د - ضرغام الدباغ - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2272
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عطفا على المقالة السابقة الصادرة في الفيسبوك (20 / كانون الثاني / 2020)، " الاستخدام الأمثل للحواس الخمس ".
كتبت قبل سنوات عن زيارة قمت بها لإحدى أشهر معسكرات اعتقال النازية في فايمار / بولاية تورنغن (Buchenwald) جنوب شرق ألمانيا، والزيارة مثلت شيئاً مهماً في ثقافتي، رغم أني كنت قد زرت قبلها معسكرا آخر للأعتقال بالقرب من العاصمة برلين (Sachsenhausen) إلا أن زيارة بوخنفالد تمنحك انطباعات عديدة وتخرج من الزيارة وأنت أكثر ثراء .. عندما تعرف أن في هذا المكان جرت تصفية مئات ألوف البشر، قامت النازية بتصفيتهم أسباب عقائدية. وللأمر تداعياته بالطبع.
النازية أخضعت أوربا كلها بأستثناء بقع صغيرة، بأستخدام القوة، واعتقد الجميع في البلدان المحتلة أن النازية الهتلرية وحش لا يمكن إزاحته، إلا المتسلحين بالوعي التاريخي، أو دول لا تؤمن بالقوة الغاشمة سبيلاً لإقرار حقائق تاريخية جديدة .. والأمر هو سباق مع الزمن .. الذي لا يستحق الفوز سوف لن يفوز، ووحشيته لا تقنع أحداً بأنه على حق .. القتل لا يثبت شيئاً سوى أن فاعله همجي ليست لديه فكرة صالحة، وإلا كان قد لجأ إليها ..!
شيئ آخر كان يقنع التقدميون والديمقراطيون، أن الفاشية ستزول، والقوه الهائلة ستزول وتضمحل تدريجياً عندما يبقى الناس يقاومونها، رغم أن الفاشية سحقت دولاً وشعوباً، إلا أنها لا تمتلك مقومات الفوز والنصر ... وما يحاول إثباته الجلادون في سجون الفاشية هو أمر فاشل في نهاية المطاف، وكانت الفاشية قد نجحت بمسخ بشر من الرجال والنساء، وحولتهم إلى حيوانات تتلذذ بالتعذيب والقتل، وهناك جلادون اشتهروا بأنهم آلهة التعذيب والقتل (أبو عزرائيل) وابتكروا أساليب (ذكية) داهية في التعذيب والإبادة، ضباط يضعون رتباً عسكرية رفيعة على أكتافهم، من المشكوك به أن يكونوا ضباطاً مقاتلين محترفين، بل على الأرجح هم ضباط (دمج ...!) منحوا رتباً لولائهم المطلق للفاشية.
زيارة معسكر اعتقال بوخنفالد منحت تفكيري أبعاد وخرجت متأثراً غاية التأثر، وأخذت أقرأ كل شيئ عن بوخنفالد وأمثال بوخنفالد، وشاهدت أفلاماً، وهذه القراءات والمشاهدات أخذتني لأبعاد إنسانية جديدة، ومنحت قناعاتي السياسية ملامح جديدة، من يحاول قتل خصومه يعني أنه فشل سياسياً، وأن لا محتوى ثقافي صالح في دعوته ..! ولا محتوى اجتماعي .. بل وأكثر من ذلك .. هو بعيد عن جوهر الإنسانية، وحتى عن ملامحها العامة ..
قرأت في إحدى المصادر أن رجلاً مسناً كان معتقلاً في بوخنفالد .. جالس على الأرض ..وتقرب منه ضابط فاشي يتبختر بفاشيته وبقدرته أن يكون وحشاً، تطلع الرجل المسن إليه .. وأمسك بقبضة من تراب الأرض، وقال له " أنظر ... وفتح أصابعه وأخذ التراب يتبدد ... هكذا سوف تتبدد دولتكم ".
أخرج الضابط مسدسه وأطلق النار على رأس الرجل وقتله في الحال.
انتهت الحرب وأقيمت الدعاوى على الجلادبن .. وكان هذا الضابط الفاشي قد هرب إلى الأرجنتين، وجاؤا به من هناك ليقدم للمحاكمة وينال جزاؤه.
تمر السنوات، والناس يكتبون العبر، للقراءة وليس للتسلية، ليمتلئ القلب بالحب والإنسانية، والرأس بالفكر الإنساني، ولتشاهد العين أشياء جميلة .....
عنوان الرواية الشهيرة " عار بين الذئاب " عن معتقل بوخنفالد (Nackt unter Wülfen ) وتحت هذا العنوان ستجدون الكثير من الصور والأفلام الوثائقية، وأدناه روابط لعدد من هذه الأفلام المميزة
https://www.youtube.com/watch?v=lszk7edzFpU
https://www.youtube.com/watch?v=_kbwuhQehmI
https://www.youtube.com/watch?v=B6mdqiaVXfc
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: