د. صلاح عودة الله - القدس المحتلة
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4774
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قبل العملية العسكرية الصهيونية على غزة"عامود السحاب" صرح رئيس حكومة الصهاينة نتنياهو بأن هذه العملية ستعيد غزة إلى العصور الوسطى. لكن ظهرللجميع من خلال وحشية العمليات العسكرية، ومن بشاعة صور جثث الأطفال القتلى التي كانت تنتشل يوميا من بين ركام بيوت غزة التي دمرتها الة الحرب الصهيونية الفتاكة، ليست غزة من عادت إلى القرون الوسطى، بل ان دولة الاحتلال هي من عادت إلى وحشية الإنسان الوحشي ما قبل البدائي وليس إنسان القرون الوسطى، ثم إن غزة القرون الوسطى كانت منارة حضارية يسكنها شعب مثقف أضاف الكثير للإرث الإنساني وحضارته، وهذا الحال هو ما كان عليه سكان بلاد الشام إجمالا.
اننا فعلا نعيش في عالم يأكل فيه القوي الضعيف, تماما كما هو الأمر في المحيطات, حيث تلتهم الأسماك الكبيرة الأسماك الصغيرة, ومن هنا أقولها وبأسف شديد انه من حق الصهاينة أن يتشدقوا ويفتخروا كيفما يحلو لهم، فهم في موقف قوة, ليس بقوة السلاح فقط، بل بالدعم الدولي الظالم والمنحاز، الذي يقوم بنصرتهم والوقوف الى جانبهم سواء كانوا ظالمين أو مظلومين..دعم عالمي ينحاز الى القوي ليزيد من قوته ويضعف الضعيف أكثر مما هو عليه من ضعف, وخير دليل على ذلك ما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام" إن إسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها أمام صواريخ المقاومة الفلسطينية", وهو يدرك تمام الادراك بأنه لا توجد أية مقارنة بين العتاد العسكري لهذه المقاومة والقوة العسكرية لدولة الاحتلال, لكن وكالعادة يحولوننا من ضحية الى جلادين.
ولكن وكما قال الراحل الدمشقي نزار قباني,"أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟", أقول بأنه من حق الصهاينة أن يفعلوا بنا ما يطيب لهم, ولا ألوم الا أنفسنا,فبعد أن كانوا يقتلون أطفال فلسطين ولبنان أمام مرأى العالم ولا يجد الزعماء العرب ما يعلقون به على بشاعة المجازر غير استعمال مصطلحات سئمنا منها..التنديد والاستنكار، هؤلاء الزعماء أوصلونا الى مرحلة من الضعف قام الصهاينة بالتسلق عليها وصاروا يقتلون ببشاعة وشراسة ووحشية أكثر, بل تزداد يوما بعد يوم, مظاهر لن يوقف مدها الا اذا استعدنا قوتنا وكرامتنا, ورحم الله الامام الشافعي حينما قال:نعيب زماننا والعيب فينا**وما لزماننا عيب سوانا..ونـــهـجـو ذا الـزمان بغير ذنـب** ولــــو نــطق الــزمان لنا هجانا..وليس الذئب يأكل لحم ذئب** ويــأكل بـعــضنا بـعـضا عـــيانا.
لقد رأينا كيف جاء وفد من الوزراء العرب وغيرهم الى غزة أثناء الحرب في رحلات سياحية واستجمامية ليس الا, وذرفوا دموع التماسيح على أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم ناموا ليصحوا وليجدوا أنهم أصبحوا رهينة لأطماع حماس والاخونجي مرسي وأمير "دويلة" قطر السياسية ورغباتهم في تولي الزعامة العربية.
من المعروف بأن الصهاينة يتمتعون بالدهاء والمكر والغدر مستغلين غباء قادة العرب, فقد صرح قادتهم وجنرالاتهم خلال الأيام الأخيرة من الحرب, عندما رأوا أنفسهم عاجزين عن صد المقاومة وهم"الجيش الذي لا يقهر", بأنهم سيعتمدون نظرية "العصا والجزرة"، وذلك لإجبار قوى المقاومة الفلسطينية الوطنية والاسلامية على وقف إطلاق الصواريخ بدون شروط. فما هي العصا وما هي الجزرة يا ترى؟. العصا تكمن بالتلويح بالعملية البرية التي تكمل العملية الجوية، ولكن الصهاينة يعرفون تمام المعرفة بأن هذه العملية تخيف جيشهم وتربكه ويريدون تجنبها, أكثر مما تخيف سكان قطاع غزة الذين لا يفرقون بين الموت أو الحياة، بل الموت سيريحهم من مرارة الظلم الذي يتعرضون له باستمرار محليا واقليميا وعالميا.
وأما الجزرة فيمثلها الرئيس الاخونجي محمد مرسي الذي قام الصهاينة بتنصيبه وتكليفه ليكون وسيطا للضغط على "حماس" التي تشكل امتدادا لحركته, لتقبل بخياراتهم.
وخلاصة القول بأن غزة لم تعد للعصور الوسطى، بل ان الصهاينة ومن أيدوهم من بني جلدتنا وغيرهم من الغرب, هم من عادوا بالإنسانية إلى شريعة الغاب سياسيا واعلاميا، فلم تعد صور المجازر الوحشية وصور الأطفال المقطعة أوصالهم تحرك ساكنا في نفوس زعماء العرب والعالم أجمع..صور أبكت الحجر والصخر والشجر..ومتى الصحوة يا أمة المليار ونصف المليار؟.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: