ماذا يريد العلمانيون ... مجلس رئاسى أم بقاء الجيش أم خراب مصر؟!
مجدى داود
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5341 Mdaoud_88@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد انزعج الكثيرون من ثورة مصر العظيمة، فقد كانوا مستفيدين من ذلك النظام البائد الذى قضى على كل أمل فى الحياة الكريمة لدى عوام المصريين، أما هؤلاء المستفيدين فكانوا يسكنون القصور ويركبون السيارات الحديثة ويأكلون من الطعام ما لذ وطاب بينما عوام المصريين يركبون وسائل النقل العامة المكتظة بالركاب حتى أنك لا تجد مكانا تضع فيه قدمك، ولم يكن هؤلاء يتصورون يوما أن تنقلب الآية ويستطيع المصريون فى ثمانية عشر يوما أن يسقطوا ذلك النظام البائد.
لقد انزعج هؤلاء وهم علمانيون وليبراليون وشيوعيون وأمثالهم من الثورة المصرية، وحاولوا ولا يزالون بكل ما أوتوا من قوة أن يقضوا على هذه الثورة المباركة، وأن يحولوا وجهتها وأن يركبوا موجتها، ولكن خاب ظنهم ومسعاهم بعدما رأوا التعديلات الدستورية الأخيرة، فراحوا يلعبون على وتر خطير، وهو وتر الوقيعة بين الجيش والشعب، فهذا الجيش هو الذى وقف بجانب الشعب منذ اللحظة الأولى لنزوله إلى الشارع وعمل على القضاء على مؤامرة الإنفلات الأمنى الخطيرة التى كان مدبر لها والتى لم تكتمل فصولها بسبب تواجد قوات الجيش ولولا قوات الجيش لوصلنا إلى مرحلة خطيرة جدا جدا من الإنفلات الأمنى، ولن نعيد ونكرر ما يعرفه الجميع من موقف الجيش تجاه الشعب.
يحاول العلمانيون والليبراليون اليوم فعل أى شئ من أجل منع وجود قوى للتيار الإسلامى على الساحة السياسية، فتارة يطالبون بمجلس رئاسى مدنى، وتارة يطالبون ببقاء الجيش مدة أطول فى الحكم، وتارة يطالبون بعمل دستور جديد للبلاد، وتارة يطالبون بإلغاء نتائج الإستفتاء، مطالبهم كثيرة وكلها تصب فى خانة واحدة هو الوصول فى النهاية إلى تصادم دموى خطير بين الشعب والجيش.
أما عن اقتراحهم بتشكيل مجلس رئاسى يقود المرحلة الإنتقالية فإنهم لم يوضحوا لنا كيفية انتقاء أعضاء هذا المجلس، ومن سيقومون بتحديد أعضائه؟! هل سيجرون انتخابات عامة لاختيار أعضاء هذا المجلس؟! وما هى الشروط الواجب توافرها؟! وإذا كانوا سيجرون انتخابات فلماذا لا تجرى انتخابات رئاسية وننتهى من الأمر؟! وإذا كانوا سيفرضون مجموعة من الشخصيات أيا كانت نزاهتها فمن أدراهم بقبول الناس لها؟! وعلى أى أساس سيتم اختيارهم؟! على أساس الكفاءة أم التوجه السياسى أم على أساس الدين أم ...إلخ؟! كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تحتاج إلى إجابة واضحة صريحة وإلا فإننا ندخل البلد فى نفق مظلم.
وبالمثل فى مطلبهم بتشكيل هيئة تأسيسية لعمل دستور جديد للبلاد، فلم يوضح لنا هؤلاء العباقرة كيفية اختيار أعضاء هذه الهيئة؟! وعلى أى أساس يتم الإختيار؟! هل سيتم الأخذ فى الأعتبار التواجد الجماهيرى للقوى السياسية فى الشارع؟! وهل سيقبلون بأن يكون نصف أعضاء هذه الهيئة على الأقل من التيار الإسلامى؟! ... إلخ، منذ أن أعلنوا رفضهم للتعديلات الدستورية وأنا أطرح عليهم هذه الأسئلة فى كثير من النقاشات معهم وما وجدت من أحدهم إجابة شافية كافية.
إنها المؤامرة، ولقد أدرك الجيش هذه المؤامرة الخطيرة وقال فى بيانات كثيرة وبشكل صريح أنه لا انقلاب على إرادة الشعب المصرى الذى قال كلمته يوم الإستفتاء، وقال بشكل صريح أن أية مطالب أخرى من نوعية المجلس الرئاسى ودستور جديد قبل الإنتخابات أو تأجيل الإنتخابات هى مطالب قد رفضت وحسم الأمر تجاهها ولا مجال للعودة عن ذلك ولا مناقشة هذا الأمر، وقد كان البعض يتساءل ايام الإستفتاء عن الجدوى منه طالما أن المجلس الأعلى قد قرر عمل إعلان دستورى فى كلتا الحالتين، وأظن أن فائدة الإستفتاء ظهرت الآن حيث أنه أعطى للمجلس الأعلى ورقة قوة فى وجه هؤلاء العلمانيين.
لكن هؤلاء لم يهدأوا ولن يهدأوا وسيبقون إلى آخر لحظة يحاولون الإنقلاب على هذه الثورة، فقد تمت الدعوة إلى ثورة أخرى يوم السابع والعشرين من مايو الجارى ووضعوا لها عشرين هدفا ومطلبا من بينها مطالب يتفق عليها الشعب كله، وهناك مطالب لا يمكن بحال أن يقبل بها الشعب المصرى.
إن من مطالبهم فى هذه الثورة المزعومة (تنظيم انتخابات داخلية فى القوات المسلحة تبدأ من انتخابات بين الضباط و الصف و الجنود لاختيار قادة الوحدات الفرعية و الوحدات و انتهاء بانتخاب قيادات الجيوش و القوات و الافرع الرئيسية و الادارات و رئيس الاركان).
إنه من المستقر والمجمع عليه فى كل دول العالم أن شؤون القوات المسلحة للبلاد لا تترك للعامة للحديث فيها، فللقوات المسلحة قوانينها الخاصة التى تطبقها، ولها نظامها الخاص، ولا يمكن بحال أن تناقش العامة كل هذه الأمور وتصير القوات المسلحة لعبة بيد مجموعة من الناس، لا يمكن أن تكون شؤون القوات المسلحة متروكة هكذا لكى يتدخل فيها أهل الأهواء والمصالح الشخصية الذين لا يريدون للوطن خيرا، لم نر هذا الأمر فى أى بلاد العالم.
إن هذا المطلب ليدفعنا مرة أخرى إلى أن نتساءل من هؤلاء الأشخاص؟ وما هى توجهاتهم؟ وما هى أهدافهم؟ ومن أعطى لهم الحق أن يتحدثوا باسم شعب مصر كله ليطالبوا بهذا الطلب الخطير جدا؟!
لقد رأينا كيف أنهم جاؤوا ببعض الأشخاص يرتدون زى القوات المسلحة فى جمعة التطهير وأصعدوهم على المنصة، فيما ظهر لبعض عوام الناس أن هذا انقسام فى الجيش، وقد قابلنى يومها رجلا يعرفنى جيدا فقال لى (عاجبك كده أهو الجيش هيضيع بسببكم)، وقد تبين لاحقا أن هؤلاء الأشخاص إنما هم فئة منحرفة لم تلتزم بقوانين ونظام القوات المسلحة فتم فصلهم منها.
وعن مشاركة التيار الإسلامى فى هذه الثورة المزعومة حيث قد سألنى البعض عنها، فقلت إن التيار الإسلامى قد قال كلمته يوم الإستفتاء وأعلن أنه يقف بجانب القوات المسلحة داعما لها ومؤيدا ومساندا فى مهمتها فى إعادة الإستقرار والخروج بالبلاد من عنق الزجاجة حتى تتعافى مصرنا الحبيبة من الأمراض السقيمة التى أوجدها نظام حسنى مبارك، وإن التيار الإسلامى بكافة فصائله لن يقف أبدا ضد القوات المسلحة التى تحمى البلاد داخليا وخارجيا ولن يشاركوا فى أى فعل من شأنه الإضرار بالبلاد أو بالقوات المسلحة أو النيل من مكانتها ونظامها الداخلى الذى تسير عليه، وأنا لست متحدثا عن الإسلاميين ولا أحجر على رأى أحد منهم ولكن أقول ذلك لأنى أعرفهم وأعرف حبهم لمصر وخوفهم عليها، وقد يرى البعض أن يشارك ولكنه بالتأكيد لن يطالب إلا بما يحقق الإستقرار لمصرنا الحبيبة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: