البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

شبهة العلمانيين بأن الإسلام نظام ثيوقراطي

كاتب المقال د. نانسي أبو الفتوح   
 المشاهدات: 9343



يستهوي الغربيون وأتباعهم من العلمانيين العرب الكارهين للإسلام اتهام الدين الخاتم بأنه نظام ثيوقراطي، يقيم دولته على أساس ديني، وليس على أساس مدني، وبذلك فإنه يؤسس لحكم طبقة رجال الدين.
وهذه شبهة من شبهات القوم التي يخيلون بها على الناس؛ ليصرفونهم عن الحق. فموضوع الفصل بين السياسة والدين لم يخطر على بال علماء الإسلام لا قديمًا ولا حديثًا، ولم تظهر هذه التهمة إلا حديثًا، خصوصًا بعد إلغاء الخلافة؛ لأن القوم يريدون أن يؤسسوا لمبدأ فصل الدين عن السياسة.


فالدولة في الإسلام ليست ثيوقراطية؛ لأن الحاكم في النظام الثيوقراطي سلطته فيه إما من رجال الدين وإما من الحق الإلهي بوصفه ظِلُّ الله في الأرض، بينما سلطة الحاكم في الدولة الإسلامية مستمدة من الناس لا من الله، أي بموجب الرضا والقبول والبيعة.

وإذا كان الهدف الإسلامي الأسمى هو تحكيم الشريعة، فإنه لا يتحقق كما يتصور هؤلاء المرضى والكارهون إلا بأن يتولى الحكم رجال بعينهم بحكم وظائفهم الدينية، أو رجال ينطقون باسم الآلهة، كما كان الحال في أوروبا في العصور الوسطى، ولكن حكم الشريعة يكون من رد الأمر إلى الله وفق ما قررته أحكام، مهما كانت وظيفة وصفة وشكل القائمين على التنفيذ، كما أن الإسلام لا يعطي أبدًا لشخص أو مجموعة أشخاص احتكار تفسير كلام الله ومراده، أو حكم الناس ضد إرادتهم الحرة، فالأمة في الإسلام هي الحاكمة، وهي صاحبة السلطة، وهي التي تختار حاكمها، وهي صاحبة المشورة، وهي التي تنصح له وتعينه، وهي التي تعزله إذا انحرف أو جار، والخليفة في الإسلام ليس نائبًا عن الله، ولا وكيلاً له في الأرض، إنما هو وكيل الأمة ونائب عنها.

إن الغربيين يريدون تصدير أمراضهم إلينا، فالمسلمون لم يعرفوا أبدًا الدولة الدينية الثيوقراطية، وإنما الأوروبيون هم الذين عرفوها وعانوا من ويلاتها، فقد عرفت أوروبا مفهوم "الدولة الدينية" وطبقته طويلاً، واكتوى الناس بناره مئات السنين، ولم يتخلصوا منه إلا مع مقدم عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية، وجاءت الثورة الفرنسية لتنهي هذا المفهوم تمامًا، وتفصل بين الدين والدولة.

والمؤكد والثابت تاريخيًا أن أوضح ظهور للدولة الدينية كان في أوروبا في العصور الوسطى وعصور التخلف، حيث حكم أوروبا ـ في ذلك الوقت ـ رجال الكنيسة ومارسوا ممارسات غريبة وعدوانية وتسلطية طاردت العلم والعلماء والمفكرين وسيطرت على السلطة والثروة وأدت إلى ثورة ضد هذا النموذج من حكم رجال الدين، ونتيجة لهذا تم فصل الكنيسة عن الدولة.

أما عند المسلمين، فإن فكرة الدولة الدينية بعيدة تمامًا عن ثقافتهم، ورسول الإسلام - صلي الله عليه وسلم – حينما انتقل إلى الرفيق الأعلى وانقطع الوحي جرى التساؤل عن الحكام من بعده، هل هم خلفاء الله على الأرض أم هم خلفاء رسول الله؟ والفارق واضح تمامًا بين الأمرين، ولم يحدث خلاف بين الصحابة حول الأمر، وكان الاتفاق على أن الخلفاء هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وانطلاقًا من الثقافة الإسلامية المتشربة لأحكام الشريعة، فإن فقهاء ومفكري الأمة يركزون فقط على احترام الشريعة، وأن تكون مبادئها هي المهيمنة، لكنهم لا يرفضون توزيع السلطات بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما أنهم يقبلون بأساس المساواة في الحقوق والواجبات بكافة أشكالها، ويؤمنون بالتعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية، ويؤمنون بتداول السلطة واحترام رأي الناخبين، وينادون بالالتزام بكافة حقوق الإنسان وكل الحريات المقررة قانونًا، كما يرفضون فكرة أن هناك حكم باسم الله، وأن هناك من يمثل إرادة الله ويعبر عنها، وهذا معناه بوضوح شديد أن فكرة الدولة الدينية مرفوضة تمامًا في الوعي والإدراك الإسلامي.

إن الإسلام أعطى للأمة حق اختيار الحاكم بإرادتها الحرة، وعزله إن أخطأ، وهذا يتعارض تمام التعارض مع مفهوم الدولة الدينية التي تقول: إنها تحكم باسم الله. كما أن الإسلام، لا يوافق فقط، على الفصل بين سلطات الدولة، بل يدعو إلى ذلك ويحثُّ عليه، والإسلام أتاح لكل قطاع في المجتمع أن يعبر عن نفسه، وألا تتم مصادرة حقوقه الدينية والفكرية والسياسية، والدول الإسلامية المتعاقبة لم تصادر حقوق الناس وحرياتهم، بل اعتمدت مبدأ التعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية ... وهذا الذي ذكرناه كله يتناقض تمامًا مع فكرة الحكم الثيوقراطي والدولة الدينية.

وما يتحجج به دعاة فصل الدين عن الدولة من أن جعل مصر دولة إسلامية يعني أنها دولة دينية أمر مرفوض؛ حيث إن الدين الإسلامي يجعل الدولة قائمة على أساس العدالة والمساواة، فلا يفرق بين المسلمين والمسيحيين أو أتباع الأديان الأخرى إلا فيما ليس فيه تقنين عندهم، وفي هذا تجسيد عملي للدولة المدنية، خاصة أن المواطنة مبدأ متأصل في الإسلام، والدليل على ذلك أن المسيحيين واليهود كانوا يتولون مناصب كثيرة في تاريخ الأمة الإسلامية.

------------
وقع التصرف في العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

علمانية، ثيوقراطية، تغريب، لائكية، حرب على الإسلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-03-2011   www.shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مجدى داود، الناصر الرقيق، كريم السليتي، سعود السبعاني، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد العيادي، محمد شمام ، محمد علي العقربي، عبد الرزاق قيراط ، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، صفاء العربي، محمد الطرابلسي، صالح النعامي ، د- محمود علي عريقات، وائل بنجدو، علي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. خالد الطراولي ، مراد قميزة، سلوى المغربي، عواطف منصور، إياد محمود حسين ، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، صلاح الحريري، جاسم الرصيف، عبد الله زيدان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عزيز العرباوي، محمود فاروق سيد شعبان، علي الكاش، ماهر عدنان قنديل، أشرف إبراهيم حجاج، فهمي شراب، عبد الغني مزوز، حاتم الصولي، المولدي اليوسفي، سلام الشماع، نادية سعد، رافع القارصي، رمضان حينوني، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله الفقير، د - صالح المازقي، مصطفى منيغ، عمر غازي، محمود طرشوبي، د. أحمد بشير، حسن عثمان، فتحي الزغل، الهيثم زعفان، د - شاكر الحوكي ، العادل السمعلي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سليمان أحمد أبو ستة، د.محمد فتحي عبد العال، عبد العزيز كحيل، رافد العزاوي، سفيان عبد الكافي، إيمى الأشقر، د - عادل رضا، أحمد الحباسي، محمد أحمد عزوز، أحمد ملحم، خالد الجاف ، د - المنجي الكعبي، د- محمد رحال، أبو سمية، طارق خفاجي، أحمد النعيمي، د - محمد بنيعيش، كريم فارق، محرر "بوابتي"، إسراء أبو رمان، رضا الدبّابي، يحيي البوليني، ضحى عبد الرحمن، مصطفي زهران، رشيد السيد أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- هاني ابوالفتوح، بيلسان قيصر، عراق المطيري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحي العابد، حميدة الطيلوش، د - الضاوي خوالدية، محمد عمر غرس الله، صلاح المختار، د. عبد الآله المالكي، صباح الموسوي ، طلال قسومي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامح لطف الله، د. أحمد محمد سليمان، فتحـي قاره بيبـان، تونسي، سيد السباعي، محمد الياسين، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- جابر قميحة، يزيد بن الحسين، منجي باكير، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بوادي، حسن الطرابلسي، عمار غيلوفي، ياسين أحمد، محمود سلطان، محمد اسعد بيوض التميمي، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة