د - ضرغام الدباغ - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1600
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حديث :" يأتي على الناس يوماً، يكون القابض فيه على إيمانه، كالقابض على جمرة من النار ".
مالذي يجعل إنساناً كان وطنياً، بل من القادة، أن يتراجع لتحت الصفر، بل يصبح مرجاً للأفكار الاحتلال ..؟ مالذي يدفع شخصا مثقفاً ينحط لدرجة أن يصبح طائفياً يتحدث بلغة تفوح منها العفونة، هل هو الخوف، .. أم هو المال اللعين، أن ضرورات الحياة التي تجعل من الموقف الشريف في حفلة الأوغاد قضية صعبة .. أم هو الإرهاب الذي يصيب جارك فترتعد فرائصك ..؟
شخصياً أفهم أن ليس كل الناس مستعدين لتكاليف موقف البطولة والشرف .. كنا أيام النضال السري نميز بين من لا يستطيع طويلاً تحمل التعذيب، فيقدم شيئاً ما لينجو من التعذيب، وهذه مفهومة ومقبولة بدرجة معينة. وبين من ينهار فيقدم كل ما عنده، بل ويزيدها من عنده ليحضى بصحن شوربة، والأسوء والأسود، كان حين يتحول البعض إلى وكلاء ويتطوع للبحث عن المناضلين ..!
حين ألقي القبض على الرفيق محسن العساف (أبو باسم)، كان يوماً أسوداً، وقال لي الرفيق أحمد العزاوي " محسن يتحول في التحقيق إلى صخرة لا يستخرجون منه قطرة ". الرفيق عبد الودود عبد الجبار كان يدق على صدره ويقول " هذه قاصة (خزنة حديدية)"، وفعلا أستشهد ودود تحت التعذيب ولم يتفوه بكلمة واحدة. الرفيق إسماعيل ميكانيك، أعتقل وهو مصاب برصاصة في ساقه، وتعرض لتعذيب لا تصمد أمامه إلا الجبال، وصمد وكان بطلاً لا ينساه المناضلون.
قرأت مذكرات ديغول الأولى (عن الحرب)، وفيها استعراض عما قام به في حياته العسكرية كضابط، حتى تحرير فرنسا من الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية، وفيها الكثير مما يقال، ولكن لنرجأ ذلك الآن، وكنت (في عصور الكتاب المطبوع) أوشر وأحياناً أعقب على ما يرد في الصفحات، وحين أعود بعد سنوات طويلة إلى ما كتبت تعليقا أو تعقيباً، أستغرب كلياً ...!
المهم في كتاب ديغول هذا سطر واحد جوهري ومهم لفت أنتباهي وهو قوله " ولم أكن أعلم أن الاحتلال يخلق أنحطاطاً في الأخلاق ".
ماذا كان يقصد ديغول بهذه الكلمات الجوهرية العميقة ..؟ الاحتلال قوة غاشمة لا تتعامل بالقيم الاخلاقية، الاحتلال إهانة للأنسان، أن تشاهد وطنك الحبيب محتلاً، فيخلق الموقف مناضلاً بطلاً يتحدى نفسه والاحتلال، أو هناك من يتذرع بالأمثال والحكم السخيفة، ويقبع في داره ينشد السلامة، وغالبا لا يحصل عليه، وهناك من يدفعه جبنه الشديد لمزيد من الأنحطاط (والجبن كالبخل حالة انحطاط)، أو طمعاً بمال أو منصب، أو عقد داخلية دفينة، تدفعه للتعاون مع المحتل وهو سيجد أو سيخترع أسباباً وذرائع ليبرر لأنحطاطه، والمشكلة الرئيسية هو يعلم في قرارة نفسه أنه أحترق .. وشخصياً أعتبره من ضحايا الاحتلال ونتائجه القذرة ... كبناية فخمة رائعة تنهار أمام عينك، ولكن البناية يمكن إعادتها، ولكن المتعاون مع العدو المحتل يطلق عليه (الخيانة العظمى) اوهو موقف والعياذ بالله لا يتصلح ولا يتعمر ...!
ــ شخص مثقف عمل سنوات طويلة وبدرجة قيادية في إحدى الحركات القومية التقدمية، وهو في أواخر عمره (الاعمار بيد الله) يروج ويسوق للمحتلين علناً جهاراً نهاراً ..لماذا ..؟
ــ شخصية قيادة معروفة، كان قائداً محترماً، وله مواقف صلبة، لكنه الآن يسوف علناً لمواقف المحتلين، لماذا .. لا أعتقد أنه يفعلها للحاجة المادية، ولا الخوف .. سؤال لا إجابة عليه.
ــ كادر قيادي في حزب قومي تقدمي كان يتقدم الصفوف، والهاتفين، والزاعقين، ومن أصحاب الأقلام النشيطة ..! بالطبع استفاد حتى شبع، وشرب مكاسب حتى ارتوى، والآن يروج بذات العنفوان لقوى الاحتلال .. صديق قال عنه، هذا غريب، أما أنا فقد كنت أتوقع سقوطه ذات يوم .. ولكن ليس في بئر الخيانة العظمى الدامس الظلام .
لا نعتب على شخص ضيق الأفق، هزيل الثقافة، تختلط الرؤى في عينيه فيضيع سواء السبيل فينزلق هذه الزلقة المميتة. او التافهين ممن يبحثون على دور، فيقبل أن يرتفع ولو فوق تنكة زبالة .. ولا أستبعد وجود من يقف هذا الموقف المشين أنتقاماً من (س) أو من حالة معينة، فيقبل أن يلوث نفسه بعار لا يمحى.
ــ العراق وسورية ولبنان دول محتلة، وحكوماتها "حكومات دمى " (Marionette Goverment) لا تملك من أمرها شيئاً، وغير هذا تلاعب على الألفاظ، وتبرير للأنزلاق.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: