حول غياب المشروع الفكري لدى الحركة الاسلامية بتونس
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 615 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحقيقة ان مواجهة الحركة الاسلامية في تونس مع الانظمة كانت مواجهات مادية من دون مشروع فكري جذري، اي لم تكن مواجهة فكرية، كانت اقرب للصراع السياسي الحزبي منها للصراع العقدي وان زعم انها كذلك
نحن اهم جانب من مشكلتنا في تونس انه لايوجد مشروع فكري اسلامي، فضلا ان يكون مشروعا ثوريا، ما قدم على انه كذلك من طرف الاتجاه الاسلامي عبارة عن نص فكري فضفاض يتحرك في المستويات الفوقية للواقع من دون التعرض لاسسه، فهو اقرب للنص الاجرائي التقني مادام لايقدم بديلا واضحا لتغيير الواقع
لفهم اهمية المشروع الفكري الثوري، ينظر للثورة الايرانية والكتابات الفكرية التي اسست لها من امثال: علي شريعتي، مرتضي مطهري، الخميني، هادي مدرسي، محمد باقر الصدر بدرجة اقل
ثم الثورة البلشفية، فانها بنيت على كتابات لينين المبنية بدورها على النظرية الماركسية
بالنسبة للثورة الصينية، فقد بنيت على اجتهادات "ماو" في سياق النظرية الماركسية
الحركة الاسلامية في تونس اعتبرت الواقع سويا في اسسه ولذلك بنت عليه وتعاملت معه كمعطى سليم، وتلك الحركة اساسا لم تعتبر نفسها تشكيلا ثوريا، بل ان الحركة الام الاخوان المسلمون يعرفون انفسهم كحركة اصلاحية، وتواصل هذا الفهم للدور الاصلاحي لدى الحركات الاخرى المتفرعة كالمغرب والجزائر، التي تتسمى بصفات من نوع الحركة الاصلاحية...
الاصلاح يعني المحافظة على البناء الموجود في اسسه، وهذا خطأ منهجي كبير مبني على فرضية غير مبرهن عليها مفادها ان الواقع في اسسه لم يتعرض لتغيير جذري من طرف الغرب ومنظوماته التي شكلها ببلداننا وحكمتنا، وهذه الفرضية تبين فسادها في تونس وغير تونس، وهذا يعني فساد احد اهم المنطلقات النظرية المؤسسة عليها حركة الاخوان ومشتقاتها
وحين وقع التعامل مع فرضية صوابية الواقع في اسسه، انتهى ذلك لابتلاع الحركة الاسلامية في تونس من طرف الواقع المغالب بل المعادي الذي اطمانت اليه، وسعى قادتها للتقرب وطلب رضا ذلك الواقع ورموزه
من جانب اخر، فان الحقيقة ان واقعنا في اسسه بنته فرنسا قبيل خروجها الشكلي بما يخدم فكرها ولغتها واقتصادها، من خلال بقاياها اي تلك التي يسمونها نخب الاستقلال بما فيهم رموز جامع وجامعة الزيتونة، كلهم كانوا نخبا تدور في فلك فرنسا وهم من اسس منظومة فرنسا التي تدير تونس منذ عقود
للتذكير فان بيوتات الزيتونة الكبرى (ال عاشور، ال جعيط، ال النيفر....) كانوا مهمومين بالمحافظة على تميزهم ومكانتهم المادية والاجتماعية والاعتبارية التي نالوها بتوظيف علمهم، لذلك لم يخاطروا بقول ادنى كلمة ضد فرنسا، عكس صغار العلماء بالجهات الذين تصدوا لفرنسا بالفتاوى
لذلك فبيوتات الزيتونة مساندون لفرنسا ومنظومتها التي اسستها بتونس بطريق الموافقة الضمنية