د - صالح المازقي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4718
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا أعجب من موقف الرئيس "أوباما" المتمسك بتوجيه ضربة للشقيقة سوريا، أيا كان شكل هذه الضربة (جوية، صاروخية، أرضية...) ومهما كانت طبيعتها (خاطفة، جراجية، دقيقة...) فهي لن تميّز بين السوريين، حكّاما كانوا أو محكومين، من الجيش الحرّ من الشّبيحة أو من الجيش النّظامي. لماذا كل هذا الإصرار إذن؟ سؤال يحرق شفاه القاصي والدّاني في دنيا السياسة، وبعيدا عن الشروح المعقدة والإجابات التي فقدت كل معانيها لكثرة الأفواه التي لاكتها من خبراء إستراتيجيين وسياسيين ومتحذلقين... الخ... علينا أن نبحث عن جواب علمي بإمكانه أن يقنعنا نحن قبل الآخرين.
نعلم جميعا (ونحن واهمون) أنّ الشعب الأمريكي ينعم بالديمقراطية وحامي حماها في العالم، وواقع الأمر لا صلة لهذا الشعب بالمسألة أساسا… لكن حكّامه من جمهوريين وديمقراطيين إضافة إلى كل اللّوبيات الضاغطة على الكل يحملونه ما لم يعد يتحمله باسم الدّفاع عن أسطورة عششت في أدمغت أولائك المبشرين بانتهاء دولتهم واندثار صولتهم… وأعني أسطورة حقوق الإنسان وارتباطها بالأمن القومي الأمريكي.
لذا علينا أن نبحث عن سبب أو حزمة أسباب كامنة وراء عناد الرئيس "أوباما" في المجازفة بضرب سوريا. أرى أنّه علينا الإستعانة بعلم النّفس الإكلينيكي لنكشف عن تركيبة الشخصية "الأوبامية"، وهذا لن يكون إلا بالعودة إلى طفولته وتنشئته التي تحدّد هذا السلوك المرضي الذي لا يليق برئيس (الدولة الأعظم) وهو الجامعي والقانوني والحقوقي الحائز على جائزة نوبل للسّلام…
قبل الذّهاب بالتحليل بعيدا أوّد أن أعرّج على جائزة نوبل التي أوقفها صاحبها السويدي "الفراد نوبل" سنة 1901 تكفيرا عن اختراعه المتفجرات أو الديناميت الذي توصل إليه بعلمه وهو عالم الكيمياء. قرّر "نوبل" حرمان ورثائه من التّركة وأوصى ببعث مؤسسة باسمه أوقف عليها ثروته الضخمة التي بلغت عند وفاته (32 مليون كورونا سويدية) لتكون جائزة تمنح لكل من يقدّم خدمة للإنسانية، سواء كان شخصية مادية أو إعتبارية بقطع النّظر عن الجنس والجنسية واللّون والدّين والمنشأ... الخ. وقد حدّد في حياته مجالات منح جائزته، وجعل في مقدّمتها السلام العالمي في المطلق، والدبلوماسية والأدب والكيمياء والفيزياء والطّب. لتنفيذ وصية هذا العالم بعد وفاته، تمّ بعث المؤسسة بهيآت ولجان من الخبراء لدراسة التّرشحات كل في مجاله لاسناد هذه الجائزة لمن يستحقها. تحمل الجائزة بعدين أدبي ومالي، أما الأدبي فيمثل إعترافا دوليا وربما إنسانيا للحاصل على الجائزة بالرّفعة والسّمو والدّمومة بتخليد اسمه بين العظماء، في حين بلغت قيمة الجائزة المالية سنة 1901 بــ: (150782 كورونا) لتبلغ سنة سنة (2012 8 ملايين كورونا) أي 900 ألف يورو.
لكن الغريب أنّ الجائزة قد تمّ تسيّيسها وبالتالي انحرف القائمون عليها على الموضوعية التي أرادها وأوصى بها صاحبها. أقول هذا وقد توّضح أن العديد ممن حازوا على هذه الجائزة القيّمة ونالوا شرفها من السياسيين وأصحاب القرار الذين غيّروا وجه التاريخ بحكم موقعهم الوطني والدولي، ليسوا أهلا لها بعد أن كشفوا عن سرائرهم وكشّروا عن أنيابهم لنهش لحم المعذّبين في الأرض والتآمر على الديمقراطيات الناشئة قبل وبعد حصولهم على الجائزة. من أبرز هؤلاء الدبلوماسي الألماني الأصل والأمريكي الجنسية واليهودي الديانة "هنري كيسنجر" وزير خارجية أمريكا في عهد الرئيس "رتشارد نيكسن 1969/1974)" وخليفته "جيرالد فورد". رغم تاريخ الرجل غير المشّرف في الشيلي وما ينسب إليه من التخطيط لدكّ كمبوديا بالقنابل وما خلفته تلك العملية الإجرامية من قتل الأبرياء في حرب الفيتنام، مرورا بدوره في غزو تيمور الشرقية ودوره فيما يعرف "بعملية كوندور" التي أبادت المعارضة التّقدمية للدكتاتوريات في أمريكا اللاّتينية سنة 1970، دون أن أنسى دوره في نصرة الجيش الإسرائيلي وتحويل هزيمته في حرب أكتوبر 1973 أمام الجيش المصري إلى ما يشبه النصر... ويفاجئ العالم بتكريم الرجل بجائز نوبل للسّلام في نفس السّنة... هذا إلى جانب آخرين يطول الحديث عنهم. من بين الحائزين على نوبل للسّلام الرئيس الأمريكي الحالي السيد "باراك أوباما" وقد كان ذلك في سنة 2009، نظير مجهوداته في تقوية الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب. ولن أطيل شرح هذا التناقض في نهج منح جائزة نوبل عموما وفي مجال السياسة خصوصا لأنّ الأمر أصبح بيّنا وواضحا للجميع.
بالعودة إلى موضوع مقالنا للبحث في أسباب الإصرار الرئاسي/الأمريكي على توجيه ضربة لسوريا، علينا أن ننطلق من الإخفاقات السياسية والاجتماعية لهذا الرئيس الذي لا شكّ أنه عانى في طفولته وفي صباه من مرارة الفشل، بالرغم من وصوله إلى سدّة الرئاسة في بلده؛ فكل وعود الرئيس الأمريكي التي شكلت دعامة حملته الانتخابية في الدورة الأولى لم ينجز منها إلا القليل، فعلى سبيل المثال، لم يتمكن من غلق ملا معتقل (غوانتنامو) ولم يحقق التأمين الاجتماعي للفقراء والمهمّشين الأمريكان... الخ. وشاءت الأقدار أن تمنحه فرصة ثانية تكاد أن تنقضي مدّتها والسيد "أوباما" يعجز عن تحقيق أهدافه وإنجاز وعوده الإنتخابية… ما يهمنا هي طريقة مواجه هذا الرئيس لفشله… يبدو جليا أنّ شخصية الرئيس اختارت أسلوب الهروب إلى الأمام والتعلق بأضعف أطواق النجاة… إنّه الانحراف بمعنى (La deviance) عن مواجهة الصّعاب، وهي أبرز علامات رفض الفشل الشخصي والالتفاف عليه بما يسميه علماء النّفس - الإزاحة – التي تتّم بخلق مشكلة تبدو لصاحبها أقلّ خطورة وأسهل حلا، فيفاجئ صاحب هذه الشّخصية بأنّ (المشكلة الصنيعة) هي أشدّ تعقيدا من المشكلة الأصلية. تعتمد الإزاحة على أسلوب الــــ (show) بمعنى القيام بعمل إنفرادي، يعتقد أنّه مميّزا ليمنح صاحبه فرصة تخطي أزمته الفعلية التي تأرقه مهما كانت التّكلفة و/أو النتائج. الغاية من هذه الطريقة تغطية فشل بنجاح مصطنع ولو على حساب ذكاء الآخرين وأحيان على رقابهم وربما جثثهم، كي يتصدر صاحبه المشهد من جديد بوجه جديد يضخّم من نجاح زائف قد يُنسي الطرف المقابل الفشل الأصلي للمنحرف...
يندرج إصرار الرئيس الأمريكي على ضرب سوريا تحت خانة الظهور والإبهار بالإنحراف ليواري عن عجز سياسته الدّاخلية وتحويل أنظار ناخبيه عن أصل المشكل وشدّ انتباههم بتّرقب حلّ المشكل الثانوي. مناورة مكشوفة ومعلومة لدى المختصين النّفسانيين، فيُخيّل للمناور ولو لحين أنه نجح في التّستر على سلبيات فعلية والتّركيز على إيجابيات إفتراضية… ثم لا يلبث المعني بالأمر أن يكتشف ومعه كل من أرهب وأبهر عيونهم أمرين أولهما، أن ما يعتبر منجزا جديدا لم يكن إلا سرابا مضافا لتاريخ فشله، وثانيهما تعرّي الشخصية المرضية للمراوغ أمام الجميع… والنتيجة تكون سقوطا مدويا له ولخطته التي أاقامها أساسا على الخداع والانحراف، ليبقى بطلا منفردا أمام مرآته فقط…
ألم يكن من الأجدر بالرئيس الأمريكي مواجهة الشعب الذي انتخبه قبل أن يغادر منصب الرئاسة فيعتذر للجميع عن فشله ويقدّم لهم الحقيقة ويشرح لهم الأسباب الذّاتية والموضوعية التي ساهمت في فشل سياسته الداخلية، عسى أن يغفروا له ويقدّروا صراحته وصدق نواياه رغم العجز؟ أما البحث عن حلول خارج الحدود، مثل كسب نقاط من خلال توجيه ضربة عسكرية لسوريا لن يصنع من الرئيس "أوباما" بطلا قوميا ولا شخصية دولية ولا حتى مخلصا لذاته من ذاته. وللتّذكير نحن أمام موروث ثقافي أمريكي قادم من سلوكيات رعاة البقر الذين لم يؤسسوا إلى اليوم حضارة إنسانية بكل ما في الكلمة من معاني راقية كالعدل والإنصاف ومساعدة الضعفاء، ونبذ العنف ومنع إراقة الدماء وتحريم إزهاق الأنفس البريئة بغير ذنب إقترفته. لقد أصبح السلوك العنيف من أبرز سيمات الشخصية القاعدية الأمريكية التي توسعت لتصب جام عنفها على المستضعفين حيثما كانوا لتأديبهم وإدخالهم بيت الطاعة الأمريكي، من أجل نهب ثرواتهم وسلب إنسانيتهم واغتصاب حرياتهم وكسر إدرادتهم في تقرير مصيرهم.
يبدو أنّ الرئيس "أوباما" في أمس الحاجة إلى علاج نفسي يعيده إلى رشده ويمنحه التّوازن النّفسي ويعدّل من اضطرابه، قبل أن يخرج من التاريخ وقد دخله بصفته أول رئيس أسمر البشرة، ثم رسخ قدميه في تاريخ البشرية بنيل جائزة نوبل للسّلام، ممثلا لمجتمع كان بالأمس القريب عنصريا حتى النّخاع... على الرئيس "أوباما" أن يعيد التّفكير في مكانته التاريخية (الحسنة إلى حدّ الآن) قبل الإعتداء على الشعب السوري فيطرد من التاريخ ويداه ملطختان بالدّم العربي، وعليه ايضا أن يتخلص من عقدة الخلط بين السيد الأبيض والعبد الأسود، عقدة يعاني منها الأمريكان وقد تحولوا بيضا وسودا إلى “أسياد” هذا العالم البائس، فاستباحوا حرمات الشعوب واستحلوا دماءها لا لشيء إلا لأنّ شعوب العالم في أعين هؤلاء عبيدا وهم أي (الأمريكان) السادة…
الرئيس "أوباما" الذي توشح صدره بجائزة نوبل للسّلام يرفض أن يكون حمامة سلام، ويسعى بكل جهد مستجديا أعضاء الكونجرس، متودّدا للروس، مستعطفا الاتحاد الأوروبي كي يكون مجرما دوليا، أي تجربة مريرة هذه التي يسعى لخوضها الرئيس الأمريكي؟ أم لعله لا يريد أن يشّذ عن قاعدة أسلافه في الخنوع لإرادة اللّوبيات الصهيونية وهم أصحاب الفضل عليه في الفوز بمقعد الرئاسة الأمريكية لدورتين متتاليتين وترشيحه بل منحه جائزة نوبل، وهو في ذروة نشوته لم ينتبه إلى أنّه قد تمّ إعداده وتوظيفه في القيام بمهمة رأس الحربة الإسرائلية في: أولا محاربة العرب في ديارهم نيابة عن إسرائيل دون تكليف من شعبه. ثانيا انجاز مشروع الشرق الأوسط الجديد بأيادي أمريكية وعقول صهيونية. ثالثا إجهاض الثورات الشعبية العربية وقطع الطريق أمام نهضتها وإبقائها داخل قمم التّخلف والتّبعية.
نظرة تلاقت بما لا يقبل الجدل بالفكر الصهيو- يهودي الذي لا يزال وسيظل يتعامل مع الآخر وفي مقدمتهم العرب/المسلمين على أنّهم أغيارا أو غويما أي (حيوانات) في خدمة (شعب الله المختار) الذي لا يستقيم له وجود إلا تحت مظّلة قوّة عالمية، وفي اللّحظة التاريخية الرّاهنة يحتمي "الأخيار" إلى حين بقوّة "الأمريكان/الأغيار"... ما كان لهؤلاء ولا لأولائك أن يعاملوننا بامتهان واحتقار ودونية لو أنّنا لم نسمح لهم بذلك… نحن المسؤولون في الأول وفي الآخر عن ضرب الأشقة في سوريا… ونحن المسؤولون عمّا جرى ويجري في العراق… وموعود الشعب الذي سيأتي عليه الدور… المشهد أمامنا ولا أقول أمامكم، تخلف علمي زائد فقر زائد وهن جماعي زائد… الخ... في المحصلة عجز وتبعية وانبطاح وخوف حكّام عرب لا همّ لهم إلا المنصب وأول أولياتهم توريث المنصب لإبنائهم ولو على جثثنا… فلا غرابة أن يعاملنا الغرب بقسوة، لا ولن تفوق في حدّتها وبؤسها معاملة حكّام نحسبهم من بني جلدتنا…لم يحققوا حلما ولم ينجزوا تنمية… ذلك لأنّ لا حلم لهم ولا برامج… فلا تعجب أخي القارء إن قلت لك أنّ للإصرار (الأوبامي) ثلاثة أهداف: هدف قريب سوريا الدولة، سوريا الشعب، سوريا العروبة, هدف متوسط مصر وهدف بعيد أنا وأنت أيها العربي حيثما كنّا في المشرق أو في المغرب العربيين !!!
يؤسفني أن أذكّر الجميع بكلمة العقيد معمر القذّافي التي ألقاها في "آخر" مؤتمرات أو مؤامرات القمّة العربية حين خاطب نظراءه: "سيأتي عليكم الدور الواحد تلوى الآخر..." فكان أول الساخرين منه الرئيس السوري "بشّار الأسد" نفسه... وها هي نبوءة العقيد على وشك أن تتحقق... النّظام السوري يدّق أعناق السوريين والجيش الحرّ يدق أعناق السوريين وأمريكا ستدق أعناقهم جميع... وتأتي بفصيل فشلت في تثبيت نظرائه في حكم مصر.
لقد خرج الشعب المصري على حكم الإخوان في مصر وعزل رئيسهم، فكانت القّشة التي قسمت كرامة الرئيس "أوباما" فشعر بمرارة العجز في تقويم الدّفة لصالحه، أمام تماسك أركان الدولة المصرية واللّحمة المتينة بين الشعب والجيش التي سدّت كل الثغرات التقليدية التي كان ينفذ منها الأعداء.
لقد خسر الرئيس "أوباما" الرّهان وتعطّل دوره في تحقيق الفصل الثاني من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي وضعت إدارة "بوش الإبن" أرضيته الفلسفية وخلفيته الإيديولوجية. ثمّ وفي مرحلة لاحقة أفصحت وزيرة الخارجية الأمريكية السّابقة "كونداليزا رايس" عمّا عرف خطأ بمشروع (الفوضى الخلاّقة) التي لم تكن مشروعا، بل هي إحدى آليات تنفيذ المشروع الأم (الشرق الأوسط الجديد) على الأرض.
عند هذه النقطة انتهى الفصل الأول من الخطّة التّنفيذية بنجاح وانتهى معه دور إدارة الرئيس "بوش الإبن"، في نفس اللّحظة انطلق تطبيق الفصل الثاني على يد الرئيس "أوباما" وإدارته باعتبارهما مسؤولين رئيسيين على هذه المرحلة، مع الملاحظة يترك لكل فريق حرية اختيار المناهج والوسائل والدّعم المالي والسياسي اللامحدودين من قبل الكنجرس الذي يحتفظ بحق مساءلة ومحاسبة كل فريق تنفيذي. لسوء حظّ الفريق "الأوبامي" أخطأ الرجل وفريقه التّقدير، وخانه ذكاؤه فراهن على الإخوان المسلمين في انجاح الفصل الثاني من مشروع الشرق الأوسط الجديد، فتعثّر في وضع الدّعامات الإسمنتية في المنظقة ولعل أهمها: أفغنة سيناء، تفكيك المجتمع المصري إلى ملل ونحل مختلفة عقديا ومتصارعة إيديولوجيا، فتح الباب أمام حرب أهلية تمزق اللّحمة الشعبية، إضعاف الدولة المصرية إلغاء دورها الإقليمي والعربي نهائيا في المنطقة... غير أنّ الإطمئنان الزائد عن الحاجة لقدرة الإخوان في إنجاز المهمة، جعل الرئيس "أوباما" وفريقه الإستراتيجي لا يستشعران قدوم ثورة 30/6/2013 في مصر لتنسف الفصل الثاني من المشروع الرئيسي الذي سيظل قائما، وغاية ما حصل هو تعثّر جزئي ومرحلي في انتظار لاعبين جدد يعيدون الكرّة بأسلوب أكثر تطوّرا وأشدّ خبثا.
وقف الرئيس "أوباما" بعد أن تأكد وإدارته من الفشل في أداء دوره التاريخي، فشل لا تقبل به الدوائر الصهيو- أورو- أمريكية العليا، فكانت الخيبة التي ستمحو تاريخه السياسي وتجعله نسيا منسيا وكأنه لم يحكم أمريكا لدورتين. الرجل بطبعه لا يقبل بالفشل ويرفض الخسارة، فماذا بقي أمامه؟ إنّ "ما بالطبع لا يتغيّر"، فها هو ذا يستنجد بطفولته في كهولته، فيعود لا إراديا إلى الإزاحة والهروب إلى الأمام وحيله الصبيانية... فراح يهيئ المسرح الدّولي ليؤدي أول عرض له على طريقة (One man show) فوق الأرض السورية، فيحقق لا شعوريا مقولة أحد الفلاسفة القدامى "الرجال أطفال كبار".
الحرب على الأبرياء يا سيادة الرئيس ليست فلما من أفلام (السباغيتي) لـلمخرج "سارج ليوني" يتوّج فيه المجرم بتاج الأبطال، الحرب مسؤولية شخصية وهي في ذات الوقت مسؤولية قومية ودولية، ستضيف للأمريكان عارا جديدا وتحيي فيهم آلام هزيمة الفيتنام والصومال والعراق وتنزع عنهم آدميتهم وتثبت في نفوس المعتدى عليهم عداوة وبغضاء لن تمحوها الأيام، فلا الهزيمة دائمة ولا النصر أبدي والتاريخ لا يرحم.
من لم يقرأ تاريخ أمة العرب لم يفقه في حياته شيئا ولم يتعلم طيلة عمره شيئا، هذه الأمة مهما بلغت من الضعف والهوان فهي كسلك الذّهب مهما كان رفيعا ودقيقا لن ينقطع. هي أمة تكسّرت فيها النّصال على النّصال وهي أمة لا تنسى، أنا أذكّر ولا أملك أن أحذّر... والأيام دول، يوم إليك ويوم عليك، هذا إذا أصنفك الدّهر.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: