البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سوريا في بورصة السياسة

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5499


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عندما يتساهل شعب ما عن شأن صغير، عن حق من حقوقه السيادية، تتحول بتراكم الأخطاء والتنازلات الصغيرة إلى إشكالية كبيرة، حتى نصل لأن يصبح الوطن ملك صرف لعائلة، تبني لها دولة لها (دستور وقوانين) وظيفتها تشريع الطغيان والظلم، وحكومة وجيش وإذاعة وتلفزيون، بل وأيضاً حزب لكن ليس له من تقاليد الأحزاب شيئ، عندئذ يتحول عندما يصبح هذا النظام إلى غول يلتهم ليس البلد والشعب، بل ومصيره أيضاً، ويحيله في ساعة الضيق إلى بورصة السياسة الدولية بين أيادي دول تحكمها مصالحها. ولكن بالتأكيد أن الشأن السوري سوف لن يحل في نهاية المطاف في مجلس الأمن. فالشعب السوري العظيم هو من سيتولى نزع أشواكه وألغامه بنفسه.

النظام السوري سيعتبر إن (إن أداة شرط غير جازمة..!) عجز المجتمع العربي والدولي من الوقوف ضده بحزم مناسبة ليس لإعادة حساباته السياسية، بل لتشديد حملاته على الشعب الأعزل، وإن تصدى ممن له غيرة على شعبه، سيتعالى صراخ النظام .... مقاومة مسلحة، تدخل أجنبي، إرهاب، سلفيون، قاعدة، وما إلى ذلك من ذرائع .

النظام يعتقد واهماً كما هو غاطس في الأوهام منذ مارس العام المنصرم، إن قتل واعتقال المزيد هو الحل الناجع لأزمته، متجاهلاً شعوب قدمت مئات الألوف من الضحايا لتنتصر إرادتها، فلينظر النظام لتاريخ الأمة القريب والبعيد، ألم يقدم الجزائريون المليون شهيد، ولينظر إلى جاره العراق، ألا يقدم منذ حوالي تسعة سنوات ولا يزال قوافل للشهداء. الشعب يريد حريته، كرامته، الثقة في غد كريم وطناً بلا أشباح وشبيحة، وطن حر ديمقراطي بلا فساد وفاسدون، هذا هو جوهر الأزمة في سوريا وما زال النظام بعيد جداً في أفقه السياسي عن ما يريده الشعب، لأنه يخالف جذرياً فحوى نظام دولة وهيكليتها، ومن هنا سر المطاولة التي ربما تدهش الحكام.

النظام يريد شعباً أعزل ومحيط عربي ودولي أخرس أطرش، ليتفنن بقتله وقمعه، ولكن ما سيحدث هو العكس، ستنزلق البلاد شيئاً فشيئاً نحو مزيد من القتال، والمتوقع هو: أن تخرج مناطق واسعة من سيطرة الحكومة، وستبرز قوى جديدة، وتتحول أخرى ثانوية إلى فاعلة ومؤثرة في الميدان، وسيلجأ النظام للخيارات الأكثر دموية في تاريخه القمعي الطويل، وهكذا يدفع النظام الاحتجاج إلى انتفاضة، والانتفاضة إلى ثورة، والثورة إلى مواجهة وصراع مسلح، بين نظام فاسد ومنتهي الصلاحية، وحركة ذات تمثيل واسع للشعب، والموقف في سورية يمضي سريعاً إلى هذه المعاني، وهو موقف ليس لمصلحة النظام لا تكتيكاً ولا على صعيد السجال الاستراتيجي.

عدم توصل مجلس الأمن لقرار يكف يد النظام عن القتل، سيعمق الأزمة، ويدفعها صوب خوانق جديدة، وصوب نقطة لا حل فيها، مهما برع حتى حكماء السياسة في اختراع الحلول لها، وأحسب أن الملف هو الآن على حافة الحل، والحل هو لصالح النظام فهو يضمن (وياللأسف) خرجاً شبه كريم من السلطة، أما إذا نحر هذا الاحتمال، (النظام سوف يرفض إي مراجعة حقيقية)، لكن ربما سيلجأ للمناورة والمماطلة، ولكن حبل المماطلة قصير جداً، فسوف يبلغ عمود التراكم ذروته القصوى، والتناقض حده الذي ينذر بأن لا حل بعد اليوم، كلعبة مصارعة الزومو اليابانية، لابد لأحد الأطراف أن يقذف بالآخر خارج حلبة النزال، وطالما من المستحيل أن يتمكن أي نظام مهما بلغ جبروته، وقسوته، أن يبعد الشعب عن الحلبة، فالشعب إذن هو من سيقذف بالنظام خارج الحلبة طال النزال أم قصر، ومن لا يريد أن يصدق فلينظر نظرة سريعة لشخصيات تاريخية: ستالين، هتلر، موسوليني، القذافي، وسواهم كثير.

الروس يشعرون بضيق شديد، اليوم (31/ يناير)، استمعت لتعليقات عدد من الدبلوماسيين والمحللين الروس، نعم نلمس بكل وضوح أنهم في مأزق أسمه النظام السوري، هم في هذا الموقف ربما مكرهين لا مخيرين، لنقل خياراتهم تتقلص، ومن بين ما يخشونه هو رد الفعل الغاضب المقبل للشعب السوري، وإغضاب العالم العربي، ناهيك عن معاكسة تبدو غير ذكية في مجلس الأمن، والسؤال هو إلى متى سيتواصل الموقف الروسي بهذا القدر من تجاهل إرادة الأطراف كافة، سيبلغ الروس حداً يدركون فيه أنهم يضحون بمصالحهم، أكثر مما يكسبون، واليوم روسيا دولة تعمل بحسابات المصالح.

قلنا مرة: بائس من يضع نفسه في بورصة السياسة، بائس من يخرج من صفوف شعبه ليعتمد على دعم دولة لها مصالح. هناك حل واضح يلوح في الأفق القريب: الحل هو في شوارع وساحات وميادين سورية، الشعب سينتصر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقالة جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى الفضائيات العربية بتاريخ 31/ كانون 2 ـ يناير / 2012


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، بشار الأسد، الثورة، الثورة السورية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 2-02-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طارق خفاجي، علي عبد العال، سلام الشماع، د. أحمد بشير، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله الفقير، ضحى عبد الرحمن، نادية سعد، تونسي، إياد محمود حسين ، صالح النعامي ، مصطفي زهران، د. صلاح عودة الله ، د- هاني ابوالفتوح، محمد الطرابلسي، كريم فارق، سلوى المغربي، سليمان أحمد أبو ستة، د - المنجي الكعبي، بيلسان قيصر، رافع القارصي، وائل بنجدو، د - محمد بنيعيش، د. خالد الطراولي ، محرر "بوابتي"، علي الكاش، فهمي شراب، محمود سلطان، حاتم الصولي، صلاح الحريري، حسن الطرابلسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحي العابد، أحمد ملحم، عراق المطيري، جاسم الرصيف، فتحـي قاره بيبـان، مراد قميزة، د. عبد الآله المالكي، رضا الدبّابي، مجدى داود، إسراء أبو رمان، سامح لطف الله، د - مصطفى فهمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يزيد بن الحسين، سيد السباعي، فوزي مسعود ، محمد يحي، د.محمد فتحي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، العادل السمعلي، سفيان عبد الكافي، صفاء العربي، محمد العيادي، حميدة الطيلوش، محمد اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، طلال قسومي، محمد الياسين، محمود فاروق سيد شعبان، سعود السبعاني، د- محمود علي عريقات، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد العزيز كحيل، د. مصطفى يوسف اللداوي، أنس الشابي، الناصر الرقيق، د- محمد رحال، إيمى الأشقر، رمضان حينوني، منجي باكير، المولدي الفرجاني، خبَّاب بن مروان الحمد، د - الضاوي خوالدية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، المولدي اليوسفي، عبد الله زيدان، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، الهادي المثلوثي، عمر غازي، عبد الرزاق قيراط ، صلاح المختار، حسني إبراهيم عبد العظيم، عزيز العرباوي، يحيي البوليني، كريم السليتي، محمد شمام ، عواطف منصور، حسن عثمان، سامر أبو رمان ، أبو سمية، د - شاكر الحوكي ، أحمد النعيمي، صباح الموسوي ، أ.د. مصطفى رجب، محمود طرشوبي، د - عادل رضا، أحمد الحباسي، فتحي الزغل، د- جابر قميحة، عبد الغني مزوز، مصطفى منيغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العراقي، د - صالح المازقي، خالد الجاف ، د. طارق عبد الحليم، أحمد بوادي، عمار غيلوفي، محمد علي العقربي، رشيد السيد أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رافد العزاوي، محمد عمر غرس الله،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة