عمار غيلوفي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 978
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السؤال : هل تأسست الحداثة الغربية على معاداة الدين؟ كما يفهم حداثويونا في تونس؟
افضل ان انطلق من نصوص،لآباء الحداثة
في دلالتها الغربية.يقول ديكارت في كتابه مقالة المنهج،المقالة الثالثة، في ما سماها بالاخلاق المؤقتة:"القاعدة الأولى هي ان أحترم قوانين وعادات بلادي،وان أرعى، على الدوام، الدين الذي حباني الله بأن أنشأ في رحابه."( حرفيا). ويقول كانط، في مقدمة الطبعة الثانية لكتابه،نقد العقل الخالص(1781):" اردت ان اضع حدودا للمعرفة لكي أترك مجالا للإيمان".ويقول باسكال في كتابه افكار:" يكون الانسان تائها في هذا الكون اللامتناهي،من غير الله".ويقول هيقل من بعدهم،في تصدير كتابه ،مبادئ فلسفة الحق:" قليل من الفلسفة يؤدي الى الكفر،وكثير من الفلسفة يؤدي الى الإيمان" ،ردا على الذين يوظفون الفكر السطحي لاجل محاربة الدين.وقد جعل هيقل، المطلق ،يتجلى في الدين والفلسفة والفن،في آخر ما تسمو اليه الحضارة البشرية( فلسفة الروح).واذا عدنا لديكارت،نجده في كتابه التأملات،يقيم الأدلة العقلية على وجود الله،،أذكر فقط بهذا الدليل:" انا كائن ناقص.وانا أكمل المخلوقات، وإذا خلقت نفسي،فلن أخلقها على نقصان،إذن فالذي خلقني هو كائن كامل أرفع مني شأنا." ونبقى مع ديكارت،
فقد اعتبر ان الانسان،يستحيل عليه ان يبلغ الحقيقة في مجال العلوم الصحيحة،وفي أي ميدان آخر ما لم يؤمن بأن الله هو الضامن المطلق للحقيقة،وقد جعل مبدأي الأنا أفكر، والله الضامن للحقيقة،في قاعدة" شجرة الحكمة" البشرية. ( كتاب العالم).
هؤلاء مؤسسو الحداثة في دلالتها الغربية،اكتفيت بذكر هؤلاء دون سبينوزا ولوك وهيوم...ولم اجد واحدا منهم،تحامل على الدين،اوجعل منه عنوان تخلف،او اعتبره معطلا للتنوير الفكري ،مقال كانط: (ماهي الانوار؟)، بل جعلوا للحداثة هدفا:التقدم بالانسان ( براديغم التقدم)، على أساس الاستفادة من العلم في السيطرة على الطبيعة:" بالعلم استطعنا ان نكون أسيادا ومالكين للطبيعة"- ديكارت. فالحداثة ،كما أسسها روادها: إبستيمية وبراديغم ومنهج، وليست مذهبا.وحتى ماركس- ما بعد الحداثة- الذي يقتطفون من كلامه ما يطيب لهم،فإن قولته الكاملة:" إن الدين هو أفيون الشعوب،ولكنه هو صرخة الضعفاء والمظلومين".
يبقى،الأمر المحير،عند "حداثويينا"،هو أنهم يتجنون على الحداثة،ويجعلون منها عدوا للدين،فلاهم فهموا الحداثة ولاهم فهموا الدين.وانزاحوا بالحداثة اديولوجيا،من منهج تنويري،إلى مذهب تحريضي،
وشوهوها،ومسخوها مرتين،عندما لم يفهموا إبستيميتها،وعندما لم يدركوا غاياتها.وكانت ابستيميتها تختزل في الايمان بالذات الانسانية المفكرة،تحريرا لها من احتكار رهبان الكنيسة للمعرفة والبحث والحقيقة.( أنظر رسالة إعتذار قاليلي للكنيسة). ومسخوا الحداثة عندما لم يدركوا غاياتها،وهي الاقلاع من حالة قصور الانسان الذي هو مسؤول عنه،ومن حالة الجهل والكسل والجبن( كانط،ماهي الانوار؟). الاقلاع بالانسان من عصر الظلمات،الى عصر الانوار( العلم)، ومن غرق الشعوب الاوروبية في تعاطي السحر والشعوذة والتنجيم....
أهيب بالباحثين والمثقفين والمفكرين،أن يقارعوا المتشدقين بالحداثة،والذين أنزاح
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: