محمد أحمد عزوز - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4462
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رغم أني لم أعاصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لأنه توفي بعد ولادتي بعامٍ واحد، إلا أنني كنت دائماً ألومه، ليس لأنه تعامل مع جماعة الإخوان المسلمين بجفاء شديد، ولكن ألماً وحزناً على الضحايا الأبرياء، الذين نسبهم البوليس السياسي إليهم، ظلماً وعدواناً، ومنهم من قضى نحبه أثناء التعذيب، الذي كان النظام يستخدمه معهم، لإجبارهم على الاعتراف بأنهم ضمن صفوف الإخوان، إلا أنه في ظل ما تمر به المحروسة من انفلات أمني، أصبحت بحاجة ماسة لعودته.
بعد معاناة المصريين من ظلم واستبداد حكامهم، وفساد إدارتهم للبلاد، شعروا بالذل والمهانة، وعدم احترام آدميتهم، لذا كان لزاماً عليهم أن يبحثوا لهم عن قائد، يعبّر عن رأيهم، ويعمل لمصلحتهم، ويقودهم إلى بر الأمان.
بعد ثورة 30 يونيو، التي أطاحت بحكم محمد مرسي، وصل إعجاب المصريين بالسيسي، إلى أن غفروا له خطاياه، ونسوا أنه كان أحد قادة المجلس العسكري المنحل، الذين سلّموا الحكم للإخوان، على طبقٍ من فضة، ولم يقف إعجابهم به عند هذا الحد بل إنهم شكلوا جبهة لإجباره على الترشح للرئاسة، لعدم ثقتهم بالسياسيين الموجودين على الساحة، بعد أن اتضح لهم أن البعض منهم صنيعة أميركا، والبعض الآخر ليس له مبدأ ثابت عليه، وتحركه الأهواء والمصالح الشخصية.
نسي المصريون أنهم قاموا بثورة يناير من أجل الإطاحة بحكم العسكر، الذين حكموهم مدة ليست بالقصيرة، وكانت من أسوأ الفترات التي مرت عليهم، لأنهم جعلوهم يعيشون في سجن كبير، حتى إن أحداً لم يتجرأ على معارضة النظام، لأنه محسوبٌ على الجيش، وإذا تجرأ على المعارضة، فإنه يحاكم عسكرياً، ويكون مكانه غيابات الجب، ونحن بطبيعة الحال نحمل كل الحب والتقدير للمؤسسة العسكرية، لأنها الدرع الواقية للبلاد، وكل صفوفها إخواننا وأبناء عمومتنا.
ليس بخافٍ على أحد أن السبب في إعجاب المصريين بالسيسي، يرجع إلى أجهزة الإعلام، لأنها عملت بكل طاقتها، على بث روح الكراهية والضغينة لجماعة الإخوان، ونسبت كل ما يحدث من انفلات أمني وأخلاقي إليهم.
رغم أني أحترم السيسي وأوقره، إلا أنني أتمنى أن يظل في منصبه على رأس المؤسسة العسكرية، لأنه أفضل من قادها، بعد المشير عبدالحليم أبو غزالة، أسكنه الله فسيح جناته، حتى أن كل صفوفها تحترمه وتوقره، وتتمنى عدم تركه لها، ولأن ترشحه في هذا التوقيت، سيثبت لمعارضيه، أنه انقلب على النظام، ليستولي على الحكم، أما إذا ظل في منصبه، فسيكون موقفه أقوى وأفضل.
لذا فإني أهمس في أذن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وأقول له: «كمّل جميلك ولا تترشح»، لأن المؤسسة العسكرية في حاجة ماسة إليك، وإلى قيادتك لها، ولا تنساق لمطالب مؤيديك، فقيادتك للجيش أقوى وأجدر من قيادتك للدولة، لأن قائد الجيش لا يستطيع أحد من الداخل أو الخارج أن يملي عليه شروطه، أما قائد الدولة، فهو عرضة لتقبل ما يملى عليه من إملاءات، تبعاً للبروتوكولات المعمول بها دولياً.
حفظ الله مصر، ورعا شعبها، وبارك في جيشها وشرطتها، وهدى الطالحين من أبنائها، وحكّم فيها خيار أبنائها، وحفظها من كل مكروه وسوء... إنه ولي ذلك والقادر عليه.
-----------------
محمد أحمد عزوز
كاتب مصري حر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: