صلاح المختار
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9005
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نبدأ اليوم بإذن الله بنشر سلسلة من المقالات للكاتب والسياسي العراقي صلاح المختار، تتمحور حول الدور المشبوه الذي لعبته وتلعبه إيران ضد القضايا العربية والإسلامية، انطلاقا من خلفيتها التاريخية المجوسية، كما يحاول الكاتب أن يثبت وقوف إيران المتواصل مع الأعداء ضد القضايا الإسلامية في مختلف المنعرجات والأزمات التي مرت حديثا، رغم الشعارات التي ترفعها.
مشرف موقع بوابتي
------------------------
من اغرب الامور، التي تتلألأ بأضواء العار في الساحة العربية، وجود عرب، كتاب وساسة وقادة تنظيمات فلسطينية مازالو يدافعون عن ايران ويعدونها في حالة صراع مع امريكا واسرائيل، واستنادا لهذه الفرضية المضللة يتوصلون الى موقف واضح اكثر تضليلا: (يجب دعم ايران)، مع انها تمارس دورا استعماريا هو الاشد ضراوة وتدميرا في العراق، في اطار شراكة رسمية بينها وبين امريكا تقوم على تقسيم وتقاسم العراق! لو ان احدا قال لنا قبل عام 1979 بان هناك عرب مستعدون لدعم ايران حتى وهي تحارب قطر عربي رئيسي، وهو العراق، لما صدقنا ولقلنا ان ذلك خيال سياسي، ولكنه حدث ووقع! ولو ان احدا قال لنا ان هذا الذي صار هواه التعبد في قم، مع انه سني طائفي او علماني بالمعنى الغربي، والتسوق من بازار طهران، لدرجة انه يتعامى عن غزو ايران للعراق وتدميره ومحاولة تقسيمه وتغيير هويته العربية وتشريد ستة ملايين عراقي من ديارهم، بالمشاركة الكاملة مع امريكا، لقلنا انها دعاية سوداء لتشويه سمعة هذا اليعربي العتيد، ومع ذلك نرى من مازال يغني مقاما فارسيا مخمورا في حانات عهر الضمير فوق قمة جبل طهران!
أننا الان في عصر العالم الافتراضي المعلوماتي، الذي يمكنه جعل الجمل يتحول الى بعوضة والجرذ الى ببغاء جميلة بحركة فأرة الكومبيوتر، اصبحنا نرى العجائب والغرائب في وطننا العربي، ومن هذه العجائب ان من شتموا السادات، لانه زار القدس وحطم المقدس لدينا، يقومون هم بالتصفيق لايران وهي تحطم قدس الاقداس : العراق! ان اشد ما يؤذينا هو ان قادة فلسطينيين وضعناهم في حدقات عيوننا لزمن طويل نراهم الان يبيعون العراق لايران مقابل بضعة تومانات! هل يستحق العراق هذا الموقف من هؤلاء؟ وهل ينسجم ذلك مع صرخاتهم حول غدر حكومات عربية بالشعب الفلسطيني وهم يغدرون بالعراق؟ وهل يدرك من يدعم ايران ان حجة دعم ايران لهم هم وليس للقضية، مرفوضة لانها نفس حجة الانظمة العربية التي باعت فلسطين باسم مصالحها هي؟ وكيف يمكن لفلسطيني، قائدا او مقودا، ان يقبل بالمحافظة على صلاته ببلد يدمر قطراعربيا مع انه يشتم ويحقد على كل من يعترف باسرائيل او يقيم علاقات معها؟ أليست تلك ازدواجية صارخة بكل المعايير القومية والوطنية والاسلامية والاخلاقية والمنطقية؟
ان قرارنا كشف الدور الإيراني لا يقصد به اقناع اولئك الذين ادمنوا مد يدهم الى خزنة اموال السفارة الايرانية، بل المقصود هو الجماهير العربية والمثقفون العرب، الذين ربما لم يفهموا بعد تعقيد وخبث العاب ايران، فهؤلاء هم بحرنا الذي نسبح فيه كي نبقى نقاتل الاحتلال، نحن انصار المقاومة العراقية، ولا يجوز ان نتركهم ضحية لخداع اعلاميين اصابهم الله بلعنة العته، وهم شباب فصاروا يروجون لايران، او لاغراء بريق البتروتومان الإيراني. ومن اهم ما يجب ازاحة النقاب عنه وتسليط الضوء عليه هو ان ايران دولة استعمارية أعتق واكثر دهاء وشراسة وعنادا من الاستعمارين الامريكي والاسرائيلي، والتاريخ والواقع العراقي والعربي يزخران بأكثر مما نحتاج اليه من الادلة والشواهد على ان الاستعمار الإيراني، ونكرر الاعتق والاشرس والاكثر عنادا ودهاء، هو احد اهم اقطاب ثلاثي الشر المعادي للامة العربية : امريكا واسرائيل وايران. فماذا يقول الواقع؟ وماذا يقول التاريخ؟
حينما يتحدث رسام مخمور
هناك مثل صيني ينطبق على سلوك حكام ايران بعد غزو العراق يقول (ان اقل الناس تقديسا للايقونات هم الرسامون الذين رسموها، فهم يعلمون من أي شيء صنعت)، والايقونة هي التماثيل او الرسومات والاشياء الموجودة في الكنائس، بشكل خاص، وتتمتع بقيمة دينية وتقديس لدى المؤمنين بها، ويتبركون بها، وتقع التربة، التي توضع تحت جبين الشيعي عند السجود في اطار الايقونات. وبما ان الايقونة من صنع رسام او عامل فانه يعرف حقيقتها وانها من صنعه ومن أي شيء صنعت وان الطين الذي استخدمه في صنعها اختاره هو من مكان عادي لا قدسية وربما يكون طينا نجسا. اما الانسان العادي فانه يظن انها مقدسة، بكل تفاصيلها، ويتوقع ان تشوّر (تشوّر باللهجة العراقية تعني تعاقب وهي كلمة دينية تطلق على من يرتكب أثما ما) به اذا تجاوز. ومع ذلك فان الرسام صانع الايقونة، كخامنئي وشارون، يتظاهر بتقديسها، اما لانه خدع نفسه فظن انها حقا مقدسة، رغم انه صنعها بيده، نتيجة عوامل خارقة اوحت له بذلك، او لانه يريد ان يكسب مالا او ارضا من وراءها.
ولكن حينما يسكر الرسام يفقد السيطرة على روادعه، فيخرج ما في كوامنه من مخفيات، ومنها نظرته الحقيقية لشيء صنعه بنفسه. كما ان تحقيق اهداف كبيرة تقع ضمن طموحات مقدس (بكسر الدال) الايقونة والذي يعرف سرها تمنحه قوة تحد تدفعه للتجاوز على ما تظاهر به من تقديس للايقونة. وهناك قصة معروفة لدى العراقيين وهي ان رجلين من ابناء الريف كان لهما حمار ونفق، وعندما كانا يدفنانه مر بهما احمق فسالهما : ماذا دفنتما؟ فاجابا للسخرية منه : لقد دفنا اماما هنا. فما كان من الاحمق الا ونشر الخبر في القرية، وبسرعة تدفق سكانها لزيارة مرقد الامام والحصول على بركاته، فتفتقت عبقرية اللذان دفنا الحمار عن فكرة جهنمية، وهي اخذ مال من كل زائر لمقام الحمار. وبسرعة صارا من الاغنياء. ولكنهما، عندما كانا يتقاسمان المال، اختلفا فاقسم احدهما برأس الامام الذي دفناه، فرد الثاني: هل تريد خداعي بهذا القسم وانت تعرف انني اعرف ان ما دفناه كان حمارا وليس اماما؟ هذا المثال الصيني، وتلك القصة العراقية، تنطبقان على حكام ايران ونخبها الصفوية، والتي تتبرقع بالاسلام والتشيع لتحقيق منفعة خاصة، كما يفعل رسام الايقونة او كما فعل من دفن الحمار.
ولكن النخب الايرانية، وقد قامت بالزنا باكبر المحارم الاسلامية، وهو المشاركة في غزو العراق ودماره وحصلت على ما كانت تريده، وهو تدمير العقبة الاساسية، التي تمنع الدجل والمتاجرة بالدين والطائفة، وهي العراق، وبعد ان سلط ضوء ساطع على المؤخرات العارية لافراد تلك النخب، بعد هذا كله لم تعد النخب الفارسية تهتم برد فعل من اشترى ايقوناتها وتربتها واصبح زبونا دائما لها، فخرجت ترقص في شوارع تل ابيب مخمورة وعارية كما خلقها رب الكون!
ما سنقرأه من تصريحات لحكام ايران، تكشف زناهم باعظم المحرمات الاسلامية، ليس سوى نتاج خمر تدمير العراق الذي اسكرهم فتقيأوا ما في نفوسهم من خطط ومواقف كانوا يخبأونها خلف ايقونات الاسلام والتشيع. دعونا نقرأ ما يقوله من كانوا حتى الامس القريب يعدون لمس يد امريكا حرام وكفر!
لقد صفع الإيراني رحيم صفوي وجه كل من يدافع عن إيران من الاعراب، يوم 18 – 8 – 2007، حينما قال بكل صراحة ووضوح : إن أمريكا مضطرة لقبول الثقل الإيراني في العراق ولبنان! (قناة الشرقية في نفس اليوم)، هذا الكلام لم يقله صحفي أو سياسي متوسط المستوى بل قاله صفوي، الذي يحتل مركز قائد الحرس الثوري الإيراني، وهو القوة العسكرية والاستخبارية الاساسية في إيران، وهو بهذه الصفة القوة الضاربة بيد النظام خارجيا وداخليا. فالكلام إذن تعبير دقيق ورسمي عن موقف إيران وسياستها الفعلية. ماذا يعني هذا الكلام؟ انه يعني بدقة لا لبس فيها ان ايران لها اذرع قوية داخل العراق ولبنان، وتستخدمها مباشرة لتحقيق مصالحها القومية الاساسية، وهذه الحقيقة اكدها وزير خارجية ايران رسميا عندما اخذ يتفاوض نيابة عن لبنان اثناء وعقب حرب العام الماضي بين اسرائيل ولبنان.
وتوقيت هذا التصريح مهم كجوهره، لانه يأتي بعد يوم واحد من توقيع الاتفاق الرباعي لتقاسم العراق بين الاحزاب الاشد عمالة، وهي الحزبان الكرديان، العميلان لامريكا واسرائيل، وحزبا الدعوة والمجلس الاعلى، العميلان لايران، والذي قام، أي الاتفاق، على تنفيذ خطة اتفق عليها السفيران الامريكي والايراني في اجتماعهما الرسمي الثالث في بغداد، قبل ايام من الاعلان عن التحالف الجديد. وهي خطة اساسها تقاسم ارض العراق وثرواته من قبل امريكا وايران عبر هذه الاحزاب. فمقابل اعتراف الحزبين العميلين لايران بضم كركوك الى ما يسمى ب (اقليم كردستان) بما في ذلك نفط كركوك، فان التحالف الكردي يعترف لاقليم الجنوب بحقه في الاستيلاء على الثروة، وبحق ايران في الوصاية عليه، وبان تقاسم العراق هو الحل النهائي.
هل هذا التصريح لحن نشاز ومنفرد ام انه جزء من قطعة موسيقية وضعت بعناية وعزفت، وتعزف، من قبل مجموعة اوبرالية بنسق ثابت؟ بعد 10 ايام على تصريح هذا الصفوي، اسما وهوية، جاء تصريح اخر لصفوي متطرف وخرمي عتيق اخطر واكثر صراحة ووضوحا، هو احمدي نجاد، الرئيس الايراني، حينما قال في مؤتمر صحفي يوم 28 – 8 – 2007 بان (ايران مستعدة لملء الفراغ الذي ستخلفه امريكا في العراق) وأكد بأن : (إن قوة الولايات المتحدة تنهار في العراق على وجه السرعة وان ايران مستعدة للتدخل لملء الفراغ). وقال نجاد: (القوة السياسية للمحتلين يجري تدميرها على وجه السرعة وقريبا جدا سنشهد فراغا كبيرا في القوة في المنطقة). واضاف (نحن مستعدون بمساعدة الاصدقاء في المنطقة والشعب العراقي لملء هذا الفراغ)! المصدر: وكالة الأخبار الإسلامية (نبأ) 28 أغسطس 2007.
وفي اعتراف مهم سابق كشف وزير المخابرات الايراني محسني ايجه عن نوايا طهران التوسعية وتدخلاتها في العراق، حينما قال خلال اجتماع لائمة الجمعة انه في الوقت الحاضر يعد العراق مكانا لتعزيز النوايا الالهية للجمهورية الاسلامية.
وأعرب وزير المخابرات الايرانيه عن اعتقاده بان واشنطن متورطة في العراق وتبحث عن مفر لها. الا انه في المقابل أعرب عن قلقه من مضاعفات التدخلات الايرانية في لبنان، وقال ايجه ان (أعداءنا وفي مقدمتهم أمريكا غاضبون علينا، ولذلك علينا أن نكون يقظين، وأن لا نسمح لهم أن بخلق مشاكل لنا). http://www. nooraliraqi. com/ بتاريخ 25 / 8 / 2006. وعند نشوب الحرب بين لبنان واسرائيل في صيف عام 2006 قام الإمام الوصي على حزب الله علي خامنئي بارسال وزير خارجيته كمفوض ناطق باسم الحزب ليقوم بعملية تقزيم بشعة للبنان، من خلال زيارته الاستعراضية التي وصفت من قبل الكثيرين وكأنها زيارة تفقدية لقواته على أرض المعركة. ولهذا فإن وزير خارجية فرنسا (بلازي) التقى وزيرة خارجية اسرائيل كممثلة لاسرائيل ووزير خارجية ايران كممثل للبنان! بل لم يتردد (متكي) وزير خارجية ايران توجيه الانتقادات لخطة البنود السبعة للحكومة اللبنانية ويعترض عليها، ليلفت انتباه أمريكا والغرب إلى نفوذه الكبير على حزب الله، وذلك لأخذ مصالح ايران بعين الاعتبار عند التفاوض حول ملفها النووي، على حساب أشلاء أطفال لبنان. ومن بين اهم التصريحات وقاحة، وتعبر عن موقف ايران الحقيقي، ما قاله حسين شريعتمداري حول تبعية البحرين لايران، ومصدر الوقاحة هو ليس التصريح بحد ذاته، لان ماورد فيه معروف ومكرر، بل التوقيت الذي اطلق فيه التصريح، حيث ان ايران تغرق في اكداس من الادلة على معاداتها للامة العربية، خصوصا ما يحدث في العراق المحتل. وفي هذا الصدد قالت (مجلة العصر) ان حكومة البحرين احتجت رسميا على مقال ورد بصحيفة كيهان الإيرانية الرسمية، اعتبر فيه كاتبه حسين شريعتمدارى أن للبحرين حسابا منفصلا عن دول مجلس التعاون في الخليج، لأنها جزء من الأراضي الإيرانية, وأن المطلب الأساسي للشعب البحرينى حاليا، هو إعادة هذه المحافظة إلى الوطن الأم, كما اعتبر في مقالته أن الأنظمة الخليجية ليس لها من الشرعية, كما للنظام في طهران. ويخطئ من ينظر إلى هذا المقال وما ورد فيه، على أنه مجرد رأي أو وجهة نظر منقطعة تمثل فردا واحدا, فالمقال لا يمكن أن نعتبره توجها شخصيا من كاتبه حسين شريعتمدارى, لعدة أسباب منها الآتي :
أولا : أن الكاتب هو المستشار الإعلامي ل(مرشد الثورة) على خامئني, ومن ثم لا يتصور أن يخرج الرجل عن التوجهات المرسومة له سلفا, لاسيما وانه يكتب كذلك في صحيفة رسمية تعبر عن توجهات الدولة, وليس جريدة خاصة.
ثانيا : أن شريعتمدارى شغل من قبل منصب مدير الاستخبارات الإيرانية, فهو يعرف ويقدر معنى تلك الكلمات وصداها على دول الجوار, ولا يمكن بالتالي اعتبارها زلة لسان, فهي كما يبدو السطر الأول المعلن في سلسلة مقالات تنتهي بحسب التصور الفارسي في إعادة ملك فارس, وإيقاد (النيران المقدسة) المجوسية التي أطفئها العرب العراقيون، مجددا.
ثالثا : الحكومة الإيرانية لم تعلق، وكذلك الرئيس أحمدي نجاد، على تلك التصريحات الاستفزازية المقصودة التي أطلقها شريعتمدارى, فالصمت المريب ورفض السفارة الإيرانية في البحرين التعليق على تلك التصريحات, إنما يوحي بالرضا الحكومي عنها، بل يفهم من الصمت انها رسالة من الحكومة الايرانية.
وفي تأكيد اخر واخر على (حق) ايران في الوصاية على العراق، قال الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في مقابلة نشرت يوم 5 – 9 – 2006 : إن على القوات الامريكية البقاء في العراق الى ان تتمكن الحكومة العراقية من السيطرة على الامور في البلاد. وصرح خاتمي لصحيفة يو اس ايه توداي انه (لا يمكننا ان نترك هذه الحكومة التي شكلت حديثا تحت رحمة ارهابيين ومتمردين)! واضاف (ان ايران ليست عدوة الولايات المتحدة وان البلدين لهما مصالح استراتيجية مشتركة في العراق وأفغانستان). وهذه التصريحات اطلقها خاتمي أثناء زيارة لامريكا وصفت بانها (خاصة) لإلقاء سلسلة من المحاضرات! وزيارة خاتمي هي الاولى التي يقوم بها مسؤول ايراني رفيع المستوى للولايات المتحدة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إثر الثورة الاسلامية عام 1979 واحتجاز رهائن في السفارة الامريكية في طهران بعد ذلك. واشنطن - وكالات الأنباء- اخبار الخليج 6/9/2006
اذا اهملنا التصريحات القديمة لخميني وغيره من قادة ايران، والتي ادعوا فيها وجود (حقوق) في الارض والسكان لايران في الوطن العربي، وانها عاقدة العزم على اعادة تلك الحقوق، فاننا نواجه فيما سبق ذكره من اعترافات حديثة ثابتة رسميا باعتراف ايران، عدة حقائق، منها ما يلي :
1 – ان ايران تتدخل رسميا وعمليا في الشأن العراقي.
2 – ان ايران تتفاوض مع امريكا لتقرير مصير العراق.
3 – ان ايران لم تكتفي بتمكين امريكا من غزو العراق، كما اعترف خاتمي وغيره رسميا، ولم تكتفي بالقيام بدور حاسم ورئيس في تدميره، ولم تكتفي بأثارة الفتنة الطائفية في العراق، وانما هي الان تعقد صفقات مع امريكا على حساب مستقبل العراق ووحدته الاقليمية وهويته العربية.
4 – ان ايران تستخدم ادوات عربية، كحزب الله في لبنان، وادوات من اصول ايرانية كالاحزاب العميلة لها في العراق، للحصول على نفوذ داخل اقطار عربية تستخدمه بطرق مختلفة لخدمة مصلحتها القومية، فحزب الله في لبنان يخدم ايران بتوفير غطاء وطني معاد لاسرائيل وامريكا دعائيا، اما في العراق فان نفوذها يتحقق بالتعاون مع امريكا ودعم غزوها للعراق وتسخير عملاءها لتعاون مع امريكا.
5 – ان ايران تعتزم التدخل رسميا في العراق تحت شعار ملأ الفراغ الذي سيحصل اذا انسحبت امريكا وكأن العراق بلا شعب وقيادات وطنية لتقوم بواجبها!
ما معنى ذلك عمليا؟ معناه ان ايران بعد ان ساعدت امريكا على غزو العراق فهي تعقد صفقة مع امريكا على حساب العراق ووحدته الاقليمية وهويته العربية، في تاكيد لا يمكن نفيه لصحة ما قاله العراق، منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي وعهد الشاه المعمم خميني، من ان ايران تتدخل في الشأن العراقي وتهدد الامن الوطني العراقي والوحدة الاقليمية العراقية. فهل تقوم بعمل كهذا دولة لا طبيعة استعمارية لها؟ وماذا يميز ايران عن امريكا واسرائيل من حيث السعي لغزو دول اخرى واقتطاع اجزاء منها والتفاوض على مستقبلها؟ الم تفعل اسرائيل ذلك باحتلال فلسطين وتغيير هويتها العربية؟ الا تفاوض اسرائيل الان من اجل تقرير مصير ما تبقى من فلسطين باسم مفاوضات السلام؟ الم تفعل امريكا ذلك أيضا؟
ولكي تكتمل صورة ايران الاستعمارية يجب التذكير بان اكذوبة معاداة امريكا لايران يتكرر نفيها باستمرار منذ عام 1979حينما ابتدأ التوتر بين البلدين، ففي ذروة تبادل قبل الحبايب ولكمات العرض المسرحي بين امريكا وايران المستمر منذ ذلك التاريخ، اكد البيت الابيض الامريكي يوم 15 – 8 – 2007 بان واشنطن لا تعتزم مهاجمة ايران، واضاف الكليشة التقليدية القديمة قائلا : وان كان هذا الخيار سيبقى مفتوحا! ولمن لم ينتبه فان خيار مهاجمة ايران فتح منذ عام 1979 وحتى الان، ولم تطلق امريكا رصاصة واحدة على ايران، كما ان ايران لم تطلق رصاصة واحدة على امريكا، رغم ان خميني بح صوته وهو ينشد (الموت لامريكا واسرائيل)، واللتان ردتا على شتائمه بتزويده بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخبارية ضد العراق! هل تذكرون ايرانجيت؟ وهل تذكرون ان اسرائيل قدمت السلاح لايران؟ وهل تعلمون بان العراق لم يستلم طلقة واحدة من امريكا، كما يروج الجهلة او عهار الضمير، بل على العكس فان اسرائيل ضربت مفاعله النووي وامريكا شنت عليه حربين عالميتين وغزته دون ان يشتم الشيطان الاكبر؟ هل خطر على بال من يدعم ايران من العرب ان يتساءلوا : لم يضرب العراق ويغزى ويدمر، وتشارك ايران امريكا في كل الجرائم التي تعرض لها شعب العراق، مع ان العراق لم يهدد ولم يشتم امريكا بل كل الذي فعله هو انه رفض الانسياق وراء موجة الاعتراف باسرائيل من جهة، ورفض التفريط بسيادته على ثروته النفطية من جهة ثانية؟
ليس هذا فقط بل ان بريطانيا سمسار امريكا التقليدي، اعلنت، في تأكيد على موقف امريكي ثابت ومعروف، وهو ان من الضروري الاتفاق مع الاسلامويين سواء التابعين لايران كحزب الله او للطائفية السنية كالاخوان المسلمين. ففي تقرير مهم اصدره البرلمان البريطاني يوم 13 – 8 – 2007 دعا الى ضرورة الحوار مع حماس وحزب الله والاخوان المسلمون، وهذه الدعوة هي امتداد لحوار بدأ منذ زمان وكانت اخر محطة معلنة له هي التي وقعت في بيروت بين وفد امريكي بريطاني مع حزب الله والاخوان المسلمين في عام 2005، تم الاتفاق فيه على مواصلة الحوار. والاغرب، والمثير للانتباه، هو ان الحكومة المصرية طلبت من الحكومة الامريكية قطع اتصالاتها مع الاخوان المسلمين في مصر! (قناة الجزيرة 10 – 9 – 2007) تخيلوا الحكومة المصرية الصديقة لامريكا تحتج على الاتصالات الامريكية مع الاخوان المسلمين!!! والسؤال هنا هو التالي : لم تحاور امريكا وبريطانيا الاسلامويين شيعة وسنة، رغم انهم يرفعون شعارات معادية، في حين انهما ترفضان ليس الحوار فقط مع التيار القومي العربي، بل انهما تصران على اجتثاثه بقتل مناصريه وتصفية فكره وتنظيماته خصوصا البعث؟
ان السر في هذا التعاون الامريكي الايراني يعود لسبب واضح وهو ان ايران الملالي واكثر من ايران الشاه اظهرت عداء للعرب وللقومية العربية ومارست اعمالا توسعية على حساب العرب لاتقل خطورة عما فعلته اسرائيل وامريكا، لذلك، ومهما كانت الخلافات بين امريكا واسرائيل، من جهة، وايران من جهة ثانية، فانها تبقى خلافات ثانوية مقارنة بالتناقضات الرئيسية بين هذين الطرفين والامة العربية. هل نبالغ او نتجنى على ايران الملالي؟ كلا بالتاكيد فليس اكثر من العراقيين من له مصلحة في التعايش السلمي مع ايران، لاسباب عمرها الاف السنين، لكن الشوفينية الفارسية كانت منذ اقدم الازمان عدوانية وتوسعية غربا، في ارض العرب، وكانت حروبها لا تكاد تنتهي واحدة منها حتى تبدأ الاخرى، لدرجة ان الخليفة عمر بن الخطاب (ر) له قول مشهور بلوره بعد تجارب مريرة مع بلاد فارس، وهو (تمنيت لو كان بيننا وبين بلاد فارس جبل من نار)، كناية عن رغبة العرب في تجنب شرور ايران، بجعل الحدود معها من نار تمنع العبور.