الاضطهاد و اللامبالاة للطلبة و الحركة الطلابية الفلسطينية من جانب العاملين في السفارة الفلسطينية في الصين
د- محمود علي عريقات - الصين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5737 mahmder@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعود تاريخ الحركة الطلابية الفلسطينية إلى بدايات القرن العشرين و أواخر العهد العثماني، حيث انخرط الطلاب في الأحزاب و الجمعيات و النوادي الثقافية و الخيرية و الرياضية و الكشفية مثل جمعية الإخاء و المنتدى الأدبي و الجمعية القحطانية و جمعية العهد و حزب اللامركزية، و التي اهتمت بالجانب السياسي المرتكز على عداء الصهيونية، و على المطالبة بالإصلاح و اللامركزية، إضافة الى الجوانب الثقافية و الاجتماعية،
و قام إسماعيل الحسيني بتأسيس فرع لجمعية الإخاء العربي في القدس سنة 1908، و تأسست جمعية العلم الأخضر و هي جمعية طلابية في سنة 1912، على يد كل من عاصم بسيسو و مصطفى الحسيني و شكري غوشه، و كانت بمثابة اتحاد طلابي.
و في العام 1913 تأسست في نابلس جمعية مكافحة الصهيونية، و في عام 1918 تأسس مؤتمر الشباب العربي الفلسطيني و المنتدى الأدبي في القدس، و استمر نشاط الناديين حتى العام 1921، و في العام 1928 تأسست جمعية الإخوان المسلمين، و عقد الطلاب مؤتمرا داخل قاعتها و ذلك في عام 1930.
أما المؤتمر الأول للشباب فعقد في يافا في سنة 1932، و عقد المؤتمر الثاني للشباب في حيفا عام 1935، و انضم مؤتمر الشباب لاحقا للجنة العربية العليا <1936-1939>، و في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين بداء الطلاب بتشكيل جمعيات أطلقوا عليها اسم جمعيات الخطابة، يمارسون فيها نشاطهم الرياضي و الاجتماعي و السياسي، و لقيت هذه الجمعيات الرعاية من المعلمين الوطنيين، في البداية وجدت كتحد لسياسات الانتداب البريطاني الذي عمل على تحديد عدد المدارس و عدم إنشاء جامعة وطنية و العمل على زيادة الأمية و الجهل لدى أفراد الشعب الفلسطيني، و عاصرت هذه الجمعيات المشاكل و المؤامرات التي حاكتها سلطات الانتداب البريطاني مع الحركة الصهيونية، و بداء يظهر نوع من التنسيق بين هذه الجمعيات للوصول إلى تشكيل اتحاد طلابي لتجميع الطاقات الطلابية للوقوف في وجه مخططات المستعمرين، و كنتيجة لذلك انعقد المؤتمر الطلابي الاول في مدرسة المنشية في مدينة حيفا عام 1936، و ناقش قضايا عدة منها كيفية مواجهة الاحتلال البريطاني من اجل استقلال فلسطين، و كذلك دعا المؤتمر الى مواجهة الهجرة اليهودية الى فلسطين، و بعد انتهاء المؤتمر برز الى الوجود اول اتحاد طلابي فلسطيني، و لعب الاتحاد كذلك دورا مهما في الاضراب الكبير سنة 1936، و بعد نكبة عام 1948 تغير الحال مع تمزق الشعب الفلسطيني و تشرده في العديد من الدول العربية، و كذلك ضم الضفة الغربية الى الاردن و ضم قطاع غزة الى مصر، كل ذلك ادى الى ظهور الحركات النقابية و الطلابية و غيرها لنشر الوعي و الحفاظ على الهوية الفلسطينية انذاك، و كان من اهداف الحركة الطلابية رفع المستوى الثقافي لعرب فلسطين و الاهتمام باعضاء الرابطة من الناحية الاجتماعية، و المساهمة في الاعمال الخيرية، و دراسة مشاكل الطلبة و المساعدة في حلها و تنمية الوعي لدى النازحين و الاتصال بهم و رفع روحهم المعنوية و تنمية وعي شعبنا بالقضية الفلسطينية و شرحها بشكل قومي صحيح، و كذلك الاشتراك بالمؤتمرات الطلابية العالمية، و شرح قضية فلسطين للراي العام العالمي، و غيره الكثير، فقد مارس طلبة فلسطين في البداية نشاطهم من خلال تشكيل روابط طلابية في العواصم العربية
ثم جاء الاتحاد العام لطلبة فلسطين في العام 1959، ليوحد هذا النشاط و ينقل الحركة الطلابية الفلسطينية إلى مرحلة جديدة، و كانت رابطة الطلبة الفلسطينيين في جامعة القاهرة هي اقدم هذه الروابط و أنشطها و ذلك لوجود عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين في القاهرة، فقد تأسست هذه الرابطة عام 1948 و استمرت حتى عام 1959 و كان أول من تراسها الطالب موسى ابو غوش، و كان لزعيم الطلبة الأزهريين فتحي البلعاوي دور بارز في الحركة الطلابية انذاك، و في عام 1952 انتخب ياسر عرفات رئيسا لهذه الرابطة و بقي حتى تخرجه سنة 1956، و حققت هذه الرابطة انجازات عدة منها انها مثلت فلسطين لاول مرة على مستوى العالم، ففي عام 1955 اشتركت الرابطة في مهرجان وارسو و اجتماع صوفيا، و في عام 1956 دعيت الرابطة لحضور اجتماع اتحاد الطلاب العالمي كعضو مراقب، و في عام 1957 اشتركت الرابطة باسم فلسطين في مهرجانات الشباب في موسكو، و في المؤتمر الخاص لاتحاد الطلاب العالمي الذي عقد في بكين عام 1958، و اعتبرت الرابطة عضوا عاملا في هذا الاتحاد، و بقيام الاتحاد العام لطلبة فلسطين في 29-11-1959 تحولت العضوية من الرابطة اليه، و انتخب في المؤتمر السادس لاتحاد الطلاب العالمي عضوا عاملا في لجنته التنفيذية، أما رابطة دمشق فحصلت على اعتراف رسمي في شهر شباط من عام 1959، و لكن رابطة بيروت فلم يكن بامكانها الحصول من السلطات الرسمية على تصريح بمزاولة نشاطها بشكل رسمي او حتى افتتاح مقر لها، و قد عرفت تلك الفترة في تاريخ الجركة الطلابية بمرحلة الروابط، و في نهاية الجمسينيات من القرن الماضي، بادرت رابطة القاهرة بالاتصال برابطة الاسكندرية و رابطتي دمشق و بيروت، لتوحيد الجهود و الدعوة لعقد مؤتمر يكون نواة لتنظيم قطاع الطلاب، و ذلك لتنسيق الجهود و العمل على توطيد العلاقات مع كافة المنظمات الطلابية العالمية، الوطنية و العربية و الأجنبية، و كنتيجة لذلك انعقدت المؤتمرات الوطنية للاتحاد العام لطلبة فلسطين، فعقد المؤتمر الأول في أسيوط عام 1959، أما الثاني فكان في دمشق عام 1961، و الثالث في مدينة غزة سنة 1964، و في القاهرة عقد المؤتمر الرابع عام 1965، و في عمان كان الخامس في سنة 1969، و السادس عقد عام 1971 في الجزائر العاصمة، و المؤتمر السابع عقد كذلك في مدينة الجزائر سنة 1974، اما الثامن فعقد في لبنان عام 1978، و جرى فيه تعديلات على دستور الاتحاد، و المؤتمر التاسع عقد في الجزائر سنة 1983، اما العاشر فعقد في بغداد و كان ذلك في عام 1990.
أما الحركة الطلابية في الداخل الفلسطيني و خصوصا في الضفة الغربية و قطاع غزة، فلا يمكن لأحد كائن ما كان ان ينكر دورها الريادي و خاصة في فترة الانتفاضة الأولى، حيث كان للطلاب دور أساسي و واضح و مؤثر في مجريات الاحداث في تلك الفترة، و كان التنسيق بين كافة الاتجاهات واضح و على مستوى عالي، و على الرغم من تعرض الكثير من قيادات الطلبة الى الاعتقال بقي دور هذه الاتحادات واضح و قوي على الساحة، و يعتبر الطلاب عنصر اساسي و مهم في دوام الانتفاضة الشعبية لسنوات عدة، كما ان دور الاتحادات الطلابية في العالم كان لها دور فعال في فضح ممارسات الاحتلال و توضيح الصورة الفلسطينية و تنقيتها من كل الشوائب التي تحاول وسائل الاعلام الغربية من خلال برامجها الاساءة الى صورة الشعب الفلسطيني امام الراي العام العالمي. و عليه فلا جديد في القول حين نشير الى مركزية دور طلبة فلسطين في بناء الحركة الوطنية، فقد كان للطلبة الفلسطينيين دور ريادي في انطلاقة حركات قومية و وطنية كبرى، و كان لهم كذلك الدور التاسيسي و الطليعي في مواجهة قوى الاستعمار و الهيمنة الاجنبية و وكلائها في المنطقة العربية، و في هذا السياق يمكن الاشارة الى حركة القومين العرب التي تاسست في مطلع الخمسينيات على يد طلبة الجامعة الامريكية في بيروت امثال الدكتور جورج حبش و الدكتور وديع حداد، و كذلك الى الدور الريادي و الفاعل للطلبة الفلسطينيين في انطلاقة الثورة الفلسطينية في منتصف الستينات من القرن الماضي امثال الشهيد ياسر عرفات و الشهيد خليل الوزير و الشهيد صلاح خلف و هايل عبد الحميد و هاني الحسن و غيرهم الكثير. فالاتحاد العام لطلبة فلسطين سبق تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية و سبق كذلك تأسيس الكثير من المنظمات الفدائية الفلسطينية، و كان احد الروافد المهمة لحركة المقاومة الفلسطينية و في التكوين القيادي لحركة فتح و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و عيرهما من القوى و الفصائل الفدائية و النضالية
فأمام الحركة الطلابية الفلسطينية مهمة استعادة اتحادها العام، و تعزيز وحدتهم و الحفاظ على ديمقراطية الاتحادات الطلابية، و العمل على التنسيق و التواصل مع الاتحادات الطلابية العربية و الأجنبية، و هذا يعتبر من أقوى الأسلحة في مواجهة العدو، فالعمل على وحدة الصف الطلابي و نشر القضية الطلابية بين الطلبة الاخرين، يعمل على زيادة فهم و وعي الاخرين من طلبة العالم لهذه القضية و استحقاقاتها، فعلى الطلبة الفلسطينيين في الخارج و اتحاداتهم التشبث بديمقراطية الانتخاب و عدم الرضوخ لاوامر السفارات في الكثير من الاحيان، و التي تحاول دائما فرض اشخاص تابعين لها، لا يملكون اي من مزايا العمل الطلابي او حتى الاحساس بقضايا الطلاب، و انما همهم تنفيذ سياسات بعض الافراد في السفارات و التي لا تزيد عن كونها مزايا و منافع ذاتية يحاول البعض الاستفادة منها غير ابه و غير مهتم بقضايا الطلاب او حتى بالقضايا الوطنية
فالطلبة هم نواة المستقبل و العنصر الهام في بناء المؤسسات على اختلاف انواعها و مهامها، و لهم دور تكميلي لما بداه السابقون في مجال المجتمع و النهوض به، و لكن في الوقت الحالي تشهد الحركة الطلابية الفلسطينية انحدارا في مستوى الخطاب الثقافي و الفكري و الحضاري و في مستوى النضال و تحقيق الذات، و تشهد كذلك شيئا من التسطيح و كل ذلك بسبب بعض المتنفذين الذين لا يهمهم الطلبة و قضاياهم و انما همهم مصلحتهم الذاتية، و كذلك بسبب بعض ضعاف النفس من الطلاب انفسهم الذين لمصلحة انية يتعاونون مع بعض افراد السفارات للعمل على الحد من نشاطات الطلاب و محاولة السيطرة على هذه الفئة المتعلمة من الشعب، لتصورهم انهم بذلك يبنون زعامة لهم و هي و ان غاب ذلك عنهم زعامة فارغة من اي محتوى سوى من المنافع الذاتية و الانانية لشخصهم و لاتباعهم.
و للدلالة على قوة و تأثير الطلبة في العالم نجد انه في أواخر الستينات من القرن الماضي و كنتيجة لنزول طلبة الجامعات في فرنسا الى الشوارع و الذين طالبوا باسقاط الرئيس الفرنسي شارل ديغول الاكثر قوة و شعبية في تاريخ فرنسا المعاصر، فكان لهم ما ارادوا، و كذلك في اواخر سبعينات القرن الماضي تكرر هذا السيناريو بسقوط شاه ايران محمد رضا بهلوي نتيجة لنزول الطلاب الى الشوارع و المطالبة باسقاطه.
و بالعودة الى وضع الطلاب الفلسطينيين و اتحاداتهم في جامعات جمهورية الصين الشعبية، و هم يشكلون نسبة لا يستهان بها من الجالية الفلسطينية في الصين، و علاقتهم كافراد او اتحادات و مؤسسات مع السفارة الفلسطينية في الصين، فالوضع يدعو الى الاسف و الخجل ايضا، فالمسؤلين في السفارة لا يقومون بواجبهم تجاه الطلبة بالشكل الائق و المطلوب، و يواجه الطلبة اكثير من المصاعب و المضايقات من بعص افراد السفارة و خاصة من الملحق الثقافي الذي لا يتورع عن اهانة الطلبة و التدخل السافر في شؤونهم الخاصة دون القيام بواجباته تجاههم بحكم وظيفته، اما عن التدخل السافر في الاتحادات و التكتلات الطلابية الفلسطيمية، فبعض اعضاء السفارة يتدخلون في شؤون الاتحاد الطلابي في محاولة لفرض السيطرة على هذا الاتحاد، لينسبوا كل نشاطات الطلاب الى شخصهم لمنافع ذاتية و مادية، و اذا لم لتمكنوا من ذلك يعملوا على تهميش اي نشاط يقوم به الطلاب، و المتابع لنشاطات و فعاليات السفارة على مدار العام يجد انها تخلوا من اي نشاط او فعالية يحسدون عليها على عكس بعض السفارات الفلسطينية في العالم و التي تعد على اصابع اليد الواحد، و لكن لها فعاليات ترقى الى المستوى المطلوب، و البعض من الطلاب يتساءل هل تصرف السفارة في الصين تجاه الطلاب نابع من عدم قدرة الافراد في السفارة على الاتيان بما يستطيع الطلاب الاتيان به ؟؟!! و هل مستوى تفكير هؤلاء الافراد في السفارة لا يرقى الى مستوى تفكير الطلبة ؟؟!!
و اذا كان كذلك فعلى اي اساس حصلوا على مناصبهم التي بشغلونها ؟؟!! ام ان المطلوب منهم استقبال الوفود و حجز الفنادق و المطاعم ؟؟!! و هذه الاخيرة لا تحتاج الى ذكاء و فطنة !! فالملحق الثقافي لا يقوم بواجبات وظيفته و يصيبه احباط شديد اذا قام الطلاب باي نشاط يميزهم، و غيره من العاملين في السفارة يصيبهم نفس الشعور، و كذلك البعض في السفارة لا يميز بين العمل الطلابي و العمل التنظيمي، و بسبب ذلك الجهل يتدخلون في الاتحادات الطلابية لصالح تنظيم دون اخر، و هم بذلك يسيؤون الى الفريق الذي يتدخلون لاجله دون ادراكهم لذلك، و حتى عندما يحاول الطلاب التنسيق مع السفارة لا يجدون سوى التقاعس و الاهمال من قبل بعض العاملين هناك، هذا عوضا عن المحاولات الكثيرة لبعض العاملين في السفارة لاختلاق المشاكل بين الطلاب انفسهم و بث الفرقة و الخصام، و لا ادري ان كان مثل هذه التصرفات من جانب العاملين في السفارة عن ادراك منهم ام لا !! فان كانوا لا يدركون نتيجة افعالهم هذه فمصيبتنا كبيرة، و ان كانوا يدركون ذلك فمصيبتنا عظيمة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: