أبو عكازه ودجاجاته في السفارة الفلسطينية في الصين، و معنى من اطاع عصاك فقد عصاك
د- محمود علي عريقات - الصين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5970 mahmder@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد نضال و جهاد مرير كاد أن يشكل أسطورة هي اقرب الى الخرافة، استطاع ابو عكازه أن يستبدل عكازته المهترئة بعصا صلبة قوية في نظره و نظر دجاجاته فقط ! فأصبح أبو عكازه، آسف ابو عصا، يتمختر بعصاه و يتمايل و يزهو بها، و حسبه في ذلك انه لا حاجة له للارتكاز عليها، فهي صلبة و قوية و لا تصلح الا للتباهي بها، و دجاجاته الأسطورية أيضا التي تملك مكر الثعلب و خبث الذئب و دموعها دموع تماسيح و عقلها عقل فيل بطبيعة الحال و طبعا تفتقر الى وفاء الكلب و جدية العمل عند الحمار، و لتفادي عصا أبي عكازه، الصلبة القاسية، اعملوا عقولهم الماكرة، فبعد ان كانوا يهددونه بكسر عكازته، أصبحوا يتملقونه و يمتدحون فصاحته ؟!!و شجاعته؟!!و كرم اخلاقه؟!! و طول قامته ؟!! و حتى شكل شاربه ؟!! و نجحوا في ذلك أي نجاح، و بعد ان تم لهم هذا بدءوا ببث الفتن و نشر الأكاذيب و توسيع دائرة الحقد على الآخرين، و هو مستمع جيد لا يقاطع و لا يناقش، بل على العكس يصدقهم و يؤازرهم، و في بعض الأحيان يسبقهم و يتفوق عليهم في هذا المجال، على أساس انه الأقوى و الأفضل و عليه ان يكون السباق في كل شيء و لا يجوز لهم أن يسبقوه، و ليس خفي على احد أنهم يتسابقون في الأذية و ليس في الحق، فإحقاق الحق ليست موضة العصر، و الوقوف مع الحق لا يجلب و لا يحقق مصلحة في نظرهم، مصلحة شخصية ذاتية ضيقة، و هم من يعدون أنفسهم منظرين لهذا العصر الذي يمتلك الكثير من مميزات عصر الرويبضة، عندما يصدق الكاذب و يكذب الصادق، و يتكلم الجاهل في امور العامة.
و لا انكر ان الكثير من هذه الدجاجات متعلمة، و لكنها تفتقد إلى التفكير السليم، فاحد أشهر فلاسفة الصين قال : لا يمكن للمرء الحصول على المعرفة و العلم الحق الا بعد ان يتعلم كيف يفكر، و عليه فهم يدخلون الى خانة المتلقي للعلم دون إشغال التفكير ! و هذا اقرب الى الجهل منه الى المعرفة، و اقصد بالتفكير اشغال العقل لما فيه مصلحة عامة تكون زاده عند الناس و في الاخرة، اما اشغال بالهم بالمكر و الخديعة الدنيئة، فعلى الاقل يحاولون التفكير و لو بشكل سلبي، اما ابا عكازه، و الحق يقال، لا يشغل باله و لا يتعب عقله بشيء، و عليه يصح القول بان عقلا كعقل ابا عكازه هو من اغلى و أثمن العقول لأنها لم تمس او تستعمل من قبل و لم يسبق لاحد استخدامها ؟!! و لكن في المقابل فعدم استخدام عضو من الاعضاء يعمل على تقلص هذا العضو و انكماشه و لربما يؤدي الى اختفائه!! و قد يكون هذا جيد لعضلة القلب فيخف عملها و لا تضخ الدم الى ذلك العضو المسمى بالمخ، و بالمقابل يزيد ضخ الدم الى اعضاء هي في نظر البعض اكثر اهمية !! و لكن يبقى الدم الفاسد في داخل الجسم، فهبوط عمل عضو من الاعضاء يؤثر سلبا على بقية الاعضاء، و لكم ان تفكروا في النتيجة ؟!! و لكن لا يحدث هذا مع مثل هؤلاء، فيبقى عمل القلب كالمعتاد و قد يزيد ضخ الدم الى اعضاء اخرى !! و هذه خاصية تكاد لا تتوفر الا لمثل هؤلاء ! و هي خاصية تستحق من العلماء الدراسة و البحث !!؟
و بما ان ابا عكازه لا يرهق عقله بالتفكير، و هذا من حظ دجاجاته طبعا، فطبيعي انه لا يذكر قول القدماء " من اطاع عصاك فقد عصاك "، و ان حدث و تذكرها او ذكرها احد امامه، فهو لا يفقه معناها، فهو لا يجهد عقله بالتفكير، و لماذا يفكر و يوجد من يفكر له! . و لكن لو امعنا النظر في هذه المقولة لوجدنا انها لم تات فجاءة، بل هي محصلة خبرات سنين، و هي بكل المقاييس صحيحة لمن يدعي الطاعة العمياء و لمن لم يتعود النقاش و السؤال، فقط للحصول على مصلحة ذاتية انية انانية ضيقة قصيرة المدى، فهؤلاء لا يدركون ان كل الديانات و العلوم قامت على اساس الحجة و البرهان، و لم تقم على الطاعة العمياء، فالانسان وهبه الله عز و جل عقلا و يحاسبه عليه، و الدليل ان فاقد عقله لا يحاسب لا في الدنيا و لا في الاخرة، هذا طبعا اذا كانوا يؤمنون بانه توجد اخرة !؟و اذا كانت المراة تذكر لجمالها بالرجل يذكر لعقله، و لكن ما ذكره التاريخ من اخبار النساء كان لعقلهن و ان اتى بعض الذكر لجمالهن، فمن لم يزد على هذه الدنيا فهو زيادة عليها، و معنى ان يزيد على هذه الحياة ان يعمل عقله و لو على نطاق ضيق، اما من يريح عقله فهو بالتاكيد زيادة على هذه الحياة . و خطاء ما يقوله العامة ان فلانا نائم كنومة اهل الكهف، فاهل الكهف اعملوا عقولهم قبل ذهابهم الى الكهف، و نومهم في الكهف تلك الفترة الطويلة هي كرامة و معجزة من رب العالمين . و فعلا صدق من قال ان الانسان هو المخلوق الوحيد الذي يخجل لانه يفعل ما يخجل، اما ان يفعل الانسان ما يخجل و لا يخجل فهو ليس بانسان و صفة الادمية تنتفي عنه، و الانسان يخطىء و هذا ليس عيبا و لكن العيب ان ينكره و يكرر نفس الخطىء، و مثال على ذلك ابو عكازه و دجاجاته طبعا . و لابي عكازه اقول ما قاله رجل لاحد الولاة : ان لم تكن بئرا فكن دلوا، و ان لم تكن دلوا فكن حبلا، و ان لم تكن حبلا فكن بكرة على الاقل، و لا تكن حجرا يطرحه العابثون في البئر ليسمعوا ضجة الماء فيه . و اذكره ايضا بقول احدهم : كل ما يعطيه الناس يسترده الناس، و كل ما تعطيه الارض تسترده الارض، فتشوا عن عطايا لا تسترد لانها مقدمة منكم و اليكم . و لكن يجب اعمال العقل لفهم مثل هذه المقولات، فاهمال العقل يؤدي الى التخلف، و الاديب العربي المصري الكبير الراحل الاستاذ نجيب محفوظ قال : لو ظل التخلف في مجتمعاتنا فسياتي السياح ليتفرجوا علينا بدلا من الاثار، و اذا بقي ابا عكازه و دجاجاته على حالهم فسياتي السياح للفرجة عليهم، و هذا دخل وطني لا باس به !! و قد يكون في نظر ابي عكازه و دجاجاته نوع متطور من انواع النضال الوطني !!! و المتابع لاخبار ابي عكازه و دجاجاته يجدها تخلوا من اية نشاطات مؤثرة الا اذا فرضت عليهم من مقام اعلى، اما ان يشغلوا عقولهم و يقوموا بنشاط من بنات افكارهم تكون فيه مصلحة عامة او وطنية فهذا يكاد يكون من المستحيلات في هذا العالم، فهذا واقع، فما فوق مستوى البطن لا يهمهم و لهم في ذلك وجة نظر !!
و العجيب انه لو كان عندك دجاجات لا تبيض، تقوم ببيعها او ذبحها على الاقل للاستفادة بلحمها، و دجاجات ابي عكازه لا تبيض فلا فائدة منها، و ايضا لا تصلح للاكل فعمرها الافتراضي انتهى منذ زمن، و ان ناقشك احدهم بان لهذه الدجاجات فائدة، ففائدتها الوحيدة قد تكون تحنيطها و وضعها في المتاحف فقد يتعظ من يشاهدها !! و من الصفات المشتركة لهذه الدجاجات و الدجاجات المنزلية انه لو قام احد برسم خط على التراب امام مناقيرها بقيت تنظر اليه لفترة ليست بقصيرة من الزمن، و هذا دليل على المستوى العالي جدا من الذكاء الخارق لهذه الدجاجات !!! و حتى هذه المعلومة البسيطة لا يعرفها ابو عكازه ؟! و الشيء الذي اجهله عن هذه الدجاجات هو هل هي دجاجات لها اصل و فصل ام دجاجات مزارع لا اصل و لا فصل لها ؟! فان كانت دجاجات مزارع فاللوم عليها يكون اقل، و ان كان لونها ابيض من الخارج فكل تاكيد ان داخلها اسود، و ان كانت ملونة بالوان اخرى فهذا دليل على طبعها المتلون، و ان كانت سوداء اللون فطبعها قد عرفناه، و ان كانت بلا لون فهذا يدعو الى قدر من الحيرة ؟!! اما اذا كان ابو عكازه يتمتع بعمى الالوان، ففي عصرنا و مع التطور الكبير للطب يمكن علاج مثل هذا المرض فقط اذا توفرت العزيمة الصادقة من قبل المريض . و بالمحصلة نجد ان نضال ابا عكازه و حصوله على عصا جديدة لم يعد بالمنفعة العامة المطلوبة، فهو قد حصل على العصا الجديدة و لم يحسن استخدامها او بالاحرى لم يحاول استخدامها قط، و لا يجب ان يصيبه الغرور بوجود مثل هذه العصا بحوزته، لانه عند غيره قد توجد عصا اقوى منها، و الاهم من ذلك ان غيره قد يحسن استخدامها . و اخيرا اذكرك مرة اخرى بالمثل القائل من اعطاع عصاك فقد عصاك، فلا تسمع للوشاة و ليكن لك رايك الخاص و قرار تتخذه بناء على تقديراتك، طبعا مع اشغال عقلك و لو لفترة وجيزة بالتفكير .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: