محمد أحمد عزوز - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4298
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثيراً ما يحدث اختلاف بين الشعوب وحكامها، ولم تخل دولة من دول العالم، سواء كانت عربية أو أجنبية منه، مهما كانت تُحْكَمُ بالديمقراطية، وإن كان حكمها جماهيرياً، لأن الاختلاف في الرأي من طبيعة النفس البشرية، ومن سُنة الكون.
العقل والمنطق، يقولان: «إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، فكم من معارضين، اتقوا الله في أوطانهم، وحافظوا عليها، ولم يعبثوا بأمنها أو استقرارها، ولم يحاولوا تدميرها أو تخريبها.
ليس معنى أن يكون الإنسان معارضاً للنظام الحاكم، أن يتعدى حدود القانون، ويعمل لحساب الخارج، ويعيث في البلاد فساداً، ويُفْقِد المواطنين السكينة والطمأنينة، ويقضي على الأخضر واليابس، ويعتدي على الأملاك العامة والخاصة، بحجة أنه معارضٌ للنظام، فأملاك الدولة ليست ملكاً للحاكم، بل إنه مؤتمن عليها، وسيُسأل عنها أمام الله تعالى إن فرط فيها، حاله في ذلك حال المواطنين، لأنها ملكٌ لهم جميعاً، غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، فيجب على الجميع حمايتها من العبث.
المصريون غير مؤهلين نفسياً للديمقراطية، لأنهم لم يتعودوا عليها، ولم يعرفوا كيفية تطبيقها، لذا فإنهم يفهمونها خطأ، حتى وصل بهم الحال إلى أن زادت فيهم البلطجة، والسرقة بالإكراه، وحمل السلاح غير المرخص، والاعتداء على حقوق الآخرين، ولم يقف عند هذا الحد، بل إنه طال طلبة المدارس الإعدادية، الذين هم في سن المراهقة، ولا تتعدى أعمارهم الـ15 عاماً، لذا تجرأ أحدهم وسب أحد العاملين بالمدرسة، دون مراعاة لكبر سنه، لا لذنب ارتكبه، أو لجريرة فعلها، بل لأنه منعه من الخروج من المدرسة، أثناء اليوم الدراسي، خوفاً على مصلحته. وشاهد هذا المشهد الأليم أحد المدرسين، فتوجه إلى الطالب باللوم، فما كان منه إلا أن رد عليه بكل وقاحة وانحطاط: «ألم تعلم يا أستاذ أننا نعيش عصر الديمقراطية، التي حرمنا منها أيام مبارك، ومن حقنا أن نفعل ما نشاء»، فما كان من المدرس إلا أن تعجب عجباً شديداً من قسوة الرد، ولم ينبث ببنت شفة، خوفاً من أن تلحقه الإهانة... إلخ.
ما يرتكبه منتسبو جماعة الإخوان المسلمين، من جرائم في حق الدولة والأفراد، كل فينة وأخرى، بحجة أنهم مع الشرعية، ما هو إلا دليل واضح وقوي، على أنهم فقدوا صوابهم، ولا يعلمون ما يفعلون، لأن الشرعية الحقيقية تؤخذ من الشعب، وليس من الدول الداعمة للإرهاب، أو الوصول إلى الحكم بقوة السلاح.
إذا كانت جماعة الإخوان تنادي بالشرعية، فعليها الندم على ما ارتكبت في حق الشعب، وتنخرط في الحياة مع باقي المصريين، وتكف عن أذاهم، وتتراجع عن تنفيذ الأجندات الأجنبية، والعمل لحساب الخارج، وتحافظ على أمن الوطن واستقراره، وتصلح ما أفسدته، انتقاماً من الجماهير، التي لفظتها من كثرة أخطائها. وإذا كانت تنادي بتطبيق الشريعة، فنحن معها قلباً وقالباً، ولكن عليها أن تتعلم الدين من مصادره الصحيحة والموثوقة أولاً، ثم تترك العمل السياسي، وتسلك طريق الدعوة إلى الله بالطريقة الصحيحة، التي أمر بها الشارع الحكم، لأن الإسلام دين سلام، وينهى أتباعه عن تكدير السلم والأمن العام.
الديمقراطية تقتضي أن تُسلّم الأقلية لرأي الأغلبية، ولا تؤذي الآخرين، وتعمل لمصلحة الوطن، وتُنحي المصالح الشخصية جانباً، لا أن تدمر البلاد من أجل الوصول لحكمها.
أسأل الله تعالى أن يحفظ مصر، ويبارك في جيشها وشرطتها، ويرعى شعبها، ويكتب لها الأمن والأمان، والسكينة والاستقرار، ويولي عليها خيار أبنائها... إنه ولي ذلك والقادر عليه.
محمد أحمد عزوز
كاتب مصري حر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: