بعد إعطائها الضوء الأخضر لـ"نصر الله" باجتياح سوريا المنظومة الإرهابية في العراء!!
احمد النعيمي - سوربا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5044
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بالرغم مما أقره مؤتمر جنيف الخاص بالشأن السوري الذي عقد في 30 حزيران 2012م من اتفاق كل من أمريكا وروسيا والدول الخمس الكبرى على عدم تنحي الأسد، حسب توضيح وزير الخارجية الروسي "لافروف" أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" في موسكو يوم الثلاثاء 7 أيار 2013م، واتفاقهما على التحضير لمؤتمر سلام يجمع بين الأسد ومعارضيه؛ إلا أن إرادة وتصميم الشعب السوري على المضي قدماً حتى إسقاط نظام الجزار الأسد من ألفه إلى يائه، منعت تحقيق مخططات هذا المؤتمر الإجرامي، الساعي إلى تحويل سوريا إلى مجتمع متمزق بعد الإبقاء على أتباع النظام السابق، وحبكهم المؤامرات حتى لا يستقر البلد، على غرار ما يحدث اليوم في اليمن وبقية دول الربيع العربي.
لا هم لهم في هذا سوى الحفاظ على الأسد الحارس الأمين لحدود المحتل اليهودي، الذي وصفه رئيس الموساد الأسبق "إفريم هاليفي" برجل إسرائيل في دمشق، في تقرير حمل عنوان "رجل إسرائيل في دمشق.. لماذا لا تريد القدس سقوط الأسد" نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية الصادرة عن مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" الأمريكية، بعيد الهجمة الإسرائيلية على مواقع داخل دمشق؛ وفي حال لم تتمكن هذه المنظومة الإرهابية الدولية من الحفاظ على الأسد، فإنها تضع نصب عينيها ألا يسقط جهاز الأمني، وخصوصا جهاز المخابرات، الذي يحصي على الشعوب كل صغيرة وكبيرة، ومن خلال هذا الجهاز تقاد الدول العربية منذ قرن كامل باليد الغربية والأمريكية.
ولهذا السبب واصلت المنظومة الدولية إعطاء الفرص للأسد تباعاً، ومهلة تلو مهلة، دون أن يتمكن الأسد من وأد الثورة، بالرغم من وصول الأسلحة إليه ليل نهار من كل من روسيا وإيران، ومشاركة قوات حزب الله والحرس الثوري الإيراني الصراع إلى جانب الأسد بشكل غير علني، ولكن هذا كله لم يمنحه إحراز أي تقدم على الأرض خلال الأشهر الأخيرة الماضية، نتيجة لفقدانها للقدرة الهجومية العسكرية التي حطمها الجيش الحر بشكل كامل، فأخذ يفقد مواقعه واحدا واحداً، محاولا بما بقي لديه من قوات أن يحافظ على ما تبقى منها، ولم يبق أمامه إلا أن يصب حممه من طائراته وقذائف دباباته ونيران مدافعه وصواريخه السام وغيرها، المدن والقرى السورية، ووصل به الأمر إلى استخدام السلاح الكيماوي، دون أي يصل إلى نتيجة، وعجز في تحقيق أي تقدم.
ولهذا لجئت المنظومة الدولية إلى أن إدخال عنصر جديد في الصراع السوري، قد يؤدي إلى تحقيق هدفها في الحفاظ على حارس حدود يهود، أو أن تـُرغم في أقلها الشعب السوري إلى الجلوس على مائدة مؤتمرهم الإجرامي، لتحقيق مقاصدهم؛ هذه القوة هي قوة نصر الله في لبنان، التي يبدأ نصر يمهد لتدخله السافر بإعلانه لأول مرة وبشكل علني عن وجود عناصره في الداخل السوري لمساعدة الأسد ومنعه من السقوط، ثم تلته بأيام الهجمة الشرسة على مدينة "القصير" التي كانت تخطط لها المنظومة الإرهابية للقضاء على الثورة السورية قضاء مبرماً، وبشكل لم يسبق له مثيل، وضع فيها الأسد كل سلاحه الجوي، وجهز نصر الله جنوده، وهم يضعون نصب أعينهم إحراز أي تقدم قد يحملونه معهم إلى مؤتمر جنيف الخياني كورقة ضغط واثبات وجود للأسد.
فزعموا أنهم قد دخلوا القصير وبسطوا سيطرتهم عليها ليلة السبت 18 أيار وصباح الأحد 19 أيار على مدينة تعداد سكانها 40 ألفاً، ومن فوره خرج الأسد في مقابلة مع صحيفة "كلارين" الأرجنتينية ليؤكد أنه سيترشح إلى الانتخابات القادمة لعام 2014م، وأنه لن يقبل بأي لجنة مراقبة على تلك الانتخابات إلا من دول صديقة مثل روسيا والصين، بينما دعت روسيا المعارضة السورية إلى مؤتمر جنيف دون أي شروط مسبقة.
ولكن انتهاء غبار المعركة مع نهاية يوم الأحد فضح كذب هذا النظام وكشف الحقيقة، وإذ بالقصير الصامدة التي تداعي لنصرتها الشعب السوري من كل صوب وحدب، تصد هجمات مغول العصر، وتردهم على أدبارهم مدحورين خائبين، وإذ بالأسد يصور المدينة التي زعم سيطرته عليها من المواقع التي يتحصن بها جنوده من قبل، إضافة إلى استعانته بتصوير سابق للمدنية، وإذ بنصر الله يعود محملاً بجثامين جنوده إلى الهرمل والضاحية الجنوبية، وتمتلئ المستشفيات بجرحاه، وهو ما أكده نصر الله عندما عزى أهالي المقتولين بأنهم قد قضوا وهم يدافعون عن مقام الست زينب – رضي الله عنها– ناسياً أن مقام الست زينب في دمشق، وليس في حمص!!
والغريب أنه في الوقت الذي كانت تجري فيه هذه الجريمة النكراء، وتجتمع رافضة العالم قدها وقديدها في هجوم طائفي بربري على مدينة القصير الصامدة المنصورة، كانت الشعوب الإسلامية التي خرجت من أشهر قليلة من أجل إسقاط أنظمة زعمت أنها قاتلة ضالة ظالمة تغط في نوم عميق، وكان الأمر لا يعنيها بأي حال، وتسألت أهي نفسها تلك الشعوب التي نهضت من قبل أم أن ما حدث كان مجرد حلم، أم أن القاعدة التي استمر الحكام السابقون يرسخونها في أذهانهم قد تجذرت بعيدا في اللاشعور لديهم، وصار يهمهم حدود دولتهم ولبقية الشعوب العربية والمسلمة حدودها، وتدبير أمورهم بأنفسهم، بينما رافضة العالم قدموا زرافات وفرادى لمد يد العون للأسد، دون أن يحدثوا أنفسهم أن أمر سوريا أمر يخص الشعب الأسد وحده، ومن أول يوم قامت ضده ثورة الكرامة والشرف!!
والأغرب كذلك أنه وفي الوقت الذي كانت تجري فيه تلك الجريمة النكراء، فإن الجامعة العربية عقدت اجتماعاً طارئاً في القاهرة لوزراء الخارجية العرب، لا ليناقش الإبادة التي كانت تتعرض لها القصير، وإنما لبحث السبل التي يمكن من خلالها تحقيق ما توصلت إليه كل من واشنطن وموسكو بشأن سوريا.
في الوقت الذي حاولت فيه المنظومة الإرهابية الدولية التغطية على جريمتها، بتنديدات كانت تظهر فيها بعضاً من الحقيقة من خلال فلتات ألسنتهم، فقد ندد الجانب الأمريكي بهجوم الأسد وحزب الله على القصير واصفاً الحادثة بأنها:" تفاقم التوتر الطائفي الإقليمي وتساهم في استمرار حملة الرعب التي يشنها النظام السوري على الشعب السوري"، هكذا وصف الجانب الأمريكي القتل والإبادة بالرعب!! بينما حذر وزير الخارجية البريطاني " وليم هيج" الأسد من تلاعبه بالمجتمع الدولي:" علينا أن نوضح أنه إذا لم يتفاوض النظام بجدية في مؤتمر جنيف فلن يكون هناك خيار مستبعد، لا يزال احتمال ألا يتفاوض الأسد قائماً"، وكأن يهيج يتحدث عن موافقة مسبقة للمعارضة الخارج ولم تبق إلا موافقة الأسد، وهو ما ستكشفه الأيام القادمة، فيما إذا كانوا سيشاركون في المؤتمر الخياني الذي تمهد له المنظومة الدولية، والذي تمهد له القاهرة – قاهرة الرئيس مرسي – وغداً سيعقد مؤتمر لأصدقاء سوريا في الأردن، وقد سمى الأسد قائمة بأسماء من سيحضر من جانبه، بينما أعلنت المعارضة السورية في وقت سابق أنها لن تشارك في هذا المؤتمر فضلاً عن مشاركتها في المؤتمر الخياني، وفي حال شاركت في أي من المؤتمرين، فإنها تكون قد أنهت نفسها بشكل قاطع كممثل عن الثورة، ووضعت نفسها كشريك مباشر للقتل مع المجرم بشار.
وإذا صح ما أعلن عنه الإبراهيمي نقلاً عن رويترز في حديث للصحفيين في الجامعة العربية من أن المعارضة السورية والحكومة تعدان للمشاركة في مؤتمر السلام، فعار وكل العار عليكم أيها المجرمون والقتلة، وسيحاسبكم الشعب السوري كما سيحاسب الأسد وخنازيره.
ما حدث أن معركة القصير المجيدة أفشلت كل المخططات وكشفت كل الحقائق المخفية، وفضحت تخاذل المنظومة الدولية العربية والعالمية، الساعية إلى إجهاض ولادة قادمة لشعب إسلامي، سيفرضها هذا الشعب برغم التآمر والتخاذل، وما دخول نصر الله بشكل سافر على الساحة السورية إلا دلالة على أن الأسد قد فشل وصل إلى مرحلة اليأس بحيث لم يعد يستطع أن يبادر بأي هجوم على أي مدينة محررة، فاستعان بحلفائه في لبنان والعراق وإيران، في انتفاضة اليأس قبل مهلكه، فإما أن ينتصر وإما أن ينتحر، ويبدوا أن الأسد في الخيار الأخير، وإن النصر لقريب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: