احمد ملحم - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8793
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صمت مريب صارخ يعربد في الضفة الغربية منذ وقت، لا شيء قادر على تبديله او تغيير ابجدياته، وكأن واقع الضفة قد تبدل من منطقة تثور وتغضب وتقاوم وترفض الظلم، الى واقع صامت اخرس تمر عليه الاهانات وكأنه لا يشعر بها... بفعل العادة، هل يمكن للضفة الغربية ان تبقى كذلك وهي التي ولدت قادة المقاومة وشهداء الشعب الفلسطيني، كيف لام الثورة ان تصمت... وهي التي انجبت الجمالين ومحمود ابو هنود ونايف ابو شرخ وابو علي مصطفى ومحمود طوالبة وكل الاستشهاديين الابطال... اما ان للضفة ان تثور؟
لقد تحولت الضفة الغربية الى مدينة اشباح، لا تتحرك لكل التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، ما دعاني الى الكتابة عن واقع الضفة الغربية، هي امور كثيرة تراكمت عبر الايام... اشياء تدلنا على ان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية غير قادر على ابداء رأيه بكل ما يجري على الساحة الفلسطينية، لما يتعرض له من ممارسات قمعية من شأنها ان تسحق مشاعره واحاسيسه.
شلال من الدماء الزكي نزف في قطاع غزة، ستة شهداء من كتائب القسام، وسابع من سرايا القدس، اضافة الى تجريف الاراضي الزراعية وهدم البيوت، والتخريب الصهيوني.. مشاهد الامهات الثكلى والاطفال اليتامى... دموع غزة ودماءها تنزف بغزارة وكرم كبيرين... والضفة الغربية تغوص اكثر في صمتها القاتل... لا صوت بها.
قبل اسبوع وصلت سفينة الامل الى قطاع غزة... في محاولة لكسر الحصار الظالم، تحمل على متنها العشرات من المتضامنين العرب والاجانب، جاءوا لكي يعبروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني واهل القطاع، رافضين سياسة الحصار والتجويع الصهيوني ضد القطاع، بعد اسبوع ستصل سفينة اخرى تحمل نواباً اوروبيين واجانب للوقوف مع غزة... اين الضفة الغربية من كل هذا؟
حقاً لا ادري ماذا اسمي واقع الضفة الغربية اليوم، ولكن حقاً انه واقع مقلق للغاية، اليوم مع سقوط الشهداء في غزة كنت اتوقع ان تخرج هبة جماعية شعبية الى الشوارع، تساند اهل القطاع في حربهم ضد الصهاينة، يرفعون الشعارات ويصرخون عبر المكبرات لتعزيز صمود المقاومة بغزة، ينددون بالمفاوضات الوقحة التي يجريها فريق السلطة الديكتانورية مع الصهاينة القتلة، يطالبون الاجهزة الامنية بوقف التنسيق الامني، ووقف ملاحقة المقاومة ومطاردتها، كنت اتوقع من الاحزاب السياسية والجمعيات ان تدعو الى الخروج الى الشارع، وان تعبر عما بداخلها، ان تنظم اعتصاماً تشعر اهل القطاع بأن احدا يقف بجنبهم... لماذا هذا الصمت.
اليوم لا يمكن للصمت ان يستمر، يجب ان يفجره مواقف مشتعلة... لكنني ادرك جيداً انه لن يحدث الان ولكنه ات في الغد... وادرك ان لصمت الضفة الغربية اليوم سبب واحد لا غير... هو محمود عباس وسلطته واجهزته الامنية لا غير، قد يقول البعض "اترك هذه الشماعة" التي تعلق عليها كل الاشياء... اقول لا هي السبب الحقيقي، ولا احد غيرها.
نعم محمود عباس واجهزته الامنيه هي السبب ... هي التي تقمع حريات الشعب الفلسطيني وتريد اخراسه بأي شكل كان... ليس فقط ابناء حماس... بل كافة الشعب الفلسطيني... وهنا تكثر البراهين الدامغة، نتذكر جيداً مؤتمر انابوليس القذر والذي هرول اليه ابو مازن..وحين هو كان يمازح اولمرت بانابوليس كانت اجهزته الامنيه تقمع مسيرات حزب التحرير والجهاد الاسلامي في الضفة الغربية... وقد استشهد شاب في مدينة الخليل برصاص السلطة، ورأينا جميعاً كيف كانت تلك الاجهزة تضرب بالشعب كباراً وصغاراً... الم يشاهد العالم كله صورة ذاك العجوز الفلسطيني الطيب الذي يضرب بالعصا من قبل احد افراد الاجهزة الامنية، الم تهاجم الاجهزة الامنية مئات المصلين يوم الجمعة حين خرجوا من مساجد رام الله للتعبير عن رفضهم لانابوليس وواجهوهم بالعصي والهراوات والغاز المسيل للدموع... الم تمتلأ السجون بعدها من المنتفضين ... الم تمنع الاحزاب من الاعتصامات والمسيرات السلمية والتي تهدف الى التعبير عن رأيهم ومشاعرهم... بلا حدث كل ذلك واكثر.
نعم عباس واجهزته الامنيه التي تكتم افواه الشعب الفلسطين... انظروا الى ارشيف سجونهم تعرفون ذلك، كم من صحفي وكاتب اعتقل وتعرض للتعذيب والتنكيل،وما زال ذكلك ، ليس لانتمائه السياسي بل لانه عبر عن اراءه السياسيه... على سبيل المثال لا الحصر البروفيسور القدير عبد الستار قاسم، والصحفي عوض الرجوب مراسل الجزيرة نت... وهذا ينطبق على الاحزاب ايضاً، فأين مسيرات احزابنا من مجازر غزة وحصارها الظالم، اين هم من مسلسل المفاوضات العبثية الوقحة مع الصهاينة، اين هم من الوقوف الى جانب الشعب... هل لدى احدأ الشجاعة والجرأه ان يدعو عناصره والشعب الفلسطيني للغضب والخروج الى الشارع ثائرأ رافضا مجازرغزة وحصارها ومفاوضات السلطة العبثية والدعوة للمقاومة؟... لن ارى شيئاً من كل ذلك؟
غزة الجريحة الشهيدة... انا ان كنت غير قادراً على الخروج لوحدي الى الشارع والصراخ والغضب ضد حصارك وظلمك، اقول لك هنا انا معك بكل كياني مع مقاومتك وصمودك... مع دماء ابناءك الشهداء، مع دموع الامهات وعويل الارامل والثكالى ... انا معك اليوم في محنتك... وغداً في نصرك.