عراق المطيري - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8241
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أصبح جليا الآن إن موقف إيران من امتلاكها للإمكانيات النووية غير قابل للتغير رغم ما يعلن من تهديدات صدرت من الولايات المتحدة الأمريكية أو من الكيان الصهيوني أو من أوربا وجهود المجتمع الدولي ومنظماته المبذولة في هذا الصدد كبيرة ولم تأتي بشيء يذكر فما السر العظيم الذي يجعل الفرس يتمسكون بهذا الموقف دون تردد في تحدي واضح وكبير لكل الجهود المبذولة ؟
حقيقة الأمر إن الفرس اضعف من أن يقفوا هذا الموقف الصلب والمتعند والجاف لولا امتلاكهم لبعض أوراق اللعبة التي تديرها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة , فقد قلنا في أكثر من مناسبة إن المنطقة شهدت تحالف أمريكي – صهيوني – فارسي يتجدد آليا منذ ما قبل منتصف القرن الماضي ولا يسقط بتبدل الوجوه أو الأنظمة في الدول المتحالفة فبعد أن أدركت أمريكا أفول نجم أسرة آل بهلوي وسقوط ورقة الشاه المقبور واستهلاكه لدوره خصوصا بعد أن وقع اتفاقية الجزائر مع العراق في أيار / مايو 1975 برعاية الرئيس الجزائري الراحل هواري بو مدين وما ترتب عليها من تخلي محمد رضا بهلوي عن العصابات الكردية بزعامة مصطفى برزاني التي كانت قد أعدت لممارسة دور قذر ضد الحكم الوطني في العراق الذي يلعب دورا قوميا غير من مجريات الأحداث في المنطقة آنذاك , وبعد الكثير من الأحداث التي شهدتها المنطقة عملت الإدارة الأمريكية التي كان يلعب دور المحرك الأول فيها الصهيوني القذر هنري كيسنجر والذي لازالت نظرياته سائدة في تحديد الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وكثير من المنطق التي يصطلحون على تسميتها بالساخنة , ولتحقيق مجموعة مهمة من أهدافها كان لابد من إبدال الشاه ووفق الورقة الدينية خصوصا وان لها سوابق في رسم السياسة الفارسية وتهدئة الشارع الفارسي كما حصل عند إسقاط حكومة مصدق أو عند الإعدادات لعقد حلف بغداد وكان الشرطي الجديد المرشح للعب هذا الدور ، المقبور الدجال خميني مع ملاحظة الخاصية التي يمتلكها في تبنيه لنظرية تفتيت الإسلام بتوافق مع الرغبة الصفوية في نظرية ولاية الفقيه .
لقد تحدثنا وتحدث غيرنا الكثير عن الدعم الصهيوني للفرس إبان الاعتداء الفارسي على العراق وما أكثر شواهد ذلك التعاون وكانت النتيجة أو المحصلة النهائية أن نفذت إرادة الله الحق في كبح جماح الفرس وانكفائهم في بلادهم عسكريا بينما تغير تكتيكهم في تصدير طائفيتهم الصفوية وتحول إلى هجرات بشرية جماعية خصوصا إلى مناطق الخليج العربي الساحلية وتحول أسلوب طرحهم إلى المطالبة بالسواحل الغربية للخليج العربي بعد ازدياد نسبة الفرس في مشايخها كما حصل في البحرين وغيرها بينما اخذ نظام الملالي يدعم الحركات الطائفية وبالتحديد بعد الغزو الأمريكي للعراق حيث أعلن القزم الصغير المعتوه بوش عن خارطة شرق أوسط جديدة فظهرت إلى السطح مسألة الدعم المادي والتسليحي للقوى والتيارات الطائفية الإقليمية كالحوثيين في اليمن وأتباع نصر الله في لبنان .
لقد كانت الإدارة الأمريكية عازمة ولا زالت على تغير حدود أقطار المنطقة وتفتيت دول وإقامة دول أخرى يقوم الفرس وأحزاب أكراد العراق العميلة لها بتنفيذ دور كبير من تلك الخارطة , وما عادا خافيا على احد الطريقة التي ناقش فيها الكونغرس الأمريكي في دورته السابقة مسألة تقسيم العراق إلى دويلات هزيلة ونتذكر جميعا لقاء عزيز طباطبائي اللئيم بهنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في أمريكا العام الماضي عند رحلة علاجه من مرض السرطان الذي أصاب رئتيه وما تم الاتفاق على تنفيذه كجزء من التحالف الأمريكي – الصهيوني – الفارسي .
إن القوة التي يمتلكها نظام ملالي الفرس متأتية من دوره في تنفيذ مخطط تفتيت المنطقة حيث يستخدم الستار الديني الطائفي في دعم عملائه أمثال آل عزيز طباطبائي في العراق وحسن نصر الله في لبنان وجماعات صغيرة متناثرة تثير الفتن بين الحين والآخر في الكويت والبحرين والإمارات واليمن والسودان والجزائر وفلسطين وغيرها . أما في العراق فبالإضافة إلى تقاسم الأدوار حيث تقوم القوات الأمريكية الغازية بتوفير التغطية والحماية العسكرية اللازمة لحركة الفرس وعملائهم الذين تعاظم دورهم ونفوذهم , بينما هم ينشرون فرق الموت والقتل والتهجير في المدن العراقية .
والآن فقد أصبح الأمريكان والفرس في سباق حول فرض السيطرة على الشارع العراقي فأمريكا تبسط نفوذها العسكري بقوتها الناتجة عن آلتها بينما يبني الفرس معسكرات لتجنيد العملاء وتدريبهم بالتعاون مع عملائهم من تكتلات آل عزيز اللئيم ومجلسه الشرير ومنظمة بدر الإرهابية ومن التف تحت عباءته كحزب الله العراق وحزب ثار الله والواجهات الفارسية كمنظمة خميني الخيرية ومؤسسة نور الثقافية وغيرها في الجنوب تحسبا لأي حرب قد تحصل (( ولن تحصل )) ليكون العراق مسرحا لها على غرار ما حصل على الأراضي اللبنانية عندما دمر الكيان الصهيوني لبنان تحت ذريعة ضرب أتباع حسن نصر الله , بينما في الشمال تؤسس عصابات البيشمركة لقيام دولة كردية بعد طرد سكان المنطقة العرب وتحجيم دور التركمان .
في الحسابات العسكرية فان الخليج العربي سيكون مغلقا بوجه الملاحة في حالة حصول أي ضربة عسكرية أمريكية لأي جزء من بلاد فارس خصوصا في المناطق المسيطرة على خطوط الملاحة كمضيق هرمز والجزر العربية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التي يسيطر عليها الفرس عسكريا ومعلوم حجم كميات النفط التي تصدرها المنطقة إلى الأسواق العالمية وخصوصا الغربية منها وماذا يعني إيقاف تصدير النفط منها وخطوط التموين الأمريكية لجيوشها الغازية في العراق وقواعدها في مشايخ الخليج العربي .
بعد الخسائر البشرية والمالية الهائلة التي تكبدتها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة ضربات رجال المقاومة العراقية الباسلة بعد مرور خمس سنوات من عدوانها على العراق ولأنها أدركت فشل مشروعها في المنطقة ولتوزيع خسارتها سمحت لفرنسا بتحمل أعباء جزء من فشل مشروعها في المنطقة وإقامة قاعدة عسكرية لها في منطقة الخليج العربي خصوصا بعد أن بدأت بتغير سياستها الخارجية مع عهد ساركوزي الجديد والتي بدأت تظهر على مسرح الأحداث كداعم أساسي للسياسة الأمريكية وتابع لها ومنها مسألة الإمكانيات النووية الفارسية بعد أن بدأت بريطانيا تخفف من تبعيتها للسياسة الأمريكية.
تأسيسا على ذلك فان احتمالات توجيه ضربة عسكرية أمريكية للفرس تبدو ضعيفة جدا لتشابك المصالح وتطابق أهداف التحالف وان يبدل الفرس من إصرارهم على امتلاك التكنولوجيا النووية يبدو ابعد من الاحتمال الأول حتى وان كلفهم تدهور كامل في اقتصادهم .