د. محمد فتحي عبد العال -مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2048
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تاريخ القصر:
يعدّ قصر طوب قابي أكبر قصر في مدينة إسطنبول بتركيا وتحديداً في منطقة السلطان أحمد و يتميز القصر بإطلالته المميزة على مضيق البوسفور. كان في الماضي قصر للسلاطيين العثمانيين بناه السلطان محمد الفاتح ومنذ حكمه وحتى تولى السلطان عبد المجيد ظل السلاطين يقيمون فيه ويديرون منه مملكتهم المترامية فأصبح القصر شاهدا على عظمة وتاريخ السلاطين العثمانيين.. وفي عام 1853نقل السلطان عبد المجيد مقر الحكم إلى قصر (دولمابهجة) وهو أول قصر يشيد على النمط الأوروبي المعماري الحديث.
افتتح القصر كمتحفٍ لأوّل مرةٍ في عهد السلطان عبد المجيد. وبعد انهيار الخلافة العثمانية وخلع السلطان عبد الحميد و اعلان الجمهورية التركية برئاسة مصطفى كمال اتاتورك تحول القصر إلى متحف تشرف عليه وزارة الثقافة والسياحة التركية.
أصل التسمية :
كان طوب قابي من أبواب اسطنبول مطلا على بحر مرمرة وعليه نصب العثمانيون مدفعا فاتخذ الباب اسم طوبى قابي أي باب المدفع
يتكون طوب قابي من مجموعة من المباني المستقلة :أجنحة وصالات استقبال ومساجد وحمامات ومؤخرا أثناء ترميم القصر تم العثور على حمام تاريخي به مزود بقنوات للمياه الساخنة والبارد إضافة إلى حوض كبير من الرخام يتوسط الحمام ، أمر بتشيده السلطان محمد الفاتح.
الباب العالى :
والمدخل الرئيسي للقصر هو (باب همايون أو باب خومايون ) أو كما ذاع صيته في العالم باسم (الباب العالى).
جناح الأمانات المقدسة:
من أشهر أجنحة المتحف جناح الأمانات المقدسة والذي انشأه السلطان محمد الفاتح وقد زادت محتوياته مع فتوحات السلطان سليم الأول حيث بسط سلطانه على العديد من الاقطار وحمل معه من آثارها الشئ الكثير كما تم نقل بعض المحتويات إليه من المدينة المنورة بالقطار وفي حراسة مشددة آبان الثورة العربية التي أشتعلت في الحجاز بقيادة الشريف حسين متحالفا مع بريطانيا ضد الحكم العثماني ويعتبر هذا الجناح اكثر قاعات المتحف إثارة للجدل بمحتوياته النفيسة.
تحتوي القاعة على بردة النبي صلى الله عليه وسلم والتي أهداها للشاعر كعب بن زهير حينما ألقى في حضرته قصيدة البردة وقد استقر بها الحال في مصر ثم حملها سليم الأول معه من مصر ومن الأمانات أيضا العلم النبوي والمحفوظ داخل صندوق من الذهب وكذلك رسالة النبي للمقوقس عظيم القبط حاكم مصر. وجزء من سن النبي داخل محفظة فضية مزخرفة وهي السن التي انكسرت في موقعة أحد. وعلبة زجاجية بها شعرة من لحية النبي وحولها إطار من الذهب.وهناك أيضا خاتم النبي صلى الله عليه وسلم البيضاوي الشكل والمصنوع من حجر العقيق ومنقوش عليه (محمد رسول الله) وسيفان للنبي صلى الله عليه وسلم وسيوف الخلفاء الراشدين وسيوف تنسب للزبير بن العوام وجعفر الطيار وخالد بن الوليد وعمار بن ياسر وعمامة يوسف عليه السلام وطنجرة ابراهيم وعصا موسى.
ومن أشهر المقتنيات المصحف الشريف المسمى بمصحف عثمان وقد اهداه والي مصر محمد علي باشا للسلطان العثماني محمود الثاني عام 1811م ويقال ان سيدنا عثمان استشهد وهو يقرأ فيه حينما حاصرته جموع الأمصار رفضا لسياساته ولقد ذاع صيت هذا المصحف باعتباره الصورة الاولى للمصحف فهل هذا صحيح؟!
حقيقة مصحف عثمان:
بحسب دراسة الباحث الشهير( طيار التي فولاج) وهو الرئيس الثالث عشر لرئاسة الشؤون الدينية التركية فمصحف طوب قابي ليس مصحف عثمان وذلك لوجود خطوط قصيرة مائلة خفيفا للدلالة على النقاط بالحبر الأسود ونقاط موضوعة بدلا من حركات التشكيل بالحبر الأحمر على طريقة أبي الأسود الدؤلي ووجود إشارات على شكل فواصل دائرية والملاحظ أن الناسخ ترك فراغات كافية لوضع الإشارات والأشكال اي انها لم تضاف على المصحف في مرحلة لاحقة ومعروف أن مصحف عثمان الأول الذي وزع على الأمصار كان خاليا من النقاط والتشكيل والفواصل.
السبب الاخر أن مصحف طوب قابي ليس مصحف عثمان هو أن حرف الجر (على) كتب بالياء في مواضع وكتب (علا) بالألف في مواضع أخرى والمعروف ان في مصحف عثمان حرف الجر (على) كتب بالياء في كل المواضع كذلك (حتى) والتي وردت في مصحف طوب قابي في مواضع بالياء وفي مواضع أخرى (حتا) بالألف أما في مصاحف عثمان فقد وردت جميعها بالياء.
أمانات ينقصها العلم :
عن أنس بن مالك، قال: «رأيت رسول الله والحلاق يحلقه وقد طاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل» ومن أيدي الصحابة تناقلت بين أيدي الناس.
يقول أحمد تيمور باشا مؤلف كتاب (الآثار النبوية): (فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب - رضي الله عنهم -، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها).
ويلاحظ كثرة ادعاء وجود شعرات منسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في كثير من مساجد ومتاحف البلدان الإسلامية فمنها في مصر بمسجد الحسين وتكية النقشبندية ومنها بلبنان بالجامع العمري والجامع المنصوري وفي سوريا بالجامع الأموي في حلب وبدمشق وفي بوبال في الهند والشيشان في جامع احمد قادروف المركزي. ولقد قادتني الصدفة إلى إحداها بالمسجد البدوي في طنطا محفوظة في صندوق زجاجي مما آثار فضولي منذ ذلك الوقت ودفعني للتفكير في كيفية تحكيم العلم للوقوف على صحة نسبة هذه الآثار للنبي وضرورة إجراء تحليلات الحمض النووي الدنا لكل هذا العدد من الشعيرات والحكم عليها إذا كانت تنتمي لشخص واحد أم لا؟ والحمض النووي الدنا هو عبارة عن بصمة وراثية في كل خلية من خلايا جسم الإنسان ومنها الشعر ولكل إنسان بصمة وراثية من الدنا تختلف عن الآخرين واحتمال التشابه بين بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون مما يجعل التشابه مستحيلا بحسب (آليك جيفريز) عالم الوراثة بجامعة ليستر بلندن . كما يمكن إجراء تحليل النظائر والذي يعتمد على عناصر مثل الكربون والنيتروجين في كيراتين الشعر مما يسهم في معرفة العديد من المعلومات حول الجنس والسن و الموقع الجغرافي ونوعية الغذاء واسلوب الحياة بدقة لصاحب أو أصحاب هذه الشعيرات.
هذه الأساليب وغيرها يمكن أن تحدد إن كانت هذه الشعيرات المتناثرة في أماكن شتى تحمل بصمة وراثية لشخص واحد فإن كانت الإجابة بنعم فنستطيع ان نحدد البصمة الوراثية للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن نؤسس لعلم الأنساب الجيني و ربما كنا الأحوج في عالمنا العربي لمثل هذا المبحث نظرا لأهميته في تراثنا العربي و الإسلامي وللفوضي التي يشهدها علم الأنساب في عالمنا العربي حيث يدعي الكثيرون نسبهم لعائلة المصطفى صلى الله عليه وسلم عبر شجرات عائلية مزورة أو مشكوك في صحتها أو اقوال مرسلة مما يجعل من الاهتمام بالعلم الجيني في هذه المسألة أمرا محتما...
نافورة السلطان أحمد :
مما يميز قصر طوب قابي هو وجود هذه النافورة التي تقع خارج بوابة القصر و تخطف الأنظار للوهلة الأولي و قد بنيت عام 1728 في عهد السلطان أحمد الثالث و اكتسبت اسم ” عصر توليب ” حيث كان هذا العهد بداية اقامة الاحتفالات بزهور التوليب .
وقد صنفت منظمة اليونيسكو القصر ضمن قائمة المعالم المنتمية للمناطق التاريخية في إسطنبول وفي عام 1985م أصبح موقعا للتراث العالمي واعتبر من أفضل نماذج التنوع الثقافي في الدولة العثمانية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: