المالكي مغفل ابتلع الطعم أم هو جزء منه
وجهة نظر في تفجيرات الأربعاء الأسود
عراق المطيري
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6772 Iraq_almutery@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعتبر المشهد العراقي اليوم في كل المعايير والمقاييس مشهدا مأساويا بائسا ولا نحتاج إلى دليل لنثبت إن هذا ناتج عن العدوان الأمريكي الهمجي فما كان الشعب العراقي يعرف الانفلات الأمني الذي نشهده منذ ما بعد الغزو الهمجي الأمريكي إلى يومنا هذا والتزامه كان ليس خوفا من سلطة أو امتثالا لقرار صادر من جهة معينة وإنما التزام فرضته طبيعة العلاقات بين مكونات وأطياف الشعب العراقي وعرف نتج عن تعايش قائم أفرزته حضارة امتدت منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا وما نراه اليوم من انفلات امني ليس إلا وليد رغبة الإدارة الأمريكية المتحالفة ضمنا مع رغبة ملالي الفرس وتوجهات فكرهم العنصري الشوفيني تنفيذا لمتطلبات تحالفها الإستراتيجي مع الكيان الصهيوني المزروع عنوة في قلب الوطن العربي فلسطين والذي لا يقل في عنصريته عن الفرس , فحين توفرت قيادة وطنية وأدرك شعبنا أنها تعمل على إدارة دفة الحكم فيه نحو التطور والانبعاث والى مواصلة بناء الصرح الحضاري العملاق انطلق ليمدها بكل أسباب القوة والصمود وديمومة الحياة حتى بلغت مبلغا يثير قلق الأعداء التقليديين للإنسانية بشكل عام وللعروبة بشك خاص فكان ما كان من عدوان همجي وحشي يتنافى مع كل قيم الإنسانية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي إلى أن تكرس بشكل نهائي في عام 2003 وما تلاها ولا نريد العودة إلى سلسلة التبريرات الكاذبة التي قدمتها إدارة سيء الذكر القذر بوش الصغير والتي أثبتت الأيام والوقائع عدم صحتها وزيفها وبطلانها باعتراف أركانها والتي طورتها تلك الإدارة حسب تطور صفحات الاحتلال وطبيعة المعركة الناتجة عنه .
لم يكتفي تحالف الحقد على العروبة بتدمير البنى التحتية للدولة العراقية ومقومات ديمومتها بل راحت تشيع الفوضى وروح الانتقام بين أبناء شعبنا فسالت دماء أبناءنا انهارا وهجر من هجر داخل وخارج القطر وشاعت شريعة الغاب وروح الثأر والانتقام تحت رعاية وحماية بل بتخطيط وتشجيع الحراب الأمريكية في الوقت الذي انشغل الرجل العراقي الشهم لأداء مجموعة من الواجبات التي فرضتها طبيعة المرحلة فكان واجبه الأول مقاومة الاحتلال وتركيعه وتحويل الأرض العراقية إلى نار تحرق العدوان كان لزاما عليه أن يواصل الحياة لكي لا يموت شعبنا وهو الهدف الأكبر من العدوان ليس عن طريق السيارات المفخخة أو القتل الجماعي باستهداف الأماكن العامة كما تحاول السلطة العميلة إقناع شعبنا والعالم به بل عن طريق الاستهداف المباشر لمرتزقة الاحتلال وهذا ما تمخض عنه الانسحاب الأخير لقوات الغزو إلى خارج المدن والقصبات , إلى قواعد بناها وحصنها طيلة الفترة الماضية وهي في أحسن أحوالها لن تكون إلا هدفا سهلا لن يصعب تهديمه وإصابته بعزم وإصرار رجال المقاومة الميامين فمن بنى العراق طيلة خمس وثلاثون عاما لا يمكن أن يكون معول هدم وقتل لأبنائه كما يروج أشباه الرجال من العملاء .
إن تاريخ الفرس مليء بالممارسات التي تبناها فكرهم المجوسي وامتد ليفرض نفسه ويقترن بالدين الإسلامي وهو منه براء والذي يشيع ثقافة القتل ومنها تعذيب النفس التي يمارسها أتباع الفكر ألصفوي تحت عباءة الدين والتي استثمرتها إدارة الاحتلال واستقطبت منفذيها ومروجيها حتى باتت صفة عامة رافقت الاحتلال منذ بداياته ولم تنجو من نار فتنتها طائفة أو قومية من مكونات النسيج الرائع لشعبنا في العراق , وليس أدل على ثقافة العنف الفارسية ما لازال ماثلا أمامنا إلى اليوم في إيران من إحداث ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية وما رافقها من نزاعات واشتباكات دموية إلى هذه الساعة .
إلى هنا فان واجبات الرجل العراقي الجهادية قد أخذت اتجاهين وفق معطيات المرحلة لا يمكن في حال من الأحوال تبني واحد منهما على حساب الآخر يصب الأول في مقارعة الاحتلال ومنازلته وفق قيم الرجولة العربية المعهودة وهذا شمل بطبيعته عدة أشكال ابتداءا من تصويب البندقية إلى صدر المحتل مرورا بتصنيع السلاح وتطويره بما يتناسب مع طبيعة المعركة بالاعتماد على الإمكانيات الذاتية والخبرة المتيسرة وما يتوفر محليا إلى مواصلة تثقيف شعبنا وفضح ممارسات المحتل وعملائه من خلال الكلمة الصادقة المعبرة وهذه بحد ذاتها كانت من أقوى واعنف أسلحة المعركة على الساحة العراقية .
أما الاتجاه الثاني وكما اشرنا أعلاه منع تحالف الاحتلال من إبادة شعبنا وتهجيره وتشتيته في أرجاء المعمورة لإعادة التجربة الفلسطينية في العراق وتغيير ديمغرافية العراق ولكن هذه المرة وفق معادلة إحلال الفرس محل العرب, فكما هو معلوم إن القيادة الوطنية وطيلة عمر ثورة تموز المباركة عملت على بناء العراق إنسانا وعمرانا فتحقق بقيادتها ما يستحيل انجازه مع أي شعب بالمقارنة بالفترة الزمنية نفسها وبما تعرضت له مسيرتها من مؤامرات ومكائد واعتداءات قاسية وهذا ما تناولته الكثير من الأقلام المجاهدة وفي حقيقة الأمر كان هذا من الواجبات الصعبة جدا التي واجهت رجال المقاومة لأسباب كثيرة تتداخل فيها عنف وهول اعتداء التحالف المعادي والإمكانيات المتاحة له , علمية متطورة كانت أم مادية إضافة إلى الإمكانيات البشرية التي تم تحشديها لتدمير ثقافة الانتماء للوطن وما سبقها من حملة إعلامية امتدت طيلة سنوات الحصار واستمرت إلى يومنا هذا .
في ضوء تلك الواجبات التي تبنتها المقاومة العراقية والمقترنة بالتجربة طيلة أكثر من ست سنوات لا يستطيع عاقل أن يصدق إن المقاومة العراقية أو فصيلا منها قد نفذ تفجيرات الأربعاء الأسود في آب الماضي إلا جاهلا أو منتفعا من وجود الاحتلال إضافة إلى أنها كانت تحتاج إلى إمكانيات لا نقول أنها غير متوفرة لدى المقاومة العراقية ولكن لا يمكن استغلالها لمثل هذه الأفعال الخسيسة لأنها في اضعف الاحتمالات أو النتائج ستؤدي إلى خسارة في الطاقات يمكن استغلال نتائجها لإيقاع اكبر الأثر في تواجد قوات الاحتلال على أراضينا الطاهرة وليس في قتل وتدمير أبناء شعبنا أي بتفصيل أكثر إن مسألة تمرير هكذا طاقات تفجيرية من خلال التحصينات التي وفرتها حكومة الاحتلال تحقق للمقاومة هدفا اكبر ونتائج أكثر فاعلية فيما لو استخدمت باتجاه تدمير المحتل وإنزال اشد الخسائر البشرية والمادية بين قواته , فهل يمكن أن يصدق عاقل إن المقاومة ضحت بهدف كهذا واتجهت لقتل أبناء الشعب العراقي ؟ هل يمكن أن تنتحر المقاومة بقتل حاضنتها ومددها ؟
إذن من الذي نفذ هذه التفجيرات وما الأهداف التي يمكن أن يحققها من وراء ذلك ؟
إن الصراع على كراسي السلطة الذي نشهده اليوم وتقاسم النفوذ وحجم سرقات المال العام والفساد الإداري الذي تتصاعد حدته بشكل يومي كلما اقترب موعد ما يسمونه الانتخابات البرلمانية مع ملاحظة نتائج انتخابات مجالس المحافظات يحدد لنا بشكل دقيق إن إيران وصنيعتها مجلس آل طباطبائي الحكيم هم الجهة الوحيدة التي تقف وراء ذلك والمنتفعة منه .
كيف ؟
ببساطة متناهية إن نتائج انتخابات مجالس المحافظات قد أكدت انحسار نفوذ هؤلاء في الشارع العراقي وعلى ذلك دلالات كثيرة وهذا من بين الأسباب التي عجلت في نهاية عزيز وموته غير مأسوف عليه لتأثيراتها السلبية النفسية على حالته الصحية , وقد رافق ذلك صراعات بين أركان هذا المجلس على خلافة عزيز الأمر الذي أدى إلى انفلات القرار فكل منهم يريد أن يثبت قدراته لاستقطاب اكبر عدد ممكن من المناصرين في داخل مجلسهم والأصلح للزعامة على الرغم من تلويح الولي الفقيه الفارسي بالعصا للدفع بالزعامة إلى كتكوتهم عمار الذي عمل طيلة الفترة الماضية على إيواء العصابات الإجرامية والمليشيات وحمايتها من بطش المالكي الذي يتظاهر بل ويراهن على انجاز تحقيق الأمن .
في حديثه إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني قبيل انتخابات مجالس المحافظات قال سكرتير المالكي رئيس حكومة الاحتلال إننا أمام خيارين صعبين فإما البقاء على انتهاج نفس سياسة حزب الدعوة الطائفية المعروفة فنكسب إيران ونفقد شريحة مهمة من الشعب العراقي من كل الأطياف وبذلك نخسر الانتخابات لان المواطن مل المشروع الطائفي ونتائجه وإما الخيار الثاني أن نعلن إننا تخلينا عن مشروعنا الطائفي ونتجه إلى ما يشبه العلمانية ونغير من سياستنا المحلية فنخسر إيران ونربح الانتخابات وهذا ما نميل إليه وسنعمل على تحقيقه مع احتفاظنا بخصوصيتنا المذهبية.
هذه النظرة البسيطة والسريعة تجعلنا نحكم بان إيران وأتباع آل طباطبائي الحكيم هم من يقف وراء تلك التفجيرات خصوصا وأنهم يمتلكون ما يساعد على تنفيذها من إمكانية اختراق للحصون وتمرير كميات المتفجرات الهائلة دون تفتيش وهم بذلك يحققون هدفا مهما ينال من المالكي ويفشل مشروعه ويساعد حسب تقديراتهم الخاطئة على تقريبهم من الشارع العراقي إضافة إلى التغطية على الجريمة الفضيحة التي نفذتها عصابات عادل عبد المهدي في قتل حراس وسرقة مصرف الزوية وإشغال الشارع العراقي عنها .
المالكي من جانبه حاول الاستفادة القصوى من معطيات نتائج تلك التفجيرات كما يؤكد لنا مقربين منه في مكتبه فعمل باتجاهين الأول باطني يضن انه خفي يتمثل في تحديده للجهة المنفذة الحقيقية وهم خصومه التقليديين مجلس آل طباطبائي الحكيم كورقة يستخدمها قبيل الانتخابات إذا سارت الأمور بغير صالحه والثاني معلن وهو التخبط في اتهام حزب البعث العربي الاشتراكي لاتخاذ هذا الأمر ذريعة في شن حملة اعتقالات على رجال البعث الذي يعتبره العقبة الكبرى في طريقه ومحاولة التستر بشرعية دولية وغطاء يمكنه من تحقيق هدفه وبذلك يخفف من الضغط الإدارة الأمريكية الجديدة باتجاه المصالحة ( والمقصود هنا طبعا عودة حزب البعث العربي الاشتراكي إلى قيادة الدولة العراقية ) بعد عجزه وفشله في تحقيقها .
وللأمانة فان بيانات الحزب قد وضحت موقفه بدقة وصراحة من التفجيرات التي تستهدف أبناء شعبنا وممن يقومون بها وتوجيهات شيخ الجهاد والمجاهدين القائد الأعلى للجهاد والتحرير المعتز بالله البطل المجاهد عزة الدوري قد أكدت تجنب استهداف حتى عناصر حكومة العمالة الذين يعملون في أجهزتها الأمنية إلا في حالة الدفاع عن النفس بل وحتى التعاون معها في تثبيت الأمن والاستقرار وكشف أهداف التغلغل الفارسي ومحاربته لان ذلك واحد من أهم أهدافنا في هذه المرحلة خصوصا وان هؤلاء جزء مهم من أبناء شعبنا دفعتهم الحاجة المادية والبطالة المنتشرة بين الشباب للانخراط في هذه الأجهزة وإنهم رافد مهم في اختراق قراراتهم الجوفاء بل وتسخيرها لخدمة المقاومة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: