ترجمة : ضرغام الدباغ / تحرير : مارك تسولينغر (Marc Zollinger)
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1766
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أدى تراجع وانحسار نهر جليدي جنوب منطقة تسرمات (Zermat) إلى دفع الحدود بين سويسرا وإيطاليا بضعة أمتار، وليقع بذلك ملجأ حدودي إيطالي بنحو ثلثيه داخل الأراضي السويسرية .. وفي هذا للإيطاليين رأي آخر ..!
بمكن للمرء أن يظن، أن الحدود بين الدول غير قابلة للدفع والنقل. ولكن في واقع الحال أنها عرضة للتغير. ويخضع نحو ثلثي الحدود السويسرية البالغ طولها، 1935 كلم، للظروف الطبيعية وتغيراتها، كالأنهار والتي يمكن أن تتخذ لها مجار جديدة بحسب الشروط المناخية.
وكقاعدة، تهتم بهذه التغيرات السلطات المختصة فقط، " الدائرة الاتحادية لطبوغرافية البلاد " وهي المسؤولية عن متابعة أحوال والموقف في الحدود السويسرية، ولكن بعد التحولات في مناطق الحدود مع إيطاليا، اندلع النزاع مع إيطاليا. وعلى ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال، " عندما تندلع مشاكل الحدود مع إيطاليا على جبال الألب، ربما ستغادر المعكرونة قائمة وجبات الطعام في سويسرا ".
فشل عملية تبدل أراض
رأس صخري (قمة / ذروة) هو نقطة انطلاق الصراع يطلق عليه تيستا غريغا (Testa Grigia) يقع في سلسلة جبال فالييه / الألب في قلب منطقة زيرمات / بريويل ــ سيرفينيا متراً فوق مستوى سطح البحر، وهناك ملجأ، ومطعم وأماكن للنوم، وقد تم بناءها عام 1984، كانت بأكملها ضمن الأراضي الإيطالية، ولكنها اليوم لم تعد كذلك.
والسبب في ذلك هو النهر الجليدي الذي يقع هناك، والخط الذي تشكل بسبب تدفق المياه إلى كل الجنبين الإيطالي والسويسري، شكلت مؤشرا للحدود بين البلدين منذ القرن التاسع عشر، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الأرض وهو ما أدى إلى ذوبان الجليد، تراجع بضعة أمتار وإلى تغير في حدود البلاد.
عندما صورت المنطقة قبل عشر سنوات بواسطة التصوير (Fotogrammetrie) (وهي آلة تصوير تلتقط الصورة وفق الأبعاد) ، أدركوا أن شيئاً ما يدور ليس على ما يرام في منطقة تيستا غرينيا، وشعر بذلك موظفوا دائرة مراقبة الحدود السويسريون.
وبناء على ذلك قامت لجنة الحدود السويسرية / الإيطالية، وبعد أن أجرت قياساتها، وجدت أن ثلثي الملجأ والمنشات قد أصبحت ضمن الأراضي السويسرية، لذلك قرر الجانب السويسري القيام بعملية تبادل بالأراضي. فالأراضي السويسري التي تم الحصول عليها بسبب التغيرات المناخية الطبيعية، ينبغي أن تترك للإيطاليين، وتعدل الحدود بموجبها، ولكن بالمقابل ينبغي أن تحصل سويسرا على قطعة أرض مساحتها 650 متر مربع من الإيطاليين في منطقة بعيدة عن الملجأ، ويقول الجانب السويسري أن هذا إجراء شائع في قضايا الحدود. والإجراء يبقي المنشأت تحت سلطة الإيطاليين.
الصفقة كانت جيدة ، ولكن حين حل وقت التوقيع عليها قبل سنتين، أنسحب الإيطاليون فجأة، ووفقا للمصادر السويسرية، فإن اللجنة الإيطالية لقضايا الحدود غير رأيها واتجاهاتها قبل التوقيع على الاتفاق بوقت قصير. والرئيس الجديد للجنة الإيطالية أختلف مع الإجراء التي أتفق عليه، وحجته في ذلك، أن المنطقة والمنشآت هي إيطالية ويقر الجانب السويسري بها، فلماذا ينبغي على إيطاليا أن تتنازل عن 650 متر مربع ..؟
وبالمقابل يشير السويسريون إلى أتفاق كان قد تم التوصل إليه مع الإيطاليين وإبرامه، عام 2009، فيما يطلق عليه " تبادل مذكرات "، وفيه نص يشير " عندما تتزامن الحدود مع خط القمم مع نهر جليدي، فإنه يجري التكيف مع المتغيرات الطبيعية، وهذا يعني، أن النهر إذا عاد إلى حالة الانجماد، فالخط يتغير أيضاً، وإذا ذاب الجليد بصفة نهائية، ويتداخل مع مجمعات مياه، أو مع خط القمم من سطح الصخور التي تظهر وتبرز.
إنها ليست المرة الأولى
حدث مماثل وقع في الفترة الماضية (2003)، ولم يكن بعيد في منطقة فورغ زاتل (Furggsattel) وهي كذلك منطقة حدود بين إيطاليا وسويسرا، وهناك تجمعات للمياه، وهنا أقامت شركة المقصورة النقالة بواسطة الحبال الفولاذية (تلفريك) لغرض السياحة ورياضة التزحلق على الجليد ..وكانت محطته على الأراضي الإيطالية، ولكن مع مرور الوقت وذوبان الثلوج أصبحت ضمن الأراضي السويسرية، بحيث أن الشركة التي أقامت المصعد، لم تعد تدفع الضرائب للبلدية الإيطالية. وتلك لم يهتم بها أحد كثيراً.
لكن النزاع على منطقة تيستا غريغا، أثار عند السويسريين رغبة الحصول على أراض، ولكن الإيطاليين بدورهم يقظين بحيث كتب صحفي " لن ندع إيطاليا تنزلق بأكملها للسويسريين ".
ومن أجل حل الإشكالية تقرر أن تعقد اللجان المشتركة بين البلدين اجتماعاتها مرة أخرى في أيار / مايو 2020 وسنرى ما سيسفر عنها.
--------------------
تحرير : مارك تسولينغر (Marc Zollinger)
ترجمة : ضرغام الدباغ
نشر في : صحيفة سويسرا الجديدة (Neue Züricher Zeitung)
روما : 13. 04. 2020
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: