احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7874
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يحز في نفوسنا ما آل إليه حال المسلمين جميعاً من ضعف وانقسام وتشرذم. وتكالب الأمم عليهم من كل صوب وحدب، وأبشع هذا أبناء جلدتهم الذين لا هم لهم سوى قهر شعوبهم وإذلالهم فساموهم سوء العذاب ورضخوا لما أراد أعدائه أن يفعلوه بهم من دون جهد منهم ..
فما مر بالأمة الإسلامية في الشهر المنصرم كان أمراً عظيماً ومريعاً فعلاً وفادحاً .. فقد حوصرت غزة هاشم وعاش أهلها في الظلام ومنعت عنها أهم مقومات الحياة، ثم تفاجآنا بعدها بموقف مخزي من خادم الحرمين الشريفين يدعو يهود وعلى رأسهم السفاحين بيريز و بوش " فراعنة العصر " وغيرهما من رؤساء الإرهاب وتدمير الإنسانية للاجتماع في نيويورك ؛ ليشرعن لهم أعمالهم وجرائمهم .. ويقرع كؤوس الراح مع أعدائنا وأعداء الله ..
ليتلوه مباشرة ً وبعد انتهاءِ هذه الخيانة الواضحة الجلية عملية بيع العراق كاملة ً إلى محتلها – كما بيعت من قبل هذا كثيرٌ من بلاد الإسلام إلى يهود وغيرهم – من قبل حكومة الخيانة والعمالة، الحكومة العراقية الطائفية التي ربطت وجودها بوجود المحتل وبقائها ببقائه .
كل هذه الأمور حقيقة ً ما كانت ولن تكون مستغربة ً من حكوماتنا المتخاذلة ولا هي بجديدةٍ عليها، فمنذ أن وجد كثير منها ولا هدف لها سوى تحقيق مصالح أعدائنا في شعوبهم وإذلالهم وقهرهم . ولكن الغريب في الأمر هو نوم شعوبنا عن هذه الأحداث جميعها فقد لاحظنا اختفاء أي تحرك منهم وخصوصاً المظاهرات التي اختفت من شوارعنا تماماً، فهل فقد بالوننا القدرة على الانتفاخ، فعلاً !؟
فقد كان لهذا البالون سابقاً كل خصائص البالون كاملة ً، واذكر أنه كان ينتفخ كأي بالون .. وكانوا بالمقابل ينفسوه لنا من خلال المظاهرات تارة ً، فكنا نخرج نصيح ونصيح وتبح أصواتنا ثم نعود بعدها ولسان حالنا يريد أن يوهم أنفسنا ويقنعها بأنها قامت بما هو منوط بها وزيادة حبتين .
وتارة أخرى بالمسلسلات التي تبين لنا ما يجري من فساد داخل بلادنا وتسلط وتحكم جهاز المخابرات بشعوبنا ..
حتى ما عاد لهذا البالون عندها أي قدرة على الانتفاخ من كثر الخروق التي أعملت به من أجل التنفيس، وهذا ما كانت ترمي إليه أنظمتنا العفنة ونتيجته أن البالون قد فسد .. وهذا هو ما تحقق حقيقة ً وما لمسناه من فشل هذا البالون .
وعندما كان بعض عقلائنا سابقاً ولاحقاً يحذر من عدم جدوى وعبثية أمثال هذه المظاهرات ويبين أنها لن ولا تضيف شيئا إلى قضيتنا، كان يتهم بأنه عميل وضد مساندة إخوته وأنه مثبط ومتخاذل، فما بالهم الآن ما عادوا يحرِّقون الأعلام ويصرخون بالموت الزؤام، مؤكدُ أنهم أدركوا عبثية وجدوى تحقيق أي هدف وهم بعيدون عن الطريق الذي ارتضاه الله لعباده !؟
وعلى العكس من هذا فقد بينت المسلسلات أنها فعلا كانت تنفس عن شعوبنا " أي بمعنى أنها تفقد بالوننا خاصية الانتفاخ فيه مع مرور الوقت " وازداد الحال سوءً ولم تحلَّ أية مشكلة مما تطرق له الحديث في تلك المسلسلات اللعينة، وبقي مهماً في المسالة أن يكون هناك تنفيس لشعوبنا، وأنا برأي حتى أن المسالة ليست تنفيساً وحسب بل أنها في حقيقتها استخفاف بعقول الشعوب وقهرٌ لإرادتهم وتحدي لهم، وكأن لسان حال هذه الأنظمة الفاسدة يقول نحن نعمل بكم هذا ونريد رجلاً منكم يعترض . رجلاً واحداً فقط !!
وبات حالنا في هذا، كحال قوم فرعون الذين استخف فرعون بهم فأطاعوه، يقول تعالى : (( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ )) الزخرف 54 . وليس هذا فحسب بل أنهم سعوا جاهدين إلى طمس عيون الشعوب – المضللة المغلوب على أمرها – من التطلع إلى عيون مخلصيها المجاهدين الأشاوس تارة بالتهديد والوعيد والسجن وتكميم الأفواه، وأخرى جهود حثيثة ومعهم أسيادهم اليهود والأمريكان وإعلامهم القذر من أجل تشويه المقاومين البواسل، وأصبح كل مقاوماً إرهابياً وظلامياً .
فهل حقيقة ً كانت مثل هذه الأمور هي التي شرعها الله تعالى وأمر بها عباده المؤمنين !؟ من المؤكد أن هذه الطرق ليست ما شرعه الله لنا ولا ما أراده منا .. وعندما ابتعدت حكوماتنا عن ما أراده الله منها وتخلت عن أمر الجهاد الذي فيه عزنا وكرامتنا وابتعد كثير من مسلمينا عن سنة الله ورسوله، وجدنا الكثير قد أصبحوا على دين ملوكهم وأوهموا أنفسهم أن مثل هذه المظاهر هي ما أنيط بهم، وباتت الشعوب فعلا تدين بدين ملوكها وتتبعهم كأي أعمى، وتحقق لملوكها وسادتهم ما يريدون، إلا قليلاً منهم، يقول عز وجل : (( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )) سبأ 20، وذلك أن الله عندما انزل القران والسنة النبوية الشريفة وضع فيها ما يصلحُ لعباده ولما تخلينا عن سنة الله ورسوله كان نتيجته هذا الفشل، وليعلم كل واحدٍ منا أن حِيادنا عن طريق الله المستقيم نتيجته هذا الفشل الذريع .. ولنعلم جميعا أننا لن نحقق أية نتائج وأي تقدم بعيداً عن شرع الله الذي ارتضاه لعباده .
ورغم كل هذه المؤامرات على الإسلام وأهله فأنا على يقين بأن فتحاً مثل فتح الرها سيكون قريباً بإذن الله وأن النصر سيكون لأهل الثغور والمرابطين في ساحات القتال بإذن الله، والله يقول : (( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ )) البقرة 214 .
وأتوجه إلى أخوتي في الخليل وغزة هاشم وفي العراق والصومال وأفغانستان والشيشان وكل بلاد الإسلام وأذكرهم بالصبر فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً .. وادعوا باقي أخوتي المسلمين أن لا ينسوا إخوتهم المحاصرين والمسجونين والمعذبين وأن يمدوا إليهم يد العون وبأي شكل من أشكالها، ونقول لهم جميعاً كل عام وانتم إلى الله اقرب، فإن العيد لم يعد محبوبا بنظرنا ونحن على ما نحن عليه من حال، لأنه عندما ابتعدنا عن شرع الله أذلنا لأننا بدلنا ما أراده منا بابتعادنا على شرعه وأوامره .
وادعوهم جميعاً أن يلجئوا إلى الله لأن هذا الطريق هو الوحيد إلى مسح ما علق بنا من مهانة وذل وهوان، وأن يعلم أن نصرنا لن يكون إلا بالعودة الصادقة إلى الله تعالى . والعاقبة للمتقين .
وقد أحسن الشاعر، إذ قال واصفاً حالنا ..
أقبلت يا عيد، والأحزان أحزان ... وفي ضمير القوافي ثار بركان
أقبلت يا عيد، والرمضاء تلفحني ... وقد شكت من غبار الدرب أجفان
أقبلت يا عيد، والظلماء كاشفة ... عن رأسها، وفؤاد البدر حيران
أزف تهنئتي للناس أشعرهم ... أني سعيد وأن القلب جذلان
قالوا وقد وجهوا نحوي حديثهمو ... هذا الذي وجه للبشر عنوان
هذا الذي تصدر الآهات عن دمه ... شعراً رصيناً له وزن وألحان
لا لن أعاتبهم هم ينظرون إلى ... وجهي، وفي خاطري للحزن كتمان
أقبلت ياعيد، والأحزان نائمة ... على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي ... قلوبنا من صنوف الهم ألوان؟
من أين نفرح والأحداث عاصفة ... وللدمى مقَل ترنو وآذانُ؟
من أين .. والمسجد الأقصى محطمة ... أماله، وفؤاد القدس ولهانُ؟
من أين .. نفرح يا عيد الجراح وفي ... دروبنا جدر قامت وكثبان؟
من أين .. والأمة الغراء نائمة ... على سرير الهوى، والليل نشوان؟
من أين .. والذل يبني ألف منتجع ... في أرض عزتنا والريح خسران؟
أين الأحبة .. لا بدر يلوح لنا ... ولا نجوم بها الظلماء تزدان؟
أين الأحبة لا بحر ولا جزر ... تبدو، ولا سفن تجري وشطان؟
أين الأحبة ..وارتد السؤال إلى ... صدري سهاماً لها في الطعن إمعان
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: