البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الحراك الدستوري في تونس يحتاج لسانا وبيانا

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1356



لحراك الدستوري أو حراك 18 أيلول/ سبتمبر أو حراك رفض الانقلاب، حدث واحد ولكن لم يتم الاتفاق على اسم موحد بعد. وهذه من هنات التحركات الشعبية العفوية الغالبة حتى الآن على مزاج الذين خرجوا ضد الانقلاب في يوم 18 أيلول/ سبتمبر ويوم 26 منه، في بعض المناطق داخل البلاد.

بين الجميع اتفاق ضمني على حماية الدستور من عبث الرئيس وفريقه، وعلى استعادة دور المؤسسات المنتخبة (البرلمان وهيئاته الدستورية وآلية اختيار الحكومة المستقلة عن الرئيس). لكن العفوية تحتاج إلى صوت واضح ومسموع، وبالتالي لسان ينطق باسمها ويوحد خطابها الذي تتنازعه أهواء كثيرة ومختلفة؛ بعضها ينحو إلى الثورية وبعضها يكتفي بخطاب القانون والمؤسسات. وبالنظر إلى أن هذا الحراك سيطول أمده حتى تظهر نتائجه، فإن فوضى التصريحات وكثرة المتحدثين قد توحي بوجود فوضى كتلك التي ترافق عمل الغوغاء غير المنظم.

ناطق رسمي بخطاب موحد يعني وجود قيادة خلف الناطق ترتب أبواب الكلام ومواقيته وتوجهاته وتحدد مواعيد الحركة والسكون، وتستعد للتفاوض باسم الحراك ومطالبه. هنا والآن تظهر مخاوف نحاول كشفها.

الخوف من كثرة الجنرالات

كثيرة هي الوجوه السياسية غير المتحزبة والوجوه الإعلامية الظاهرة في مقدمة الدعوات للتحرك والناشطة في واجهته، وهذا مكسب للحراك، ولكن فيه تهديد كامن؛ أن يتوهم هؤلاء أن حماس الحاضرين لهم هو تفويض مباشر لقيادة أو زعامة، وهذا الأمر مثير للحساسية في الشارع التونسي المسيس حتى العظم.

هناك نزعة خاصة يمكن تحديد معالمها وتحليلها؛ الشارع التونسي المسيس لا يوقر القافزين بسرعة إلى المواقع الأولى، وكل استعجال يقرأ بحذر مفرط ويُؤَول كطلب لمغنم خاص. لذلك فإن الكوكبة الأولى مدعوة إلى التريث والعودة إلى الصف من أجل بلورة أسماء محددة تعطي الإيعاز بالحركة والسكون، وتكشف قبل ذلك تجردها من كل رغبة في الزعامة أو (تدبير المكاسب الصغيرة).

لقد استقبل كثير من الحضور باستياء صعود أحد خطباء الحراك مرفوقا بحماية أمنية؛ مدارج المسرح يوم 26 بين جماهير عزلاء فوضته عاطفيا للكلام، فإذا به يحتمي منها موهما بوجود خطر على قيافته.

لقد كشف الحراك الدستوري عن مشكلة عويصة كامنة في الشارع التونسي منذ الثورة، خلاصتها رغبة في البروز والتصدر والكلام باسم الجماهير (الخرساء)، وقد شتت هذا جهود بناء كثيرة في تحركات كثيرة سابقة وأجهضها، والخشية أن يكثر الجنرالات في هذا الحراك أيضا فيتشتت الجهد وتذهب ريح الحراك سدى. لذلك فإن وجود إدارة (مكتب) تنظم الحركة وتنطق باسم الحراك بتجرد صار ضرورة حيوية، وهذه الإدارة التي لن تُنتخب بل تفوض ستحتاج قبل ذلك إلى خارطة طريق، أو خطوط توجيه عامة تحظى بإجماع وتمنع التنمر الفردي وتلجم النرجسيات.

خارطة طريق الحراك

قد تبدو واضحة للكثيرين لذلك كان الانخراط في الحراك سريعا وبلا شروط مسبقة رغم ذلك، فإن توضيح الواضحات هنا لن يكون من الفاضحات. فلا بد من إعلان مبادئ أو عناوين ظاهرة تؤسس لخطاب الحراكيين الدستوريين في السوشيال ميديا وفي الإعلام وفي حديث المقاهي، فهناك بعض الفوضى في الحديث الحماسي؛ كالقول بعودة البرلمان دون نوابه أو عودته بنواب دون آخرين، وهو قول مماثل لقول بعض معسكر الانقلاب، الاختلاف فقط في فرز من يحق له العودة ومن يطرد دون وجه قانوني.

نرى ولسنا من جنرالات الحراك ولا نرغب في ذلك (لكن هذا القول رسالة للجنرالات)، أن عودة البرلمان هي عنوان أول منه تعود الشرعية وفيه وبنوابه المنتخبين، مهما كانت التحفظات حول أدائهم قبل الأزمة تبدأ الحلول القانونية.

في البرلمان تعاد اللحمة حول الدستور، ويعلن كمرجع أول وأخير لكل شرعية سياسية قائمة وشرعية قادمة. في البرلمان يُحكم على أداء الرئيس ويقيّم فعله دستوريا، والنقاش يكون حول ما يجب فعله وليس حول من عليه أن يفعل. في البرلمان المحمي بجمهور الشرعية يناقش أداء النواب سابقا ولاحقا، وتناقش المصائر فيمن يقدم ومن يدعى إلى الصفوف الخلفية، بدءا برئيس البرلمان نفسه.

في غياب هذا المدخل القانوني نتوقع أنه سيذهب جزء كبير من الجمهور وراء مطلب عزل الرئيس في الشارع، أي خارج المؤسسات في ما يشبه الثورة الثانية. وهذا العزل الثوري جميل، ولكنه يحمل اعتداء آخر على الدستور، إذ يتجاوزه بشرعية شعبية لن تجد ضرورة للعودة إلى الدستور لاحقا، وستكون بمثابة انقلاب ثان على المكتسبات.

نرى من الصواب استعادة مضمون الفصل 80 نفسه، أي فتح البرلمان ليكون في حالة انعقاد دائم. وهناك وتحت ضغط الشارع الحامي الحقيقي للدستور (حيث يمكن إعلان اعتصام دائم حول البرلمان بديلا للدبابة التي تسد مداخله) تطرح خارطة الطريق للمدة القادمة.

في خارطة الطريق التي نرى

نقل ثقل التحرك حول البرلمان لحمايته من خارجه، والضغط عليه في الداخل لينجز جملة مهام محددة ودقيقة؛ أولها الاعتراض المبدئي على كل تعيين حكومي من خارج البرلمان. وقد أطلقت هذه الجملة في السوشيال ميديا صبيحة الثلاثاء (28 أيلول/ سبتمبر).

الشروع فعليا في إعداد قانون انتخابي جديد بناء على مقترحات سابقة يتم تطويرها، وقد سمعت أحاديث كثيرة في هذا الاتجاه لكن البرلمان هو المخول الوحيد بهذا التشريع، مثلما أنه المخول بإلغاء المراسيم الصادرة عن الانقلاب ومحو أثرها القانوني على مؤسسات الدولة.

إعلان مدة زمنية لبقاء البرلمان الحالي وتحديد مواعيد لانتخابات تشريعية قادمة، فهناك روح عامة داخل الحراك يمكن تحسسها بسهولة. استعادة البرلمان لدوره ليست هدية للنواب، وفيهم كثير لا يود الشارع سماع أصواتهم ورؤية وجوههم. ومناقشة قانون المالية وإعداد موازنة السنة القادمة يدخل في واجبات البرلمان دون كثير نقاش.

مناقشة مطلب العزل بناء على تفاعل الرئيس ومعسكره مع الحراك الدستوري، فلا بد من إقامة الحجة القانونية على تنطع فريق الانقلاب. ويبدو لي أن ترك الباب مفتوحا لتفاوض عقلاني أمر ضروري، إنه سلم نزول مناسب لمن تطرف في موقفه. وقد تكون هذه ورقة بيد القوى المساندة للوضع الدستوري في الداخل والخارج لتحاجج بها الانقلاب.

ونذكر أن الحماس المفرط والبقاء في الشارع بدون خريطة واضحة سيفتت الشارع، ويجعل حماس الجمهور يخبو فينصرف عن مطالبه، خاصة أن معسكر الانقلاب يصم آذانه حتى اللحظة دون أصوات الحراك ولا يبدو عنه أي تفاعل إيجابي، مما يعني تواصل الحراك لمزيد من الضغط.

كما نذكر أن كثرة المتحدثين باسم الحراك من منطلق الحماس العفوي يشتت عقل الحراك ويجعله عبثيا، بخلاف هذا سنظل في الشارع لكن بضباب كثيف على لوحة القيادة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، حراك تونس، مواطنون ضد الإنقلاب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-09-2021   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الهادي المثلوثي، صباح الموسوي ، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، علي الكاش، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، د.محمد فتحي عبد العال، يحيي البوليني، حاتم الصولي، العادل السمعلي، إسراء أبو رمان، المولدي الفرجاني، د. طارق عبد الحليم، خبَّاب بن مروان الحمد، خالد الجاف ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عبد الآله المالكي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد العيادي، د - المنجي الكعبي، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، صفاء العراقي، د. صلاح عودة الله ، فهمي شراب، صلاح الحريري، يزيد بن الحسين، سفيان عبد الكافي، أبو سمية، أحمد الحباسي، رشيد السيد أحمد، د. أحمد بشير، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، عزيز العرباوي، أحمد ملحم، محمد الطرابلسي، فوزي مسعود ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح المختار، عبد الرزاق قيراط ، رافع القارصي، نادية سعد، محمد شمام ، سيد السباعي، مصطفي زهران، محمود طرشوبي، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، عبد الغني مزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، محمد الياسين، سلوى المغربي، حسن عثمان، كريم فارق، د - مصطفى فهمي، د. خالد الطراولي ، سامح لطف الله، سليمان أحمد أبو ستة، سلام الشماع، منجي باكير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. أحمد محمد سليمان، د- محمد رحال، محمد عمر غرس الله، د- جابر قميحة، فتحي العابد، د- محمود علي عريقات، ياسين أحمد، عمر غازي، محمد علي العقربي، رافد العزاوي، إيمى الأشقر، بيلسان قيصر، عراق المطيري، محمد يحي، طارق خفاجي، محمد أحمد عزوز، أنس الشابي، الناصر الرقيق، د - شاكر الحوكي ، وائل بنجدو، د - محمد بنيعيش، عواطف منصور، حسن الطرابلسي، سامر أبو رمان ، المولدي اليوسفي، حسني إبراهيم عبد العظيم، مجدى داود، جاسم الرصيف، ماهر عدنان قنديل، عبد العزيز كحيل، مصطفى منيغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رمضان حينوني، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، سعود السبعاني، تونسي، عبد الله زيدان، فتحـي قاره بيبـان، محمود فاروق سيد شعبان، علي عبد العال، محمود سلطان، أ.د. مصطفى رجب، حميدة الطيلوش، صفاء العربي، طلال قسومي، مراد قميزة، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، د- هاني ابوالفتوح، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة