د. صلاح عودة الله - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4845
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الى متى سنبقى أمة سطحية كل ما يهمها هو الشكل وليس المضمون وهذا الأمريعتبر أحد أسباب تخلفنا وتراجعنا، وفي نفس الوقت لا نزال نتغنى بأننا خير أمة أخرجت للناس، ولكن هل نملك ولو قليلا من الجرأة أن نسأل أنفسنا سؤالا بسيطا:هل حقا وفعلا أننا لا نزال خير أمة أخرجت للناس في وقت تعصف بأمة المليار ونصف المليار حالة من التشرذم والانقسام والعهروالتخلف والتبعية؟..لماذا يريد الكثير منا أن يعيدوننا الى القرون الوسطى وصكوك الغفران؟..هل ابداء الرأي والتعبير عنه أصبح جريمة يعاقب عليها القانون؟..لماذا لا نحترم رأي الاخرين ولماذا نتمسك بمقولة:من لا يتفق معي فهو ضدي؟.
قرأت خبرا مفاده بأن فتاة مغربية في الـسادسة عشر ربيعا من عمرها قد أقدمت على الانتحار بشرب سمّ للفئران بعدما أجبرت على الزواج من رجل اغتصبها لينجو من السجن بفضل تفسير لقانون العقوبات في المغرب.
وتنص المادة 475 من قانون العقوبات المغربي على أن "المغتصب يفلت من السجن إذا تزوج من ضحيته"..انها فعلا مادة للافلات من العقاب.
ومن جانبه رأى المحامي خليل إدريسي من نقابة المحامين في الرباط أن"هذه المادة يجب أن يتم تعديلها بمنح مزيد من الحقوق الى النساء"، فيما وجهت الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة المغربية رسالة حول هذه القضية الى رئيس الحكومة الإسلامي عبدالإله بنكيران.
ان مجتمعنا مجتمع ذكوري وبامتياز، ما يحق فيه للذكر لا يحق للأنثى..مجتمع تسوده الفوضى وعدم الانضباط..مجتمع يفتقد للمصداقية واعطاء كل ذي حق حقه..مجتمع ينظر للمرأة-بدون تعميم- كماكنة تفريخ ليس أكثر..مجتمع تسود فيه شريعة الغاب وتكثر فيه الجرائم التي ترتكب بدافع الحفاظ على الشرف ومعظمها لا مبرر له، فالمرأة سلعة رخيصة يمكن الاستغناء عنها وتبديلها وشراء عيرها بسهولة..لم نسمع عن جرائم ترتكب بحق ذكر انتهك عرض فتاة واغتصبها، فهي السبب وهي التي يجب أن تدفع الثمن وما أغلاه من ثمن..والويل كل الويل لهكذا مجتمع.
ان هذه الفتاة المغربية المغلوب على أمرها تعتبر واحدة من ملايين الفتيات والنساء اللواتي دمر حياتهن قانون العشائر والقبائل الذي يعصف بمجتمعاتنا من المحيط الى الخليج..لقد تحولت هذه الفتاة من ضحية الى جلاد وكانت النتيجة هي اقدامها على الانتحار..فما ذنبها يا ترى؟..وفي الوقت نفسه لا يزال هذا الوحش الذي اغتصبها حرا طليقا، ومن هنا أقول بأن مجتمعاتنا تساعد على ارتكاب الفاحشة والجريمة، فهي تحمي الرجل وتقتل المرأة.
متى سيفهم علماء المسلمين الأجلاء مقولة"أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، بأنها ليست حرباً بين الدين والدولة، ولا بين الدين والدين الاخر، بل ضد من وضع نفسه حاميا للدين وكان غيورا على فرض تصوراته وممارساته على الاخرين.
أين علماء الاسلام من قضية الفتاوي التي تصدر بشكل شبه يومي، فتوى ارضاع زميل العمل مثلا، أليس هذا هو الزنى بعينه؟..أين المفكرين من قيام الأنظمة القابعة فوق رؤوسهم بمنع نشر كتاب لم تتم قراءة مقدمته، ومن منع عرض فيلم لم تشاهد منه سوى دقائق معدودات، ومن حرمان فتاة من اكمال تعليمها الثانوي وحتى الاعدادي لكي تزف الى كهل فهي عبء يجب التخلص منه.
ان هؤلاء العلماء شغلهم الشاغل اصدار هذه الفتاوي التي لا معنى لها وينسون أمورا أهم بكثير، مثل قضية هذه الفتاة وقضايا أخرى في غاية الأهمية..انهم علماء السلاطين.
وأختتم قائلا ومتسائلا:ما هو رأي علماء الاسلام والمحاكم والقضاة لما حصل لهذه الفتاة المسكينة؟، وهل هذا ما يدعو اليه الاسلام؟، وما هو رأي القضاة المدنيون"الليبراليون" من هذه القضية؟..ان قوانيننا تساهم بزيادة حالات الاغتصاب وانتهاك عرض الاخرين، لعن الله واضعها والخزي والعار لكل من يساند مثل هذه القوانين الرجعية المتخلفة..الى متى سنبقى عبيدا وقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا؟.
أسئلة تراودني، فهل من مجيب؟.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: