د.محمد فتحي عبد العال - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2948
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قنصوه الغوري هو اشهر سلاطين المماليك بمصر والشام وسيرته هي انعكاس جلي لطبيعة المشاهد الدرامية العبثية التي سادت نهاية الحكم المملوكي لمصر .
ولان الحاكم المملوكي في بداياته لابد وان يدعي الزهد حتي يكسب العامة فقد بدا قنصوه الغوري زاهدا في الحكم ونزولا علي ارادة مريديه فقد قبل الحكم علي مضض!!! وسرعان ما تحول من صورة قنصوة الزاهد الي صورة الحاكم المملوكي الجشع الذي لا يتورع عن الاستيلاء علي اموال اليتامي وضمها الي ماله كما تفنن في سلب اموال التركات ....
مع ذلك كان قنصوه الغوري متحريا لرأي الشرع في كل خطوة يخطوها وفي كل قضية!! فكان يجمع العلماء الي مجلسه ليشاورهم وحينما يعرف رأي الشرع يضرب به عرض الحائط و لا ينفذ الا رأيه ..
ففي احدي المرات قفزت الي ذهن قنصوه ان يكون اول من يطبق حد الزنا بعد النبي صلي الله عليه وسلم !و فجاءة ودون سابق انذار ولسوء طالع السلطان تراجع طرفي القضية عن الاعتراف بالزنا علي الرغم من اعترافهما به في البداية وبالتالي سقط حد الرجم بحقهما وهو الحكم الذي لم يعجب السلطان فعزل قضاته الذين لا يفقهون بالدين!!!وتولي تنفيذ الامر بنفسه وبدلا من الرجم امر بربطهما في حبل واحد ووجه المرأه في وجه الرجل ثم شنقهما!!!!وفي قضية اخري كان طرفها احد خطباء المساجد حيث تكلم في حق سيدنا ابراهيم عليه السلام بفاحش القول فتمت استابته وحكم القاضي بحقن دمه الا ان الحكم لم يعجب قنصوه فأراد ضرب عنق خطيب المسجد وفي النهاية انتهي الامر بسجن الخطيب !!!وكان للشرع موعدا اخر ولكن هذه المرة مع ادخال سلاح المدفعية الحديثة الي مصر حيث دارت مباحثات طويله بين الغوري وعلمائه حول مشروعية القتل بالنار انتهت بالاستعانه بهذا السلاح لتطوير الجيش المملوكي.
كانت عقيدة السلاطين المماليك هي غسيل اموالهم الحرام من خلال بناء المساجد والمدارس الدينية والاسبلة طمعا في الجنة !!!!ولكن السلطان الغوري كان مبدعا في هذا الميدان حيث تفنن في بناء مسجده بالمال الحرام ايضا فلم يكن بالرجل الذي يدفع مليما من ماله في بناء مسجد!! مما دعا الناس لتسمية مسجده بالمسجد الحرام !! فأنتزع ملكية مدرسة المختص كبير السقاة واستولي عليها وعلي ابنيتها وقرر استكمال بناءها لتكون مسجده وجلب المواد اللازمة لاستكمال البناء بالاستيلاء علي الرخام والاخشاب والفسيفساء من العمائر الاخري كما سخر البنائين والحرفين للعمل في بناءه دون اجر كما بني مدفنا له ...وكان افتتاح الغوري لمسجده يوما مشهودا والذي بناه بالطبع طمعا في الجنه !!!
كانت فترة حكم الغوري خمسة عشر عاما فرضت علي المصريين فيها الضرائب الباهظة وذلك لان اكتشاف طريق الرجاء الصالح حرم البلاد من رسوم التوابل والبهارات والتي كانت تمر بمصر في طريقها لاوروبا فلجأ الغوري لتعويض ذلك الفارق من جيوب المصريين كما اقترض من التجار وبالطبع لا تتوقع من سلطاننا العظيم ان يرد ما اقترضه يوما !!ومع تقدم عمر السلطان وصل العبث في الدولة الي مستوي غير مسبوق حيث صار السلطان يتكاسل عن التوقيع في المنشورات بالعلامة السلطانية فتوقفت مصالح الناس فقام الامراء ورجاء الدولة بقص توقيع السلطان علي اوراق قديمة ثم اعادة لصقها علي الاوراق الجديدة نظير مقابل مادي!!! ...
كانت نهاية قنصوه الغوري حينما هددت قوات السلطان العثماني سليم الاول حدود المملكة المصرية بالشام فخرج السلطان قنصوه الغوري علي رأس جيشه لملاقاة سليم الاول عند مرج دابق عام ١٥١٦ فأنهزم قنصوه الغوري بسبب خيانة جان بردي الغزالي وخاير بيك عامليه علي حلب وحماه واتفاقهما مع سليم الاول الذي يعتبر اول من اعتمد مبدأي الغاية تبرر الوسية وفرق تسد طول الحكم العثماني ..
استبسل قنصوه الغوري وحاول استجماع جيشه الذي دبت الفوضي في صفوفه دون جدوي حيث فر الالاف من جنده فحاول قنصوه الفرار فسقط من علي جواده لاقيا مصرعه ولم يعثر علي جثمانه وبقي مدفنه الذي اقامه بالمال الحرام خاويا علي عروشه ليكون عظة وحكمة ولكن من يتعلم ويتعظ من التاريخ !!!!..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: