البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

رسائل إلى حزب النهضة في الذكرى 41 للتأسيس

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 633



احتفل حزب النهضة التونسي في 6 حزيران/ يونيو بالذكرى الحادية والأربعين لتأسيسه (وقد كان ذلك في ندوة صحفية لإعلان تأسيس الحزب يوم السادس من حزيران/ يونيو 1981) تحت مسمى عام "الاتجاه الإسلامي"؛ في فسحة حريات محدودة تغطى بها محمد مزالي، الوزير الأول بعد الهادي نويرة الذي تعرض للجلطة بعد عملية قفصة العسكرية (كانون الثاني/ يناير 1980) والتي اضطرت بورقيبة لإرخاء الحبل مع معارضيه إلى حين.. منذ ذلك التاريخ لم تتوقف محن الحزب ولم يبق جدار بسجن تونسي لا يحمل أسماء منتسبيه، وقد أكلت المحن الكثير من جسد الحزب ولكنه لم يمت. ومنذ التاريخ أيضا لم تقم سياسة في داخل تونس إلا في صراع مع الحزب؛ فإما قمع وتشريد أو قصقصة أجنحة أو استخدام و"ركوب".

واحد وأربعون عاما من السياسة ضد النهضة أو معها جعلت الحزب مدار السياسة، وقد تلاشت من جواره مسميات حزبية حتى لم يعد يتذكرها أحد. ماذا يمكن أن يقال؟ وعن ماذا سيسفر احتفال الذكرى الحادية والأربعين؟ سنوجه رسائل بسيطة للحزب من موقع المواطن.

من أي موقع نتحدث للحزب في هذه الرسائل؟

تحدثنا دوما مع الحزب حديثا غير رسمي، لكن عبر أصدقاء لنا من داخله بخلفية غير استئصالية. ولم نخف لحظات تعاطف عالية عندما نتحسس عودة الخطاب الاستئصالي في أي موقع كان، ولم نخجل من استعدادنا للدفاع عن الحزب عندما يتحول الخطاب إلى نيّة اعتداء، لكننا نقدنا سياسات الحزب في مواضع كثيرة بعد الثورة، وفي أغلب مشاركات الحزب في الحكم أو في مشاركاته البرلمانية. وهذا التذكير ليس منّاً على الحزب، لكننا اخترنا موقع مرافقة الديمقراطية بالنصيحة، وقد بنينا مع أصدقاء آخرين وخاصة الدكتور زهير إسماعيل موقفا واضحا (وجود النهضة ومشاركتها في العملية السياسية شرط لازم لبناء الديمقراطية)، ومن هذا الموقع نفسه نوجه الرسائل.

ونحن غير معنيين بالمرة بتلك التهم المنحطة التي تصنف كل من لم يضرب النهضة بأي حجر يصل يده بأنه نهضوي (أو خوانجي أو مرتزق يقبض منها!). فهذه الاتهامات طالت أعتى العلمانيين المعادين للنهضة ولكل مرجعية سياسية إسلامية، وآخرهم عياض بن عاشور، الفقيه القانوني. فهذه الاتهامات تصدر حصرا عن غرفة عمليات بوليس ابن علي، بل يمكننا أن نفخر بأننا لم نمارس الاستئصال ولم نؤذ بشرا في رزقه ولا في عرضه. نحن نعرف من أي عين يشرب بوليس ابن علي، لذلك نتجاوز.

ما نرى واجب قوله للنهضة أو رسائلنا في ذكرى التأسيس

لقد أعلنتم براءتكم من عقل الفرقة الناجية، ونحن من بعض من لم يقبل منكم خطاب الفرقة الناجية منذ التعارف في الجامعة. ولم نر شيوخكم سعيد بن جبير أمام الحجاج، ولا جمهوركم أصحاب الأخدود في نجران. وفي الديمقراطية يصير الإخلاص لإعلانكم ضرورة أخلاقية وسياسية، ما نتابعه حتى الآن أن هذا الإعلان (وهو ما سميتموه بالإسلام الديمقراطي) لم يتجسد على الأرض. وليس الموضع موضع محاسبة، ولكن منشورات أنصاركم لا تزال تكفيرية في مواضع كثيرة، بما يوحي بأن البراءة رسالة سطحية موجهة إلينا ولا تنفذ إلى عمق تفكير جمهوركم، فاتخذوا لكم حديثا واضحا واحسموا ليكون لكم شركاء على بينة.

لقد تذرعتم دوما بأن وضع المطاردة يؤجل طرح المسائل الجوهرية، وقلنا لكم إن هذا تباكي الضحية الكسولة دون الفعل، وقد شعرنا في ردهات كثيرة أنكم تستمطرون الآلام لتهربوا من الاستحقاق العميق. لا نرى سببا يمنعكم من ترتيب الجهود وتوزيع المهام بين السياسي اليومي والفكري الدائم، إلا أن تكون هذه الصفوف من القياديين في المركز والجهات مجرد أسماء فضفاضة عاجزة عن كتابة جملة، ولسنا في موضع اختبارها ولا الحكم على كفاءاتها. ولكن بعد عشر سنوات من الحرية عليكم أن تعرفوا أن جيرانكم غير الاستئصاليين في السياسة والاجتماع لا يقبلون صورتكم الماضية، ولا يعرفون صوركم المستقبلية. وإذ نظن أنكم تطرحون على أنفسكم أكثر من مجرد الفوز بوظيفة براتب مجز، نرجو أن يتوقف التحجج بذريعة آن الآخرين أيضا ليس لهم كتاب.

في تراثنا المشترك وجدنا أن سن الأربعين هي سن النضج العقلي (المؤهل للنبوءة)، ووجدنا أن الأجيال تتبدل كل أربعين سنة وأنتم في عيدكم في مرحلة النضج والتبدل، لكننا جيرانكم ولم نر الجيل الجديد. وقد تابعنا التشقق الحزبي والاستقالات، وسمعنا الحجج ووجدنا لها منطقا. لقد انفتحت معركة الانتقال القيادي ولكن حلولها تأجلت، وأنتم أعرف بالذرائع أو الأسباب.

سيبدو أمر الانتقال القيادي كشأن داخلي، لكن الموقع الذي تطلبونه في الشراكة السياسية/ الوطنية يجعل معارككم الداخلية قضايا وطنية تعني جيرانكم؛ لا من قبيل المحبة أو التصافي الأخوي بل من قبيل شظايا زجاجكم المكسور تصيبنا في وجوهنا.

نشم روائح مطبخكم الداخلي ونجدها روائح مطابخ وجبات سريعة لا تكشف مشروعا طويل النفس (مما تدّعون)، وإنما تنافس على المواقع والمغانم. وهذا مدخل ضعف وهشاشة التي عصفت بالأحزاب والمنظمات المجاورة، وهو مدخل للاختراقات (وقد رأينا فيكم كثيرا من رماة أُحد).

نتوقع أو نتمنى (ونعرف الاستحالة الكامنة في التمني) أنكم واقفون على حدود العجز عن التخلي والاستبدال العقلاني، وبقدر ما سيكون في ذلك من خسارة لكم وللمجتمع بجواركم إلا أنه يحررنا أكثر من العطف في منعرجات الاستئصال التي لن تنتهي في المدى المنظور. (هذا مرض جيل ومرض مجتمع يعيش أزمة تحديث ديمقراطي). لن نتردد في القول لكم بصوت تسمعونه: "تخربون بيوتكم بأيدكم"، فلا تبكوا على كتف أحد.

نهضة أخرى ممكنة؟

إذا قلنا لكم إن وجود النهضة شرط لقيام الديمقراطية وإقامة الجدل السياسي البناء بين مشاريع بمرجعيات مختلفة ومتناقضة، فإن هذا لا يعني أن المجتمع قائم بكم أو من أجلكم، كما أظنكم تعلمون جيدا أن الإسلام قائم دونكم وقد كان قبلكم وسيبقى بعدكم، ولستم في تاريخه إلا بعض المؤمنين به بعد انتهاء عصر النبوءة.

لذلك نريد أن نتخيل نهضة جديدة بقيادات جديدة بخطاب ديمقراطي لا يتباكى من ظلم وإن وجد، ولا يتعالى بسلطة وإن ظفر، ويطرح على الناس أفكارا جديدة بوجوه جديدة قادرة على المضي بالحوار والجدل والصراع (تدافعكم المحبوب) إلى مدى أبعد.

في هذه البلاد من يثمّن عاليا حمايتكم للحريات منذ الثورة ويثمّن خروجكم الشجاع ضد الانقلاب المعادي للحريات (لم يخل البلد من عقلاء أبدا). لم نخض هنا في موضوع أخطائكم في الحكم وبعضها كارثي، لكننا حسمنا الأمر سابقا (أخطاء التقدير تناقش في وضع ديمقراطي لا تحت الحصار الإعلامي الاستئصالي).

نقدر رغم بؤس اللحظة أن قد خرجت البلدة من معارك الاستئصال وقد عجز الاستئصاليون أمام ما حميتم من الحرية (وتقديرنا أن هذه الأيام الأخيرة للاستئصال الفكري والسياسي)، وهذا استثماركم، لكن إذا اعتبرتموه وسيلة شخصية للسلطة فسيجعل منكم ذلك حطب مرحلة لا أحجار تأسيس.

ماذا ستؤسسون؟ ستؤسسون الديمقراطية الدائمة ليس بهذا الجيل القيادي بل بجيل جديد من أبنائكم، وبالشراكة حتما مع أبناء الجيران والخير ليس فيكم وحدكم. السنوات العشر (وقد سميناها عشرية الحريات الباهرة) كانت مقدمة تأسيس، والآن نستشعر أن البلد دخل مرحلة المرور إلى كتابة النص الديمقراطي الطويل. فليكن عيدكم تحولا عميقا لا مناسبة حلوى مجانية على حساب الحزب، ثم تتلبسكم النبوءات الكاذبة مرة أخرى.

أيها الأصدقاء لستم صحابة رسول الله والتوانسة ليسوا كفار قريش، لكننا شركاء وطن وعشاق حرية نترافق في طريق طويلة ونقتسم مؤونة الطريق وجلابيب آبائكم ضاقت علينا، وسنتجاهل أن قد ضاقت عليكم حتى نرى وجه حزب جديد، أو نكتب: كان هناك شيء اسمه حزب النهضة وسقط بالتقادم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، حركة النهضة، راشد الغنوشي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-06-2022   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمود علي عريقات، أحمد الحباسي، فوزي مسعود ، محمود فاروق سيد شعبان، سفيان عبد الكافي، سيد السباعي، عراق المطيري، صباح الموسوي ، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، د - محمد بن موسى الشريف ، نادية سعد، د - عادل رضا، عبد الله زيدان، صالح النعامي ، صلاح الحريري، محمود طرشوبي، خبَّاب بن مروان الحمد، جاسم الرصيف، د - شاكر الحوكي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، محمد الياسين، سلام الشماع، د.محمد فتحي عبد العال، حميدة الطيلوش، رمضان حينوني، رشيد السيد أحمد، وائل بنجدو، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، علي عبد العال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حاتم الصولي، مجدى داود، الهيثم زعفان، د - الضاوي خوالدية، الهادي المثلوثي، إيمى الأشقر، كريم فارق، أبو سمية، يزيد بن الحسين، منجي باكير، ماهر عدنان قنديل، د- جابر قميحة، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ضحى عبد الرحمن، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، محمد عمر غرس الله، مصطفى منيغ، سلوى المغربي، فهمي شراب، محمد الطرابلسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن الطرابلسي، سليمان أحمد أبو ستة، إياد محمود حسين ، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رضا الدبّابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد محمد سليمان، تونسي، إسراء أبو رمان، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي، ياسين أحمد، عمار غيلوفي، صفاء العربي، سعود السبعاني، علي الكاش، د- هاني ابوالفتوح، صلاح المختار، فتحي العابد، كريم السليتي، د. عبد الآله المالكي، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، أ.د. مصطفى رجب، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي، المولدي الفرجاني، طلال قسومي، د - مصطفى فهمي، سامح لطف الله، د - محمد بنيعيش، محمد يحي، رافد العزاوي، عواطف منصور، محمد شمام ، فتحي الزغل، د. مصطفى يوسف اللداوي، الناصر الرقيق، محرر "بوابتي"، محمد العيادي، مراد قميزة، عمر غازي، عبد الله الفقير، د. خالد الطراولي ، خالد الجاف ، يحيي البوليني، العادل السمعلي، د. أحمد بشير، رافع القارصي، مصطفي زهران،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة