البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من يتخذ القرار السياسي في سوريا

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4794


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تكشف المفاصل الرئيسية حيال الثورة السورية عن الأخطاء الفادحة المتلاحقة للنظام في التصرف والسلوك، وهو ما أوصل البلاد والأوضاع إلى نقطة ذروة ذات هامش مناورة ضيق للغاية ما لم نقل معدوم، في بلد يتمتع بكفاءات سياسية وعلمية ودبلوماسية، وحزب سياسي مضى على وجودة ما يقارب السبعين عاماً، منها يقود السلطة شكلياً حوالي الخمسين عاماً، يحشر نفسه في موقف لا بدائل فيه، وهو أسوء ما يمكن لسياسي أن يقع فيه من خطأ.

لماذا هذه المسيرة الحافلة بالأخطاء، بل الأخطاء الكارثية ؟

يتمثل الخطأ الأول بتقديري، يتمثل بتواصل تدريجي وتهميش لدور الحزب مقابل تصاعد لدور الفرد وحلول علاقات لا مبدأية وشيوع ظاهرة الاستزلام مما أنهى دور الحزب بين الجماهير وحوله إلى منظمة حكومية تعمل وفق تشبه ضوابط العمل الحكومي وتقاليده. وأبرز دليل على ذلك هو اختفاء شبه تام للحزب ودوره في ظروف كهذه، وهو أمر حسن على كل حال أن لا يؤخذ الحزب بجريرة النظام.

وهنا فقد النظام حلقة مهمة كان يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في عملية اتخاذ القرار، ولم يكن البديل سوى تضيق متواصل لدوائر القرار. وفي عهد الرئيس الوالد، كانت خبرة الرئيس وطول عهده بالعمل السياسي، بالإضافة إلى أنه كان يحيط نفسه بشخصيات ذات مستوى لها تجربتها في العمل السياسي وإدارة البلاد. وعلى الرغم من الهفوات والهنات، إلا أن حنكة الرئيس كانت تغطي على الأخطاء الصغيرة الظاهرة، ولكن إحدى أكبر تلك الأخطاء الطغيانية التي فات الزمن ولم يعد بالإمكان تصليحها هي نظرية التوريث التي أثبتت الزمن أنها كانت وبالاً عليه وعلى الحزب وعلى التوريث، بل على البلاد أجمعين.

ولمواجهة المعارضة التي بدأت تشتد منذ السبعينات والثمانينات، اعتقد النظام أن خير ما يواجه المعارض به، هو أن يؤمم الدولة وأجهزتها لصالح العائلة والأقارب والعشيرة، ويرتب علاقاته الداخلية والخارجية على أن الخطر الوحيد الذي يتهدد البلاد هو الشعب نفسه، لذا فقد أسس قوات مسلحة وقوى أمن ومخابرات لها واجب وحيد هو التصدي للشعب، وهكذا أنزلق النظام إلى موقف معاداة الشعب وكراهيته وتأسست كافة العلاقات على أساس من هذا الشعور.

وعندما ضعف أداء الدوائر الحكومية الوالجة في القرار السياسي، ولم يعد للجيش الوطني وأجهزة الأمن من واجب سوى حماية النظام وتحديداً الرئيس، وتركز الإعلام السياسي والثقافي على تمجيد نظرية القائد الفرد، قائم على جهاز مهلهل لا تحسن سوى عبارات التمجيد المضحكة، أضحى النظام في سورية ليس جمهورياً ولا ملكياً، بل تحول النظام بالكامل إلى حكم عائلي تسوده تقاليد الأسرة، بل هو لم يعد مقنعاً لكل من يتعامل معه إلا على أساس من تأمين مصالح مقابل دعم النظام، ولكن ترى كيف سيقبل شعب بأن يدار بهذه الطريقة المتخلفة في عصر كعصرنا.

ضعف رأس القرار وهزالة النظام وانحداره إلى مستوى العصابات والشبيحات، ألغى قوة الدولة، وفقدت القوة شرعيتها عندما وجهت نحو الشعب، عندما أعتبر النظام كل من يعارضه موجه من الخارج، ومؤامرة أجنبية، متجاهلاً أن التبديل سنة الحياة السياسية والديمقراطية السليمة، وهنا أنحدر النظام إلى مستويات واطئة جداً وفقد هيبته والثقة واحترام الشعب، ومن ثم من محيطه الاقليمي ثم الدولي وضاعت مسؤولية القرار السياسي في البلاد. كمقدمة لدخول البلاد أزمة بسبب تعاظم المطالبة الشعبية وهو ما لا يستطيع النظام تحملها أو التعامل معها ولدينا مؤشرات مؤكدة عديدة، منها:

ـ الإشارة الأولى من رامي مخلوف بقوله الرئيس لا ينفرد بالقرارات، بل نحن في مركب واحد، ترى يقصد من نحن ...؟

ـ الإشارة الثانية تصريح الرئيس الأسد نفسه بأنه ليس المسؤول عن إصدار الأوامر للقوات المسلحة والأمنية. فمن هو المسؤول إذن عما يجري ...؟

وبتعدد المصادر التي تضغط على النظام، فلم يعد يعرف من يمتلك اصدار القرارات الحاسمة في البلاد، وبهذا تصبح الدولة مجرد ألوية مدرعة وأجهزة أمن تدربت لتكون شرسة، تتنافس بقتل الناس، والنتيجة الوحيدة لذلك هو مزيد من الانحدار إلى ما يحذر عنه أصدقاء النظام وأعداؤه.

مجزرة الحولة كانت علامة مهمة في مسيرة الثورة والتغير في سوريا، هي مجزرة تتماثل في شكلها وجوهرها مجازر الأفريقية والتصفيات التي حدثت في يوغسلافيا، وسوف يكون لها تداعياتها السورية والعربية والدولية الحاسمة، لا يكفي أن يتظاهر النظام بالبلاهة والإنكار في محاولة مستحيلة للاختفاء وراء ظله.

النظام اليوم يردد شطر واحد من قصيدة الشاعر العظيم أبو العلاي المعري: هذا ما جناه على أبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى الفضائيات العربية يوم 30 / أيار / 2012


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، الثورة السورية، بشار الأسد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-06-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - صالح المازقي، المولدي اليوسفي، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، إسراء أبو رمان، د. طارق عبد الحليم، أنس الشابي، محمد أحمد عزوز، مراد قميزة، د- جابر قميحة، صلاح المختار، فهمي شراب، د - عادل رضا، يحيي البوليني، د. أحمد بشير، رمضان حينوني، علي الكاش، وائل بنجدو، محمد يحي، أحمد الحباسي، حسن عثمان، مصطفي زهران، حسني إبراهيم عبد العظيم، أبو سمية، منجي باكير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، بيلسان قيصر، د - المنجي الكعبي، د - شاكر الحوكي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، صباح الموسوي ، تونسي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود فاروق سيد شعبان، سلوى المغربي، محمد عمر غرس الله، ماهر عدنان قنديل، د- هاني ابوالفتوح، فتحي العابد، فوزي مسعود ، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صالح النعامي ، محمد الطرابلسي، رافد العزاوي، محمود سلطان، صفاء العربي، محمد شمام ، محمد العيادي، أشرف إبراهيم حجاج، خالد الجاف ، طلال قسومي، الهادي المثلوثي، رشيد السيد أحمد، عمار غيلوفي، إيمى الأشقر، محرر "بوابتي"، طارق خفاجي، محمد الياسين، سامر أبو رمان ، عبد العزيز كحيل، فتحي الزغل، د. عبد الآله المالكي، كريم السليتي، رافع القارصي، علي عبد العال، د- محمود علي عريقات، سفيان عبد الكافي، أحمد ملحم، فتحـي قاره بيبـان، إياد محمود حسين ، العادل السمعلي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، د. صلاح عودة الله ، حسن الطرابلسي، حميدة الطيلوش، رحاب اسعد بيوض التميمي، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمد رحال، د - مصطفى فهمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور، عراق المطيري، ياسين أحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، صفاء العراقي، كريم فارق، سامح لطف الله، محمد علي العقربي، المولدي الفرجاني، أحمد النعيمي، حاتم الصولي، ضحى عبد الرحمن، يزيد بن الحسين، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، سلام الشماع، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د.محمد فتحي عبد العال، د. خالد الطراولي ، الناصر الرقيق، عزيز العرباوي، نادية سعد، سعود السبعاني، عبد الله الفقير، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، رضا الدبّابي، مجدى داود، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، أ.د. مصطفى رجب،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة