د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4885
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حين نضع النار على أجسادنا لنكوي بها، وحين يكون الدم أرخص من الأرض التي نسير عليها، وحين يكون القلب حَجَراً أقسى من الحجارة أو أشد .... فلنعلم أننا أمام صنف آخر من البشر، عجباً لكل هؤلاء .... القاتل والمقتول والظاهر والمتظاهر والناحر والمنحور والمتناحر فكلٌ أحرص على قتل الآخر أو أحرص على استمرار الصراع إلى ما لانهاية، كأننا لم نتعلم كيفية إدارة الأزمات وكيفية التعامل مع بعضنا البعض فالكل يصم آذانه فلا يسمع إلا ما يقول ولا يرى إلا ما يريد ولا يقتنع إلا بنفسه وضاقت الدنيا فلم تسع غيره،
أمام تلك الحالة العجيبة هل نستطيع أن نقول أننا بعد أن نزعنا القلوب من الصدور، نزعنا أيضاً العقول فلم نعد نفكر قبل الفعل ولم نعد نفكر في رد الفعل ؟،
هل نشتري عقلاً لمصر التي تكوي بنا بعد أن غرسنا في قلبها كل أسلحة الحرب وفنونه وأشكاله وألوانه بين حجارة متعددة الأنواع والأهداف وقنابل مسيلة للدموع والدم وكل الأسلحة البيضاء والسوداء ونشرنا كل الأحقاد العفنة ونزعنا صمام الأمان والرحمة عن الصدور لننشر الغل والحقد في النفوس فتسير النار في الهشيم ونتقاذف كرة اللهب التي لا تريد أن تنطفئ أبدا، تجري بنا في ساحات الوغى في كل مكان يحرق قلب الوطن، لا فرق إلا في أسماء الشوارع وأسماء الضحايا فمن التحرير للسويس للإسكندرية للإسماعيلية للمنصورة ومن محمد محمود لشارع القصر العيني لمجلس الوزراء لا فرق بين هذا وذاك، والخوف من الغد أكثر فمن ستضاف من المدن ومن سيضاف من الشوارع ومن الأسماء الجديدة التي ستنتقل لدار الخلد ويغلفها الصمت، كلها أجساد لاقت وجه ربها وكلها دماء تروي أرض مصر وخضبت وجهها، والعجب أن الكل مصريون والعجب الأكبر أننا نقيم الآن حواجز سلكية لنفصل بين بعضنا البعض ونقيم جدارا عازلا بعد أن بنينا جدرانا عازلة داخل النفوس والصدور وجدرانا أشد في القلوب وجدرانا أعزل في العقول فتقاسمنا الوطن وتوارثناه وأورثناه وجعلناه تركتنا دون غيرنا وحقاً لنا وحدنا نموت دونه أو يموت الوطن جميعه،
فأي نوع من العقول تلك التي تدرك أن ساحات الحرب والوغى لا تورث إلا جثثا وضحايا ولا تروى إلا بالدم، وأي عقول تحكمنا حين يغيب العقل فلا يرى موطئ قدمه ولا يحسب نتيجة فعله ويتناسى رد الفعل، وأي عقل أن يكون رأيي أهم من روح غيري ودمه أرخص من لحظة أفكر فيها ماذا لو كنت مكانه ؟ فهل استكثرنا على أنفسنا تلك اللحظة قبل أن يضيع سراج العقل ونور القلب فنقي أنفسنا وغيرنا شرر النفس واللهب ؟،
لا أدري هل كنا بحاجة لثورات للنفوس علي آفات النفوس قبل ثورة الحرية لنا وللوطن،
حين يغيب العقل وتشتد غلظة القلب لا تستطيع أن تستنشق أي هواء لا تفرق بين هواء القمع ونسمات الحرية، فالمآل واحد أنك تختنق ويختنق معك الوطن .... كل الوطن،
لا طعم لحرية دون وعي ولا قيمة لعقل لا يفكر ولا حاجة لقلوب غليظة لا ترحم بعضها البعض ولا أمل في الغد المشرق المأمول إن لم نصنع غدنا بعقولنا وقلوبنا، ولا حاجة لمصر بنا ولا بثورتنا إن لم نثور الآن على أنفسنا وأحقادنا وشرورنا وندرك أنها تحتاج منا الآن قبل أي وقت آخر أن تضع الحرب أوزارها وآثامها وأن نحفظ لها كل نقطة دم طاهرة وكل حبة عرق ساهرة لتبقى بنت المعز القاهرة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: