السلطة الديكتاتورية الفلسطينية... تحارب الفكر والكلمة
احمد ملحم - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6361
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مع مرور الأيام تشتد حملة الاختطاف والاعتقال التي تقوم بها أجهزة عباس الأمنية، مع استهداف قوي وغير مسبوق للمفكرين والعلماء والصحفيين واصحاب الاراء السياسية ، وهذا يعتبر مؤشر خطير يوحي الى اي مدى وصلت اليه حرية الراي والتعبير والفكر في الضفة الغربية، بالاضافة الى مدى الضررالسياسي الذي تلحقه تلك التصرفات في نجاح دعوات الحوار الوطني، الذي ما زال بعيدا نتيجة للضغوط الصهيوامريكية، وعدم قدرة عباس في الخروج عن تلك الاوامر والاملاءات الاجنبية، وبالتالي فأن الايام القادمة ربما تحمل تصعيد اكثر خطورة من الان اذا ما استمرت تلك السياسات على ارض الواقع.
يعود الى الذاكرة ملف الاعتقال السياسي والفكري في سجون السلطة، حيث تعتبر تلك الاعتقالات ، مثار جدل منذ قدوم السلطة الفلسطينية عبر اوسلو الاسود، حيث انتهجته السلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية كأسلوب وسلوك يومي للرد على معارضيها من اي اتجاه كانوا، متبعين بذلك سياسة تكميم الافواه في محاولة للقضاء على اي صوت معارض لسياسات السلطة وسلوكياتها اليومية، اضافة الى اعتقال المجاهدين من مقاومي الفصائل المسلحة، وهناك مئات القصص المروية عن اساليب التعذيب والاهانة واحيانا القتل في سجون السلطة الفلسطينية ، والتي يشهد عليها العالم، حيث بلغت ارقاماً قياسية في بعض الاوقات، وكان اخر تلك الجرائم اغتيال الشهيد مجد البرغوثي قبل اشهر.
وقد يقول البعض ان هذه الاعتقالات قد تكون كردة فعل ، ومن باب المناكفة السياسية مع حركة حماس، ولكن مع قليل من التدقيق نلاحظ ان هذا الكلام غير سليم بتاتاً، فجل الاعتقالات التي تمت مؤخراً طالت علماء، ورجال دين، وممثلي الشعب الفلسطيني من حركة حماس ومنهم مستقلين، وصحافيين لمختلف وسائل الاعلام المحلية والعربية، ناهيك عن طلبة الجامعات ، ومقاومي الجهاد الاسلامي وحركة حماس ايضاً.
وبهذا يتضح جليا مدى السياسة البشعة التي ترتكبها سلطة رام الله واجهزتها الامنية، بانتهاجها الاعتقال السياسي والفكري كوسيلة متأصلة في سلوكياتها ضد افراد الشعب الفلسطيني، لما يرافق ذلك الاعتقال من اعتدء صارخ على حرية الرأي والتعبير، ومن اعتداء على كرامة وانسانية وحياة المختطفين، وليس هذا وحسب بل انه احيانا يصل الى درجة اخد زمام المبادرة من قوات الاحتلال، والقيام بالاعتقالات نيابة عنه،
وبالتالي فأن سياسة الاعتقال السياسي التي تقوم بها الاجهزة الامنية في الضفة الغربية، تهدف اولا الى حماية امن اسرائيل وذلك بالتعرض الى مقاومي الفصائل المسلحة وبالذات مقاومي الجهاد الاسلامي وحركة حماس وهو ما دعا الحركة الى التعبير عن غضبها مؤخرا من تلك الاعتقالات مهددة بنفس الوقت من تكرار تجربة غزة، بالاضافة الى ان سياسة السلطة المبنية على الدكتاتورية لا تستطيع سماع كلمة مناهضة لسياساتها التطبيعية المهرولة مع اسرائيل، لذلك لا نستغرب الكم الهائل للصحفيين المختطفين كمراسل الجزيرة نت، ومدير تلفزيون الامل في بيت لحم، والصحفي مصطفى صبري الذي تعرض الى الضرب في مقرات المخابرات... وغيرهم الكثير.
ولم تتوقف هذه الحملة الشرسة عند ذلك بل وصلت الى ملاحقة علماء الامة ومفكريها وممثلي الشعب الفلسطيني الذي اختارهم كممثلين له في المجالس البلدية والقروية، لتفضح مدى الهمجية والسوقية التي تتعامل بها تلك الاجهزة الامنية مع الشعب الفلسطيني ومنجزاته وخيرة ابنائه، وخير دليل على ذلك الاقتحام البشع والهمجي لمنزل البروفيسور عبد الستار قاسم ليلاً، والذي تعرض سابقأ للخطف اكثر من مرة على ايدي الاجهزة الامنية، بل تعرض للاغتيال واطلاق النار عليه، وحرق منزله وسيارته ايضا، وذلك لاراءه السياسية وكلمات يؤمن بها ودفع ثمنها غالياً ، كلمات يخطها على الصحف المحلية ومواقع الانترنت لا اكثر"فأي امة جاهلة نحن"، وكذلك الاقتحام الهمجي لمقر رئيس رابطة علماء فلسطين سابقا، الشيخ النائب حامد البيتاوي وتدمير مكتبه وسرقة اثاثه، اضافة الى اعتقال اكثر من عشرة اكاديمين بدرجة الدكتوراة من جامعة النجاح كان اخرهم،الدكتورالنائب محمد غزال والدكتور فريد ابو ضهير،والدكتور رائد نعيرات..القائمة تطول
وازاء ذلك التصعيد الغير مسبوق من قبل، والذي ترافق مع دعوة عباس من القاهرة لبدء الحوار الوطني فأن هذا التناقض يدل على ان قرار الحوار الوطني والبدء به ليس قراراً فلسطينياً يمكن ان يتخذه عباس بحرية، بل هو قرار دايتوني بحت، لا يمكن ان يخرج الى ارض الواقع دون ان يوقع عليه كيث دايتون رئيس السلطة الفلسطينية الجديد، لذلك فأن الامور يجب ان تكون اكثر وضوحا للجميع، بمعنى ان يقف الشعب الفلسطيني على مجريات الامور ويدرك من هو الغير قادر على الخروج من العباءة الاجنبية وغير قادر على بدء الحوار، اضافة الى ان المشهد الفلسطيني وتطوراته يحتاج الى وقفة شجاعة وقوية غير متحيزة من قبل الفصائل الفلسطينية وخاصة المنطوية تحت منظمة التحرير المهترئة، لتشكف الامور وتوضع النقاط على الحروف امام شعبها.
وبالنهاية فأن الحملة الامنية الاخيرة في الضفة الغربية، والتي رسمت في مقرات الشاباك والشين بيت، واشرف عليها الصهيوني كيث دايتون، والذي يعد الاعتقال السياسي والفكري احد فصولها.. فأنها تشير الى اي مدى ذهبت اليه السلطة الفلسطينية في الانزلاق للحضن الصهيو امريكي، وانه اصبح لا مجال للعودة عن ذلك، وان السلطة اصبحت تقوم بدور الوكيل عن قوات الاحتلال الصهيوني في تخريب منجزات الشعب الفلسطيني، وملاحقة فكر المقاومة وابناءه المقاومين والذهاب بعيدا عن اهداف الشعب الفلسطيني، اضافة الى وقوع الاراضي الفلسطينية بشعبها وحجرها وشجرها تحت اوامر كيث دايتون كشكل من اشكال الوصاية الامنية الجديدة، وبالتالي فأن هذه الممارسات والسلوكيات السلطوية لن تمر هكذا على الشعب الفلسطيني ، بل سينجم عنها مواقف واحداث جسام من شأنها ان تعيد رسم الخريطة السياسية الفلسطينية والعربية من جديد لصالح الشعب الفلسطيني ومبادئه الاصيلة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: