جاسم الرصيف
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6911 jarraseef@jarraseef.net
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اذا كانت مشروعية إختلاف الرؤى مبنية على مصالح الشعوب وإنسانيتها، فشرف هذه المشروعية يستمد من الحرص على حمايتها من أعداء الشعوب الحقيقيين : الجواسيس الذين ينفذون أجندات حكومات أجنبية ضد البلد، لذا وضعت كل حكومات العالم، متقدمة ومتخلفة، عقوبات قاسية ومشروعة بحق من يتجسسون عليها لصالح دول أخرى، وصار الأمر من بديهيات العصر.
ومثلها مثل كل حكومات الأرض تعاملت حكومة الراحل صدام حسين مع جواسيس محليين لصالح أجانب، ووثقت أيام الإحتلال بمجئ الأحزاب ذات الأصول الأيرانية أن تلك الأحكام ضد جواسيسهم كانت في محلها، وربما أقل مما إقتضته الظروف تحسبا مما هو قادم، حيث أعفت الحكومة عن بعضهم وتغاضت عن بعض آخر سرعان ماتلقفته مخابرات معظم الدول الحالمة بتدمير العراق.
حسنا.
نجحت المعارضة، التي يمكن أن نسمّيها ( قديمة ) الآن، وهي ثلة جواسيس تعرفهم حكومات الدول العربية قبل غيرها، بإحتلال العراق مستعينة بأميركا وبريطانيا وأيران ودول أخرى فقدمت لنا النموذج التالي من الحكومات :
أولا : ( 14 ) وزيرا و ( 50 ) نائبا من حملة الجنسيات المتعددة، خلافا لكل الأعراف والقيم الوطنية في كل دول العالم، أكثر ما يثير القرف منها أنها قدّمت للعالم على أنها ( نموذج ) للشرق الأوسط، والأكثر إقرافا أن مامن دولة شرق أوسطية قد تعاطت أو تفكر بتعاطي إزدواجية الولاء الرسمية هذه، ومايوصل المرء الى قمّة القرف أن دولنا العربية تتلقى ( المسؤولين ) العراقيين، مزدوجي الجنسيات، بالإحضان والقبل الساخنة، وكأنها تقول ضمن لشعوبها أنها لاتستحي من إستقبال جواسيس علنيين قاموا بإحتلال بلدهم بالتواطئ مع أجنبي.
ثانيا : بوصفها الحكومة الأبشع من بين حكومات العالم تبنّت فرق الموت، محلية وأجنبية، حتى صار قتل المواطن العراقي، على الهوية، أو على شبهة ( الإرهاب )،والمقصود المقاومة المشروعة، صار ممارسة يومية تتمتع ب ( حصانة ) سنّتها وشرعنتها قوى الإحتلال الأمريكية الأيرانية الكردية، نسخا عمّا إستنبطته إسرائيل ضد الفلسطينيين، فنجحت في قتل أكثر من مليون، وتشريد أكثر من ستة ملايين داخل وخارج العراق، من مجموع ( 30 ) مليونا.
ثالثا : واذا كانت حكومة مصدّات الأحذية عمّن نصّبها قد نالت المركز الثالث لأكثر الحكومات فسادا على وجه الأرض، حتى لايكاد يمر يوم واحد دون سرقة من أموال الشعب العراقي، فقد زادت طينتها بلّة أنها الدولة الوحيدة التي تضم بين مسؤوليها عشرات الألوف من حملة الشهادات المزوّرة،ومن بينهم وزراء ومدراء عامين، ومئات الألوف من الوظائف الوهمية.
رابعا :الحكومة الحالية تمثل الآن أكبر دولة حاضنة للمرتزقة الأجانب في العالم، ويبلغ عديدهم أكثر من ( 150 ) ألفا، وسيزداد عديدهم بتزايد إنسحاب الجيش الأمريكي ــ حسب الإدعاءات التي لاتبدو صحيحة ــ وثمة حقيقة في طريقها للبروز تشير الى أن المضبعة الخضراء ستتولى صرف رواتب لمن يتبقى من هؤلاء ومن الجيش الأمريكي بعد عام 2011 ومن أموال الشعب العراقي لضمان إستمرار الجواسيس الأجانب في حكم العراق.
خامسا :أنها الحكومة الوحيدة في العالم التي يزورها المسؤولون الأمريكان والأوربيين والإسرائيليين وحتى الأيرانيين وغيرهم بدون إذن مسبق منها، والحكومة الوحيدة على وجه الأرض مع حكومة كرزاي، التي تستشير السفارة الأمريكية في كل مايعنيها داخل وخارج البلد، ومع ذلك تتشدق بأنها قد نالت ( الإستقلال )، مع أن مسؤوليها ونوابها يتعرضون لتفتيش الكلاب البوليسية وأجهزة السونار في كل مرفق أمريكي.
سادسا : الحكومة الوحيدة، بعد لبنان، التي يحكمها ممثلو طوائف متعاونين مباشرة مع قوات الإحتلالات المركبة في البلد، ممّن نالوا تزكيات من أجهزة المخابرات في أميركا وأيران وعصابات البيش مركة.
ماتقدم يوصّف جهة الطالب في هذه الأيام !.
أما المطلوب فهو :
كل العراقيين الذين رفضوا الإحتلال وأجنداته وبدون إستثناء كما هو معروف وواضح لكل الدنيا.
ولكن تم ّ التركيز على ( 170 ) من البعثيين العراقيين في سوريا، ليس بسبب تفجيرات مادعي بيوم ( الأربعاء الدامي ) لوزارة الخارجية التي كانت عراقية كما يفهم كثيرون، مضللين أو ضالّين، بل لأن البعثيين العراقيين في سوريا مدّوا جسرا بينهم وبين الأمريكان على الظن بأن هؤلاء يمتلكون شيئا من أخلاقية المحاربين، فلايكشفون أو يستغلون معرفتهم بأسمائهم وعناوينهم الحقيقية اذا فشلت ( المفاوضات ) التي كان فشلها مؤكدا ومسبقا.
الغطرسة الأمريكية الفارغة من معناها ومبناها معا جعلت هؤلاء يمررون للمضبعة الخضراء أسماء وعناوين البعثيين العراقيين المقيمين في سوريا تحديدا ــ مع مفارقة وجود بعثيين عراقيين في الأردن يبدو أنهم لم يثيروا إستياء أحد!! ــ وللأسباب التالية :
أولا : إدامة الضغط على سوريا، وإضافة مشكلة جديدة لها مع العراق فضلا عن مشاكل قديمة.
ثانيا : الضغط على البعثيين العراقيين في كل مكان للرضوخ للشروط الأمريكية وأولها إجبارهم على مشاركة الجواسيس متعددي الولاءات في العملية السياسية وتحت عنوان ( المصالحة الوطنية ).
ثالثا : خلق توترات أقليمية للتغطية على تزوير حاصل بكل تأكيد في الإنتخابات ( العراقية ) القادمة.
إذا !!..
المطلوب ( القديم ) صار طالبا،
والطالب القديم صار مطلوبا !!
.. ولكن المفارقة الكبيرة، إن على صعيد التأريخ أم على صعيد الأمن القومي العربي، أن الطالب الجديد هم عصابات جواسيس موثّقين، لايمكن حتى لمجنونين أن يختلفا عليه، ومايزيد المفارقة إفتراقا أن المطلوب القديم كان يقيم في سوريا كما هو حال المطلوب الجديد !!.
وقديما قال العراقيون في أمر الإختيارات الخاطئة مثلا :
( اليمشي ورا الجحش يتحمّل ضراطه !! ).
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: