البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

خريف الإخوان خريف العرب

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3792 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يخطئ من يظن أن خريف حركة الإخوان المسلمين قد بدأ، وأن مرحلة الإنهيار في تنظيمهم قد انطلقت، وأنهم باتوا في انحدار، وأن شعبيتهم أخذت في التراجع، وأن الضربات التي تعرضوا لها ستقعدهم، وستشل حركتهم، وستقضي على شرعيتهم، وستسأصلهم من الأرض، وستخلعهم من الجذور، ولن يعودوا قوةً في الشارع، ولا محركاً للجماهير، ولا جاذباً للشباب، أو إطاراً للطلاب، أو ناظماً للنقابات والإتحادات، وملهماً لكثيرٍ من الطاقات المبدعة، والإمكانات الخلاقة، والآفاق الرحبة.

ربما ينطلق البعض في تقييمه للأمور، وفي قراءته للمرحلة الراهنة من منطلقاتٍ حزبيةٍ ضيقة، متكئاً على إرثٍ قديم، وموروثاتٍ سيئة، تقوم على الكره والحسد، والتباغض والاختلاف، وتتطلع إلى الثأر والانتقام، وتتمنى لهم الهزيمة والانكسار، والتحلل والذوبان، والتفكك والانحسار، ويعنيها الشماتة بهم، والتشفي بحالهم، ولا تتمنى التخفيف عنهم، أو الصبر عليهم، أو محاولة تفهم ظروفهم، والحوار معهم، أو التخفيف عنهم، والوساطة بينهم وبين السلطات، للوصول إلى حلولٍ وسط، تبقي على التنظيم، وتحقق الأمن للسلطات، وتحول دون بقاء المخاوف منهم، لكن حالة الكره بينهم، ودرجة التنافس معهم، تمنعهم من التفكير السوي السليم، وتحول بينهم وبين الحكمة والعقل والرأي السديد.

لا شك أن الحركة قد تلقت ضرباتٍ موجعة، وقد أصابتها في أكثر من مكان، بما يجعل من احتمال سقوطها لدى البعض وارداً، بل حتمياً وطبيعياً، إذ لا يقوى تنظيمٌ على تحمل ما تعرضوا له، أو استيعاب الضربات التي وجهت إليهم، سواء الأمنية أو القضائية أو التشريعية، فما من تنظيمٍ يواجه بهذا الإجماع العربي الرسمي، ويتابع بهذا الحجم من التنسيق المشترك، والمتابعة الدقيقة في كل البلاد، في ظل التقنية العلمية الهائلة، التي تتيح لهم المتابعة والرقابة والتضييق والتشديد، والدخول إلى الأجهزة الإليكترونية، والتجسس على الهواتف والحواسيب الشخصية، بما يمكنهم الحصول على أكبر كمٍ ممكنٍ من الأسرار والبيانات والمعلومات، التي من شأنها أن تجهض التنظيم، وتضعف قدراته، وتحبط عناصره، وتفقد الأمل لدى المنتسبين إليه، والعاملين فيه.

لكن القائمين على الحملة، والمنظمين للهجمة، والمشرفين عليها، ممن ينسقون ويتابعون، ويخططون وينفذون، يدركون تماماً أن حركة الإخوان المسلمين عصية على الاستئصال، وأصعب من أن تجتث من الأرض، وأكبر من أن تشملها إجراءاتٌ أمنية أو تشريعية، فهي التنظيم العربي الأقدم، والذي قارب عمره على القرن، وما زال يشغل الدنيا كلها، وينتشر في جهاتها الأربع، وينتسب إليها رغم كل الظروف السيئة محبون ومؤمنون بها في كل مكانٍ في العالم، في الوقت الذي تستمر فيه حملات التشهير والتشويه، والإساءة وتلفيق التهم وإصدار الأحكام، علماً أن الكثير من المنتظمين في صفوفها هم من الطبقات المثقفة الواعية، ومن حملة الشهادات العلمية العالية، ومن المختصين في مختلف المجالات، ممن يوصفون بالعقول النيرة، ويمتلكون مواهب كبيرة، وقدراتٍ فذة.

هم يعلمون أن هذه الحركة قد تعرضت لحملاتٍ أمنية أشد وأقسى، وأن السلطات الرسمية قد تعقبتها وحاربتها، وضيقت عليها وحاسبت المنتسبين إليها، وأن قادتها قد علقوا على أعواد المشانق، وأعدم في أقبية التحقيق المئات من رجالها، وقضى الكثير منهم سنواتٍ داخل السجون والمعتقلات، وقد سبق أن حظرهم القانون، ومنعتهم السلطات، واعتبرتهم حزباً محظوراً، وتنظيماً مخالفاً للقانون، ولكن الحركة مضت وقويت، وواجهت وتحدت، وصبرت واحتملت، حتى غدت الحركة الشعبية الأوسع انتشاراً، والأكثر تنظيماً، والأقدر على القيادة والإدارة والعمل والعطاء.

حركة الإخوان المسلمين التي تضرب جذورها في أوائل القرن العشرين، مازالت تمخر عباب الحياة حتى اليوم، رغم قسوة الظروف التي تواجه، وصعوبة القرارات التي تصدر بحقها، أو التشريعات التي تسن لمواجهتها، وتقف على قدميها رغم الحملة الإعلامية الشرسة، التي يقوم عليها كتابٌ وصحفيون، لا يكتبون بقناعاتهم، ولا ينشرون ما يؤمنون به، وإنما يكتبون قناعات الآخرين، وينشرون تعليمات القائمين، وينفذون سياسات الحاكمين، الذين يدفعون أكثر، ويعطون بسخاء كل قلمٍ سيال، ولسانٍ ذلقٍ قوال، طالما أنه يغرد معهم، ويتوافق وأهدافهم، ويحقق رغباتهم، وقد أصبحت أقلامهم على الحركة أشد من البنادق، وأصواتهم أعلى من دوي القذائف، الأمر الذي مهد السبيل أمام السلطات لتشريع القوانين الجديدة، التي تحظرها وتصفها بالإرهاب، وتجيز كل أشكال مواجهتها والتصدي لها.

إنه نداءٌ لكل أصحاب العقول النيرة، والقلوب المتفتحة، الذين يدركون أن الأمة قوية بمكوناتها، وعصية برجالها، ومكينة بمعتقداتها، أن يحكموا العقل، ويستجيبوا إلى الحكمة، فليس من العقل في شئ تجريم هذا القطاع الكبير من أبنائنا، ولا ينبغي التعامل معها بهذه العقلية الأمنية البوليسية، فهذا السلوك لا يؤدي إلى خير، ولا يقود إلى سلام، ولا ينفع الأمة، ولا يخدم الشعوب، ولا يحقق الأمن ولا السلامة، بل إن هذه السياسات الخاطئة، ستقود بالضرورة إلى نشوء حركاتٍ انعزاليةٍ متطرفة، موغلة في التشدد والانغلاق، تفكر في الثأر، وتسعى للانتقام، ليس فقط بسبب الإجراءات التي تتخذ بحقهم، بل لهول ما يواجهون، ولعظم ما يقاسون من بطش السلطات، وعسف الأجهزة الأمنية.

لو صح الوصف بأن ما تتعرض له حركة الإخوان المسلمين اليوم، أنه خريفٌ بالنسبة لهم، فإنه بالضرورة خريفٌ على كل العرب، وسيسقط الخريف كل الأوراق، ولن يستثنِ من طبيعته أحداً، فما يصيب حركة الإخوان، وهم قطاعٌ كبيرٌ من الأمة، ينتشرون في كل ربوع الأرض، فإنه يصيب العرب جميعاً ويضعفهم، ويفت في عضدهم، ويزيد في تقسيمهم، ويضاعف في تمزقهم، ويعمق أزمتهم، ويعرض المستقبل العربي إلى الضياع من جديد، والتيه لسنواتٍ أخرى كثيرة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الإخوان المسلمون، الثورة المضادة، الحركات الإسلامية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-03-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خالد الجاف ، أحمد بوادي، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، سيد السباعي، د- هاني ابوالفتوح، د.محمد فتحي عبد العال، د - صالح المازقي، سامر أبو رمان ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الياسين، حسن الطرابلسي، رمضان حينوني، رافد العزاوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، ضحى عبد الرحمن، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، صباح الموسوي ، إسراء أبو رمان، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد بشير، حسن عثمان، أبو سمية، منجي باكير، الهيثم زعفان، كريم السليتي، إيمى الأشقر، ماهر عدنان قنديل، محمد الطرابلسي، محمد اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، سامح لطف الله، فتحـي قاره بيبـان، أحمد ملحم، د - عادل رضا، د. مصطفى يوسف اللداوي، صالح النعامي ، رشيد السيد أحمد، د - المنجي الكعبي، فتحي الزغل، كريم فارق، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مجدى داود، المولدي الفرجاني، عواطف منصور، فهمي شراب، محمد عمر غرس الله، د - الضاوي خوالدية، خبَّاب بن مروان الحمد، ياسين أحمد، د- جابر قميحة، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد يحي، صفاء العربي، رضا الدبّابي، علي عبد العال، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، عبد الله زيدان، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، د. خالد الطراولي ، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، د. أحمد محمد سليمان، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد أحمد عزوز، فوزي مسعود ، العادل السمعلي، أنس الشابي، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفى منيغ، د - مصطفى فهمي، عراق المطيري، محرر "بوابتي"، د- محمود علي عريقات، محمود سلطان، صلاح الحريري، محمود فاروق سيد شعبان، رافع القارصي، محمد شمام ، يزيد بن الحسين، د. صلاح عودة الله ، أحمد النعيمي، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الله الفقير، عزيز العرباوي، محمود طرشوبي، سلوى المغربي، يحيي البوليني، وائل بنجدو، حميدة الطيلوش، سعود السبعاني، د- محمد رحال، تونسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، عمار غيلوفي، فتحي العابد، صلاح المختار، محمد العيادي، صفاء العراقي، د - محمد بنيعيش، د - شاكر الحوكي ، إياد محمود حسين ، حاتم الصولي، جاسم الرصيف، سفيان عبد الكافي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة