العاملون في السفارات الفلسطينية في الخارج و سيكولوجية السلوك في الصين نموذجا
د - محمود علي عريقات - الصين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5705 mahmder@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السلوك في اللغة هو سيرة الإنسان و مذهبه أو اتجاهه في الحياة، و تتعلق في السلوك مجموعة من المصطلحات السيكولوجية كمجال السلوك و محدودات السلوك و وراثة السلوك، فهناك السلوك العفوي و الموضوعي و الديناميكي و اللغوي و الكلي و الجزئي و الصريح و المغطى و المتعلم و الجنسي، و العصي و السوي و الوسواسي و الايجابي و الاجرامي و الفوضوي و الاحجامي و الاقدامي و التعبيري.
سيكولوجية الشخصية :
فسرت الشخصية بأنها كالقناع، فهي كل ما يوجد لدى الفرد من قدرات و استعدادات و ميول و اراء و اتجاهات و دوافع، و خصائص جسمية و عقلية و نفسية و اخلاقية و روحية و فكرية و مذهبية و عقائدية و مهنية، و بهذه يتميز شخص عن اخر، و تعرف الشخصية كذلك على انها التنظيم الفريد لاستعدادات الشخص للسلوك في المواقف المختلفة، و يضاف الى هذا التعريف عنصر اخر هو ان التنظيم لا بد ان يتم في مجال معين، و هذا المجال هو المخ، و اذا ما تفككت هذه السمات اضطربت الشخصية و اصبحت منحرفة . اما الطرقة العلمية التي نستطيع ان نتعرف بها على الشخصية فهي ان نبداء و نتابع سلوك شخص ما على مدى فترة طويلة من الزمن، و اول ما نلاحظه هو خاصية الثبات التي يمتاز بها اسلوب معالجته للمواقف، فالشخص الذي يسلك سلوكا يدل على التسلط يحتمل ان يسلك سلوكا تسلطيا، كذلك فان الشخص الذي يبدو عليه الشعور بالثقة بالنفس يبدو كذلك في المواقف المتشابهة، فنحن عندما نلاحظ سلوك شخص ما فاننا نلاحظ اتجاحات طويلة المدى و اهداف عامة و مستويات للطموح و انماط معينة في السلوك، و كذلك فاننا نلمس ان له فلسفة حياة خاصة به . فسلوك المرء الحاضر يتاثر بالماضي، و كذلك سلوكه الحاضر يؤثر في المستقبل . و مما يؤكد فكرة ديمومة عوامل الشخصية هو ثبات الميول على مدى معين من الزمن . و شخصية الانسان تشتمل على ما يلي : الدوافع، العادات، الميول و الاهتمامات، العقل، العواطف، الاراء و العقائد و الافكار، الاتجاهات، الاستعدادات، القدرات، المشاعر و الاحاسيس، و السمات .
و قد تكون هذه العناصر او المكونات اما
: <1> وراثية : اي منقولة للفرد من الاباء و الاجداد عن طريق الجينات او ناقلات الوراثة
. <2> متعلمة او مكتسبة : من خلال تفاعل الفرد او احتكاكه بالوسط الاجتماعي و المادي الذي يعيش في كنفه . و قد تصاب الشخصية بالاضطراب و التفكك كما يحدث في ثنائية الشخصية او تعدد الشخصية و هذه من اعراض الهستيريا . فتعريف الهوية الشخصية يكمن في شعور الانسان بانه نفسه نتيجة اتساق مشاعره و استمرارية اهدافه و مقاصده و تسلسل ذكرياته و اتصال ماضيه بحاضره و مستقبله، و ثبات الشخصية رغم التغيرات البيئية و التركيبية مع الوقت تشير الى الشعور الذاتي بالوجود الشخصي المستمر .
و للشخصية انواع و اشكال مختلفة و كثيرة منها :
الشخصية العدوانية : يتشابه سلوكها مع سلوك الشخصية اللاجتماعية او الشخصية غير المتزنة انفعاليا، حيث تتسم بسهولة الاستثارة و اللجؤ للتدمير لمجرد الاحباطات البسيطة، فالشخصية العدوانية يغلب على سلوكها العدوان و التدمير و التخريب، و قد يقارب هذا المصطلح مصطلح اخر هو الشخصية المضادة للمجتمع او المنحرفة التي تتورط في اعمال ضارة للمجتمع و التي تخرق فيها القانون.
الشخصية اللاجتماعية : او الشخصية المضادة للمجتمع، و هي شخصية متناقضة مع مجتمعها، تتصف بالميل الى الاجرام و ضعف الضمير الاخلاقي و الرغبة في الاستغلال، و الغش و الخداع و النصب و الاحتيال و الكذب، و الرغبة في الانتقام، و قلة الاصدقاء و الانانية، و صاحب هذه الشخصية لا يستفيد من تجاربه و لا يجدي معه العقاب و يصعب علاجه .
الشخصية الواهمة : رقيقة البنيان، طويلة الاطراف، انطوائية، و هذا النوع من الشخصية يقترن بالخصائص العقلية الشبية بالفصام .
الشخصية التسلطية : محبة للسلطة، ذات منشاء غير ديمقراطي بمعنى انها تميل الى التسلط و السيطرة على الغير .
الشخصية العصابية القهرية : تقوم بالافعال القهرية الثابتة، و هي افعال سخيفة غير مفيدة و غير معقولة، وصفت بانها تنمو مع الشخص خلال فترة التدرب على عملية الاخراج في طفولته، و لذا تسمى هذه الشخصية بالشرجية، لان نموها يثبت على هذه المرحلة من النمو النفسي الجنسي، و هي شخصية مصابة بالنزعات العصابية، اي اعراض الامراض النفسية كالقلق و الفوبيا و الاكتئاب و الوسواس القهري و الهستيريا و عصاب الوهن او الضعف و عصاب الصدمة .
و من انواع الشخصية ايضا، الشخصية الدورية، و الشخصية الاكتئابية، و الشخصية غير المستقرة انفعاليا .
و من العوامل التي تؤثر في الشخصية : عامل التاقلم، و عامل الاخلاص، و العامل الاجتماعي، و عامل الملائمة و عامل الانفتاح الذهني، فاحترام الذات تعكس عامل التاقلم، و الانفتاح و الانطواء تعكس العامل الاجتماعي اما التسلط و التفرد فتعكس عامل الانفتاح الذهني .
سيكولوجية العدوان :
ليس هناك ادنى شك في ان الناس يميلون نحو عقد صداقات و روابط محبة بينهم و بين الاخرين، و في نفس الوقت يتقن بعض الناس فن ايذاء الاخرين من بني جنسهم و الاعتداء عليهم بدنيا و لفظيا، و لظهور السلوك العدواني اسباب كثيرة منها
: <1> الاسرة، فنتيجة لاهمال الوالدين للاطفال و كثرة الشجار بين الاب و الام او عدم وجود احد الوالدين في البيت لسبب او لاخر او لوجود الغيرة بين الاطفال انفسهم، كل ذلك يعود بالتاثير السلبي على الاطفال و على مستقبلهم .
<2> المستوى الاجتماعي و الاقتصادي، فالبعض يعتقد بان كل الناس تسخرة لخدمته و البعض يحقد على كل انسان اعلى منه درجة سواء اجتماعية او مادية او علمية .
<3> جماعة الاصدقاء، و تاثير الشلل و العصابات و هذا واضح و بين .
<4> دور المجتمع و وسائل الاعلام و كلنا يعلم تاثيرها .
اما التفسير النفسي للعدوان فهو يرتكز في المقام الاول على الغريزة لانها المادة الخام لهذا السلوك، و كذلك العامل الوراثي و الجهود التربوية و حالات الاحباط و الفشل و الدعوة الى الانتقام كلها تؤدي الى ظهور مثل هذا السلوك العدواني .
سيكولوجية الجماعة التدميرية :
طبيعة سلوكها تتلخص في تدمير العلاقة مع الاخر سواء كان فردا او جماعة او مجتمع، و كذلك تدمير الاخر و تدمير الذات . فتدمير العلاقة مع الاخر تكون من منطلق التهديد و الاستعلاء، و تدمير الاخر من منطلق الاشباع و الانجاز اما تدمير الذات فهي من منطلق الحاجة و الهدف . من الممكن تمييز ثلاث خصائص لمثل هذه الجماعة تدخل كشرط اساسي في عملية تشخيصها، و هي :
اولا : الانعزالية : تعتبر اهم استراتيجيات الدفاع لدى هذه الجماعة من الاخر، و تتخذ هذه الخاصية ثلاث مظاهر
<1> معرفي، من ابرز مظاهره الاكتفاء بمصادر المعلومات لدى هذه الجماعة و التعصب الشديد و رفض النقض و اقتصاره على الاخر فقط و الايمان المطلق بانحراف المعتقدات المعرفية المغايرة .
<2> انفعالي : و من ابرز مظاهره، بناء الية للتقييم تستند الى رفض الاخر و تنميط الاعضاء على السلوك التجنبي للاخر و بناء اليات تزيد من شحنات التوتر الانفعالي تجاه الاخر سواء عبر الخطاب او السلوك او خلافه .
<3> سلوكي، العدوان العدائي هو انقى انواع العدوان و ليس له من غاية سوى ايقاع الاذى بالاخر وصولا الى تدمير الاخر و تدمير الذات .
ثانيا : توليد الحاجات و الاهداف: تعمل هذه الجماعة على الغاء حاجات و رغبات اعضائها و زرع حاجات و اهداف خاصة بها عن طريق التوجيه و التنشئة و اعادة بناء الشخصية، و غالبا ما تكون هذه الحاجات و الاهذاف غير منتمية للاخر و لا يكون الاخر طرفا في تحقيقها او اشباعها خشية ان يؤدي ذلك الى تخفيف الاتجاه التدميري نحو الاخر .
ثالثا : تدمير الاخر و تدمير الذات : عندما نقول ان هناك توازيا بين تدمير الاخر و تدمير الذات فاننا نشير الى ان هناك اتجاها فاعلا نحو تدمير الذات، و لا نعني فالذات هنا الجماعة بل ذات الاعضاء الذين ينتمون لها، و يتم ذلك من خلال مسارين : الاول منهما جسديا حينما يتحول العضو الى قربان لتحقيق اهداف الجماعة، و المسار الاخر عندما يتم الغاء شخصية العضو و حاجته و علاقته مع الاخر و علاقته بالمحيط .
و الالية التي تعتمد عليها هذه الجماعة تتلخص في الاتي :
1- العزل و الغاء الهوية، فهي تروج و تعمل على قطع العلاقات مع الاخر، و هذا الانعزال له مظاهر متنوعة منها وصف الاخر بانه عدو و مصدر تهديد و غير قابل للاصلاح و هنا تكمن حتمية الصراع معه ...الخ .
2- صناعة الهدف : بعد عملية عزل الفرد عن المحيط الاجتماعي و المعرفي وحتى النفسي الذي كان يعيش فيه تبدء عملية صهر الفرد في الجماعة من اجل ذات الجماعة، يعبر الفرد فيها عن ذات الجماعة و تتجسد في الجماعة ذات كل فرد، و عليه يكون تحقيق هدف الجماعة بعد القضاء على شخصية العضو فيها هو تدمير الاخر .
<3> الهوية: تعتبر الجماعة ان الحصول على هويتها شيئا مشرفا و عظيما لدى الفرد المنتمي اليها، و الهوية اساسية في تحقيق هدف هذه الجماعة .
<4> الاعداد : و هذه مرحلة اساسية في تهيئة الفرد او العضو للمرحلة اللاحقة، و من مميزات هذا الاعداد، الاعداد النفسي و المعرفي .
<5> الممارسة : هنا تمارس صهرا اشد للاعضاء لتحويلهم الى ذات الجماعة، و تعمل على عزل نفسها بصورة اشد عن العالم الخارجي و عن الانسانية عموما .
و على ما تقدم ذكره نلاحظ ان السلوك العام للافراد في السفارة الفلسطينية في الصين خاصة يحتوي على مزيج من مميزات السلوك عند الشخصية العصابية القهرية و الشخصية اللاجتماعية و العدوانية و الواهمة و التسلطية، و يعود ذلك طبعا الى اسباب كثيرة منها العامل الوراثي و الاسري و عوامل البيئة المحيطة، و تظاهرهم بالحرص و الاخلاص مجرد قناع لمصلحة ما، و هم ان اجادوا التمثل في مرحلة ما لكنهم ممثلون فاشلون مع مرتبة الشرف، و بعضهم ذو شخصية مضطربة و منحرفة و مكانه ليس هنا في الواقع، فالشراهة و الانانية وحب الذات يعيدنا الى الوراء بدلا من التقدم الى الامام، و هذا حاصل، و للمحافظة على المكاسب العظيمة في نظرهم و التافهة في نظر الناس، يعتمدون اسلوب الجماعة التدميرية السابق ذكره، و هم بذلك يحرصون و يسعون الى محو شخصية اي موظف جديد، و اشباع عقله بافكارهم المريضة و ايهامه بانهم دائما على حق و ان الخطاء و الخطيئة ليست من صفاتهم و بانهم محاصرون باخرين يحسدونهم و يريدون القضاء عليهم، و بما ان معظهم الا من رحم ربي حصل على هذه الوظيفة ليس عن جدارة و انما عن طرق اخرى الكل يعرفها، يكون من السهولة بمكان انضمامهم الى مثل هذه الجماعة و الايمان بمعتقداتها و الدفاع عنها، و كنتيجة لذلك يكونون دولة داخل الدولة و سياستهم تختلف عن سياسة الدولة و اهدافهم مغايرة لاهداف الامة و الشعب، فهمهم انفسهم و ليس المصلحة العامة، و هذا واضح و بين و لا يختلف عليه اثنين، و هم يعيشون الان في وهم انهم الاقوى و من المستحيل اقصاؤهم و هذه من احلام اليقظة عندهم، و هذا دليل على خلل في تركيبتهم النفسية و العقلية، و لا امل يرجى منهم في تحقيق المصلحة العامة، و السؤال هنا اين المساءلة و اين الرقابة على مثل هؤلاء و على تصرفاتهم ؟؟!! و ما دور الدولة و الحكومة ؟؟!! ام ان الكل ينتظر خراب مالطة ؟!هذه تساؤلات طرحت و طرح الكثير غيرها و لكن لا احد يريد ان يسمع و ان سمع احدهم لا يريد ان يفهم و ان فهم بعضهم فمن المؤكد انه لا يريد ان يعمل . و اختم بوصف الشاعر لمثل هؤلاء بقوله :
في صفحة التاريخ انتم خطيئة *** و على الحواشي قد قراتكم عارا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: