د- محمود علي عريقات - الصين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4824
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعريف الفشل مجازي، فلا يوجد فشل مطلق، ففشل الانسان في مشروع او قضية ما، هو فشل جزئي، فقد يكون فشل في الوصول الى الغاية المرجوة لكنه في الواقع حصل على بعض الانجازات، فبعض الناس يرى ان عدم الوصول الى الغاية المطلوبة هو قمة الفشل و البعض الاخر يرى ان مجرد البدء في المشروع مثلا هو نجاح، و بين هذا الراي و ذاك يبقى المهم هو رايك انت، و الذي يجهر بالقول و يطالب بحقه عند تعرضه للظلم، يكون بذلك قد حقق نجاحا حتى و لو لم يستعيد حقه المسلوب في الوقت الحالي، فالكل يعلم ان لا حق يضيع و وراءه مطالب، و ان لا بد للفجر من بزوغ، و ان اسمى درجات الشجاعة هي قول كلمة حق عند سلطان جائر ظالم، و العبرة بالنهايات كما يقال، اما السكوت عن الظلم و الخنوع للظالم فهي ليست من صفات الانسان و لا حتى الحيوان، فالانسان من اكرم مخلوقات الله، و الانسان خلق حرا و لم يخلق عبدا ذليلا، و من يخاف و يخشى المطالبة بحقه فهو عبد ذليل و لا فائدة ترجى منه، المثل القائل "بوس الكلب من فمه حتى تاخذ حقك منه"، هو ما يعتمده هؤلاء العبيد، فلو طالب كل بحقه كما يجب لما تجراء عبيد الكراسي و المناصب الفاسدين على المساس بحقوق الناس، طبعا ليس تقوى منهم و انما خوفا من فقدانهم لمناصبهم، و المطالبة بالحق لا تدخل تحت بند السب و القذف كما يدي بعض الجاهلين ساقطي القيد، فنقدك لموظف عام هو نقد لادائه الاعوج لمهام وظيفته و ليس نقدا لشخصه، و ذكرك لاسمه هو للتعريف بهذا الموظف الفاسد و كذلك لاعطائه فرصة لاصلاح ذاته، و لكن لا احد من هؤلاء يريد اصلاح ذاته.
فالكثير من هؤلاء احترف لعق الاحذية و يريد يتمنى ان يقوم الناس بلعق حذائه، فمن شب على شيء شاب عليه، و المضيع لحقه و الساكت عن الحق هو شيطان اخرس، فالشعب الفلسطيني و على مدى عقود طويلة لم يضيع حقه و لم يسكت عنه بل ناضل من اجل نيله، و طور من اساليب نضاله، و تحدى العقبات و الصعوبات، و لكنه لم يسترد حقه كاملا، فهل هو فشل و عليه الاعتراف بفشله؟ الجواب طبعا لا، فمجرد عناده و مثابرته لنيل حقه هو نجاح بحد ذاته، مع الاخذ فالاعتبار قوة خصمه و ما يتلقاه عدوه من دعم مالي و عسكري ضخم، ومكافحة الفساد و كشف الفاسدين هو بحد ذاته نوع من انواع النضال عند الشعب الفلسطيني، فوجود الفاسدين و عدم محاسبتهم يصب في مصلحة الاحتلال، فالفاسد بفساده ينفذ اجندة الاحتلال في بث الفرقة و الكراهية بين الناس و هدم المؤسسات الوطنية، و هو بذلك يقدم خدمة مجانية للاحتلال،
و عليه فالشعب في غنى عن خدمات هذا الفاسد، و الساكت عن حقه الذي سلبه هذا الفاسد يؤدي و عن غير قصد خدمة للاحتلال تتمثل ببقاء هذا الفاسد في منصبه.
و المتتبع لاخبار السفارات الفلسطينية في العالم يلحظ الكم الكبير من الموظفين الفاسدين ماليا و البعض اخلاقيا، و ان كانت الصفة الانسانية من النادر وجودها عند موظفي السفارات الفلسطينية، فالهم الاول و الاخير للكثير من هؤلاء الموظفين هو جمع اكبر كمية من الثروة في فترة بقائهم في منصبهم و التي تمتد عند الكثير منهم الى ان ياخذ الله سبحانه و تعالى امانته، ففي قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني بند يحدد فترة البقاء في المنصب بخمس سنوات كحد اقصى و لكن الكثير من موظفي السفارات الفلسطينية يقبع في منصبه منذ عشرات السنين و لا يزال، و هم ذو خبرة كبيرة عظيمة و لكن ليس في العمل الدبلوماسي او الوطني و انما في التجارة و المحسوبية، هم خبراء في الاضطهاد، اساتذة في الفساد بمختلف اشكاله، اضف الى ذلك السلوك النفسي الغير سوي الذي يرقى في كثير من الاحيان الى مرتبة المرض النفسي مستعصي العلاج، والسفارة الفلسطينية في الصين تحوي العديد من امثال هؤلاء الموظفين الجاهلين او الغافلين عن اساسيات و مهام و ظائفهم، المنشغلين بامور لا علاقة لها لا من قريب و لا من بعيد بمهام وظيفتهم الدبلوماسية او الادارية، حتى وصل بهم الحال في بعض الاحيان الى تهميش و اضطهاد الموظف الجديد المبتعث للعمل في هذه المؤسسة اذا لم ينطوي تحت لوائهم.
فالموظف الصالح بالنسبة لهؤلاء انسان سخيف تافه لا يعرف مصلحته، فهؤلاء الههم المال و دينهم المحسوبية و عقيدتهم الفساد و اسلوب حياتهم لعق الاحذية و نقطة ضعفهم المنصب، و عليه فلو طالب كل ذي حق بحقه، و زادت الشكاوي ضدهم، زادهم ذلك خوفا، فهم جبناء في داخلهم و ان حاولوا ان يبدوا غير ذلك، و حالهم الى زوال و ان ارادوا غير ذلك، فالعمل على فضحهم و كشف مؤمراتهم و اساليب فسادهم يسرع في زوالهم و الخلاص منهم، و يجعلهم عبرة لمن ياتي بعدهم، اما من يفضل السكوت عن حقه و ينتظر الاخرين، فان نجحوا في مسعاهم كان معهم و ان لم ينجحوا في استرداد حقهم امن غضب موظفي السفارة، فسوف يعيش حياته خانعا مقهورا فاقدا لحريته، و من حاول و طالب بحقه حتى و لو فشل في استرداده في الوقت الحالي، فهو في الحقيقة لم يفشل و يكفيه شرف المحاولة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: