"الحركة الإسلامية الليبية للتغيير".. على وقع الثورة
علي عبد العال
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8791
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حيت الحركة الإسلامية الليبية للتغيير "شجاعة طياري القوات الجوية" الذين رفضوا قصف تجمعات الليبيين، ودعتهم إلى اتخاذ موقف تاريخي بتوجيه ضربة جوية لمقر القذافي الذي وصفته بـ "الطاغية الرئيسي في معسكر باب العزيزية" لقطع رأس هذه الأفعى، وتجنيب ليبيا حمام الدم.
وفي بيان لها الثلاثاء (22 فبراير) اعتبرت الحركة المواقف التي خرجت من بعض الدول والهيئات العربية والدولية منددة ومستنكرة بما يتعرض له الشعب الليبي "غير كافية ولا تناسب حجم الفعل والدمار" الذي ينفذه نظام معمر القذافي، وطالبت العرب والمسلمين بضرورة التدخل العاجل لوقف ما وصفته بـ "المذبحة".
كانت الحركة الإسلامية الناشئة حديثا قد تأسست في لندن يوم 15 فبراير 2011 الماضي، وأعلنت عن نفسها من خلال بيان تأسيسي أصدرته قبل انطلاق شرارة الثورة الشعبية بيومين.
لم يذكر البيان التأسيسي أسماء المؤسسين للحركة، لكن على ما يبدو فإن أغلبهم يعيشون خارج البلاد. وإذا كانت تتشكل هذه الحركة الجديدة من بعض النشطاء في التيار الإسلامي، فإن بيانها التأسيسي أشار صراحة إلى انتماء أغلب أعضائها ـ إن لم يكن كلهم ـ إلى الجماعة الإسلامية المقاتلة، حيث جاء في البيان "أخذا في الحسبان نتائج تجربتنا السابقة ودروسها في إطار الجماعة الإسلامية المقاتلة".
لكنهم أكدوا أيضا تخليهم عن النهج المسلح السابق، بقولهم: "إننا إذ ندخل مرحلة نضالية جديدة لا نتبنى فيها مشروعا مسلحا، بل إيمانا بقدرة الشعب الليبي على إحداث التغيير". فقد جاء تأسيس الحركة لمواصلة العمل "النضالي والسياسي ضد الظلم"، وأداة للتعبير عن رفض الشعب لاستمرار الطغيان وللمطالبة بالتغيير السياسي.
وللحركة مكتب سياسي دائما ما تختتم بياناتها بتوقيعه، لكن لا يعرف من بين أعضائها تقريبا سوى الناشط الإسلامي، أنيس الشريف، القيادي السابق في الجماعة الإسلامية المقاتلة، والمقيم في العاصمة البريطانية لندن.
وحيث جاء الإعلان عن الحركة قبل يومين من الأحداث الليبية فقد ضم المؤسسون صوتهم إلى صوت الشرفاء من أبناء الشعب "المطالبين بتفجير يوم الغضب الليبي بطريقة حضارية سلمية" للتعبير عن حقيقة الشعور الجماعي تجاه النظام واستبداده وللمطالبة بحقوق الليبيين الأساسية.
واغتنمت الحركة الإسلامية هذه الفرصة لإطلاق "الشرارة الأولى" لثورة الشعب، معتقدة أن أمر إنهاء الاستبداد في ليبيا، "صار اليوم - بعد الله سبحانه وتعالى - بيد الشعب الليبي وحده كما لم يكن أبدا قبل ذلك".
وحيث دعت الحركة أبناء التيار الإسلامي لمشاركة كافة أبناء الوطن وشبابه في الإعداد ليوم الغضب، فقد مثلت هذه الدعوة ـ على ما يبدو ـ حجة النظام في وصف هذه الثورة الشعبية التي خرجت تنادي بإنهاء حكمه بأنها حركة تمرد يقف وراءها متطرفون إسلاميون. مهدّداً بتحول البلاد إلى إمارات إسلامية يحكمها "ابن لادن".
فعل ذلك القذافي نفسه وكرره نجله سيف الإسلام الذي لوح بخطر الإسلاميين، والتحذير من أنهم سيُحكمون سيطرتهم على البلاد بعد إقصاء عائلته، آملاً دفع الغرب إلى مواصلة دعمه لنظام أبيه.
ففي خطابه المتلفز قال نجل القذافي الذي يتردد بقوة أنه كان يعد نفسه لخلافة والده:"هل فكرتم أن أوروبا وحلف الأطلسي والولايات المتحدة ستقبل بإمارات (إسلامية)، هي في يومين أصبح عندها إمارتان إسلاميتان، بعد شهر يكون عندها خمس عشرة واحدة، هل يقبلون إمارة إسلامية في حوض البحر الأبيض المتوسط؟!".
وقد لاقت هذه التهديدات صداها لدى أوثق حلفاء القذافي الأب، وهي الحكومة الإيطالية التي خرج وزير خارجيتها، فرانكو فراتيني، يتحدث عن المخاوف من خطر الإسلاميين، مشيراً إلى أنه قلق للغاية بشأن "ما يسمى الإمارة الإسلامية في بنغازي".
وهو ما اعتبره أنيس الشريف، ضمن تصريحات له "محاولة من النظام الليبي لوصم ثورة الشعب بأن وراءها حركات إرهابية مسلحة". وأوضح أن هناك إسلاميين في الشارع يعرضون صدورهم للموت مثل باقي أبناء الشعب، مؤكدا أنها ثورة الشعب الليبي وليست ثورة الأحزاب أو التنظيمات أو الإسلاميين أو الأصوليين.
وهو نفس ما قاله المفكر الإسلامي د.علي الصلابي، الذي كان قد رعى الحوار بين الجماعات الإسلامية والنظام على مدى السنوات الماضية، أن الإسلاميين "خدَم لشعبهم في السرّاء والضراء، وهم لن يخرجوا عن الإجماع الوطني"، موضحاً أن اتهامات القذافي لا تعدو كونها "أكاذيب ويتّخذها النظام فزّاعة حتى يحافظ على الدعم له".
وقبل يوم من بداية التظاهرات أطلقت السلطات الليبية سرح مجموعة من السجناء الإسلاميين بمن فيهم بعض أعضاء الجماعة المقاتلة وقيادتها، إلا أن الحركة رأت في الخطوة "محاولة لتحييد التيار الإسلامي في ليبيا وكسب صمته وعدم تفاعله مع خيار الشعب الليبي".
وهو خيار لا يمكن للحركة الإسلامية الليبية للتغيير "التي قدمت ـ في إطارها السابق الجماعة الإسلامية المقاتلة - الكثير من التضحيات والشهداء" أن نتبناه. حسبما قالت في بيانها بتاريخ (16 فبراير).
لم تصرح الحركة الجديدة خلال أي من البيانات التي أصدرتها بأسماء ممثليها وكوادرها في الداخل الليبي، لكن تقول بعض التقارير إن أكثر من يقف وراءها هم من السجناء الإسلاميين السابقين، وعناصر سابقة في الجماعة المقاتلة، بالإضافة إلى بعض نشطاء التيار الإسلامي في الجماهيرية.
وتتخذ الحركة الليبية من مدونتها على شبكة الإنترنت واجهة إعلامية، تنشر من خلالها بياناتها الرسمية، إلى جانب صفحة أنشأتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: