احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 14866 Ahmeeed_asd@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في مقابلة مع التلفزيون التركي "تي آر تي" مساء الأمس حذر القذافي الدول الغربية ودولة الاحتلال الصهيوني من أن الفوضى التي تشهدها ليبيا اليوم ستهدد أمنهم، وسيكون أثرها سلبياً عليهم، وفي كل خطاب يظهر فيه القذافي أو ابنه سيف الإسلام يظهر التناقض فيه بشكل واضح وجلي، ويكذب خطابه التالي ما سبقه من خطابات، ويناقض كل خطاب الخطاب الآخر، فمرة يزعم هذا المجرم السفاح أن ما يجري في ليبيا المقصود منه جعل الدول الغربية تتدخل في ليبيا، متهماً الشعب الليبي تارة بالقاعدة وتارة بأنهم يتعاطون حبوب الهلوسة، وأخرى بأنهم خونة، ثم يعود هذا المجرم في خطاب آخر ليؤكد أنه شارك الدول الغربية في حربها ضد الجهاد وقمع الحركات الإسلامية، مهاجماً تلك الدول ومتهماً إياها بأنها قد تخلت عنه، بعد أن كان حليفاً وثيقاً لها.
وهكذا وبكل يوم يمر من عمر ثورة الشعب الليبي المجاهد تكشف صفحة جديدة من صفحات الخيانة والعمالة لهذا النظام المجرم، بل وتنكشف الأقنعة عن وجوه كثيرة كانت تحظى باحترام الشارع الإسلامي، ومن الأمور التي كشفت عنها ثورة الشعوب المسلمة وخصوصاً الشعب الليبي:
أولاً: إن المتتبع لما يجري من أحداث منذ بداية هذا العام، يجد أن الشعوب المسلمة هي التي صنعت هذه المرة حريتها، بخلاف الثورات السابقة التي كان يقوم بها أشخاص مدسوسون، ثم يتبين فيما بعد أن هؤلاء الثوار حكام جبريون مصنعون من الغرب وخصيصاً للعالم الإسلامي.
ولكن ما يجري اليوم يؤكد أن هذا التغيير تغيير رباني، وأن في حركة الشعوب المسلمة درس وموعظة من الله لعباده، وفضح لوعاظ السلاطين الذين يفتون ليل نهار بعدم الخروج على الحاكم الظالم والمستبد بأحاديث يضعونها في غير موضعها، مكذبين قول الله عز وجل: " وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ" الشورى41-42، فالله طلب من المؤمنين أن يتحركوا، فقط يتحركوا وبأبسط ما لديهم من سلاح، وبعدها يأتي أمر الله تعالى الذي تكفل بأن يلقي الرعب والخوف في قلوب الظلمة والمجرمين.
فبمجرد إن هبت الشعوب المسلمة لرفع الظلم، ما عاد يغني عن المجرمين أسلحتهم وعدتهم وجنودهم شيئا وقـُذف في قلوبهم الرعب وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وولوا مدبرين، وثبت الله أقدام الشباب المسلم ونفض الخوف عن صدورهم وما عاد يخفيهم موت وما سواه، وذلك مصداق قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " محمد7.
ثانياً: كشفت هذه الأحداث أكاذيب من يدعي أن حركة هذه الشعوب تدار من غرف عمليات في تل أبيب وبتوجيه أمريكي، حيث شاهدنا جميعنا الشباب المسلم وقد نزع الخوف عنه والقصف والموت يحيط به من كل جانب وهو يكبر ويهلل، وكأنه ليس المستهدف، فمن باع نفسه لله؛ فالله أحق بأن ينصره ويثبت أقدامه.
بل إن هذه الأحداث كشفت عن عمالة الدول التي كانت تزعم أنها دول مقاومة، وتدعي أنها تقف أمام الهيمنة الأمريكية والصهيونية، حيث أكد المجرم القذافي أنه ساعد الدول الغربية في القضاء على الجماعات الإسلامية، والآن تتخلى عنه هذه الدول، ولا تتحرك لمساعدته، وفي خطابه الأخير يقوم بتحذير هؤلاء الحلفاء بأن الفوضى ستصل إليهم، إذا لم يمدوا يد العون له، وكشفت كذلك صحيفة "بديعوت احرنوت" الصهيونية عن زيارة مفاجئة قام بها سيف الإسلام إلى الكيان الصهيوني منذ عدة أيام؛ لطلب المساعدة لإنقاذ نظام والده الآيل إلى السقوط، وكشفت الصحيفة كذلك أن نجل القذافي طلب من القيادات الأمنية الصهيونية مساعدات عسكرية كذخائر وأجهزة مراقبة ليلية فضلاً عن صور بالأقمار الصناعية، وفي المقابل تعهد بتطوير العلاقة بين طرابلس وتل أبيب في المجالات السياسية والاقتصادية.
ثالثاً: كنا نقرأ في السابق من بطون كتب التاريخ عن الجرائم التي ارتكبها الصفويون والبويهيون بحق المسلمين في إيران والعراق، والجرائم التي ارتكبها الفاطميون أو العبيديون بحق أهل المغرب العربي ومصر، فنقف إزاء هذه الأخبار ما بين مكذب ونافي لما جرى، ومتهماً أطرافاً بانتماءات حزبية وسياسية والتجني على التاريخ، وبين مصدق يحاول بشتى السبل أن يؤكد إجرام هؤلاء القتلة.
ولكن الجرائم التي ارتكبها حفيد الفاطميين في ليبيا، والذي صرح أكثر من مرة بأنه يتوق لعودة دولة أجداده لحكم المغرب العربي، تؤكد أن هؤلاء مجرمون وقتلة بالفطرة، وإجرامهم إنما ينصب على المسلمين، والمسلمين فقط!! كما فعلت دولة المقاومة سوريا من مجازر في ثمانينات القرن الماضي، وقتلت الآلاف وسجنت وشردت الكثير، وكما تفعل اليوم من اعتقال لعشرات الشباب من إسلاميين ومدونين وسياسيين، وكما ارتكبت إيران مجازر دموية بحق معارضي نظام الآيات الشيطانية، والتي كان آخر مجازرها بُعيد الانتخابات الأخيرة الماضية والتي زورت لصالح نجاد، حتى أن إجرام حسني مبارك وزين العابدين وقف أمام إجرامهم عاجزاً.
بل إن المعركة الدائرة في ليبيا؛ معركة اشتركت فيها دول المقاومة من جهة، حيث أكدت مصادر للمعارضة السورية من أن الباخرة التي اتجهت إلى ليبيا كانت محملة بأسلحة وذخائر وقوات خاصة بناء على طلب القذافي من النظام السوري، وكشفت جبهة إنقاذ ليبيا من أن خمسين طياراً سوريا ثم إرسالهم بمعرفة السلطات السورية يقودون الطائرات الحربية الليبية التي تقصف مواقع الثوار الليبيين، وهذا الخبر اكدته القناة الفرنسية "فرانس2"ونشرة "انتلجنس اونلاين" وعبر تقارير مصورة عن وجود طيارين سوريين يقودون طائرات ليبية لقصف الشعب الليبي، بالإضافة إلى قوات من المغاوير السورية الخاصة والحرس السوري تشارك في عمليات قتل الليبيين في شوارع طرابلس والزنتان.
ومن جهة أخرى اشتركت فيها فرق صهيونية، بُعيد زيارة سيف الإسلام إلى تل أبيب، حيث كشفت مصادر معارضة ليبية أن مجموعة من الخبراء الصهاينة وصلت إلى ليبيا على متن طائرة خاصة هبطت في مطار سرت لمساعدة نظام القذافي على استعادة زمام الأمور ميدانياً ضد ثورة الشباب المسلم في ليبيا.
ليعاد إلى الأذهان من جديد صدق المعلومات التاريخية التي ضمتها كتب التاريخ عن مدى العلاقات الوثيقة بين دول الصليب والصهاينة من جهة وبين الفاطميين والصفويين من جهة أخرى. ولتكشف بوضوح عن مدى صدق الاعترافات التي وثقتها دول المقاومة والممانعة على أنفسها من خلال اعترافات الأبطحي ورفسنجاني وخاتمي ونجاد بمساعدتهم للاحتلال الأمريكي في دخول كابل وبغداد، وما مشاركة الجيش السوري للحلفاء في حرب الخليج الأولى عند قصف العراق في المرة الأولى منا ببعيد!!
رابعاً: ما يجري في ليبيا الآن كشف أكاذيب الدول التي تتشدق بالحديث عن الحرية وحفظ حقوق الإنسان، من خلال وقوفها صامتة حتى يتسنى للمجرم القذافي إكمال مشروعه في قتل أكبر عدد ممكن من الشعب الليبي المسلم، وهي تستطيع أن تحمى هؤلاء اللذين يقتلون بدون أي ذنب من خلال فرضهم لحظر جوي على طائرات هذا المجرم والتي تقوم بقصف هؤلاء العزل. كما فعلت مع العراق من قبل في فرضها منطقة حظر للطيران في شمال العراق.
خامسا: تشافيز الذي يكن له الشعب المسلم كثيراً من الاحترام لمواقفه الرافضة للتدخل الأمريكي بدول أمريكيا الجنوبية، ومواقفه تجاه العراق وتجاه القضية الفلسطينية، بات مكروهاً من قبل هذا الشعب كما هو حال رفيقه المجرم القذافي، بعد أن أعلن وقوفه إلى جانب القذافي وأنه لن يصدر حكماً على ما يجري حتى يستمع إلى ما يقوله صديقه، والقذافي ينقل أخباراً كأنها تجري على كوكب غير هذا الكوكب عبر فضائيته، وتكذبه القنوات الإعلامية جميعها، فكيف لتشافيز أن يصدق كذاباً!! بل كان من المفترض به ما دام يزعم أنه يرفض هيمنة أمريكا على بلاده أن يقف إلى جانب الشعب الليبي الذي رفض أن يستمر المجرم القذافي في هيمنته عليه، حتى ولو كان القذافي صديقه المقرب!! هكذا كان يجب أن يكون موقفه إذا كان يدعي أنه ثوري!!
سادساً: إن مشاركة كل هذه الدول وسكوتها عما يرتكب من جرائم بحق الشعوب المسلمة تأكيد لإجرامها، وخوفها من صحوة المارد الإسلامي المكبل؛ ومشاركتها في هذا الإجرام، لن يجدي شيئاً أمام إرادة الله سبحانه وتعالى الذي نصر عباده بأسلحتهم البسيطة، لأنهم لبوا نداء ربهم بوجوب التخلص من الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، وسيعود الإسلام إلى مجده وعزته، وينتشر العدل بين ربوع هذا العالم الظالم، ولو كره الكافرون والظالمون جميعاً، والله غالب على أمرهم ولكن أكثر الناس لا يعملون. فصبراً يا أهلنا في ليبيا صبراً فإن نصر الله بات منكم جد قريب:" إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" آل عمران140.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: