محمد أحمد عزوز - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4696
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة، ومن أجل حياة أفضل للمواطنين، والقضاء على الفساد الإداري والأخلاقي، الذي طال كثيراً من مؤسسات الدولة، وكسر جناح أجهزة الأمن، وراح ضحيتها خيرة من شبابنا الأبرار، نحسبهم عند الله شهداء، ولا نزكي على الله أحداً.
ليس بخافٍ على أحدٍ أن الكبت الذي عاشه المصريون، وتألموا منه كثيراً، بسبب استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة، مع المواطنين، وكثرة الاعتقالات العشوائية، التي طالت كثيراً من الأبرياء، في عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، كانت من أكثر الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة.
كان من أول مطالب الثورة، حل جهاز أمن الدولة، الذي تُرِكَ له الحبل على الغارب، ليعيث في البلاد فساداً، يعتقل من يشاء، وقتما شاء، كيفما شاء، دون رقيب أو حسيب، ومنح أفراده رسائل الاعتقال ممهورة بتوقيع الوزير، وسُمِحَ لهم باستخدام كل وسائل التعذيب والتنكيل مع المعتقلين، دون محاسبة أو مساءلة من أحد، ولم يخضعوا للقانون، لأنهم يعملون على حماية النظام، وليس الدولة، كما يدّعون، ما جعلهم يستخدمون سلطاتهم، بل إنهم كانوا يتعدونها في كثيرٍ من الأحيان.
فور تنحي مبارك عن الحكم، علت الأصوات المنادية بحل جهاز أمن الدولة، وقوبل طلبهم بالقبول، إلا أنه كان قبولاً كلامياً، لذر الرماد في العيون، وتهدئة الأوضاع، وليس فعلياً، كما كان متوقعاً، لأنه ما زال موجوداً، ويعمل بكل طاقته، رغم أن أكثر أفراده مدانون بقضايا جنائية، لكن خرجوا براءة بقدرة قادر.
صحيح أنه تم تغيير الاسم، من «أمن الدولة» إلى «الأمن الوطني»، لكنه مازال يمارس عمله المعهود، المتعارف عليه منذ عهد جمال عبدالناصر، إلى عهد مبارك، لكن بحنكة ودهاء، وفي الخفاء.
قادة ومنتسبو جماعة الإخوان الذين قبض عليهم، في كل محافظات مصر، تم ضبطهم بمساعدة «الأمن الوطني»، الذي كنا نتمنى ألا يعود ثانية إلى سابق عهده، إلا أنه من الواضح أن هناك أشخاصاً منتفعين منه، يريدون استمراره على نفس الوتيرة، من أجل المحافظة على مصالحهم الشخصية، ولا تهمهم المصلحة العامة، من قريبٍ أو بعيدٍ، ونسوا أن المصريين خرجوا من قمقمهم، وأصبحت العصا الأمنية لا تجدي معهم نفعاً، وإذا أرادوا شيئاً فإنهم يثورون من أجله، ويقدمون أرواحهم رخيصة من أجل تحقيقه، ولن تستطيع قوة في العالم أن تثنيهم عن ثورتهم.
لست ضد وجود جهاز «أمن الدولة»، لأنه ضروري، من أجل المحافظة على أمن الوطن واستقراره، لكن بشرط أن يقنن أوضاعه، ويكون لحماية الدولة وليس النظام، وألا يتعدى حدوده، ويُسمح لجمعيات حقوق الإنسان بزيارة أماكن الاحتجاز، للاطلاع على أحوال المعتقلين السياسيين، وأن يخضع أفراده للمساءلة القانونية، إذا أخطأوا أو تعدَّوا حدود عملهم، لأن الله كرَّم الإنسان، وحرم الاعتداء عليه مهما بلغت أخطاؤه، وهناك من المعارضين السياسيين شرفاء لم يعملوا لحساب دولة أخرى، ولم يعتدوا على أحدٍ أو ينتهكوا حرمته، ولم تلوث أياديهم بالدماء، إلا أنهم اتسموا بالشجاعة، وعبروا عن رأيهم، دون خوف من بطش النظام.
أسأل الله تعالى أن يحفظ مصر، ويرعى أبناءها، ويبارك في جيشها وشرطتها، ويولي عليها خيار أبنائها.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
------------
محمد أحمد عزوز
كاتب مصري
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: