البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سم الراهب

كاتب المقال د.محمد فتحي عبد العال - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3800


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


علي الرغم من الشهرة الواسعة للسيانيد كمادة قاتلة وفتاكة الا ان مادة السيانيد ليست بعيدة عن حياتنا فهي في نوى بعض الفواكه كالمشمش والكرز والخوخ و التفاح ولكن بكميات صغيرة جداً ، لذلك ينصح بعدم تناولها ببذورها حيث يتواجد السيانيد فى جزيئات الاميجدالين (فيتامين B17 ( الموجودة فى هذه الانوية وبتفاعل الاميجدالين مع احماض المعدة ينتج سيانيد الهيدروجين السام.كانت نوي المشمش هي وسيلة الكهنة المصريين لقتل من يفشو أسرارهم الكيميائية!! فتناول 3-5 حبات من هذه النوي لا يعتبر ساما بل ربما كان له تأثيراً إيجابياً في قتل الخلايا السرطانية في حال نشوئها بحسب بعض الدراسات المثيرة للجدل والتي لا يمكن التعويل عليها بشكل حاسم . فيما لو قورن ذلك بتناول عدد 25 نواة مشمش، فيصبح الامر قاتلا لأن مادة السيانيد تصبح آنذاك ذات سمية عالية.

كما توجد في جذورالكسافا ( المصدر الرئيسي للأغذية في البلدان الإستوائية) كما تدخل في مركبات دوائية عدة، لا تشكل أي خطورة على الجسم،وقديما كان دستور الادوية المصري الصادر عام 1934 متضمنا مستحضر البلادونا المركبة المحتوي علي حامض السياندريك المخفف لعلاج الم الحلق الا انه لم يعد موجودا حاليا غير أن السيانيد لا زال حاضرا في عقار فيراباميل ، المستخدم في خفض ضغط الدم، وفي مركب نيتروبروسيد للخفض السريع لضغط الدم وكذلك السيتالوبرام المستخدم كمضاد للاكتئاب.

السيانيد مر الطعم وله رائحة تشبه رائحة اللوز(كلمة عبرية تعني هبة من الله) ويتواجد في صورة غازية (سيانيد الهيدروجين وهو غازعديم اللون) وفي صورة بللورات صلبة (أملاح سيانيد الصوديوم و سيانيد البوتاسيوم). يعمل السيانيد، حال دخوله الجسم بشكل سريع نتيجة للأنشطة الصناعية و التخلص من النفايات على ظهور أعراض التسمم بالسيانيد، والتي تشمل الصداع والدوخة وعدم التوازن في الحركة وضعف نبض القلب والقيء والتشنج والدخول في غيبوبة والوصول خلال دقائق معدودة إلى مشارف الموت.

كان السيانيد يستخدم في التعدين وفي استخلاص الذهب و قد استخدم السيانيد في صيد الأسماك بصورة دمرت البيئة البحرية في كثير من دول آسيا كالفلبين وأندونيسيا...وكان السم المفضل للامبراطور الروماني نيرون لتسميم أقاربه !!!!... كما أن الدورة المسماة بأم أربعة وأربعين ) السيكلوبندرا و تعد أم مثالية حيث أنها تحتضن بيضها و تلف جسدها حولهم لحين الفقس ثم تظل تحميهم عدة أيام حتى يخرجوا للعيش بمفردهم (فتفرز مادة السيانيد القاتلة وتعتبر لذلك سامة لكن سميتها ضعيفة غير قاتلة الا أنها مؤلمة وينتج عنها تورم في مكان اللسع.

ومن أشهر من ارتبط بالسيانيد من المشاهير هو راسبوتين ( تعني الفاجر ) والذي ربما لم يدر في خلده وهو الفلاح الصربي البسيط أن تتحول حياته الي اسطورة امتزج فيها الواقع بالخيال وأن تغدو نهايته الشغل الشاغل للباحثين فالراهب المحتال الذي مارس الدجل طوال حياته أستطاع أن يقنع الإمبراطورة (ألكسندرا فيوديوروفونا) زوجة اخر قياصرة روسيا (نيقولا الثاني) ان حياة (ألكسيس) وريث العرش مرتبط بحياته بعد أن استطاع علاجه بشكل غامض بأستخدم التنويم المغناطيسي من سيلان الدم (الهيموفيليا(. كان مقتل راسبوتين عام 1916 لغزا لفترة طويلة وكانت الطريقة التي اودت بحياته هي الاخري مفاجأة بكل المقاييس كاشفة عن حقيقة علمية هامة حيث دس لراسبوتين سم السيانيد (في صورته الصلبه) والذي يمكن لكمية لا تتجاوز 0.2 من الغرام أن تجعله يلقى حتفه مباشرة خلال ثوان في الكعك والخمرغير ان المدهش ان الرجل لم يتأثر وقام ناهضا محاولا الهروب من قاتليه الذين عاجلوه بقتله بالرصاص ثم ضربه علي رأسه بهراوة ثم تقييده والقاءه في ثلوج نهر نيفا في سانت بطرسبرغ. الطريف أن تشريح جثة راسبوتين كشف عن وجود مياه في الرئتين ، وأن راسبوتين كان ما زال حيا عندما ألقى به في النهر، ولكن برودة الماء المتجلد قتلت الرجل وظلت ظاهرة مقاومة راسبوتين للسم الذي دس له أمرا محيرا للباحثين حتي تكشف ان معدة الرجل الذي كان يعاقر الخمر بشراهة مترنحاً من السكر دوماً ربما لعبت دور المنقذ له لان تركيز الحامض في معدته أقل من الطبيعي بفعل الخمر وهذه الحالة تعرف بالهيبوكلورهيدريا ومن المعلوم أن تناول أملاح السيانيد عن طريق الفم وبالتالي وصولها إلى المعدة وإختلاطها بالوسط الحامضي وبالتحديد حمض الهيدروكلوريك ( HCL)، وينتج من تفاعلهما أملاح وحمض سيانيد الهيدروجين (هيدروسيانيك( HCN الذي بدوره يحدث التسمم في الجسم، ومما يلاحظ هنا أن أملاح السيانيد بحد ذاتها لم تسبب التسمم وإنما ما سبب التسمم هو حمض سيانيد الهيدروجين الذي يمنع الهيموجلوبين من أداء مهمته في حمل الاكسوجين مما يؤدي الي شل تنفس جميع الخلايا في الجسم ويتوقف مركز التنفس في الدماغ عن العمل لعدم قدرة خلاياه على التنفس. كما كان الهجوم الكيماوي على حلبجة أبان الحرب العراقيه الايرانيه احد ابرز صور استخدام السيانيد في صورته الغازية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 5500 من الأكراد العراقيين من أهالي المدينة.

يستطيع الجسم بسهولة التخلص من الكميات الضئيلة لمركبات السيانيد التي يتناولها الإنسان ضمن المنتجات الغذائية الطبيعية. أما عند حصول حالات التسمم، فثمة أنظمة علاجية للتغلب على التأثيرات السمية لها. وتشمل إعطاء المُصاب جرعة قليلة من مادة (أمايل نايترايت) لاستنشاقها، ثم حقنه في الوريد بمادة (نترات الصوديوم) وحقنه أيضاً في الوريد بعد ذلك بمادة (ثيوسلفيت الصوديوم) و استخدام الأكسجين ،كما أثبتت التجارب المعملية التي أجرتها جامعة هارفارد على الحيوانات قدرة فيتامين ب "2" على العمل كترياق مضاد لمادة السيانيد السامة
ولا تزال المحاولات العلمية مستمرة لإيجاد طريقة أفضل وأقوى وأسرع لعلاج حالات التسمم بالسيانيد.

----------
د.محمد فتحي عبد العال
صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية
مسئول الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السم، السمية، مقالات علمية، مقالات طبية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-12-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صفحات من التاريخ الأخلاقي بمصر (2) قم للمعلم
  صفحات من التاريخ الأخلاقي بمصر (1) المواطن والكمسري
  الجديد حول كوفيد 19 : تجارب علاجية تنبئ بالنهاية
  رجل بأمة
  المفكر المستنير
  النحو الواضح
  جزاء الإحسان
  دستور الأخلاق
  كورونا حديث الساعة سين وجيم (4)
  كورونا حديث الساعة... سين وجيم (3)
  كورونا حديث الساعة... سين وجيم الحلقة الثانية
  كورونا.... حديث الساعة سين وجيم
  شهر رمضان وصناعة الأخلاق
  عبقرية الإسلام
  التعديل الجيني... مستقبل مرتقب لنهاية الفيروسات التاجية
  كورونا: أفيجان Avigan، الدواء الواعد
  هل يغدو اكسيد النيتريك طوق النجاة لتعويض النقص في أجهزة التنفس الصناعي؟
  الإعجاز الديني فيما يخص فيروس كورونا
  مضاد الطفيليات والكورونا
  عقار التهاب المفاصل وفيروس كورونا
  هل يتحول دواء التهاب البنكرياس القديم إلى طاقة أمل؟
  هل ينجح دواء الضغط الشهير في التصدي لمضاعفات كورونا؟
  كورونا.. حديث الساعة - سين وجيم
  متحف طوب قابي
  حرب القهوة
  تاريخ سطره ضريح الحب قبر الرومية
  مكتبة مكة المكرمة
  الميثولوجيا بين الأدب وحقائق الدين وحصاد العلم. قصة الطوفان أنموذجا
  قراءة في رواية سوناتا لاشباح القدس
  مسجد لا بالله

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سيد السباعي، عبد العزيز كحيل، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، د- محمود علي عريقات، أنس الشابي، د- محمد رحال، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد علي العقربي، طارق خفاجي، محمود فاروق سيد شعبان، خبَّاب بن مروان الحمد، د- جابر قميحة، فهمي شراب، د. أحمد محمد سليمان، نادية سعد، كريم السليتي، أحمد ملحم، عمار غيلوفي، بيلسان قيصر، المولدي الفرجاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي الزغل، حسن الطرابلسي، صفاء العربي، علي عبد العال، د - عادل رضا، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحي العابد، عزيز العرباوي، أحمد بوادي، علي الكاش، أحمد الحباسي، رضا الدبّابي، رافد العزاوي، أ.د. مصطفى رجب، الهيثم زعفان، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د - شاكر الحوكي ، د - صالح المازقي، محمود سلطان، د.محمد فتحي عبد العال، منجي باكير، عبد الله الفقير، إسراء أبو رمان، سامح لطف الله، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بن موسى الشريف ، عواطف منصور، عراق المطيري، كريم فارق، سلام الشماع، د. صلاح عودة الله ، الهادي المثلوثي، صلاح الحريري، مصطفي زهران، رشيد السيد أحمد، رافع القارصي، يحيي البوليني، صلاح المختار، أبو سمية، سعود السبعاني، حسن عثمان، د. طارق عبد الحليم، سفيان عبد الكافي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفى منيغ، محمد يحي، أحمد النعيمي، د. خالد الطراولي ، د. عبد الآله المالكي، محمد الياسين، المولدي اليوسفي، عبد الغني مزوز، عمر غازي، محمد الطرابلسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، رحاب اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، ضحى عبد الرحمن، مراد قميزة، د. أحمد بشير، محمد العيادي، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، صباح الموسوي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إيمى الأشقر، وائل بنجدو، د. كاظم عبد الحسين عباس ، تونسي، سليمان أحمد أبو ستة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فوزي مسعود ، محمد عمر غرس الله، سلوى المغربي، يزيد بن الحسين، العادل السمعلي، سامر أبو رمان ، مجدى داود، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، د - محمد بنيعيش، إياد محمود حسين ، حميدة الطيلوش، عبد الله زيدان، رمضان حينوني، صفاء العراقي، محرر "بوابتي"، طلال قسومي، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، محمود طرشوبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة