(330) ملاحظات عقدية ومنهجية على مشروع رسالة دكتوراة حول "استخدام العلاج العقلانى الانفعالى فى خدمة الفرد" (*)
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5183
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
سأقسم ملاحظاتى على الخطة إلى جانبين ، الجانب المنهجى والجانب العقدى أولا : ملاحظات خاصة بالنموذج المختار
1- عامان كاملان وأنا أبحث عن السبب فى إصابة باحثينا المساكين بالسكتة حينما يسأل الأستاذ الدكتور محمد عبد السميع سؤاله القاتل للباحث :"أين مشكلتك البحثية" .
وأخيرا عرفت السبب ، وهو أن الباحث لا يعرف الأبعاد الثلاثة التى يجب عليه أن يعرض فى ضوئها مشكلته البحثية ، فيقنع هيئة السيمنار بصلاحيتها للتسجيل . هذه الأبعاد هى :
أ- البعد المثالى Ideal : يحدد فيه الباحث الهدف المرغوب فيه من إجراء البحث ،بمعنى ما الذى يجب أن تكون عليه الأشياء.
ب- البعد الواقعى Reality : يحدد فيه الباحث الموانع التى تقف حائلا دون تحقيق هذا الهدف ،أى المسافة بين الواقع الحالى للمشكلة البحثية والهدف المثالى الذى يسعى إليه.
ج- بعد الآثار أو التتائج Consequences : وفيه يحدد الباحث الطريقة التى يقترحها لتحسين الموقف الحالى للمشكلة لتكون أقرب إلى الهدف المثالى .
ومن هنا فإنى أسأل الباحث أين مشكلتك البحثية فى ضوء هذه الأبعاد الثلاثة.
2- "ألبرت أليس" صاحب النظرية ذكر نموذجا لثنتى عشرة قكرة غير عقلانية وغير منطقية أو خرافية تكمن وراء السلوك المضطرب.
فإذا كان صاحب النظرية قد وضع نماذج للأفكار اللاعقلانية ، فمن المنطقى أن يقوم مستخدموا هذه النظرية بالاسترشاد بهذه النماذج ، أو أن يفدموا نماذج للأفكار الغير منطقية والغير عقلانية التى ترتبط بمشكللاتهم البحثية . ومن هنا أسأل الباحث أين نماذج الأفكار غير العقلانية وغير المنطقية التى تقف حائلا دون تنمية قدرات الذات لدى المراهقين فى الخطة؟ لا أثر لها فى الخطة.
3- الفرضيات التى وضعها الباحث ليس لها ارتباط بنظرية العلاج العقلانى الانفعالى ، رغم أن هذه النظرية بالذات على خلاف غيرها تتميز بأن صاحبها وهو "إلبرت إليس" وضع اثنتين وثلاثين فرضية وأكدت الدراسات والبحوث التجريبية التى قام بها على صحتها . وهذا أمر نادر فى النظريات العلمية أن نجد صاحب نظرية يضع فرضيات لاختبارها. وكان على الباحث أن يختبر هذه الفرضيات التى وضعتها النظرية. يقول الباحث:"لا توجد فروق إحصائية عند مستوى معنوية 1% بين استخدام العلاج العقلانى الانفعالى الموجه إسلاميا فى خدمة الفرد وتنمية الذات لدى المراهقين" . هنا هو يختبر النظرية ككل ، والمفروض أن يختبر فرضيات النظرية الجاهزة التى حددها صاحب النظرية ككل ، ومن هنا كان يجب أن تكون فرضيته : :"لا توجد فروق إحصائية عند مستوى معنوية 1% بين الحالة المزاجية للمراهق وتقديره لذاته ". أو :" لا توجد فروق إحصائية عند مستوى معنوية 1% بين معرفة المراهق ومعتقداته وتقديره لذاته" . وذلك لأن الحالة المزاجية والمعرفة والمعتقدات هى أحد فرضيات النظرية لإليس.
ثانيا :ملاحظات تتعلق بمفهوم تقدير الذات
1- لاحظت عبر قراءتى لخطة الباحث أنه لم يدرك بعد أن موضوع تقدير الذات ليس بهذه البساطة التى يتصورها ، فهو موضوع تبنى عليه الآن استراتيجيات تعليمية وتربوية ونفسية ، وتعقد له دورات تدريبية وورش العمل ومحاضرات .. حتى إن البعض اطلق مصطلحا أسماه " صناعة تقدير الذات" على وزن صناعة السينما والموسيقى وغيرها . وطبعا إطلاق لفظ صناعة يعني أن هناك من يكسب منها، ومن ثم يجب على الباحث أن يشرح ويقيم لنا ماذا تعنى صناعة تقدير الذات وما الذى تقدمه لنا .
2- نال هذا الموضوع اهتماما كبيرا فى الأوساط الأكاديمية والبحثية وخاصة فى الولايات المتحدة ، وأقصد بهذا أن عبئا كبيرا يقع عليه إذا ما أصر على هذا الموضوع ، فهو يحتاج إلى تأصيل نظرى متعمق ، وإذا نجح فى ذلك فسيقدم إضافة جديدة تميزه عن غيره.
3-على الباحث أن يحاول العثور على التقرير الذي أعده فريق العمل التابع "للسناتور جون فوسكونوسيلوس" من كاليفورنيا في نهاية الثمانينيات, والذي صدر عام 1990، وأصبح من أهم مراجع صناعة تقدير الذات الحديثة.وأن يركز بشدة على الانتقادات التى وجهت إلى هذا التقرير، وأن يجمع مادة علمية قوية عما يسمى بحركة تقدير الذات self-esteem movement
4- أن سعى الباحث لتنمية تقدير الذات عند المراهقين لا بد أن يرتبط بهدف . بمعنى أن يحدد لماذا يسعى لتنمية تقديرهم لذواتهم ،.فالبحوث المتعلقة برفع تقدير الذات فى الولايات المتحدة لطلبة المدارس كانت تهدف إلى تحسين أدائهم الأكاديمي وتقليل انحرافاتهم فى إدمان المخدرات والعلاقات الجنسية غير المشروعة ، والحمل غير الشرعى ،والأمراض الجنسية والإجرام . فماالذى يهدف إليه الباحث ؟
5- ان الافتراض المسبق بأن هناك نتائج إبجابية لرفع تقدير الذات عند فئة معينة غير صحيح، لأن نتائج الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع على الطلاب فى الولايات المتحدة لم يثمر إلا انخفاضا في مستوى المخرجات التعليمية (وهذا ما يتحدث به المسؤولون والمختصون وأبرزهم الرئيس أوباما) وأثبتت النتائج أن هذه الجهود لم يحل أي من المكشلات السلوكية للطلاب.
ثالثا : ملاحظات عقدية
يقول الباحث بأنه سيقوم بتوجيه المدخل العقلانى الانفعالى توجيها إسلاميا وسينتقى أنسب الأساليب العلاجية التى يمكن أن تساهم فى تنمية الذات لدى المراهقين . وأود أن أوجه انتباه الباحث إلى الآتى :
1- أن الباحثين النصارى قاموا بهذه المحاولة من قبل وهى الربط بين المدخل العفلانى الانفعالى والتعاليم النصرانية ،فكتب علماء النصارى مقالة شديدة اللهجة شنوا فيها هجوما عنيفا على المدخل العقلانى الانفعالى وصاحبها "روبرت إليس" وكان عنوانها "قضية روبرت إليس : اللامعقولية فى نظرية العلاج العقلانى الانفعالى REBT " قالوا فيها:" لقد ربط المسيحيون بسذاجة بين نظرية إليس والتعاليم المسيحية وتبنوا معظم فرضياتها ومناهجها ، لكن على المتدينين من النصارى أن يضعوا خطا أحمر كبيرا وأن يفحصوا الأساس الفلسفى الذى اعتمدت عليه النظرية ويقفوا على حقيقة عدم اتساقها مع تعاليم الانجيل . إن جذور هذه النظرية تعود إلى المدارس الفلسفية التى أسسها زينون عام 300 قبل الميلاد ،وإلى المدرسة الرواقية ،وإلى المفكرين اليونانيين ،والبوذيين ،والكونفوسوشويين ، وإلى الأفكار الخطرة عند "أدلر" المنتمى إلى الفرويدية ، وإلى "برتراند راسل والفلسفة الوجودية"، وكل من تأثر بهم " أليس".
2- تقوم هذه النظرية على الأفكار اللادينية لـ "أليس" والتى ترتكز على أن المعتقدات الدينية آلية وغير واقعية ،وأنها هى المتهم الحقيقى وراء تدمير الفكر والعاطفة والسلوك ، وأن الحقيقة المطلقة لاتوجد ، وأنه ليس هناك شيئ خارج وجودنا ، وأن أوامر ونواهى العقيدة حول افعل أو لاتفعل ، يجب أولا يجب هى موضوع للذوق الشخصى ، وأن فرضيات وجود كائنات علوية خارج عالمنا هو السبب فى اعتلال الصحة النفسية والعاطفية للناس ، ولا تؤدى إلى سعادة حقيقية ، كان "إليس" يرى أنه من المستحيل إثبات وجود الله ، وأن وجود الله غير محتمل وأنه يرفض وجود الله بصفة عامة ويرفض الاعتماد عليه .
كيف نبنى دراسة على مدخل يقوم على أسسى إلحادية فى الأصل.
----------
العنوان كاملا كما وردنا هو:
ملاحظات عقدية ومنهجية على مشروع رسالة دكتوراة بعنوان:
"استخدام العلاج العقلانى الانفعالى فى خدمة الفرد فى تنمية تقدير الذات لدى المراهقين"
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: