د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5402
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إلى دعاة التكامل بين الإسلام والعلوم الاجتماعية واعتبار ما يقومون به من باب الاجتهاد
يقول العلماء : "على كل ناظر فى الدين مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه من العمل، فهو أحرى بالصواب وأقوم فى العلم والعمل ........
كل ما جاء مخالفا لما كان عليه السلف الصالح فهو ضلال. ولهذا لا يجوزالإستدلال بالكتاب والسنة أو التعلق بظواهرها وتحميلها ماليس فيها لمساندة مسائل أو قضايا لم يقلها أو يعمل بها السلف الصالح ، فيتشابه ذلك ماقام به بعض الفساق من الإستدلال على بعض مسائل الفسق بأدلة نسبوها إلى الشريعة المنزهة. وكاستدلال بعض النصارى على صحة ماهم عليه من القرآن فادعوا أنهم كالمسلمين فى التوحيد تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا..............
المخالفة لعمل الأولين ليست على رتبة واحدة ، بل فيها ماهو خفيف ومنها ماهو شديد.
والمخالفة على ضربين:
أحدهما أن يكون من أهل الإجتهاد فلا يخلو أن يبلغ فى اجتهاده غاية الوسع أولا فإن كان كذلك فلا حرج عليه وهو مأجور على كل حال وإن لم يعط الإجتهاد حقه وقصر فيه فهو آثم حسبما بينه أهل الأصول.
والثانى أن لا يكون من أهل الإجتهاد وإنما أدخل نفسه فيه غلطا ومغالطة إذ لم يشهد له بالإستحقاق أهل الرتبة ولا رأوه أهلا للدخول معهم فهذا مذموم ، وقلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا من أهل هذا القسم ، لأن المجتهدين وإن اختلفوا فى الأمر العام فى المسائل التى اختلفوا فيها لا يختلفون إلا فيما اختلف فيه الأولون ...........
والنوع الأول : قد يكون مجتهدا فى طاعة الله ظاهرا وباطنا يطلب الحق باجنهاده كما أمره الله ورسوله فهذا مغفور له خطؤه.
أما النوع الثانى : فهو من أهل الوعيد وهو الظالم لنفسه لأن خطؤه كان لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلا أو لتعديه حدود الله بسلوك السبيل التى نهى عنها، أو لإتباع هواه بغير هدى من الله . درء تعارض العقل مع النقل لابن تيمية 1/59 .
وقد وضع العلماء شروطا للمجتهد منها أن يعرف كتاب الله وأن يحيط بمعانيه لغة وشريعة كأن يعرف معانى المفردات والمركبات وخواصها فى الإفادة وأن يعرف العلوم العربية من نحو وصرف وأدب وبلاغة بطريق التعلم والممارسة وكذلك يجب عليه أن يعرف فى الشريعة المعانى والعلل المؤثرة فى الأحكام ووجوه دلالة اللفظ على المعانى والأحكام من عبارة وإشارة وإقتضاء ومنطوق ومفهوم ...الخ ومن الشروط التى يجب توفرها فى المجتهد أن يعرف السنة النبوية بمعانيها لغة وشريعة كذلك .
وقد سؤل الإمام أحمد ابن حنبل : أيستنبط من يحفظ مائة ألف حديث. قال: لا. قال: أيحفظ مائتى ألف حديث : قال :لا. قيل أيحفظ ثلاثمائة ألف حديث : قال : لعله يحسن . والإجتهاد مرتبة أعلى من الفتوى ، فالمفتى لا بد أن يكون قد تعلم من مفت عن مفت يسند متصل حتى يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الشروط التى يجب أن تتوفر فى المجتهد كذلك: أن يعرف الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة وأن يكون على علم تام باللغة العربية وأن يكون عالما بأصول الفقه لأنه عماد الإجتهاد وأن يكون عالما بمقاصد الشريعة مدركا لأسرارها ومراميها وذلك عن طريق استقراء الأحكام الشرعية فى مواردها...الخ .
المخالفون لعمل الأولين إما أن يكونوا قد أدركوا من فهم الدين مالم يفهمه الأولون أو حادوا عن فهمها . والأخير هو الصواب.
السلف الصالح كانوا على الصراط المستقيم ، ولم يفهموا من الدين إلا ما كانوا عليه ، ولم تكن هذه المحدثات فيهم ولا عملوا بها فدل ذلك على أن الدين لم يكن يتضمن هذا الذى ابتدعه المحدثون. وصار عملهم بخلاف ذلك دليلا إجماعيا على أن المحدثين هذا فى استدلالهم وعملهم مخالفون للسنة. ويقال لهؤلاء : هذا المستحدث أيوجد فى عمل الأولين أم لم يوجد؟ فإن قالوا انه لم يوجد ، دل ذلك على أن المستحدث هذا بدعة لم تكن على عهد الأولين. وإن قالوا انه كان موجودا، يقال لهم: أفكانوا ساكتين عنه أم غافلين ؟ فان كانوا قد سكتوا عنه فلا يسعنا نحن إلا أن نسكت عما سكتوا عنه. وان كانوا غافلين عنه، فهذا خرق للإجماع.وإن كانوا عارفين به فمالذى حال بينهم وبين القول به والعمل بمقتضاه حتى خالفوها إلى غيرها وما ذاك إلا لأنهم اجتمعوا على الخطأ ، والأدلة الشرعية دالة على عكس ذلك. ( الموافقات للشاطبى 3/43-45)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: