يتحدَّثُ " طومسون" عَنْ خَرْقِ الجنودِ الأمريكِيِّيْنَ لاتِّفاقيةِ جنيف، ما يَعْرِفُهُ الكاتبُ، و لمْ يُشِرْ إليْهِ ، هوَ أنَّ مِثْلَ هؤلاءِ الجنودِ، و قادتِهم ، و سَاسَتِهم، لا عَهْدَ لهمْ عندَ تَعَامُلِهمْ معَ المُسْلِمينَ، إلا في حالةِ عَجْزِهِمْ عَنِ التَّغَلُّبِ عليهمْ، و ها همُ الآنَ لا يَرْعَوْنَ عَهْدًا، و لا يَقِفُونَ عندَ حَدٍّ في التَّنْكِيْلِ بالمُسْلِمينَ ، و لا حتَّى في الحدودِ المُتَعَارَفِ عليها ، فيما يُسَمَّى << باتِّفاقيَّةِ جنيف >> ؛ و السَّببُ في ذلكَ هو شِدَّةُ ما يَكْتُمُوْنَهُ للمُسْلِمينَ مِنَ البَغْضَاءِ و الحِقْدِ . إنَّ هذا الحِقْدَ - كما يقولُ المُفَكِّرُونَ الإسْلامِيُّونَ - ليسَ لأشخاصِ مَنْ يُنَكِّلُوْنَ بهمْ ، و لكنَّهُ حِقْدٌ على الصِّفَةِ التي هُمْ عليها ، و هيَ الإسلامُ . هذا إلى جانبِ أنَّ صِفَةَ الاعتداءِ أصيلةٌ في هؤلاءِ الجنودِ ، تبدأُ مِنْ نُقْطَةِ كُرْهِهِمْ للإسلامِ و صُدُوْدِهِمْ عنه ، و تنتهِي بالوقوفِ في وَجْهِهِ ، و تَرَبُّصِهِمْ بالمُسْلِمينَ، و عَدَمِ مُرَاعَاتِهِمْ لأيِّ عَهْدٍ و لا صِلَةٍ معهمْ، إذا هُمْ ظَهَرُوا عليهمْ، و أَمِنُوا بَأْسَهُمْ و قُوَّتَهُمْ؛ عندئذٍ يفعلونَ بهمُ الأفاعيلَ بلا حَرَجٍ، و لا إحساسٍ بالذَّنْبِ مِنْ كلِّ ما يفعلونَهُ بِهِمْ ، و هُمْ آمنونَ، على حَدِّ قَوْلِ المفكِّرِيْنَ الإسلامِيِّيْنَ أيضًا .
" كريس ويلسون " شَابٌّ أمريكيٌّ يعيشُ في " فلوريدا " لمْ يَتَجَاوَزِ السَّابعةَ و العِشْرينَ مِنْ عُمْرِهِ، أَسَّسَ لنَفْسِهِ مَوْقِعًا إباحيًّا ينطلقُ مِنْ " أمستردامَ " بهولندا، يطلبُ " ويلسون " مِنْ مُشَاهِدِي مَوْقِعِهِ أنْ يُرْسِلُوا إليْهِ صُوَرَ زَوْجَاتِهِمْ و صَدِيْقَاتِهِمْ، في مواقفَ جِنْسِيَّةٍ صارخةٍ، مقابلَ دُخُولٍ مَجَّانيٍّ إلى كلِّ مَنَافِذِ المَوْقِعِ، لمُدَّةِ ثلاثةِ شُهُورٍ. هذا و قدْ وَصَلَ عددُ المُشْتَرِكِيْنَ في هذهِ الخِدْمةِ إلى ثلاثِ مائةِ ألفِ مُشْتَرِكٍ، ثُلُثُ عُمَلاءِ " كريس ويلسون" مِنَ العَسْكَرِيِّيْنَ. الجنودُ في العراقِ و أفغانستانَ، كانوا يُرْسِلُونَ إليْهِ امْتِنَانَهُمْ و شُكْرَهُمْ؛ لأنَّهُ كانَ يرفعُ مَعْنَوِيَّاتِهمْ، و ينقلُ إليهمْ جانبًا مِنْ ثقافةِ وَطَنِِهمْ في قواعدِهِمْ. اشتكَى إليْهِ بعضُ الجنودِ ، مِنْ أنَّ لديهِمْ مُشْكِلاتٍ ، في الحُصُولِ على عُضْوِيَّةِ هذا المَوْقِعِ ؛ بسببِ صُعُوبةِ وجودِ الزَّوْجةِ و الصَّديقةِ، و كذلكَ لصعوبةِ إرسالِ اشتراكاتِهِمْ مِنْ بغدادَ و كابولَ؛ لرَفْضِ الشَّركاتِ التَّعَامُلَ معَ مناطقَ تُعْتَبَرُ بالنِّسَبَةِ إليها عاليةَ الخُطُوْرَةِ؛ مِنْ هنا اسْتَلْهَمَ " ويلسون " فِكْرَتَهُ التي اُسْتُدْعِيَ مِنْ أَجْلِها للتَّحقيقِ في البنتاجون ، و تَلَقَّى بسببِها عِدَّةَ تهديداتٍ بالقتل .
عَرَضَ " ويلسون" على الجنودِ الاشتراكَ المَجَّانيَّ في المَوْقِعِ، مُقَابلَ أنْ يُرْسِلَ إليهِ الجنودُ صُوَرًا عَنِ الحياةِ في العراقِ و أفغانستانَ ، يَنْقُلُونَها مُبَاشرةً مِنَ الكاميرا إلى مَوْقِعِهِ . و فعلاً يُرْسِلُ إليْهِ الجنودُ مُخْتَلَفَ أنواعِ الصُّوَرِ ، لكنَّهُ خَصَّصَ نافذةً مَجَّانيَّةً – أيضًا - للصُّوَرِ الأكثرِ دَمَوِيَّةً ، احْتَوَتْ هذهِ النَّافذةُ على صُوَرٍ لجُثَثِ القَتْلَى مِنَ العراقِيِّيْنَ، منها مَنْ هو مُشَّوَهٌ، و منها مَنْ هو مُقطََّعٌ إلى أَشْلاءٍ، و منها ما هوَ موضوعٌ في وِعَاءٍ مُمْتَلِئٍ بالدِّماءِ، و منها مَنْ هو مُحْتَرِقٌ، و منها رُءْوْسُ قَتْلَى، عليها دِمَاءٌ جافّةٌ، و منها مَنِ اخْتَرَقَهُ الرَّصَاصُ، و منها مَنْ هو مُلْقَى على الرِّمالِ ، أو وسطِ أكوامِ الحجارةِ ، و منها مِنْ هو ساقِطٌ في أسفلِ سيارةٍ مُحْتَرِقَةٍ .
هذا هو الجانِبُ الأَوَّلُ مِنَ القضيَّةِ ، أمَّا الجانِبُ الثَّاني ، فيتمثَّلُ في التَّعليقاتِ التي كَتَبَها الجنودُ على هذهِ الصُّوَرِ، و هي التي تَكْشِفُ هذا الحِقْدَ الدَّفينَ على الإسلامِ و المُسْلِمينَ ؛ كَتَبَ جنديٌّ أمريكيٌّ على صورةٍ، أرسلَها لهذا المَوْقِعِ الإباحيِّ - تمثِّلُ جُثْةً لعِرَاقِيٍّ ، ترقدُ في بركةٍ قذرةٍ، تتدلَّى أمعاؤُهُ فيها - يقولُ : " هذا الذي يجبُ أنْ يكونَ عليه كلُّ عراقِيٍّ ". و صورةٌ لجُثْةِ عِراقِيٍّ آخرَ، تَعَفََّّنَ فَكُّهُ، و سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ العُلْيَا، كَتَبَ عليها الجنديُّ الأمريكيُّ : " يَوْمٌ سَيِّئٌ لِهَذَا المُتَأَنِّقِ ". كما كانتْ هناكَ بعضُ الصُّوَرِ لجنودِ البَحْرِيَّةِ الأمريكيَّةِ ، يضحكونَ و يَبْتَسِمُونَ للكاميرا، بينما هُمْ يُشِيْرُونَ إلى جُثْةٍ مُتَفَحِّمَةٍ تحتَ أقدامِهِمْ. و كَتَبَ أحدُ الجنودِ على صُوَرِ بعضِ جُثَثِ العِرَاقِيِّيْنَ في الشَّوارعِ - قَوْلَهُ : " يا حاجي مت يا حاجي ". دافعَ أحدُ الجنودِ الأمريكِيِّيْنَ عَنْ نَشْرِ هذهِ الصُّوَرِ بقَوْلِهِ : " إنَّ هذهِ الصُّوَرَ، قدْ تَدْفَعُ الانْتِحَارِيَّ إلى أنْ يُفَكِّرَ مَرَتَيْنِ ، قبلَ أنْ يُقْدِمَ على تَفْجِيْر ِنَفْسِهِ ". و هذا تعليقٌ يَكْشِفُ عَنْ ضِيْقِ أُفُقِ هذا الجنديِّ ، الذي يَحْكُمُ على فِكْرِ الآخرِ ، مِنْ واقعِ ثَقَافَتِهِ التي تَرَبَّى فيها ، غافلاً عَنِ الدَّوافِعِ التي تَدْفَعُ هذا الانِتَحَارِيَّ – على حَدِّ قَوْلِ الجنديِّ- إلى الإقدامِ على تفجيرِ نَفْسِهِ، و جاهلٌ في نَفْسِ الوقتِ، بالقاعدةِ التي تَحْكُمُ الثَّقافةَ العربيَّةَ، و يُؤْمِنُ بها الكثيرونَ مِنَ أصحابِ هذهِ الثَّقافةِ، و هي " ماذا يَضِيْرُ الشَّاةَ سَلْخُهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا ؟"، و يُؤَيِّدُ ذلك، ما أشارَ إليْهِ تعليقُ جنديٍّ آخرَ على بعضِ هذهِ الصُّوَرِ الدَّمَوِيَّةِ، و هذا التَّعليقُ، و إنْ كانَ يَكْشِفُ عَنْ إدراكِ البعضِ مِنْ هؤلاءِ الجنودِ لهذهِ الدَّوافعِ ، لكنَّهُ يُبَيِّنُ سُخْرِيَّتَهُمْ منه؛ يقولُ الجنديُّ في تعليقِهِ : " هؤلاءِ المُتَمَرِّدُوْنَ يُضَحُّوْنَ بأَنْفُسِهِمْ مِنْ أَجْلِ " اللهِ " ، لكنَّ القَتْلَ عندي ليسَ حادثًا غيرَ مُتَعَمَّدٍ ، أنا مُسْتَعِدٌ لأنْ أَقْتُلَ الآلافَ مِنْهُمْ مِنْ أَجْلِ إنقاذِ حياةِ جنديٍّ أمريكيٍّ واحدٍ " .
وعَنْ رُدُوْدِ فِعْلِ كبارِ المسئولينِ الأمريكيِّيْنَ على هذهِ القضيةِ ، خَشِيَ رئيسُ الأركانِ " ريتشارد مايرز" مِنَ السَّماحِ بِنَشْرِ صُوَرِ أُخْرَى ؛ لأنَّها قدْ تُشْعِلُ العالَمَ الإسلامِيَّ ، و تَدْفَعُ شبابًا جُدُدًا للانضمامِ إلى تنظيمِ " القاعدةِ " . أمَّا الجنرالُ المُتَقَاعِدُ " مايكل مارشاند " - و هوَ أَحَدُ القُضَاةِ العَسْكِريِّيْنَ ، و كانَ مسئولاً عَنْ إصلاحِ سياسةِ التَّدريبِ في الجَيْشِ الأمريكيِّ بعدَ فَضِيْحَةِ " أبو غريب " - فقدْ قالَ : " لوْ سَمِعْتُ مُنْذُ عامَيْنِ أنَّ هذا قدْ حَدَثَ مِنْ جنودِنا ؛ لَقُلْتُ إنَّ هذا كَذِبٌ " .
و كَتَبَ الصَّحفي " ريتشارد إلرخ " – الذي يُرْسِلُ تقاريرَهُ الصَّحفيةَ مِنْ آسيا على امتدادِ سَبْعَةٍ وعشرينَ عامًا - مقالةً مِنْ " بانكوك " بعنوانِ : " تجارةُ الجنودِ الأمريكيِّيْنَ بالقَتْلَى العِرَاقِيِّيْنَ مِنْ أَجْلِ الموادِّ الإباحيَّةِ " ، مُشِيْرًا إلى تعليقِ وزيرِ الدِّفاعِ السَّابقِ " رامسفيلد " الذي اكْتَفَى فيهِ بالقَوْلِ : " هذهِ مُمَارَسَةٌ غَيْرُ مَقْبُوْلَةٍ " .
و لكنْ ما هذهِ الدَّوافِعُ التي دَفَعَتْ " ويلسون " إلى التَّفكيرِ في هذهِ الطَّريقةِ ؟!! لا تَخْرُجُ هذهِ الدَّوافعُ في - تَصَوُّرِنا - عَنْ دوافعِ الجنودِ أَنْفِسِهِمْ ؛ إنَّها دوافعُ الحِقْدِ و الكراهيةِ ضِدَّ الإسلامِ و المُسْلِمينَ، نَاهِيْكَ بالطَّبْعِ عَنْ هذا الانْحِدارِ الأخلاقيِّ الذي بَلَغَهُ ؛ بانْغِمَاسِهِ و تجارتِهِ بالجِنْسِ، بالإضافةِ إلى مُساومةِ الجنودِ بمقايضةِ هذا بذاكَ. هذا و يُعْتَبَرُ " ويلسون" - في تَصَوُّرِنا - نَمُوذَجًا حَيًّا ، لثقافةِ اللَّذَّةِ و المنفعةِ التي تَحْكُمُ الغَرْبَ اليومَ.
إنَّ الإسلامَ يُمَثِّلُ بالنِّسبةِ لويلسون - في تَصَوُّرِنا أيضًا - أكبرَ عائقٍ لسيادةِ مُكَوِّناتِ هذهِ الثَّقافةِ، و أكبرَ دليلٍ على انْحِطَاطِ هذا الجانبِ غَيْرِ المَادِّيِّ لهذهِ الثَّقافةِ.
يقولُ " إلرخ " عَنْ " ويلسون " : " إنَّهُ واحدٌ مِنْ أَقْوَى المُؤَيِّدِيْنَ لحُرِّيَّةِ التَّعبيرِ ، و لا يَهُمُّهُ تهديدُهُ بالقَتْلِ ، و أنَّهُ ليسَ ضِدَّ الحربِ ، و أنَّهُ يُؤَيِّدُ إرسالَ الجنودِ الأمريكيِّيْنَ إلى أيِّ مكانٍ في العالَمِ ، و رغمَ أنَّهُ ليسَ بالسِّياسيِّ المُتَمَرِّسِ ، إلا أنَّهُ أَيَّدَ إعادةَ انتخابِ " بوش " لفترةٍ رئاسيَّةٍ ثانيةً " .
يقولُ المُفَكِّرُونَ الإسلامِيُّونَ : " إنَّ الغَرْبَ لا يَقْعُدُ عَنِ الفَتْكِ بالإسلامِ و المُسْلِمينَ ، بلا شَفَقَةٍ و لا رَحْمَةٍ، إلاَّ إذا عَجَزَ عَنْ ذلكَ، و أنَّهُ لا أمانَ لهُ، و لا عَهْدَ، و لا ذِمَّةَ، و أنَّ هذا هوَ الخَطُّ الأصيلُ، الذي لا يَنْحَرِفُ عنهُ الغَرْبُ إلا لطَارِئٍ زائلٍ، ثُمَّ يعودُ فيأخذُ طريقَهُ المرسومَ ".
إنَّ ما يُفْعَلُ بـ " بغدادَ " اليومَ، هو ذاتُهُ ما فُعِلَ بها بالأمسِ البعيدِ؛ ففي عام 656هـ مالَ التَّتارُ- كما يقولُ " ابنُ كثيرٍ" في " البداية والنّهاية " - على البلدِ فقتلوا جميعَ مَنْ قَدَرُوا عليه، مِنَ الرِّجالِ، و النِّساءِ، و الوِلْدَانِ، و المشايخِ، و الكهولِ، و الشّبانِ، و دخلَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ في الآبارِ، و أماكنِ الحُشُوشِ[ م . الحَُِشّ ، البستان ]، و قِنَى الوَسَخِ ... كانَ النَّاسُ يهربونَ إلى الأمكنةِ، فيقتلونَهُمْ بالأَسْطُحِ، حتَّى تجري المَيَازِيْبُ [ م . المِيْزاب ، القناةُ يجري فيها الماءُ ، فارسيةٌ ] مِنَ الدِّماءِ في الأَزِقَّةِ، كذلك في المساجدِ و الجوامعِ و الرُّبُطِ، و لمْ يَنْجُ منهمْ أحدٌ سِوَى أهلِ الذِّمَّةِ مِنَ اليهودِ و النَّصارَى، و مَنِ التجأَ إليهمْ مِنَ الرَّافِضَةِ، " و عادتْ " بغدادُ " بعدَ ما كانتْ آنسَ المُدُنِ كلِّها، كأنَّها خرابٌ، ليسَ فيها إلا القليلُ مِنَ النَّاسِ، و همْ في خَوْفٍ، و جُوْعٍ، و ذِلَّةٍ، و قِلَّةٍ ".
إنَّ الواقعَ التَّاريخيَّ الحديثَ لا تختلفُ صُوَرُهُ عَنْ هذهِ الصُّوْرَةِ ، ليسَ في العراقِ فقطْ، و لكنْ في كلِّ مكانٍ به مسلمونَ؛ فهؤلاءِ هُمْ خمسونَ ألفَ موظَّفٍ باكستانيٍّ مسلمٍ، يتحوَّلُونَ إلى أشلاءٍ و دماءٍ على يدِ الهنودِ؛ عندَ انفصالِ باكستانَ عنها، في حادثةِ قطارِ النَّفقِ المعروفةِ. و هؤلاءِ هُمُ الشُّيوعِيُونَ الرُّوْسُ و الصِّينيُّونَ ، يُبِيْدُونَ ستةً وعشرينَ مليونًا مِنَ المُسْلِمينَ، خلالَ ربعِ قرنٍ. و رَغْمَ أنَّ ما فُعِلَ بالمُسْلِمينَ في " البوسنة "، ما زالَ ماثلاً في الأذهانِ، إلا أنَّ النَّاسَ لا يعلمونَ أنَّ هذا لمْ يَكُنْ أمرًا طارئًا قدْ زالَ، إنَّما هو خطٌ أصيلٌ؛ فـ " صِرْبُ " الحاضرِ هُمْ أَنْفُسُهُمْ يوغسلافُ الماضِي، الذينَ أبادوا مليونًا مِنَ المُسْلِمينَ؛ حتَّى تصيرَ " يوغسلافيا " شيوعيَّةً، لقد ألقى اليوغسلافُ بالمُسْلِمينَ رجالاً و نساءً في مفارمِ اللُّحومِ، التي تصنعُ " لحومَ البولوبيفِ " ؛ ليَخْرُجُوا مِنَ النَّاحيةِ الأُخْرَى، عجينةً مِنَ اللَّحْمِ و العِظَامِ و الدِّماءِ.
إنَّ كلَّ ذلكَ - كما يقولُ المُفَكِّرُونَ الإسلامِيُّونَ - ما هوَ إلا وقائعُ حاضرةٌ، و ذكرياتٌ قريبةٌ، يَدْعَمُها ما يُفْعَل الآنَ بالمُسْلِمينَ في العراقِ و أفغانستانَ و غَيْرِهِمَا، و كلُّها يُؤَكِّدُ الإصرارَ الذي يَصِفُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى { وَ لاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِيْنِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوْا } البَقَرَةُ / 217 .
-----------------
دكتور أحمد إبراهيم خضر
* دكتوراة في عِلْمِ الاجتماعِ العَسْكَرِيّ
أستاذ مشارك وعُضْوُ هَيْئَةِ التَّدريسِ السَّابقِ بجامعاتِ القاهرةِ، و الأزهرِ، و أُمِّ دُرْمَانَ الإسلاميَّةِ، و المَلِكِ عبدِ العزيزِ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: