د. ضرغام الدباغ - برلين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5543
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ماذا يمكن أن نتوقع من زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي لطهران وتحديداً في مثل هذه الظروف العراقية والعربية والدولية ..؟
عراقياً سنضطر لشطب أي احتمال أن تشتمل المحادثات على هامش الاجتماعات الأمريكية / الإيرانية في بغداد، رغم أن للأمر دلالاته العديدة إلا أنه خارج إطار بحثنا، وقد عزز قناعتنا ما أدلى به خبير إيراني حين رد باستنكار على سؤال وجه إليه بالأمس بقوله: أن المالكي أقل من أن يبحث الملف النووي والمحادثات الأمريكية مع طهران، وهذا التعليق مؤسف ويخدش السيادة العراقية بوضوح تام، بالإضافة إلى افتقاره لأبسط اللياقات السياسية والدبلوماسية.
ولا نريد نحن ولا غيرنا أن يصدق أن للزيارة أهداف تتعلق بمؤتمر القمة العربي الذي أنعقد ببغداد دون حظ قليل من النجاح.
وحصر الخبير الإيراني جدول أعمال زيارة السيد المالكي بالشؤون العراقية، وهو ما نرجحه ايضاً. فالسيد المالكي قصد طهران وهو يريد تعبئة القوى العراقية لمصلحته في صراعاته مع اطراف العملية السياسية المستعرة منذ فترة غير قصيرة، وهو يناشدها أن تعزز موقفه.
المالكي يريد تجيير مواقف وأصوات تلك القوى التي لإيران دالة عليها من احزاب وحركات لحشدها في جبهته التي تضعضعت حتى ضمن حلفاء الامس القريب بالإضافة على الخصوم التقليديين. فالجبهة الكردية أصيبت بأضرار يصعب اصلاحها، ناهيك عن علاقات هشة مع حلفاء من القوى السياسية التي انهارت ويصعب إعادة اللحمة إليها بسبب الغلو في العداوة وكيل التهم التي يصعب التراجع عنها ومن مفرداتها وضع القضاء العراقي في جبهات المواجهة السياسية مما ألحق الضرر بالموقف السياسي العراقي بأسره، وفقدان متواصل للمصداقية التي ذهبت مع الريح.
رئيس الوزراء في مأزق، وهذا مؤكد لا لبس فيه، وربما سيجد في طهران الأذن الصاغية والدعم الذي هو بأمس الحاجة إليه، ولكن هذا الدعم قطعاً سوف لن يكون مجانياً، بل هو سيكون مقابل وعود قبض الإيرانيون المقدمة والعربون وربما الثمن كاملاً، وما هو الثمن ؟
حتى لا يشتط أحداً، ولا نبخس من الفاتورة الإيرانية نقول، أن الطلبات الإيرانية كجبل الجليد الأقل منه ظاهر فوق سطح الماء، وما خفي هو الأعظم، نقول أن مسؤولاً إيرانياً صرح بملء الفم دون خجل ولا حياء أن الاتحاد التام بين إيران والعراق هو المطلوب، وللأنصاف عندما نظرت إلى وجه السيد المالكي لم يكن السرور بادياً على وجهه، بل لمحت كآبة دفينة.
إيران تعتقد ان الاتحاد والوحدة وحتى الضم والإلحاق يمكن أن يكون في عداد نتائج حروب تآمرية، وهنا ضغط العقد النفسية يكون أشد تأثيراً من صوت الحكمة والعقل فيسمح الساسة الإيرانيون لأنفسهم بالطيران والتحليق في أوهام الإمبراطوريات الشاهنشاهية ولكن بإخراج وسيناريو ملالي يرتدون العمائم، وفي هذا يرتكب الملالي الإيرانيون أخطاء قاتلة ستكون نتائجها في سلامة ووحدة أراضيها مدمرة على إيران قبل العراق، فهم بذلك سيمهدون الطريق لتقسيم وتفتيت إيران، وعندما سيدركون فداحة ما يرتكبون من أخطاء، وأخشى أن يكون الوقت قد فات وولى زمن المبادرات الذكية وإصلاح ذات الحال.
هي لعبة خطيرة يمارسونها ونار يوقدونها ويؤججون فتن سترتد عليهم سيندمون عليها كثيراً ولات ساعة مندم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقالة جزء من مقابلة تلفازية بتاريخ 25/ أبريل ـ نيسان / 2012
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: