د.محمد فتحي عبد العال - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4364
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هل تعلم أن الاكسوجين الذي يمنحنا الحياة هو ذاته الذي يسلبنا أياها ؟!.. هذه الحقيقة تكمن في أن الأكسجين هو المكوِّن الأكثر شيوعاً للجذور الحرَّة ( Free Radicals ) عند البشر. فجزئ الأكسجين يتكون من ذرتين وإذا وُجدت ذرة واحدة فهي تسعى جاهدة لتتأكسد بذرة أكسجين أخرى لكي تصبح مستقرة فيما يُسمى بعملية الأكسدة هذه العملية ان لم يتم التحكم فيها تسبب اضطرابا في نظامنا الحيوي فهي تترك وراءها شقا حرا اي جسيما صغيرا ذو قشرةً غير مكتملة من الإلكترونات،ممَّا يجعله أكثر تفاعلاً من الناحية الكيميائيَّة فيتصرف بطيش محاولا سرقةَ إلكترونات من الجزيئات الأخرى داخل اجسامنا فيدمرالبروتينات وجزيئات الحمض النووي منقوص الأكسجين ال DNA بحيث يعطل آلية الخلايا المتوازنة بكل دقة .
تتكون هذه الجذور خلال حياة الإنسان بسبب عوامل كثيره منها أشعة الشمس والأشعة السينية والتدخين. ونظراً لأن طبقة الأوزون تقل في الجو ، فإننا نتعرض وباستمرار إلى طاقة أكثر من الأشعة فوق البنفسجية وفي قول الله تعالي في سورة النحل ) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ( ما نعتبره روشتة إلهية اعجازية في هذا الصدد. كما يزيد الإجهاد وكثرة استهلاك الدهون والسكريات وزيادة استهلاك الأكسجين خلال التمارين الرياضية العنيفة من إنتاجها . يعتقد العلماء بأن الجذور الحرة تسبب العديد من المشاكل الصحية المرتبطة بالعمر مثل خطر الإصابة بمرض السرطان بأنواعه، الشيخوخة وبعض أمراض العيون كما تسرع من تصلب الشرايين . ومن ناحية أخري ، تحمي مضادّات الأكسدة الخلايا بالإرتباط مع الجذور الحرة وتحييدها قبل أن تلحق ضررا بالخلايا . جسم الإنسان في الأساس قادرا علي انتاج الانزيمات المضادة للاكسدة وعادة ما تكون غير كافية لمنع هذا الضرر تماماً ، كما أن قدرات الجسم على ذلك الإنتاج تقل مع التقدم في العمر . لذلك فإن الأطعمة المحتوية على مضادات الأكسدة تكون ضرورية للحفاظ على الصحة .
وقد أثبتت العديد من الدراسات أن بعض العناصر الغذائية لها أهمية كمضادات للأكسدة مثل البيتا – كاروتين( في الجزر والشمَّام والمشمش والقرع والمانجو) ومادةُ اللوتين (الكرنب والسبانخ واللفت) ، والتي تشتهر بصحَّة العينين . ومن مضادَّات الأكسدة القويَّة مادَّةُ الليكوبين ( في الطماطم والبطيخ والجوَّافة ).أما الفيتامينات المضادة للأكسدة فهي فيتامين A (في الكبد والحليب وصفار البيض وجبن الموزاريلَّة)وفيتامين C(حمض الأسكوربيك)، فيمكن العثور عليه بكمِّيات كبيرة في كثيرٍ من الفواكه والخضروات و الحبوب ولحم البقر والدجاج والأسماك.فضلا عن فيتامين E( ألفا – توكوفيرول اوفيتامين الجمال) فيوجد في اللوز وفي زيوت كثيرة، مثل زيت بذرة القمح والذرة وفول الصويا والشائع عنه أنه فيتامين "القوّة الجنسية" للرجال كما يعرف أحياناً بأنه " العامل المضاد للعقم " أو " عامل الخصوبة " وقد تم إكتشافه عام 1930 عندما تمت تغذية فئران بغذاءٍ خالٍ من الزيوت النباتية (المصدر الغذائي الرئيسي) الأمر الذي أدّى إلى حدوث مشاكل تناسلية، كما أنه يمنع تحلل فيتامين ( A ) وفيتامين ( C ) داخل الأمعاء ، كما أنه يقلل من إحتمال تكسير خلايا الدم الحمراء.
وتشير الدراسات بأن الحد الأعلي المسموح بتناوله من فيتامين C يجب الأ يتعدي2000 ملليجرام يوميا فتناول جرعات كبيرة جدا من فيتامين C يسبب أضرارا لمادة DNA الموجودة في خلايا الجسم والجرعة اليومية الموصى بها لفيتامين C هي 65-90 ملجم, ومن فيتامين E يجب أن يكون أقل من1000 ملليجرام, حيث يؤدي تناول كميات أكبر إلي زيادة احتمال الاصابة بالجلطة الدماغية لكن الكمية التي ينصح بتناولها من فيتامين E تصل إلي15 ملليجرام يوميا.كما يجب تجنبه في المرضي الذين يعانون من ضعف فى تخثر الدم نظرا لأن فيتامين E يقلل من أمتصاص فيتامين (K) الضرورى لعمية تخثر الدم.
وكما أن لفظة فيتامين والتي أستعملها العالم الأمريكي البولندي الأصل كازيمير فنك عام 1912 لتطلق علي هذه العناصر الضرورية للحياة ليست دقيقة فالكلمة المشتقة من الكلمتين الاتينيتين vita وتعني الحياة و amine في إشارة لمجموعة (أمين) في المركب الكيميائى الذى استخلص من الأرز(وكان السبب في ملاحظته أن من يأكل الأرز الكامل أقل عرضة للإصابة بمرض بري بري ممن يأكل الأرز المطحون تمامًا)، وهو ما أطلق عليه اسم فيتامين ب1، واستخدم فى علاج مرض البرى برى.فلاحقا تم الاكتشاف بأنه ليس سوي القليل من الفيتامينات هي التي تحتوي على هذه المجموعه ولكن لم يتم تغيير الإسم نظرا لإنتشار استعماله كذلك فأن علاقة الجزركمصدر للبيتاكاروتين الذي يتحول في الجسم إلى فيتامين (A) بحاسة الأبصار ليس دقيقا هو الأخر فالأمر لا يتعدي كونه خدعة ابتكرها الانجليز لتضليل الألمان الذين هاجموهم بطائراتهم عام 1940، فيما أطلق عليه معركة بريطانيا وقد نجح سلاح الجو البريطاني في اسقاط الكثير من هذه الطائرات بأستخدام رادار جديد لم يكشفوا عنه، وكي يبقي هذا السر خافيا عن الالمان أذاع الانجليز أن طياريهم يتمتعون بنظر ثاقب بفعل الجزر !! مع أن الكميات التي يحتويها من البيتاكاروتين تتواضع أمام أطعمة أخري كالبروكلي والبطاطا الحلوة.
تتباين الدراسات حول علاقة مضادات الاكسدة بالسرطان فالمفترض أن مضادَّاتُ الأكسدة "كانِسة" للجذور الحرَّة، حيث تحدُّ من الشحنات الكهربائية، وتمنع الجذور الحرَّة من أخذ الإلكترونات من الجزيئات الأخرى. الا أن الدراسات في الأونه الاخيره ربطت بين تناول مضادات الاكسدة بكميات زائدة والاصابة بالسرطان فمضادات الأكسدة مثل فيتامين (E) والبيتاكاروتين تسرع من نمو أورام الرئة في المراحل الأولى لدى الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة مثل المدخنين بدلا من أن تقيهم من السرطان وذلك بحسب التجارب السريرية التي أجريت في فنلندا حيث كان المدخنون الذين أعطيت لهم مكملات البيتا كاروتين أكثر عرضة للأصابة بسرطان الرئة وقد ألغيت تجربة مماثلة في الولايات المتحدة في مرحلة مبكرة عندما بدا أيضا أن هذه المكملات تزيد من خطورة المرض والسبب في ذلك قد يكون راجعا أن "مضادات الأكسدة تسمح للخلايا السرطانية بتفادي نظام الدفاع الذاتي للخلايا" ضد الأورام مما يسمح بالانتشار دون سيطرة للأورام الموجودة بما في ذلك الأورام التي يتعذر اكتشافها بسبب صغر حجمها.وفي دراسة اخري وجد أن تناول كميات أكبر من معدن السيلينيوم وهو لاعبا اساسيا في نشاط الإنزيمات
المضادَّة للأكسدة و فيتامين (E) يرفع احتمالات الإصابة بسرطان البروستاتا.
---------
د.محمد فتحي عبد العال
صيدلي وحاصل علي ماجستير في الكيمياء الحيوية
مسئول الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: