البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مأزق النظام السوري

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6035


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


النظام السوري في مأزق .. هذا هو العنوان والمدخل الرئيسي والحقيقي لكل بحث في الموقف السوري ومفرداته.

الجامعة العربية تريد إنقاذ النظام والبلاد من مزيد من التدهور إلى منحدرات مجهولة الأبعاد، ذلك لأن الأمر إذا ما خرج عن السيطرة داخل البلاد، بعد أن صم النظام أذنيه عن كل محاولة للحوار، للخروج بحلول غير دموية، وها هو يماطل حتى الجامعة العربية التي تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتهمس في أذنه أو تصرخ، أن بغير ذلك ستتدخل قوى أخرى، لا يمكن معرفة أجندتها، العالم اليوم غير عالم 1982، أشياء كثيرة حدثت، بعضها جذري في السياسة العالمية وفي الاقتصاد، لكن النظام ما يزال يراهن يائساً على قشة أو ريشة ستهبط له من السماء لتنقذه من بحر العواصف .

النظام السوري في مأزق، لأنه فقد مصداقيته مع شعبه، فقدها يوم أفشل بطريقة سخيفة حتى الحوارات التي لا جدوى حقيقي منها، عندها أيقن المجتمعون في صالة فندق قطع عنها الكهرباء، أن النظام لا يستطيع ولا يعرف لغة الحوار، وأعتمد لغة الدم ومضى بعيداً بما لا تراجع عنه فهو يقاتل الشعب وكأنه جيش احتلال ... هكذا بصراحة فجة.

وفقدها عربياً عندما لم يتقدم أنملة واحدة في مشاريع الإنقاذ، وأي مساهمة من جانبه إنما كانت تمثل محاولة للعرقلة والمماطلة، وفقدها دولياً عندما شاهد الإعلام العالمي فضائع ما تفعله قواته والشبيحة بالشعب الأعزل، بل وفقد المصداقية لدى حتى من يعتبرهم أصدقاء له، وغدت صداقته مهمة ثقيلة التبعات، السياسية والأخلاقية، لأنه رفض الإنصات حتى لأصدقائه الأبعدين والأقربين.

هو في مأزق لأنه يسبح عكس التيار، فهو يحاول أن يكسب وهو في أشد حالاته ضعفاً، ما فقده وهو في كامل قوته، يقرأ التقويم بالمقلوب بحيلة المغلوب الذي لا أمل له، سوى مواصل السباحة في بحر المستحيل، وقد تلوث للأبد بما لا تغسله بحار الكون كلها.

وهو في مأزق مرة أخرى لأنه يريد أن يتولى شعباً يرفضه، ويعلن رفضه هذا علانية منذ شهور تسعة، بل ورسم هذا الشعب الشجاع صورة مصبوغة بالدماء لرفضه، وبات يرحب بأي حل يبعد الطغمة الفاسدة المستحكمة برقابه، وتلك مسألة أخرى تستحق التمعن، وهو(النظام) يعلم ذلك علم اليقين، ويخدع نفسه بعبارات وأصباغ باهتة.

فما هو جوهر هذا المأزق الذي يدفع النظام إلي الهاوية دفعاً ......؟

جوهر المأزق، هو ببساطة أن النظام لم يعد نظاماً، بل بالاحرى هو لم يكن نظاماً بالأساس، فالنظام يعني وجود دستور ومؤسسات دستورية، وقوانين تسنها حكومة محترمة، لمجتمع محترم، وهذا للأسف ما تفتقر له سورية اليوم وبشدة، فسورية العريقة تحكم وتدار على يد النظام (لنسميه هكذا مجازاً) بطريقة متخلفة، والشعب المعروف بثقافته ودرجة تحضره الرفيعة، يعامل بطريقة مهينة، فالشعب يضرب ويجلد ويشتم، بأقذع الشتائم ويعامل بطريقة لا تليق بالبشر، دولة تجيد العمل بأساليب العصابات، ومن يطلقون على أنفسهم حماة النظام هم أسوء بكثير من جنود الاحتلال.

جوهر المأزق، أن النظام وبعد أن سفك دماء خمسة آلاف قتيل، يدرك أنه فقد شيئاً ثميناً، صحيح هو لم يكن شرعياً أيضاً قبل الثورة الشعبية، إلا أن دماء الآلاف تعني الكثير، شعب يموت من أجل حريته، وهم (النظام) مانعوه عن الشعب، فقد غدا مطلوباً بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وأكثر من ذلك، فقد النظام حتى شرعيته المهلهلة تلك، وفقدان الشرعية عبر عنها من يستطيع ذلك من الدول العظمى وغير العظمى، والقوى والحركات السياسية والمنظمات الإنسانية، والأفراد، ممن هم بعيدين عن طائلة النظام الذي يحترف الاغتيالات.

جوهر المأزق، أن كل هذا يجري لأن النظام يرفض الرحيل، نظام انتهت صلاحيته لمرات عديدة، يمارس لعبة ابتزاز لا يمكن وصفها نظيفة: إما أنا أو الموت الزؤام، نظام يتباهى بأنه أضحى فقرة في التوازنات المحلية، إنه لا يريد استعادة الأرض الوطنية كي لا يفقد تلك الورقة التي يلعب عليها، يواصل ابتزاز الجميع، يقول للاحتلال ومن يقف خلفه، أنا أفضل من يعقد معكم الاتفاقيات وأنا ضمانتكم الوحيدة، ويقول لمن يريد أن يصدق، أنا نظام ممانعة، ولكي يبقى البلاد في توتر وطوارئ ليتجنب دفع مستحقات للحياة الاجتماعية والسياسية، ولكي يبقى سيف الأوضاع الاستثنائية مسلطاً على الشعب، ولكي يتواصل السلب والنهب.

هذا هو جوهر المأزق، مأزق له حل واحد وحيد، وهو أن يتنحى الحكم العائلي، ونهاية جمهورية التوريث، من أجل عهد جديد تعيشه سورية، تؤكد فيه على ثوابتها الوطنية، وتتجه للتنمية والاعمار، الشعب لا يحتاج كل هذه الأجهزة الأمنية، بل إلغاء للخوف الذي يفقد الناس خصائصها الإنسانية.

جوهر المأزق للنظام السوري، أنه فقد الأرضية المحترمة للتعامل مع شعبه أولاً، إذ فشل أن يكون نظاماً لكل الشعب، وفقدها مع المجتمع السياسي العربي عندما برهن بجلاء أنه يعمل لمخططات وأجندات غير عربية، يصعب معها اعتباره دولة عربية، وانهارت الثقة فيه دولياً ولم يعد نظاماً محترماً وفق المقاييس الدولية، ووجهت شتى الإهانات لهذا النظام بما لم يبق له برقع حياء يختفي خلفه.

هو مأزق دون شك، والنظام لا يعرف التعامل مع المأزق فيغلق أبواب ونوافذ للنجاة، أو حلولاً كريمة، في السياسة تبادر دول ولجان حكماء ووسطاء في إيجاد مخرج لأزمة لا مخرج لها، وقد تفلح تلك المساعي إذا كان هناك صدى واحتمال إعادة النبض لما يعتقد أنها سكرة الموت، ولكن هنا يشترط في المقام الأول استجابة المتلقي لجرعة العلاج.

النظام السوري يواجه طموحات الشعب وقبضته التي أشهرها عالياً، دون رؤية ودون فكر ودون بدائل أو خيارات ... وتضيق هامش مناورته، مع تعرض نقاطه لتقلص متواصل في السجال الاستراتيجي، وهو يواجه مصيره الحتمي، ولكنه يكابر بعناد طفولي ..... وهذا هو المأزق الحقيقي .... لجمهوريات التوريث، فهو لا يفعل شيئاً عدا مواصلة الكذب والتمويه، ولكن جماجم الشهداء ستصنع فجراً جديداً لسورية وهذا آت لا ريب فيه ..!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة مع إحدى الفضائيات العربية بتاريخ 5/ كانون الأول / ديسمبر / 2011 حول دور الجامعة العربية في الوضع السوري.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، بشار الأسد، الثورة، الثورة السورية، الجامعة العربية، جامعة الدول العربية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-12-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سيد السباعي، عزيز العرباوي، أحمد ملحم، العادل السمعلي، يزيد بن الحسين، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، صفاء العربي، د - صالح المازقي، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الياسين، أ.د. مصطفى رجب، نادية سعد، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد بشير، د - المنجي الكعبي، حميدة الطيلوش، فتحـي قاره بيبـان، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، د. أحمد محمد سليمان، رافع القارصي، د. طارق عبد الحليم، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، منجي باكير، سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، سامح لطف الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صالح النعامي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، د.محمد فتحي عبد العال، رضا الدبّابي، أبو سمية، مصطفي زهران، عواطف منصور، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمد رحال، فتحي العابد، سعود السبعاني، صلاح المختار، د - عادل رضا، ماهر عدنان قنديل، د- هاني ابوالفتوح، وائل بنجدو، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، عمار غيلوفي، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة، سلوى المغربي، د- محمود علي عريقات، فهمي شراب، حسن عثمان، محمد يحي، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فوزي مسعود ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، أشرف إبراهيم حجاج، د - مصطفى فهمي، عبد الله زيدان، ياسين أحمد، الناصر الرقيق، مصطفى منيغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عمر غازي، ضحى عبد الرحمن، د - شاكر الحوكي ، محمد العيادي، كريم فارق، عبد الرزاق قيراط ، جاسم الرصيف، كريم السليتي، رشيد السيد أحمد، حاتم الصولي، محمود سلطان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بن موسى الشريف ، الهادي المثلوثي، عبد الله الفقير، مراد قميزة، صلاح الحريري، تونسي، أنس الشابي، يحيي البوليني، محمود طرشوبي، محمد عمر غرس الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رمضان حينوني، محرر "بوابتي"، مجدى داود، طلال قسومي، سفيان عبد الكافي، أحمد بوادي، سلام الشماع، د - محمد بنيعيش، علي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الطرابلسي، خالد الجاف ، عراق المطيري،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة