تصميم الظلّ المصري: بنية قابلة للتفتت الدلالي والتجزّء التشكيلي
سامي العافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3187
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إن تعدد المقاربات واختلاف الرؤى والمناهج الطارحة لإشكاليات ‘التمازج الثقافي’ ودورها في توطيد العلاقات بين الحضارات والفنون وأهميتها في تشكيل فضاء التصميم الظلي المصري ليؤكد على أن المسألة تتجاوز التداخل التلقائي والتمازج الطبيعي الذي يحدث في الماضي بصورة عفوية -عبر ذاك الاحتكاك بالآخر أو الاتصال به- إلى مسألة الرغبة في التخصيب والتهجين حتى تظل حالة فريدة في الحوار التشكيلي والجمالي بين الثقافات: تُساؤل فيها العلاقات وتُؤطر عليها طبيعة التمازج وتُفترض من خلالها الشروط لتعميق الوعي بما يحدث على سطح التصميم الظلي.
وهو ما يجعلنا نتجاوز النظر الأحادي المتعلق ‘بظاهرة الامتزاج وأبعادها التشكيلية’ إلى إمكانية تبلور مفاهيم جديدة تصبح أكثر إلحاحا في تبني هذا التوجه لأن الأمر هنا لا يتعلق بمزج أنماط تراثية والتلفيق بينها لصنع عناصر فنية جديدة متطورة وإنما يتعلق بإحداث نوع من التشكيل الحق والجسور الفنية المتينة بين أنماط فنية مختلفة حددت حدث التشكيل ورسمت سيماته الفنية وأطرت خصوصياته الرمزية والتعبيرية ليساهم في إنتاج رؤى ومناهج جديدة من خلال ثراء رؤاها التشكيلية التي يمكن تلخيصها حسب رأي في أربعة نقاط أساسية :
- كراهية الفراغ.
- تأويل المقاييس والأشكال.
- التخلي عن المنظور.
- وفرة الأشكال الفنية ووحداتها التشكيلية.
لنلاحظ أن هذه الروابط الفنيّة أتيحت لفن خيال الظل فرصا عديدة وواسعة لتلتقي وأنساق تراثية عديدة من منابع مختلفة: اُقتُبس في البداية من عناصرها وحاول التحوير فلم تبق على أشكالها ثم تَفنّنَ في التشكيل والإخراج حتى تبدو تراكيب ظليّة فنيّة لها طرائقها في التعبير من خلال خصوصياتها الرمزية والتشكيليّة التي تجاوزت من خلالها المحلية الضيقة ودعت إلى تأمل عدد من الفنون معا طباقا بفكر وموروث ومفردات ورموز ومفاهيم جديدة... لها الحق في الاستمرار من خلال حقّ الحاضر في فهم الماضي وتأويله.
ومن هنا يمكن أن نؤكد على أن ولادة هذه الأشكال الظلية الجديدة وانبثاقها لم يكن اجترارا للماضي ولأنساقه التراثية وأنماطه الفنية... وإنما كان خلقا وتشكيلا معاصرا يتماشى وروح العصر مستلهما مشكلاته متبن مصيره مدافعا عن قضاياه من خلال هذه البنى الفنية الحيّة المشحونة بقيم ‘الأسلبة’ و’المفهمة’ و’الأشكلة’...
ومن هنا تجيء فتوى إباحة تجزئة التصاميم الظلية المصرية وتفتيتها إلى أبعاد تشكيلية ومعانيم تشكيلية في ظل الحاجة إلى إعادة قراءة هذا النمط الفني المدرك لمفهوم التمازج والتداخل والعولمة والهيمنة والانفتاح...
---------
سامي العافي
جامعي وباحث اكاديمي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: