على العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن يستيقظ فورا
د. صلاح عودة الله - القدس المحتلة
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5415
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قرأت مقالا للكاتب خالد أبو طعمة باللغة الانجليزية، تم نشره في مؤسسة"جيتستون" للأبحاث في شهر شباط من العام الحالي، واليكم ترجمته:
شن العاهل الاردني مؤخرا الملك عبد الله حملة غير مسبوقة على الفساد، وقام بسجن عدد كبار المسؤولين في الحكومات الأردنية السابقة، وذلك نتيجة للانتقادات المتزايدة بسبب عدم وجود الإصلاحات والشفافية.
ولكن هذه الحملة أدت الى زيادة شهية الأردنيين المطالبين والضاغطين على تشديد الاجراءات ضد كبار المسؤولين المشتبه بهم في قضايا اختلاس الأموال العامة وإساءة استخدام سلطاتهم.
ولكن محاولات الملك لتهدئة المتظاهرين أولا وقبل كل شيء باءت بالفشل، والهدف من هذه المحاولات هو منع الربيع العربي من التسلل الى المملكة.
في الأشهر الماضية، شهد الأردن مظاهرات اسبوعية تطالب بإصلاحات بعيدة المدى ووضع حد للفساد المالي،وكان على رأس معظم هذه المظاهرات والاحتجاجات تنظيم الإخوان المسلمين التي تزداد قوته يوما بعد يوم.
في البداية، لم يأخذ الملك هذه الاحتجاجات على محمل الجد، ولكن عندما بدأت بعض القبائل البدوية المعروفة بولائها للعائلة الهاشمية الحاكمة بالانضمام إلى الاحتجاجات، بدأ الملك يدرك أن الوضع في المملكة هو أخطر بكثير مما كان يعتقد.
خلال العام الماضي، قام الملك عبد الله باقالة حكومتين في محاولة لتهدئة الوضع، ولكن دون جدوى. وقد قام ملك الأردن مؤخرا بتعيين عون الخصاونة رئيسا للحكومة، وهو قاض محترم في محكمة العدل الدولية، ولكن هذا الأمر قد فشل أيضا في وضع حد للاحتجاجات المتزايدة.
ورغم أن معظم المتظاهرين والمحتجين تجنبوا الدعوة الى إلى تغيير النظام، الا أن عضوا سابقا في مجلس النواب قام بكسر كل القواعد وطالب علنا بالاطاحة بالنظام الملكي.هذا العضو هو أحمد العبادي وقامت المخبرات الأردنية باعتقاله وتقديمه للمحاكمة.
والمعروف بأن العبادي ينحدر من قبيلة اردنية قوية، وإلقاء القبض عليه أدى الى وقوع العديد من الاشتباكات بين انصاره وقوات الشرطة في شوارع العاصمة عمان.وقد قام أفراد من قبيلة العبادي بالتعهد بتنظيم مزيد من الاحتجاجات حتى يتم الافراج عن ابنهم النائب السابق.
محللون سياسيون يرون أن الملك قام بمحاولات يائسة لتهدئة الأوضاع في بلاده، حيث قام بأمر قواته الأمنية بالقاء القبض على شخصيات مرموقة ومقربة جدا منه، ومنهم الرئيس السابق لبلدية عمان عمر المعاني، والرئيس السابق للمخابرات العامة محمد الذهبي.وقد وجهت لهم تهم تورطهم في الفساد المالي، وهي محاولة أخرى كجزء من الجهود التي يبذلها الملك ليثبت أنه جاد في تحقيق الاصلاحات والتوجه نحوالشفافية.
كما تم استجواب بعض رؤساء الوزراء ووزراء سابقين حول دورهم في فضائح الفساد المختلفة على مدى العقد الماضي.
حتى الآن فشلت جميع هذه التدابير لإقناع المتظاهرين بأن الملك جاد فعلا في محاولاته لتحسين الأوضاع المتأزمة في بلاده.وبعد كل اعتقال أو استجواب لكبار المسؤلين، ازدادت وتيرة محاسبة وعقاب المزيد منهم من قبل الأردنيين الغاضبين.
الكثيرون من المحتجين والمتظاهرين قاموا بمطالبة الملك بأن يقوم باعتقال باسم عوض الله، واحد من أقرب أصدقائه ووزير التخطيط، ورئيس الديوان الملكي السابق، بتهمة الكسب غير المشروع.
وقد قال صحفي أردني أنه إذا استمرت وازدادت ضغوط الرأي العام على الملك، فانه "في النهاية سيقوم باطلاق النار على نفسه".
صحيح بأن الملك قد اتخذ عددا من التدابير لمكافحة الفساد في مملكته الصغيرة، ولكن في نهاية المطاف، لا يزال الأردن بعيدا أن يصبح دولة ديمقراطية..بلد يتمتع فيه الملك بصلاحيات واسعة تمكنه أن يقوم بتعين واقالة رئيس مجلس وزراء وحكومات وحل البرلمان المنتخب في أي وقت يشاء، وفي هذا البلد، يقوم رئيس مجلس الوزراء - بعد موافقة الملك، بطبيعة الحال - بتعيين رؤساء تحرير الصحف وكبار الصحفيين.
وقد أصابت محاولات وجهود الملك الداعية الى الاصلاح حالة من التراجع وعدم المصداقية، حيث تم اعتقال ناشط شاب يدعى عدي أبو عيسى والبالغ من العمر 18 سنة لأنه قام بحرق صورة ملك الأردن ووجهت اليه تهمة "المساس بكرامة الملك."
كان على الملك أن يدرك أنه في عصر الربيع العربي، وزج شاب في السجن لأنه قام بحرق صورة زعيم عربي، سوف تضيف هذه القضية كمية الوقود الملقاة على النار الملتهبة، وكان عليه أن يدرك بأن عصر حكم الأنظمة المستبدة الشمولية في العالم العربي لم يعد مقبولا وقد ولى وبدون رجعة.
إذا أراد الملك عبد الله أن يبقى في دفة الحكم، فانه من الواجب عليه التخلي عن بعض سلطاته، والسماح باجراء انتخابات حرة وديمقراطية برلمانية وحكومية والتوقف عن قمع منتقديه. ولكن، اذا فشل الملك ولم يستيقظ فورا، فان الأردن سيصبح قريبا جدا تحت سيطرة الاسلاميين، أو الأغلبية الفلسطينية.
----------
**خالد أبو طعمة كاتب وصحفي فلسطيني من مواليد مدينة طولكرم ويعمل مراسلا للعديد من وكالات الصحافة الأجنبية وله العديد من المقالات السياسية. **هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظري.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: