الساداتيون الجدد : (2-6)
الساداتية الفلسطينية : كيف عبرت عن ذاتها؟
صلاح المختار
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8779
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ان اهم تعبير عن الساداتية الفلسطينية وعن ذاتيتها هو ثنائية تغليب القطرية على القومية من جهة، والاعتماد الكلي على (الانا الوحدية)، والتي تعني الانطلاق الحاسم في الحكم من معايير فردية مغلقة في فهم ماجرى للعراق منذ الغزو، بما في ذلك، واهم مافيه، هو دعم ايران بتجاهل تام لدورها، كما فعل السادات حينما تجاهل الخطر الاسرائيلي نتيجة تفكيره الذاتي، من جهة ثانية!
ان من يتابع كتابات بعض الكتاب الفلسطينين ومواقف بعض القوى السياسية الفلسطينية حول ايران يصاب بالصدمة، واحياناً بالذهول وعدم التصديق، فهذا الضحية الفلسطيني لظلم ذوي القربى، وهم الحكام العرب، يمارس نفس الظلم تجاه شعب العراق اولاً وقبل كل شيء، مستبدلا رأيه السلبي بالنظام السياسي العربي، الذي لا يستطيع مهاجمته علنا، بالتنكيل بالجماهير العربية، في اخطر عملية لتضليل الذات، قبل تضليل الاخرين، لن تقود – اذا استمرت - الا الى نحر ما تبقى من فلسطين اضافة لنحر اقطار عربية اخرى، وفي مقدمتها العراق، نتيجة صمت هذا البعض الفلسطيني، او دعمه الكامل لايران وتجاهل شراكتها الرئيسية لامريكا في غزو العراق، واذا اعترف بان ايران تتخذ موقفا خاطئا تجاه العراق فأنه يتعمد التقليل من خطورة مشاركة ايران هذه في الغزو! ويجب ان نقول بلا مواربة او تردد بان الغطاء الفلسطيني هو البرقع الاهم للغزاة الايرانيين والذي يستخدم لتضليل الجماهير العربية، بفكرة ان ايران تدعم فلسطين ومن ثم فان عدم التصدي لغزوها للعراق والجزر العربية ومطالبتها بالبحرين ونشرها الفتن الطائفية في الوطن العربي، وقبل ذلك غزوها للاحواز العربية، ضروري لان هذه القضايا (ثانوية مقارنة بالقضية المركزية)، وهي قضية فلسطين! لذلك فان هذا المنطق المتساذج عمدا يسمح بنشر الارتباك بين صفوف الجماهير العربية ويمزقها بين مؤيد لايران، لانها تغزو العرب كما تفعل اسرائيل وامريكا، ومدافع عنها بحجة انها تدعم القضية الفلسطينية!
ويجب هنا ان نتجنب الاطلاق بتقديم امثلة على ظلم هذا البعض من الفلسطينيين لشعب العراق :
1- رغم عشرات الادلة الدامغة على الاسهام الايراني، المباشر والجوهري، في عملية الاعداد لغزو العراق، عبر المجلس الاعلى جماعة الحكيم الذي حضر اجتماعات لندن قبل الغزو تحت (رعاية) المخابرات الامريكية، واتصالات سرية جرت في اوربا بين ايران وامريكا، وفي تنفيذ الغزو وقيام ايران بدفع فيلق بدر لمقاتلة القوات العراقية من الجهة الشرقية، واغتيال المجاهدين العرب في نفس الوقت الذي كانت فيه القوات الامريكية والبريطانية تتقدم من الجنوب نحو الشمال، وهذه الحقيقة يعرفها كل عراقي مقاتل وكل مجاهد عربي صعق لتعرضه لهجمات من قبل فيلق بدر وعناصر المخابرات الايرانية في بعض مدن جنوب العراق، نقول رغم هذه الحقائق فأن هذا البعض لا يتذكر ذلك ولايدخله في حسابه عند تقويم طبيعة السياسة الايرانية.
2- من المعروف ان السيستاني وحوزة النجف تابعين لايران كلياً، فالاول ايراني الجنسية ورفض باصرار قبول الجنسية العراقية حينما عرضت عليه في عهد الحكم الوطني وبعد الاحتلال، كما ان الحوزة ليس فيها عربي واحد من بين رموزها الكبار مع انها هي التي تقرر، ولذلك كان طبيعياً ان تصدر فتاوي تحرّم قتال قوات الاحتلال وتدعوا الجنود والضباط العراقيين الى ترك الجيش بعد دخول قوات الغزو الى الجنوب العراقي، ثم بعد الغزو اصدرت فتاوي تؤيد الاشتراك في (مجلس الحكم) الذي شكله الاحتلال، وفي الوزارات اللاحقة، اضافة لاصدار فتوى تدعو، بل تهدد، كل من لايشارك في الانتخابات، التي صممها الاحتلال لاضفاء الشرعية عليه وعلى ادواته المحلية، بتحريم زوجته عليه اضافة لحرمانه من الارث وانزال لعنة الله عليه، وامور اخرى! فهل هذه الفتاوى تعبر عن رأي السيستاني وبقية آيات الله في العراق؟ ام انها تجسد موقفا ايرانياً كاملاً أمرت قم وطهران السيستاني وغيره بتبنيه؟
3- لقد برز، رسمياً وعملياً، الدور الايراني في العراق بصفته الدور الاهم بعد الدور الامريكي في تنفيذ الغزو، كما لعبت ايران الدور التنفيذي الاهم، حتى من الدور الامريكي بعد الغزو، خصوصاً في تنفيذ سياسات اشعال فتن الطائفية، عجزت امريكا واسرائيل عن اشعالها في العقود السابقة، وفي محاولات تغيير الطابع العربي للعراق (العرب يشكلون اكثر من 85% من السكان)، من خلال عمليات التطهير العرقي الدموي والشامل، الذي نفذته فرق الموت الايرانية باسناد ومساهمة كاملة من قبل الاحتلال الامريكي، وادت الى تهجير حوالي ستة ملايين عراقي (ارقام الامم المتحدة للمهجرين تتراوح بين 4-5 ملايين مهجر من ديارهم)، وماسبق تلك العمليات من تبني نظام الفدرالية (وهو في الواقع نظام كونفدرالي) من قبل اذرع ايران في العراق، باوامر من طهران، والذي يعني تحديدا فصل جنوب العراق وشماله عن الوسط وتأسيس ثلاثة دول على اسس عرقية وطائفية!
وهنا يجب ان نذكّر بان من وضع الدستور الفدرالي هو نوح فيلدمان، اليهودي الصهيوني الامريكي، تنفيذا للمخطط الاسرائيلي المعروف قبل الغزو والقائم على تقسيم العراق الى ثلاثة دول : دولة كردية في الشمال، ودولة سنية في الوسط، ودولة شيعية في الجنوب. ومن الواضح جدا ان هذا التصنيف للدول الذي خططت امريكا وايران له يتجاهل الاغلبية الساحقة للعرب ويصنفهم، بدلاً من النظر اليهم كشعب عربي واحد، الى سنة وشيعة لتقليل نسبة العرب تسهيلا لعملية تقسيم العراق!
4- كانت ايران اول من اعترف بالوضع الجديد في العراق بعد الغزو، وكان وزير خارجيتها اول وزير خارجية يزور العراق المحتل ليبارك الوضع الجديد ويعرض خدمات ايران الشاملة عليه.
5- لعبت ايران الدور الاهم في تدمير الدولة الوطنية العراقية بعد الغزو وتفكيك المعامل العراقية واخذها الى ايران لدرجة انه لم يعد هناك معمل واحد كبير في العراق، وهذا ينطبق على الاسلحة الثقيلة العراقية كالدبابات والطائرات، والتي اخذت محركاتها، والمدافع الثقيلة، اضافة لما قام الاحتلال بتدميره من اجل هدف مباشر وهو منع مقاومة القوات المسلحة بعد الغزو واستخدام الخزين الضخم من الاسلحة الثقيلة في تلك المقاومة، وهدف اخر بعيد وهو حرمان العراق من قوة الردع الوطني التي تحفظ الامن وتمنع حلول الفوضى والتشرذم، بواسطة ميلشيات خطط الاحتلال وايران لاحلالها محل الجيش الوطني.
6- سلحت ايران عشرات الآلآف من العملاء في العراق وزودتهم باموال ضخمة لانشاء كيان منفصل في جنوب العراق، وفي دعم انشاء كيانين في الوسط والشمال على اساس الكونفدرالية. وفي مرحلة لاحقة دعمت حتى تنظيم القاعدة بالمال والسلاح، لانها كانت ترى فيه اداة مهمة في تنفيذ هدف تقسيم العراق، لان القاعدة اساساً تنظيم طائفي حلل دم شيعة العراق وشن هجمات دموية على مواطنيين عراقيين لمجرد انهم شيعة، وهذا الوضع يخدم ستراتيجية ايران (وبالتاكيد ستراتيجية امريكا) التي قامت على نشر الفوضى الطائفية في العراق. ولمن لايعرف، من هذا البعض من الفلسطينيين، يجب ان نذكّر بأن اهم هدف ايراني، في تنفيذ مشروعها الامبراطوري التوسعي، سواء في عهد الشاه او عهد خميني، هو (تحييد) العراق، وذلك يعني تقزيمه او تقسيمه، لانه العقبة الاهم التي تصد التوسع الايراني غرباً وتمنع وصوله الى اقطار عربية اخرى.
7- لعبت ايران الدور الاكثر حسما في خطة تصفية العلماء العراقيين، وهي خطة تلتقي حولها اسرائيل وامريكا وايران. ان فرق الموت الايرانية والاسرائيلية والامريكية هي التي صفت جسدياً الاف العلماء العراقيين وقامت الفرق الايرانية بالدور الاكثر قذارة ووحشية، واذا كان هناك من ينسب هذه التصفيات الى الموساد وحده ليس مخطئاً فقط بل هو يشوه الحقائق التي يعرفها كل عراقي، خصوصا اهالي الضحايا الذين كانوا يشاهدون فرق الموت التابعة لجيش المهدي وفيلق بدر تأخذ ابنائهم وارباب بيوتهم ثم يعثر عليهم لاحقاً جثثاً مشوهة، تماما كما فعلت فرق الموت الصهيونية عند احتلال فلسطين. ان انكار هذه الحقائق يشبه ان تقول لفلسطيني ان عصابات شتيرن الصهيونية وغيرها لم يثبت انها قتلت الفلسطينيين وانه يجب تقديم الدليل على ذلك! وكذلك يجب ان نؤكد هنا بأن صحافة جيش المهدي والمجلس الاعلى (فيلق بدر ذراعه المسلح) كانت تنشر بفخر قوائم تضم مئات الاشخاص الذين يجب تصفيتهم! ان لتصفية العلماء هدف معروف وهو منع العراق من النهوض مجدداً.
8 - اما مآساة الفلسطينيين في العراق فهي اسوأ من مأساة تل الزعتر في لبنان، اذ ان العناصر التابعة لايران، خصوصاً جيش المهدي، شنت ومازالت تشن حملات دموية لتصفية الفلسطينيين في العراق، تم فيها قتل مئات الفلسطينيين بطرق بشعة، ورغم ان اكثر من جهة فلسطينية وعربية وعالمية وجهت نداءات الى ايران وحزب الله للتدخل لايقاف المجزرة فانهما لم يفعلا شيئاُ! وكنا نتمنى لو ان الساداتيين الفلسطينيين قد ادانوا إيران نتيجة هذه الجرائم، كما ادانتها الشخصيات الوطنية الفلسطينية وحملت ايران المسؤولية عن هذه الجرائم، ولكنهم لم يفعلوا وتجاهلوا الدورالايراني المباشر في هذه المأساة رغم ان فرق الموت، التي شكلها جيش المهدي وفيلق بدر وغيرهما، تابعة استخبارياً ومالياً وسياسياً لإيران. وسيذكر التأريخ بعار كبير ان من رفع صوته لإدانة اعتقال فلسطيني او اكثر في الاقطار العربية، وليس قتلهم، هم انفسهم من مارسوا، ويمارسون صمت الموتى على جرائم اغتيال الفلسطينيين في العراق!
9- اغتيال الاف الضباط والطيارين العراقيين على يد المخابرات الايرانية، والتي تستخدم اذرعها في العراق، انتقاما بشعاً لهزيمة ايران في الحرب التي فرضتها على العراق (1980- 1988)، من جهة، ولحرمان العراق من الخبرة العسكرية بعد التحرير، وجعله ضعيفا امام ايران، من جهة ثانية.
10- اغتيال او تهجير مئات الالاف من كوادر الدولة من ذوي الخبرة في ادارة الدولة ومؤسساتها الى خارج العراق، لاجل اكمال عملية الغاء الدولة العراقية الحديثة والقوية وذات الخبرة في كافة المجالات، واعادة العراق اكثر من ثمانين عاماً الى الخلف. لقد عد العراق من قبل المنظمات الدولية، خصوصاً الامم المتحدة، واحداً من اهم بلدان التي تتقدم بسرعة نحو الخروج من حالة العالم الثالث والالتحاق، علمياً وتكنولوجياً وثقافياً، بالعالم الاول، وتم ذلك كله بفضل التخطيط السياسي والستراتيجي، من قبل القيادة الوطنية التي اسقطها الغزو، والذي قام على أعداد وتأهيل كوادر متمرسة ومتعلمة للدولة، بعد ثورة 17 تموز عام 1968، والتي شهدت اعظم انجازات العراق في العصر الحديث. ومن الواضح ان اغتيال وتهجير كوادر الدولة يستهدف اعادة العراق الى حالة التخلف عن العالم المتقدم وجعله من بين اكثر دول العالم فشلاً وتخلفاً كما نشاهد الآن العراق في ظل الاحتلال والجهل، أليس ذلك من اهم اهداف الحركة الصهيونية منذ بداية القرن العشرين؟
11- احتلال ايران لاراض عراقية غنية بالنفط، في جنوب العراق، وقيامها بعملية نهب منظم للثروة النفطية، وهي حالة اجبرت حتى الحكومة العميلة لطهران وواشنطن في بغداد على الاحتجاج علناً وتسمية ابار النفط التي تسرق منها ايران النفط! لقد مرت خمس سنوات وايران تسرق كميات هائلة من نفط جنوب العراق.
12- كانت الموساد، قبل غزو العراق، تعمل بكل الطرق على نشر المخدرات والادوية الفاسدة والسلع المضرة، عبر اسماء عربية او اجنبية غير عربية، لاجل اصابة شعب العراق بالعوق الجسدي او العوق النفسي او الموت. لكن العراق يشهد منذ الغزو قيام ايران بنفس الدور الذي كانت الموساد تقوم به، من خلال استغلال المخابرات الايرانية لعدم وجود حراسات على الحدود لادخال كافة الممنوعات، وفي مقدمتها المخدرات، كما ان مئات الالاف من زوار العتبات المقدسة الايرانيين كانوا ينسقون مع المخابرات الايرانية لادخال المخدرات الى العراق. وهذه الحقيقة الثابتة، التي يعرفها العراقي العادي، هي التي تفسر اسرار انتشار المخدرات والايدز، من خلال ادخال عاهرات ايرانيات الى العراق ودفعهن لاقامة علاقات مع عراقيين غالبا تحت غطاء (زواج المتعة)! وهنا يجب ان نشير الى أن قوات الاحتلال الامريكية كانت ومازالت تشجع ايران على اداء هذا الدور المدمر للنسيج الاجتماعي العراقي. لقد كان العراق قبل الاحتلال خال من المخدرات ونسبة الايدز فيها لا تذكر لقلتها، وهذه الحقيقة اكدها الانتربول ومنظمة الصحة العالمية، لكن العراق المحتل الان من بين اكثر الدول استعمالاً للمخدرات وانتشاراً للايدز.
13- ومن بين اهم الحقائق الرسمية المعروفة حقيقة ان ايران كانت احد اهم العوامل الحاسمة التي ساعدت على غزو العراق، واذا كان الساداتيون العرب، ومنهم الساداتيون الفلسطينيون، يريدون طمس هذه الحقيقة فأنها ساطعة كالشمس لان قادة ايران الاكثر بروزاً اعترفوا بها، ولعل اول من عبر عنها هو محمد علي ابطحي، حينما كان نائباً للرئيس الايراني محمد خاتمي، بتأكيده علناً، في ندوة عقدت في دبي في بداية عام 2004، بانه (لولا مساعدة ايران لامريكا لما نجحت في غزو افغانستان والعراق)، وكرر هذا الاعتراف الحاسم محمد خاتمي، وكان رئيساً لايران في نهايه عام 2004، حينما قال بالضبط ماقاله قبله نائبه ابطحي! فهل هذا الاعتراف لا يكفي لتأكيد ان ايران ارتكبت جريمة كبرى بحق العراق والامة العربية وانها تتحمل، كامريكا، مسؤولية كل ما حدث للعراق من كوارث وصلت حد قتل مليون عراقي بشهادة المصادر الغربية، ومنها مراكز بحوث ومجلات علمية محترمة كمجلة لانسيت الطبية؟ علما ان الرقم الدقيق لشهداء العراق لا يقل عن مليون ونصف المليون شهيد وهو رقم اكبر من ارقام كل شهداء فلسطين منذ غزوها.
14- ان تنفيذ الحكم الامريكي باعدام الرئيس الشهيد صدام حسين ورفاقه تم بأدوات ايرانية، هي حكومة المالكي وبحضور عملاء ايران الرسميين، مثل عبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر وغيرهما، وهذه حقيقة اخرى معروفة اكدت التلاقي والتطابق التام بين اهداف امريكا واسرائيل من جهة، وايران من جهة ثانية. وكانت الهتافات الطائفية اثناء وبعد الاغتيال دليل اخر على الدور النشط لايران في محاولات اشعال فتنة طائفية في العراق. واذا كان هناك من لم يلاحظ التطابق بين موقف هذه الاطراف الثلاثة عليه ان يتذكر ان اربع حكومات فقط من بين كل حكومات العالم ابدت ابتهاجها باغتيال القائد الشهيد صدام حسين، وهي واشنطن وتل ابيب والكويت وطهران، لكن صوت الحقد الايراني على العراق كان هو الابرز، لان هاشمي رفسنجاني وعلي خامنئي وغيرهما قالا (بأن حكم الاعدام قليل بحق صدام)، وان (هذا الحكم هو تنفيذ لعقاب الهي له)! ان هذا التعليق يفصح بحد ذاته عن عمق الحقد الايراني على العراق والذي جعل ابتهاج ايران باغتيال الشهيد صدام حسين اكثر حدة وقسوة ولؤماً من تصريحات سادة واشنطن وتل ابيب والكويت. ان (العقاب الآلهي) الذي تحدث عنه رفسنجاني هو (عقاب امريكي) وليس آلهياُ، وهو عقاب الشيطان الاكبر، حسب وصف خميني لامريكا، لان من يحكم العراق فعلاً هو امريكا، وهي من اصدرت الحكم بالاغتيال، ونفذته ايران، لذلك فأن ايران وسعت نطاق خدمتها للمخطط الامريكي في العراق ليشمل اغتيال قادة ورموز العراق الذين قاتلوا، ويقاتلون، امريكا ببسالة وتضحيات تجاوزت كل تضحيات ابطال الامة من حيث العدد. ومن المفارقات المذهلة بالنسبة لسلوك الساداتيين العرب، خصوصا الفلسطينيين منهم، هو ان رد فعلهم كان اما الصمت وابعاد ايران عن المشهد كله، او نقدها بلطافة وعلى طريقة العتاب، مع ان الشهيد صدام حسين كان آخر هتاف له قبل ترديده للشهادتين هو (عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر)! ولاحظنا، ولاحظ كل متابع، بان الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية ادانت الاغتيال بقوة وحملت ايران مسؤوليته كما حملت امريكا المسؤولية، واقيمت مجالس فاتحة على روح الشهيد في اكثر من مدينة فلسطينية، بعكس الساداتيين الفلسطينيين.
15- ومن يريد ان يميز بين ايران واذرعها العربية، وبالذات حزب الله اللبناني، عليه ان يتذكر، او يعرف ان لم يكن يعرف، حقيقة طائفية معروفة وهي ان علي خامنئي هو المرجع الطائفي لكل الشيعة الصفويين في العالم، وبهذه الصفة فأن اوامره ملزمة وواجبة التنفيذ ومن لاينفذ يلعن ويكفّر. ونتيجة لهذه الحقيقة لم نشهد حزب الله يوجه أي نقد، مهما كان خفيفاً، لايران حول سياستها تجاه العراق ونشرها للفتن الطائفية، بل ان حسن نصرالله، وللتعبير عن ولاءه المطلق لايران وطاعته الغير منقوصة لها، رأيناه عبر صور عديدة يقبل يد علي خامنئي كلما التقاه! فهل توجد تبعية لايران اسوء من هذه؟ ولتقريب الصورة اكثر يجب ان نسأل هولاء الساداتيين العرب : هل شاهدتم رمز الانبطاح لامريكا وهو السادات، او غيره وهم كثر، يقبل يد الرئيس الامريكي؟ ان اذرع ايران وطبقاً لهذه الحقيقة لاتعمل بشكل عفوي، او وفقاً لاجتهاداتها (الوطنية والقومية)، بل انها تكلف رسمياً بتنفيذ خطط موضوعة في قم وطهران وعلى الاذرع العربية التنفيذ بلا اعتراض! هل ان البعض يتذكر كيف ان صبحي الطفيلي، اول امين عام لحزب الله اللبناني، فصل من الحزب ونبذ لمجرد انه اراد نوعا من الاستقلالية لحزب الله أحتراما لظروف لبنان؟!
وهنا يجب ان نذكّر بأن حسن نصرالله هو الوكيل الرسمي لعلي خامنئي في لبنان وهو بهذه الصفة يمثل خامنئي بدقة وبلا اي تحريف او خروج على اوامر المرجع لان المقلد، وتلك تسمية التابع لمرجع، لا يستطيع اتخاذ مواقف او تبني اراء تتناقض ولو جزئيا مع مرجعه! ان اذرع ايران لا تخضع كلياً لاوامر طهران شكليا لاسباب طائفية فقط بل أيضا لانها تابعة لايران ماليا، بحكم ان تمويلها يأتي من طهران، واذا قطع المال لن يكون بامكان الاذرع ان تمارس دوراً اكثر من الدور الثانوي والهامشي.
ان هذه الحقيقة تؤكدها واقعة ان حزب الله في لبنان هو الحزب الاغنى والذي يملك مؤسسات ومستشفيات ومعسكرات تدريب ومقرات، ونظام اتصالات خاص به، اضافة لتمويله صحف وفضائية (المنار) وتقديم رشاوي كبيرة لشخصيات لبنانية وعربية لاجل دعم ايران، كما هو واضح من استماتة الساداتيين العرب في الدفاع عن ايران، خصوصا اللوبي الايراني القوي جدا، بفضل اموال حزب الله، في المؤتمر القومي العربي، وتجاهلهم المقرف للدور الاجرامي لها في العراق والوطن العربي! واذا اوقف المال الايراني فأن حزب الله سيرجع الى حجمه الحقيقي، وسيصبح مصير نصر الله مثل مصير الطفيلي.