وتلتزم بديانة الدولة الرسمية، ومعظم الساسة الذين يحبون أن ينالوا أكثر أصوات المرشحين لا يتحدثون إلا بلغة الدين، فهل يعي العلمانيون في بلادنا.
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: